الدراسات

الإسلام في الغرب المعاصر: ثقل التاريخ وتحديات المستقبل

مقدمة

يستمرّ الحضور الإسلامي بالتمدد واحتلال حيّز ومكانة مهمة داخل التركيبة الاجتماعية والثقافية لأوروبا الغربية وامتدادها عبر المحيط الأطلسي – الولايات المتحدة الأمريكية-، هذا ما لاحظه الباحث الفرنسي جيل كيبل خلال ثمانينات القرن الماضي في  كتابه “ضواحي الإسلام” (Les banlieues de l’islam ». واليوم ثمة حقا واقع على الأرض، يتلخص في وجود ملايين المسلمين الذين يعيشون بين ظهرانيه، بعضهم أتى مهاجرا وآخرون ولدوا هناك، ويشكلون أقلية ذات وزن وتأثير وقابلية للنمو الديموغرافي السريع.

وارتباطاً بذلك، فإن ما يمكن تأكيده من خلال متابعة تطور الإسلام في جغرافيته المتجاوزة للحدود: الغرب، هو كون سطح الإسلام ظلّ محتشماً وبدا هادئاً وساكناً خلال العقود الثلاثة التي تلت الحرب العالمية الثانية، والتي تعرف حصراً بـ “الثلاثون المظفّرة” (1945-1975). بيد أنّ تحولاّت الجيوبوليتيكا ومتغيّرات الجيوستراتيجيا العالمية، خاصة مع لحظة تبدّد الاتحاد السوفيتي ونهاية حلف وارسو، والذي بنهايته انتهى الصراع بين المعسكرين الغربي والشرقي، فضلاً عن ردمه للتقاطب الإيديولوجي رأسمالية / شيوعية، تاركاً مكانه للصراع الثقافي الذي كان من نتائجه إحياء التقاطب الرمزي الكلاسيكي غرب / إسلام، تحت وقع تأثير نبوءة “صدام الحضارات” (Clash of Civilizations)، التي بشّر بها المفكر الأمريكي صامويل هينتنغتون.

هاهنا، لم يعد خافياً منذ هذا التاريخ على أقل تقدير كون الإسلام قد اجتذب الرأي العام في الغرب، كما شغل مساحات واسعة من النقاش الدائر في أجندة الساسة والخبراء الإستراتيجيين، فضلاً عن اهتمام مراكز الدراسات والأبحاث (Think Thank). ما يمكن معاينته من خلال متابعة هذه النقاشات وحجم الإنتاج الأكاديمي حول الإسلام، هو تنامي وتيرة الشك والريبة تجاه الإسلام (الإسلاموفوبيا)، والتي شهدت تضخّماً واضحاً بلغت مداها مع أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما تبعها من أحداث إرهابية يتخفى مرتكبوها تحت عباءة الدين الإسلامي.

إجمالاً، سيكون من المفيد الإيماء هاهنا، إلى حقيقة مفادها أن: سمعة الإسلام وصورة المسلمين في الغرب قد تأثرت سلباً تحت وقع هذه الأحداث، بما يوحي بأن هناك اتجاهاً سائداً يغلب روح العداء والتنافر على الحوار والتواصل، ويغلب عناصر الصراع والصدام على مقومات الوفاق والالتقاء. هكذا، فبالموازاة مع كل حدث يوضع العيش المشترك دوماً على المحك، ويعاد طرح السؤال عن ماهية هذا الدين – الإسلام – الذي يلاحق الغرب اليوم، ومن جملة تلك الأسئلة الشائعة المستعادة كل وقت وحين، نجد: هل العنف متأصل في الإسلام ومرافق لتاريخه؟ هل يتوافق الإسلام مع العلمانية؟ هل يمكن أنسنة الإسلام؟ هل يوجد في الإسلام تنوير؟ هل جوهر الإسلام مناف لمُثل الحداثة؟ إلخ.

من هذا المنطلق، تتنزل هذه الورقة البحثية التي نهدف من خلالها إلى تسليط الضوء على الإسلام داخل الحيز الجغرافي والسياسي والثقافي للحداثة الغربية في الحقبة المعاصرة – أي أعقاب نهاية الحرب العالمية الثانية – لاستجلاء واقع الجاليات المسلمة هنالك واستشراف تحديات المستقبل. بيد أن التدرج المنطقي السليم يفرض عليناً هاهنا، موضعة الدراسة في إطار “المدى البعيد” (La longue durée) وفق المؤرخ فرناند بروديل، أو العوامل المتراكمة حسب المفكر عزيز العظمة، إذ لا يمكن فصل النتائج عن المقدمات، فاليوم يخرج من الأمس والغد ينبثق من اليوم تبعاً للمؤرخ جاك لوغوف.

ـــــــــــــــــــــــــــــ

لاستكمال قراءة المقالة يمكنكم تحميلها عبر النقر على هذا الرابط 

 

محمد غاشي

باحث مغربي يحضر أطروحته للدكتوراه بجامعة محمد الخامس – الرباط بمختبر "تاريخ الزمن الراهن"، تتوزع اهتماماته البحثية على البحث في: تاريخ أوروبا والعالم المتوسطي خلال الحقبة الحديثة والمعاصرة، إشكاليات بناء الدولة الوطنية الحديثة في منطقتي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فضلاً عن قضايا الإسلام في جغرافيته المتجاوزة للحدود. نشر له مجموعة من المقالات والقراءات في مجلات وطنية وعربية، كما شارك في عدة ندوات ولقاءات وجامعات بحثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى