الدراسات

المتغيرات الجيواستراتيجية وأثرها على علاقة الإسلام بالغرب: تصدع الحاضر وقلق المستقبل

ملخص

تبحث هذه الدراسة في أجزاء من تاريخ العلاقة بين الإسلام والغرب خلال الحقبة المعاصرة، وتركّز حصراً على التحولات الجيوسياسية الجارية في أعقاب نهاية الحرب الباردة، وما أفرزته هذه الحركية من اتجاهات جديدة كان لها رجع صدى على حاضر العلاقة ومستقبلها أيضاً. هاهنا، بغضّ النّظر عن صعوبة ادعاء صياغة تنبؤ ما حول الظاهرة، وحدهم المؤرخون قادرين على ملاحظة التغيّرات ونقاط الانعطاف الحاسمة، وانطلاقاً من ذلك استشراف الاتجاهات المستقبلية.

كلمات مفتاحية: الإسلام، الغرب، القطبية الواحدة، التحولات الجيوسياسة.

Charles Krauthammer 1950-2018

كان الصحافي والمحلل السياسي الأمريكي تشارلز كراوثمر (Charles Krauthammer)، أول من عبّر عن حدوث تغيّر في بنية النظام الدولي، حين صاغ في بداية تسعينيات القرن الماضي، أي بعد انهيار جدار برلين، وتفكك حلف وارسو، وتبدّد الاتحاد السوفيتي، وما أعقب ذلك من اختلال في توازن القوى لصالح قوة وحيدة عظمى متبقية هي: الولايات المتحدة الأمريكية، مصطلح “لحظة أحادية القطبية” (The Unipolar Moment)، التي تصدّرت الصفحات الأولى لمجلة (Foreign Affairs) الشهيرة ([1]).

وارتباطاً بذلك، أدت مجمل التّطورات الحاصلة في البيئة الدولية إلى تعالي أصوات متفائلة تبشّر بنهاية التاريخ وفق مسار تقدّمي غائي، وفي هذا السياق، يعد كتاب الباحث وعالم السياسة فرانسيس فوكوياما (Francis Fukuyama) العمل المفضل والأكثر شهرة في هذا الاتجاه ([2]).

Francis Fukuyama 1952

بيد أنّ هذه النزعة التفاؤلية لم تدم حميتها طويلاً، إذ سرعان ما انطفأ لهيبها فجأة مثلما اشتعل. هاهنا، صحيح أنه بنهاية الحرب الباردة انتهى الخوف من صدام قوي كان سيقع بين الكتلتين / المعسكرين، كما جرى ردم التقاطب الإيديولوجي بين الرأسمالية والشيوعية، لكن في مقابل ذلك أعيدت الحياة للتقاطب الرمزي القديم إسلام / مسيحية، شرق / غرب.

هاهنا، كان خطاب ألكسندر أرباتوف المستشار الدبلوماسي لآخر رؤساء الاتحاد السوفيتي غورباتشوف، معبّراً بحق عن وعي جنيني أو فكر استباقي بقدوم هذا النموذج الجديد في العلاقات الدولية، بقوله: “سنسدي إليكم أسوأ أنواع الخدمات، سنحرمكم من وجود عدو”. على هذا النحو، يصبح السؤال: هل وجود العدو ضرورة؟ بل إن السؤال الأكثر أهمية هو ذلك الذي يتعلق بما إذا كان الإسلام هو العدو الجديد “الأخضر” الذي سيأخذ مكان العدو “الأحمر” السابق؟

في إجابته على هذا السؤال، ذهب الأكاديمي والدبلوماسي الفرنسي بيار كونيسا إلى الإقرار بأن وجود العدو مفيد لصهر الأمة، ولتأكيد قوتها، كما يمكن أن يكون مخرجاً بالنسبة إلى سلطة تواجه مشاكل على الصعيد الداخلي ([3]). وقبله كان الفيلسوف الألماني فريدريك نيتشه، قد كتب “إن من يحيا على محاربة عدوه، من مصلحته أن يدعه يعيش” (إنسان مفرط في إنسانيته).

هكذا، وبالعودة إلى الموضوع يتراءى للمراقبين وجماعة الباحثين شرقاً وغرباً أن انهيار الاتحاد السوفيتي فاجأ القوى والمؤسسات المختلفة والفاعلة في صناعة القرار السياسي خاصة في العاصمة واشنطن، الأمر الذي أحدث هزّة واضحة كانت لها تداعياتها المهمّة والحاسمة على حاضر العلاقة بين الإسلام والغرب ومستقبلها أيضاً. ولعلّ أحد أبرز تجليات تلك الهزّة هو البحث عن معنى جديد للقوة ومحدّدات جديدة للسياسة الخارجية الأمريكية، بل والبحث أيضاً عن بناء عدو جديد تبني عليه الولايات المتحدة الأمريكية وحليفتها التاريخية أوروبا هويّتها وماهيتها، فالسّياسة مثل الطّبيعة تكره الفراغ كما هو دارج ضمن التحليل الكلاسيكي في العلوم السياسية.

لقراءة الدراسة كاملة يمكنك تحميلها عبر النقر هنا 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] _ Charles Krauthammer, “The Unipolar Moment”, within Foreign Affairs, Vol. 70, America and The world, 1990 – 1991, pp. 23 – 33.

[2] _ Francis Fukuyama, The end of History and the Last Man, New York, Free Press, 1992.

[3] _ بيار كونيسا، صنع العدو: أو كيف تقتل بضمير مرتاح، ترجمة: نبيل عجان، بيروت، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، ط. 1، 2015، ص. 16.

محمد غاشي

باحث مغربي يحضر أطروحته للدكتوراه بجامعة محمد الخامس – الرباط بمختبر "تاريخ الزمن الراهن"، تتوزع اهتماماته البحثية على البحث في: تاريخ أوروبا والعالم المتوسطي خلال الحقبة الحديثة والمعاصرة، إشكاليات بناء الدولة الوطنية الحديثة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن قضايا الإسلام في جغرافيته المتجاوزة للحدود. نشر له مجموعة من المقالات والقراءات في مجلات وطنية وعربية، كما شارك في عدة ندوات ولقاءات وجامعات بحثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى