تأليف: شاييم بيرلمان
ترجمة: أنــــــــوار طـــاهـــر
تقديم المترجمة:
منذ بدايات اشتغاله على نظرية البلاغة وتقنيات الحِجاج الأرسطية، أي منذ أربعينيات القرن المنصرم، وبالتحديد، قبل صدور مؤلفه العمدة «رسالة في الحِجاج»، سعى الفيلسوف شاييم بيرلمان إلى استعراض شامل للمصطلحات والمفاهيم التي تمثل ركيزة بلاغته الجديدة أو نظريته في العقل العملي. ولم يخلو الأمر من مراجعة نقدية لجينالوجيا نشأة تلك المصطلحات والمفاهيم، وصيرورة التحولات التي مرت بها أشكال المعاني والدلالات تبعاً للسياقات التاريخية والاجتماعية والثقافية الخاصة بكل فترة زمنية معينة. ويعتبر مفهوم الحرية أحد المفاهيم المركزية في نظرية بيرلمان الحِجاجية، والذي تتمفصل فيه بقية المفاهيم الأخرى بدء من مفهوم الاستدلال؛ والتأييد، والجمهور المخاطَب…الخ. وفي المؤتمر الفلسفي الدولي العاشر الذي عقد في مدينة أمستردام في سنة 1949، قدم بيرلمان ورقته الأولى1 حول إشكالية سؤال الحرية في الفكر الغربي، والتي سيعقبها بمقالات أخرى ستنشر تباعاً تعالج هذا المفهوم الإشكالي والجوهري، على السواء، في نظرية البلاغة الجديدة.
إشكالية الحرية الإنسانية:
جدلية إيتيقا الحضور وأيديولوجيا الغياب
يرتبط التصور الفلسفي للحرية الإنسانية، على الأقل منذ إفلاطون، بمسألتين مختلفتين إلى حد بعيد جداً، وحقيقة أن هناك العديد من المفكرين لم يميزوا بينهما بصورة واضحة في تحليلاتهم، جعلت مفهوم الحرية واحداً من أكثر المفاهيم التي تتسم بالغموض في قاموس المصطلحات الفلسفية.
المسألة الأولى للحرية هي تلك التي يرتبط فيها هذا المفهوم بذلك الخاص بالمسؤولية. فإذا كانت بعض الكائنات يتم اعتبارها كفاعل agent [يملك الاستعداد والقدرة على ممارسة الفعل] في مجال الما هو متطابق مع معايير الأخلاق؛ وإذا كان من الممكن أن يكونوا موضوع تقييم لمعيار أخلاقي إيجابي أو سلبي؛ وإذا كنا نستطيع الثناء عليهم أو ذمّهم، وإذا ميزناهم عن أشياء أو موجودات أخرى نعتبرها غير مسؤولة، فذلك لأنهم يتمتعون بالحرية. إن الحرية هي التي تميز البشر عن بقية الموجودات في الطبيعة، وهي التي تمنح الإنسان مَزيِّة الفاعل وتُسنِد قيمة الفعل المنجَز لمِنْ قام بإنجازه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لاستكمال قراءة الترجمة يمكنكم تحميلها عبر النقر هنا
