الدراسات

الأقليات في التاريخ الإسلامي: دراسة تحليلية لأربع وثائق[1] للدكتور محمد خالد مسعود

بحث للدكتور محمد خالد مسعود.

ترجمة الدكتور رشيد براضة .

“مقدمة[1]

إن استخدام مصطلح “الأقلية” بالمعنى المشار إليه في الندوة الحالية حديث نسبيًا. وإذا نظرنا في القاموس الإنجليزي “أوكسفورد” فسنجد أن له استخدامات في أربعة معانٍ هي كالتالي:

الأول: الحالة أو الواقعة المتسمة بالصغر أو الدونية أو التبعية.

الثاني:  الحالة التي يكون فيها الشخص قاصرا أو غير بالغ لسن الرشد القانوني.

الثالث: الأقلية، في العدد أو الجزء، في مقابل “الأغلبية”.

الرابع: عدد الأصوات المصوتة لصالح الحزب، في مقابل الأغلبية.

وتأسيسا عليه، فإن “الأقلية” مصطلح نسبي مُقابل لمصطلح “الأغلبية”، وهو ما يشير إلى الاستخدام الثالث الذي تقدم ذكره. ومع ذلك، يُقدم القاموس مثالين لهما صلة بموضوع النقاش؛ ويمكن أن نُجَلي ذلك بما ذكره كل من إدموند بيرك،عام 1789، و توماس ماكولاي،عام 1828؛ إذ صرح الأول بقوله: “نحن أقلية، لكننا نمثل أقلية كبيرة جدًا“، فيما عبر ماكولاي عن المعنى الآخر للأقلية بقوله: “التآمرات والانتفاضات التي يشارك فيها أقليات صغيرة…“. وعليه، نلاحظ في هذين الاستخدامين أن كلمة “أقلية”، بالإضافة إلى مفهومها الدال على العدد الأقل، تدل أيضًا على الإحساس بالانتماء “للمجتمع”.

ولاشك أن الغموض الدلالي المتقدم ذكره يمتد أيضًا إلى الاستخدام القانوني لمصطلح “الأقلية”. ففي القانون الدولي، ليس هناك تعريف واضح ودقيق لهذا المصطلح، وإذا نظرنا إلى  مختلف استخداماته فإننا نجدها تؤكد على عنصرين دلاليين محددين:

 أولهما فكرة وجود جماعة أصغر حجمًا؛

 والثاني: التمييز الذي يفصل الجماعة عن الأغلبية السائدة أو المهيمنة.

وفي وثيقة لعصبة الأمم، استُخدم مصطلح “الأقلية” بمعنى “الجماعة” في إطار مفهوم “الأمة”، مشددًا على مكوناتها التالية: الإقليم، والهوية (بناءً على الدين والعرق واللغة والتقاليد، كلها في إطار جماعة واحدة، أو جماعات معرَّفة على أحد هذه الأسس)، وإلإحساس بالتضامن؛ لكن في وثائق الأمم المتحدة، استُبدل مفهوم “الأمة” بمفهوم “حقوق الإنسان”. وقد أُسست من أجل ذلك لجنة فرعية لمنع التمييز وحماية الأقليات، غير أن هذه اللجنة لم تحدد بوضوح مصطلح “الأقلية”.

وبالتأمل في مختلف وثائق الأمم المتحدة، نجد أن مصطلح “الأقلية” يشير إلى العناصر التالية:

  • مجموعة متميزة على أساس الدين / اللغة / العرق (الثلاثة معًا أو واحد منهم أو أكثر)؛
  • جماعة صغيرة الناس؛
  • وضع وطني؛
  • إرادة المجموعة للحفاظ على الهوية.

         وبناء عليه، فإن مفهوم الأقلية في الإطار المفاهيمي لـ “الأمة”  أثار تحديا كبيرا ومشكلا حادا، كانت له تداعيات سياسية خطيرة على مفهوم دولة الأمة؛ إذ يُستنتج من هذا المفهوم أن الأقلية تُعتبر “دولة دونية” تابعة للأمة الأغلبية التي تشكل الدولة.

وتواجه فكرة الأقلية الدينية صعوبات في العمل ضمن إطار الأمة والدولة القومية. ذلك أن مجموعات الأقلية الدينية لا تشترك بالضرورة في مساحة إقليمية متماسكة أو لغة أو عرق مشترك. ومن ثم، من الصعب عليها أن تعمل حتى باعتبارها “دولة دونية”.

وفي الحقيقة، قد تكون هذه المشكلات والتحديات ناتجة عن عدم التحديد المناسب والدقيق لدور ووضع الجماعات غير الأغلبية ضمن السياق  المفاهيمي ل “الأمة” و”الدولة القومية”. وقد تكون مشكلة الأقلية الدينية أكثر تعقيدًا نظرًا لاحتمال نبوعها من الفكر السياسي في العصور الوسطى، حيث كانت شرعية السلطة السياسية مستمدة من الدين. وخلال هذه الفترة، لم ينبن النظام السياسي بالضرورة على مبدأ حكم الأغلبية؛ فكثيرًا ما عامل ملوك العصور الوسطى حتى المجموعات الدينية الأغلبية لمواطنيهم معاملة الأقليات إذا اختلفوا معهم في الدين أو في الطائفة الدينية ضمن ديانة واحدة. إضافة إلى ذلك، لم تتمتع هذه الفئة بنفس وضع الطبقة الحاكمة، وقد كان للأفراد ذوي التوجهات الدينية المختلفة حق “الحماية” ضمن حدود جماعة دينية، تُمثّلها القيادة الدينية المُؤَسَّسة. ويبدو أنه يصعب تطبيق هذا الإطار القانوني في دولة حديثة، إذ يشكل الأمر تحديا كبيرا خاصة في السياق الديمقراطي الحالي.

ومن الضروري أيضًا الوعي بأهمية التمييز بين السياقات التاريخية المختلفة، لكي لا ينبغي نستخدم سياقًا واحدًا فنجعله معيارا للحكم على سياق آخر؛ بل إن الواقع يفرض أن نمتنع عن تقييم الماضي أو الحكم عليه بناءً على المعايير الحالية، كما يجب ألا نتوقع أن تكون التدابير السابقة فعالة في السياق الحالي.

وبالنسبة لمسألة الأقليات الدينية، ينبغي التمييز بين سياقات تاريخية مختلفة متعلقة بالإسلام. فقد ظهر الإسلام في بدايته على أساس كونه أقلية دينية في مكة، وبقي على هذا الوضع مدة ثلاثة عشر عامًا (610-622 م). وخلال هذه الفترة، تلقى المسلمون دعما من مجموعة دينية صغيرة مختلفة تُسمى “الحنفاء”، وتضم بعض المسيحيين؛ كما سعى عدد قليل من المسلمين للجوء إلى ملك المسيحيين في الحبشة، ولَبِثُوا هناك بضع سنوات (615-622 م)، تحت حمايته باعتبارهم أقلية دينية محمية.

وبعد هجرة المسلمين إلى المدينة المنورة، دخل الإسلام سياقًا تاريخيًا مختلفًا (622-632م)،حيث انتقل من الأقلية إلى الأغلبية الحاكمة، فأتاح له هذا الوضع الجديد إبرام وتوقيع اتفاقيات ومعاهدات مع الأديان الأخرى، خاصة اليهود والمسيحيين.

وقد ظهر سياق تاريخي آخر مختلف خلال فترة الفتوحات الإسلامية (632-1190 م)، إذ بالرغم من أنه لا يمكن تحديد هذه الفترة بدقة، حيث استمرت عبر قارات متعددة إلى حدود القرن 18، فهي حقبة تاريخية أساسية انبنى عليها الإطار القانوني الإسلامي الذي حدد فيه الفقهاء المسلمون دور ووضع الجماعات الدينية الأخرى داخل أراضيهم وخارجها. وفي هذا الصدد، من المهم أن نشير إلى أن الفقهاء المسلمين اعتبروا أمرًا طبيعيًا جدًا، بل أساسيا، أن ُيهاجر الأفراد بعد الفتح أو التحول الديني إلى الأراضي التي يحكمها أتباع ديانتهم.

ونجد أحيانًا أن المسلمين الذين يمثلون الأقلية يحكمون على أغلبيةٍ من غير المسلمين، وقد حدث هذا خلال فترة الإمبراطوريات الإسلامية (الدولة العثمانية من 1280 إلى 1924، الدولة الصفوية من 1501 إلى 1786، والإمبراطورية المغولية من 1526 إلى 1857).

وإذا نظرنا في تاريخ الدولة العثمانية، سنجد أنها وضعت نظام “الميلّيت[2] لتحديد الموقف القانوني لغير المسلمين في سلطتهم. وقام بعض الملوك، بما فيهم أباطرة روسيا، باستخدام هذا المفهوم لتوسيع نطاق تأثيرهم إلى الأقاليم التي يعيش فيها أتباع ديانتهم. وحاول السلطان العثماني عبد الحميد تجريب هذا النظام – مع توقعه بعدم نجاحه- للمطالبة بولاء المسلمين في الهند البريطانية، لكن مساعيه باءت بالفشل كما كان متوقعا.

وأعادت الفترة الاستعمارية، التي امتدت تقريبًا من القرن الثامن عشر حتى أوائل القرن العشرين، تعريف فكرة “حماية” الجماعات الدينية، وهي فكرة راجت خلال العصور الوسطى. ونتج عن ذلك تقييد مفهوم “حرية الديانة” للجماعات غير المسيحية، لتصبح هذه الحرية مختزلة في الشؤون الشخصية دون غيرها.

وخلال القرن العشرين، وبينما حققت بعض جماعات المسلمين استقلالًا سياسيًا، وجدت جماعات أخرى نفسها في وضعية أقلية. وبالمثل، وجدت الجماعات المسيحية نفسها في وضعية أقلية، رغم أنها كانت تحظى خلال فترة الاستعمار الأوروبي بموقف أفضل نسبيًا.

وعموما، فإن الهدف من هذه النظرة العامة الموجزة  في هذا التقديم هو التأكيد على تنوع السياقات التاريخية التي نشأت فيها فكرة الأقلية الدينية. وبما أن الوقت لا يسمح بتقديم تحليل مفصل لهذه التطورات المتنوعة في تاريخ الإسلام، فقد اخترت تحليل الوثائق الأربعة التالية المتعلقة بمسألة مكانة الجماعات الدينية الأخرى في الفكر الإسلامي، ويتعلق الأمر ب:

(1) معاهدة المدينة 622 م؛

(2) معاهدة نجران 631 م؛

(3) معاهدة الإلياء (القدس) 638 م؛

(4) استسلام غرناطة 1491 م.

و يتبين للناظر في هذه الوثائق أن : الوثيقتين الأولى والثانية تظهران موقف اليهود والمسيحيين على التوالي باعتبارهم حلفاء للدولة الإسلامية في المدينة، فيما تُظهر الوثيقة الثالثة مكانة الجماعة غير المسلمة المُسيطر عليها. أما الوثيقة الرابعة فتشكل مثالًا على كيفية تحديد المسلمين لمكانتهم على أساس أنهم أقلية دينية في إسبانيا المسيحية.

وفي الحقيقة، لا يمكن تفسير الخلفية التاريخية والتطورات اللاحقة المتعلقة بهذه الاتفاقيات في الحيز الزمني المحدود لهذه المداخلة. لذلك، سيكون التركيز فقط على كيفية تحديد مكانة الجماعات غير المسلمة في هذه المعاهدات. ونظرا لأن هذه الوثائق استُخدمت لاحقًا من الفقهاء المسلمين لتحديد وضع ومكانة غير المسلمين داخل المجتمع الإسلامي، فإن التحليل المفصل للقانون الإسلامي في هذا الجانب يتجاوز نطاق وحدود هذه المداخلة.

أولا: معاهدة المدينة

وقَّع النبي صلى الله عليه وسلم معاهدة المدينة مع مختلف القبائل داخل المدينة وخارجها، بما في ذلك اليهود. ويتألف العهد، كما ذكر الدكتور حميد الله، من 47 مادة. ومن وجهة نظري، يمكن تقسيم هذا العهد إلى جزئين :

الجزء الأول: يتناول 23 مادة تتعامل مع قضايا متعلقة بالمسلمين، بما فيهم الذين هاجروا من مكة، والمقيمين في المدينة؛

        والجزء الثاني، يشمل 24 مادة تتعلق بقضايا اليهود.

والنقطة الأولى المهمة التي تستحق الملاحظة في هذه الوثيقة هي استخدام مصطلح “الذمة” واعتباره مرادفا  لـمصطلح “الجوار“. وبغض النظر عن التفاصيل، يمكننا أن نلاحظ أن هذه المصطلحات تشير إلى عرف القبائل العربية قبل الإسلام في تشكيل التحالفات القبلية  في حالتي الحرب والسلم. ويأتي في هذا السياق مصطلح “ذمي” الذي يُستخدم في الشريعة الإسلامية للإشارة إلى غير المسلمين الذين يعيشون في البلاد الإسلامية أو تحت الحكم الإسلامي. وقد قام النبي صلى الله عليه وسلم بتحويل هذا النظام القبلي القديم إلى التزام ديني من خلال تسميته “ذمة الله“، أي عهد الله.

وتشمل”ذمة الله” الجميع، حسب المادة 15، حيث إن المسلمين حلفاء لبعضهم البعض (موالي) دون الناس الآخرين. وتضيف المادة 16 على أن النصرة والمؤازة واجبة على المسلمين تجاه اليهود الذين تبعوهم وخضعوا لهم. أما المادة 24، فهي بُند عام لليهود، وتنص على أنه خلال فترات النزاع، سيشترك اليهود في نفقات الحرب مع المسلمين.

وتَعتَبر المواد من 25 إلى 31 جميع القبائل اليهودية مجتمعا واحدا (أمة) جنبًا إلى جنب مع المسلمين. و يتمتع كلا المجتمعين بحرية ممارسة ديانتهم، كما يتمتعان أيضا بحقوق مماثلة فيما يتعلق بشؤونهم الشخصية و شؤون تابعيهم (مواليهم)، باستثناء الحالات التي يقع فيها ظلم وانتهاك للعهد.

وبعد أن فصلت الوثيقة في وضع العلاقات بين القبائل اليهودية نفسها “من خلال مجموعة من المواد”،[3] جاءت المادة 37 لتؤكد مبدأ الاستقلال المالي بين المسلمين واليهود، حيث إن اليهود مسؤولون عن نفقاتهم الخاصة، بينما يتحمل المسلمون مسؤولية نفقاتهم الخاصة. ويمكن أن نستنتج أن هذه المادة تتعلق بحالة السلم إذا قرأناها إلى جانب البندين الآخرين على نفس الموضوع؛ ويتأكد ذلك بأن اليهود كان عليهم أن يُسهموا بنصيبهم المالي في حالات الحرب.

وتوضح المادة 37 أيضًا أن الموقعين على العهد ملزمون بدعم بعضهم البعض ضد أولئك الذين يهاجمون الأطراف المتعاقدة؛ إذ هم مسؤولون عن رفاه بعضهم البعض، وهو أيضا من وجوه الالتزام بشروط الاتفاق. وتنص المادة 42 على أنه في حالة وجود نزاع بين الأطراف، يجب أن يُحال الأمر إلى الله ونبيه محمد (عليه الصلاة والسلام).

وتنص المواد الأربع المتبقية على أنه لا يجوز للأطراف التحالف مع قريش أو مناصريهم. وفي حالة الهجوم على المدينة، ينبغي أن يكون هناك دعم متبادل. وسيتمسك كلا الطرفين بالعهد دون تغيير شروطه أو انتهاكها، والله هو حليف (جار) لأولئك الذين يلتزمون بالعهد.

والذي يمكن أن نلاحظه في هذا العهد هو عدم وجود مفهوم للأقليات أو الأمم الفرعية. وقد حُدد وضع اليهود على أنهم مجتمع متحد مع المسلمين، و أنهم مستقلون تمامًا من حيث الدين والاقتصاد، ما عدا في حالات الحرب حيث يتوجب عليهم التعاون مع المسلمين. وكما ذكرنا آنفا، لم يٌستخدم مصطلح “الذمة” بالمعنى والمفهوم الشائع الذي تطور في وقت لاحق.

ثانيا: عهد نجران

جاءت جماعة المسيحيين في نجران لزيارة النبي ( عليه الصلاة والسلام) في المدينة بعد غزو مكة، وعرضوا التوقيع على ميثاق تحالف. ويتألف هذا الميثاق، كما نقله حميد الله، من أربع فقرات:

الفقرة الأولى: تُبيّن شروط الالتزام المالي للمسيحيين في نجران؛

الفقرة الثانية: تُعرّف حقوق المسيحيين الدينية والاجتماعية؛

الفقرة الثالثة: توضّح المسائل الاقتصادية؛

الفقرة الرابعة: تنص على بند الالتزام الدائم للميثاق.

وبالعودة لنصوص هذه الفقرات نجد أن الفقرة الأولى تُصرِّح بأن أهل نجران لهم السيادة في إنتاجهم و في ممتلكاتهم. وتقدم مزيدًا من التفاصيل حول الضرائب (الخراج) من حيث القماش والفضة واستضافة الرسل، وإعارة الأسلحة والخيول في حالات الحرب.

وتفيد الفقرة الثانية بأن أهل نجران والمناطق المجاورة لهم حلفاء لله، إذ لهم جوار الله،وذمة محمد صلى الله عليه وسلم على أموالهم وأنفسهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم، وعائلاتهم، وأماكن عبادتهم، وكل ما يملكونه سواء أكان صغيرًا أم كبيرًا. و بالنظر لهذه الفقرة يٌفهم أنه استٌخدم مصطلحي “جوار” و”ذمة”، بالإضافة إلى التحالف. ويمكن أن يُفهم أيضًا بأن أهل نجران وحاشيتهم يتمتعون بالحماية والأمن، كما تصف الفقرة حقوقهم الدينية بشكل أكبر مشيرةً إلى عدم التدخل في سلطاتهم الدينية.

وبخصوص الحقوق الاقتصادية، ينص الميثاق على أنه لن يُفرض العُشر على إنتاجهم، ولن تدخل جيوش المسلمين أراضيهم. والذي يُفهم من هذا التنصيص إمكانية التقسيم المشترك للمحصول، حيث يحدد الميثاق نسبة واحدة من النصف على أساس كونه حقا للأطراف. إضافة إلى ذلك، ينص الميثاق على منع التعاملات الربوية.

و عموما، نجد مرة أخرى في هذا الميثاق أن مصطلحي “الذمة” و “الجوار” يكتسبان معنى الحماية. ومع ذلك، يظل المصطلح مرتبطًا بالحرية التعاقدية. 

ثالثا: عهد القدس

حدثت غزوة القدس عام 638م من قبل جيوش المسلمين أثناء خلافة عمر رضي الله عنه. وقد تبِع ذلك توقيع ميثاقٍ بين خليفة المسلمين عمر وأهل القدس. ويختلف هذا الميثاق عن الميثاقين السابقين في عدة جوانب أُجملها كالتالي:

أولاً: ينتمي هذا الميثاق إلى فترة الفتوحات الإسلامية، وهو اتفاق مع شعب مغلوب، بينما كان الميثاقان السابقان عبارة عن اتفاقيات تحالفٍ تَوَصَّل إليها أطراف المعاهدة بدون حروب.

ثانياً: يصف الميثاق نفسه بأنه “أمان” (حماية أو تعويض).

ثالثاً: يشير الميثاق إلى مصطلح “الجزية“.

رابعاً: يتضمن الميثاق أيضاً مصطلح “الذمة“، ويمتد التزامه ليشمل الخلفاء والمسلمين بشكل عام.

وبهذه البنود، يُرسّخ الميثاق أُسس التعريف الفقهي اللاحق لحقوق غير المسلمين تحت حكم المسلمين. والميثاق، كما ذكر محمد حميد الله،[4] يتألف من ثلاث فقرات مختصرة فحسب، حيث تُحدد الفقرة الأولى الحقوق الدينية، بينما تصف الفقرة الثانية التزاماتهم الاجتماعية والاقتصادية تجاه الدولة المسلمة. أما الفقرة الثالثة فتشير إلى بند الالتزام الدائم للميثاق.

وإذا عدنا للفقرة الأولى فسنجدها تؤكد على أن لأهل القدس الأمان في أنفسهم وأموالهم، بالإضافة إلى حماية كنائسهم وصلبانهم؛ ولا يَسكن مسلم في كنائسهم، ولا تُهدم، ولا يُكرهون على تغيير ديانتهم، ولا يتعرضون لأي ضرر بأي شكل من الأشكال.

وتُشير الفقرة الثانية على أنه على غرار أهل المدائن، فإن أهل القدس ملزمون بدفع الجزية إذا قرروا البقاء في القدس. وإذا كانوا يرغبون في الهجرة إلى روما أو أماكن أخرى، سيُسمح لهم بالقيام بذلك بأمان تام على نفسهم ومالهم حتى يبلغو مكان اللجوء. وإذا كانوا يرغبون في العودة، فلن تُفرض عليهم أي ضرائب باستثناء الضرائب على إنتاجهم عند حصاد المحاصيل.

أما الفقرة الثالثة فتحتوي على بند الالتزام المستدام. ومع ذلك، هناك بعض الإضافات الملحوظة في البنود المماثلة في الميثاقين المذكورين آنفا وهي :

أولاً: بدلاً من مصطلحي “الجوار” أو “الذمة“، يُستخدم مصطلح “العهد” مع إشارة إلى الله.

ثانيا: يُستخدم مصطلح “الذمة” ليس فقط للإشارة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم)، ولكن أيضًا إلى الخليفة والمؤمنين.

وهذا يعني أن الميثاق لا يحدد هذه البنود فقط باعتبارها أمورا دينية، وإنما أيضا باعتبارها التزامات سياسية واجتماعية.

رابعا: عهد غرناطة

وٌقِّعت معاهدة غرناطة عام 1491م بين السلطان أبي عبد الله،[5] آخر حاكم نصري[6] في غرناطة، وملكي أراغون وقشتالة.[7] ونصت هذه المعاهدة المهمة على شروط الاستسلام التي وضعها المسلمون ووافق عليها المسيحيون. وقدمت الاتفاقية نظرة عن كيفية تحديد المسلمين لحقوقهم بصفتهم مواطنين تحت حكم مَلك مسيحي.

ويتألف ميثاق الاتفاقية من 47 مادة، حيث تحدد المادة الأولى تاريخ استسلام المدينة، بينما تصف المواد من 3 إلى 5 الطريقة والشروط التي يجب على المسيحيين الفائزين أن يدخلوا بها المدينة من قبيل: احترام خصوصية منازل المسلمين، ومعاملة ملك المسلمين معاملة شريفة، وعدم المطالبة بتسليم أسلحة المسلمين.

وتَذكُر المواد من 6 إلى 16 حقوق المسلمين الاجتماعية، إذ يجب على المملكة توفير وسائل للمسلمين الراغبين في الهجرة. ومن ذلك أنه لا يترتب عليهم، بعد التعبير عن رغبتهم في الهجرة، أجرٌ أو نفقة خلال الأعوام الثلاثة اللاحقة لذلك.[8] و مما ذكرته هذه المواد أيضا أنه: لا يُجبَر المسلمون على ارتداء زي مميز، ولا يجوز للمسيحيين دخول المساجد ومنازل المسلمين دون إذن، وكذلك لا يجب على المسلمين استضافتهم بالقوة.[9]

وبالنسبة للمواد من 17 إلى 22، فتنص على أن المسلمين سيخضعون للشريعة الإسلامية في معاملاتهم المتبادلة، وفي قضايا التركات، وفي إدارة أمور أوقافهم ومساجدهم. و يتولى القضاة المسلمين حل نزاعاتهم، ويتحمل الشخص المعني المسؤولية عن أفعاله المُجرَّمة  سواء أكانت سلبية أم إيجابية، ولا يُعاقَب أقاربه على تلك الأفعال، “بل تقع العقوبة على من يقترف الجرم “.[10]

وتحدد المواد 22-24 و 34-35 التعويضات عن الأفعال المرتكبة أثناء الحرب قبل الاستسلام. أما المواد 39-41 و 43-44 فتضيف أن السلطان والمسؤولين الآخرين سيستمرون في الاستمتاع بامتيازاتهم، بينما تصف المواد 25 و 36 و 37 الظروف الاقتصادية، حيث حُدّدت مدة ثلاث سنوات لبداية دفع المسلمين الضرائب على ممتلكاتهم للملك المسيحي، شرط أن يكون ذلك على نفس النحو الذي كان قائما بين المسلمين والسلطان المسلم.[11]

 وتضع المواد 26-33 و 42 حقوقا دينية إضافية للمسلمين. وتشمل هذه الحقوق: تسهيلات للهجرة إلى أراضي المسلمين، وحرية الديانة؛ فلا يُحبر أي مسلم على اعتناق المسيحية. وإذا رغب مسلم في اعتناق المسيحية، سيُطلب منه أن يتوجه إلى قاض مسلم ليعظه حول فضائل الإيمان.[12] ونصت المادة 42 على أنه في حالة وجود نزاع بين مسلم ومسيحي، فإن النظر فيه يكون من طرف محكمة مؤلفة من قاضيين أحدهما مسلم والآخر مسيحي.[13]

ويتولى النظر في الخصومات التي قد تقع بين مسلم ونصراني، أو مسلمة ونصرانية، مجلس مؤلف من حكمين، أحدهما مسلم والآخر نصراني، وذلك تحاشيا للتظلم من الأحكام القضائية. وذكرت المادة 42 أنه في حالة وقوع نزاع بين مسلم ومسيحي، سيُبَثُّ فيه من محكمة تضم قاضٍ مسيحي ومسلم.

وأخيرا، وبالنظر لهذا الاتفاق نجد أن المسلمين يُحددون وضعهم بمصطلحات مماثلة تقريبا لتلك التي استخدموها مع المواطنين غير المسلمين في سياقات أخرى. والجدير بالذكر أن الاتفاقية لم تتضمن أي إشارة للحقوق السياسية. وعلى الرغم من التأكيد الكبير على الحقوق الدينية، فإن هذه الحقوق تقتصر على المسائل الشخصية دون غيرها.

الخاتمة:

إن ما تقدم ذكره هو تحليل موجز لأربع وثائق مهمة تتناول تعريف حقوق الجماعات الدينية الأخرى غير الجماعة الدينية الحاكمة. إنها دراسة مختصرة لبعض الوثائق المختارة، وليست مسحًا شاملاً لها. إنها أيضًا ليست دراسة مُفصّلة لهذه الوثائق من حيث خلفياتها وتأثيرها، مع التأكيد على أن هناك حاجة لمزيد من الدراسة في هذا السياق.

وقد كان الهدف من هذه الورقة الموجزة تسليط الضوء على حقيقة أن مفهوم الأقليات في التاريخ الإسلامي لا يُختزل في سياق واحد، بل تتجاذبه سياقات متعددة شكلت مفهوم حقوق غير المسلمين في النظام السياسي الإسلامي. و لم يُصَغ التعريف القانوني الإسلامي[14] لحقوق غير المسلمين إلا في فترة الفتوحات، وكان ذلك على الأرجح بموجب قوانين الأمم في تلك الفترات.

ويبدو أن فهم هذه التطورات يتطلب إجراء دراسة مقارنة للقوانين الإسلامية في هذا الموضوع مع قوانين الأمم الأخرى. ذلك أن مصطلحات “الذمة“، و”دار الحرب“، و”دار الإسلام” تنتمي إلى سياق تاريخي محدد؛ لذلك، ففي  ظل السياق السياسي الحديث، من الصعب الاستناد إلى هذا الإطار التاريخي من أجل تعريف حقوق الأقليات.

المراجع

Advisory Opinion of the Permanent Court of Justice, 31 July 1930, PCIJ, Series B, No. 17, pp. 19-22.

Alī al-Muntaṣir al-Kattānī, Inbiʻāth al-Islām fī al-Andalus (Islamabad: Islamic Research Institute, 1992), pp. 548-560.

Muḥammad Ḥamīd Allāh, Majmūʻah al-wathāʼiq al-siyāsīyah (Cairo: Lajnat al-Taʼlīf wa-al-Tarjamah wa-al-Nashr), pp.15-21.

Muhammad Khalid Masud, “The obligation to migrate: the doctrine of hijrah in Islamic law”, Muslim Travelers, edited by Dale F. Eickelman, and James   Piscatori, (Berkeley: University of California Press, 1990).

Muhammad Khalid Masud,” Being Muslims in a Non-Muslim Polity: Three Alternate Models”, Journal of the Institute of Muslim Minority Affairs, X (1989), 1(Jan.) 117-128.

Satish Chandra, Minorities in National and International Laws (New Delhi: Deep and Deep, 1985), p. 12 f.

The Oxford Compact English Dictionary (Oxford University Press, 1971), Vol. 1, p. 1805. I, P. 1805.


 

[1]  لفظ ” مقدمة” من إضافة المترجم.

[2]  نظام الميليت (Millet) أو نظام الملل، هو نظام طبقه العثمانيون على الطوائف غير الإسلامية، ويعتمد هذا النظام على تصنيف رعايا الدولة العثمانية غير المسلمين تصنيفاً يقوم على المذهب الديني الذي ينتمي إليه هؤلاء الرعايا؛ فيعني تعبير الملة في هذا السياق: سكان الامبراطورية العثمانية غير المسلمين، وقد استُخدم هذا النظام في عهد السلطان محمود الثاني في أوائل القرن التاسع عشر. ذلك أن المجتمع العثماني كان مؤلفا من خليط استثنائي من الشعوب التي تنتمي لأعراق متعددة وعدد كبير من اللغات المختلفة. وكل جالية من تلك الجاليات ذات الأديان والأعراق المتعددة، التي كانت تسمى “ميليت” (أي أمة باللغة التركية)، كانت تُعطى حرية ممارسة دينها دون تقييد، فاحتفظوا بثقافاتهم الخاصة، وعاداتهم، ولغاتهم، ومؤسساتهم التعليمية تحت حماية السلطان، بالإضافة إلى محاكمهم الخاصة المسؤولة ليس فقط عن القوانين الدينية ولكن أيضا عن القوانين المدنية الخاصة بشؤون الأحوال الشخصية كالزواج والطلاق والمواريث. (المترجم)

 يُنظر لمزيد من الإطلاع في هذه المسألة:  (المترجم)

  • علي سحر., & أ. د. عبد المنعم الأحمد. (2023). نظام الملل في الدولة العثمانية إبان القرن التاسع عشر (ظهور المشروع الماروني وتطوره أنموذج للدراسة). مجلة جامعة دمشق للدراسات التاريخية143(2). ، ص:7.
  • كولن، صالح: سلاطين الدولة العثمانية، ترجمة: منى جمال الدين، دار النيل للطباعة والنشر، القاهرة، الطبعة الأولى، 1435هـ-2014م. صفحة 84.

[3] العبارة بين المعقوفتين من إضافة المترجم، استنادا إلى الوثيقة الأصلية.

[4] محمد حميد الله في كتابه: “مجموعة الوثائق السياسية للعهد النبوي والخلافة الراشدة”. (المترجم)

[5] هو أبو عبد الله محمد الثاني عشر (1460 – 1527) آخر ملوك غرناطة من بني نصر أو بني الأحمر. حَكَمَ مملكة غرناطة في الأندلس فترتين بين عامي (1482 – 1483) وعامي (1486 – 1492). ويُلَقَّب بـ:الغالب بالله. استسلم لفرديناند وإيزابيلا يوم 2 يناير 1492. وسماه الإسبان el chico (أي الصغير) وBoabdil (أبو عبديل)، بينما سماه أهل غرناطة الزغابي (أي المشؤوم أو التعيس). ينظر في هذا السياق: (المترجم)

  • A. Conde, Dominácion de los Arabes en España (Paris, 1840), translated into English by Mrs J. Foster (London, 1854–1855); Washington Irving, The Alhambra (New York, ed. 1880).

[6] بنو نصر، أو النصريون، أو بنو الأحمر، أسرة حكمت غرناطة في أواخر العصر الإسلامي بالأندلس حتى سقوط غرناطة في عصر  أبي عبد الله الصغبر، آخر ملوك بني الأحمر. ويطلق اسم دولة بني نصر أو دولة بني الاحمر على المملكة التي أسسها أبو عبد الله محمد بن يوسف، الملقب بالغالب بالله. نشأ بأرجونة من أحواز قرطبة، ونبغ له شأن في المدة التي شغر فيها الجو السياسي الأندلسي بتداعي دولة الموحدين، وكان واحدا من ثوار الأندلس المنازعين في الوصول إلى رياستها. وقد تملك جيان وخضعت له إشبيلية وقرطبة برهة يسيرة، كما ذكر ابن الخطيب. وفي خضم الأحدات استدعاه أهل غرناطة وملكوه عليهم، فجعلها عاصمته واستمر فيها وأورثها عقبه من بعد ذلك. وفي زمانه استقرت الحدود بينه وبين جيرانه من الدول الإسبانية. وكانت بداية الدولة النصرية مع تملك الغالب بالله لها سنة 635 وكانت نهايتها مع تسليم أبي عبد الله الصغير مفاتيح المدينة إلى الملكين الإسبانيين سنة 897 هـ‍. يُراجع في هذا الصدد :ابن الأحمر، أعلام المغرب والأندلس في القرن الثامن، تحقيق، محمد رضوان الداية، الناشر: مؤسسة الرسالة، بيروت، الطبعة: الأولى، 1396 هـ – 1976، هامش ص: 77. (المترجم)

[7] يُشار إلى الملكين عادة باسم “الملوك الكاثوليك“.وجدير بالذكر أن من أهم الأحداث في تاريخ إسبانيا زواج الملك فرديناند الثاني ملك أراجون (Ferdinand II of Aragon)  من إيزابيلا الأولى ( Isabella I)  ملكة قشتالة   (Castile) سنة 1469م. هذا الزواج جمع مملكة أراغون مع مملكة قشتالة، مما أسس تحالفًا سياسيا قويًا أسهم فيما بعد في توحيد إسبانيا لأوَّل مرَّةٍ في التاريخ.  وكان الهدف الأكبر لهذا الاتحاد هو طرد المسلمين نهائيًّا من الأندلس،الذين تقلصت أملاكهم في غرناطة منذ 1250م. وكان فرديناند وإيزابيلا ملتزمين بإتمام عملية الاسترداد، أي استعادة الأراضي المسيحية في شبه الجزيرة الإيبيرية من الحكم الإسلامي. واستولوا على آخر معاقل المسلمين في غرناطة في عام 1492، مما أنهى الحكم الإسلامي في إسبانيا فعليا، بعدما يقرب 800 سنة؛ وقد تبع ذلك إصدار مرسوم قصر الحمراء (المعروف أيضًا باسم مرسوم الطرد أو مرسوم Alhambra) في عام 1492، الذي أدى إلى طرد اليهود من إسبانيا. (المترجم)

يُنظر للمزيد من الإطلاع في هذا الموضوع:

  • Edwards, John: The Spain of the Catholic Monarchs 1474–1520, Blackwell Publishers Inc, Oxford, UK, 2000., pp. 38-39.
  • السرجاني، راغب: قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، مؤسسة اقرأ للنشر والتوزيع والترجمة، القاهرة، الطبعة الثامنة، 2014م.صفحة 547 و 667 وما بعدها. (المترجم)

[8] هذا ما عبر عنه في النص الإنجليزي: “لا ينبغي فرض أي ضرائب على المسلمين المهاجرين لمدة ثلاث سنوات.” وما ترجمته هو ما عُبر عنه في الوثيقة الأصلية للاتفاقية. (المترجم)

[9] الذي ورد في الوثيقة ما يلي: “لا يُجبر المسلمون على وضع أية شارة مميزة لملابسهم، كما يُحظر على النصارى دخول المساجد أو أي مكان لعبادة المسلمين دون إذن من الفقهاء، ويُحظر عليهم كذلك إيواء الضيوف من النصارى، إذ لا يجوز لهم دخول بيوت المسلمين، واستعمال مضايفهم لإقامة الحفلات، وإذا دخل نصراني منزل مسلم قسرا، يقع عليه العقاب.” (المترجم)

[10] ما بين المعقوفتين من إضافة المترجم، وهو منقول من نص الوثيقة، المادة 11.

[11] وفقا للمادة 25 من العهد: “لا يدفع المسلمون لصاحبي السمو أكثر مما كانوا يدفعونه لملوكهم المسلمين من الإتاوات.” (المترجم).

[12] بحثت في مواد الاتفاقية فلم أجد هذا المعنى، وإنما الذي وجدته فيما يخص حرية الديانة ما يلي:

  • المادة 30 : “لا يجوز إرغام أية نصرانية تزوجت من أحد المسلمين، واعتنقت الدين الإسلامي، على العودة إلى النصرانية، إلا طائعة، وبعد أن تُسأل في ذلك أمام جمع من المسلمين والنصارى. وفيما يتعلق بأبناء النصرانيات وبناتهم، فلهم نفس الحقوق المنصوص عليها في هذه الفقرة.”
  • المادة 31: “إدا سبق لنصراني، ذكرا كان أو أنثى، اعتناق الديانة الإسلامية قبل إبرام هذه الاتفاقية، فلا يحق لأحد من النصارى أن يهدده، أوينال منه بأية صورة، ومن يفعل ذلك يعاقب.”
  • المادة 32: “لا يجوز إرغام مسلم أومسلمة على اعتناق النصرانية”.
  • المادة 33: “إذا رغبت امرأة مسلمة متزوجة، أوأرملة، أوبكر، في اعتناق النصرانية بدافع العشق، فلا يستجاب لها حتى تُسأل وتوعظ وفقا للشريعة الإسلامية. وإذا حملت معها خفية بعض الحلي، أوغيره، من دار والدها، أوأقاربها، أوأي شخص آخر، فيجب إعادة هذه الأشياء إلى ذويها، وتعتبر اختلاسا، وتتولى العدالة اتخاذ الإجراءات الصارمة بحقها.” ( المترجم)

[13] تنص المادة 42 على أنه : ” يتولى النظر في الخصومات التي قد تقع بين مسلم ونصراني، أومسلمة ونصرانية، مجلس مؤلف من حكمين، أحدهما مسلم والآخر نصراني، تحاشيا للتظلم من الأحكام القضائية.” ( المترجم)

[14] Islamic legal definition


[1] هذا المقال عبارة عن مسودة ورقة قُدمت خلال ندوة بعنوان “الإسلام والأقليات: النظرية والتطبيق” (14-15 أكتوبر 1997)، تحت رعاية مركز الدراسات المسيحية، راولبندي ” Rawalpindi”، ومؤسسة كونراد آدناور” Konrad Adenauer Stiftung”، إسلام آباد.ينظر المقال الأصلي في : https://www.academia.edu/MINORITIES_IN_ISLAMIC_HISTORY_An_Analytical_Study_of_Four_Documents

 (المترجم)

رشيد براضة

حاصل على الدكتوراه في الشريعة، أيت ملول، (المغرب)، باحث في الشريعة والقانون ( القانون المقارن مع الشريعة). له كتاب منشور بعنوان المنازعات الأسرية ذات الصبغة الزجرية، الرابطة الزوجية أنموذجا، طبعة دار السلام، 2019 ( أصله رسالة ماستر). من مقالاته المنشورة: الأساس القانوني لحق الدولة في تملك التركة الشاغرة للأجانب، دراسة تحليلية في القانون الواجب التطبيق على التركة الشاغرة للمغاربة المقيمين بالخارج، منشور بمجلة القضاء المدني، سلسلة دراسات وأبحاث العدد 27، 2021؛ خصوصيات المسطرة في جريمة الخيانة الزوجية، دراسة قانونية وقضائية في ضوء الفقه الإسلامي، مجلة مسارات في الأبحاث والدراسات القانونية، العدد 16، عدد خاص حول المرأة المغربية ومسارات التحول في السياسة والمجتمع، ص:376، 2021. البريد الالكتروني للباحث: rachidberrada2@gmail.com

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى