الدراسات

إعادة النظر في فيبر و الإسلام

إعادة النظر في فيبر و الإسلام*

برايان ترنر**

ترجمة: ياسين اليحياوي***

عندما نشرتُ مقالتي «الإسلام والرأسماليّة وأطروحة فيبر» في المجلة البريطانيّة للسوسيولوجيا[1] عام 1974، كان هناك القليل من الكتابات عن سوسيولوجيا الدين المقارن عند فيبر، وأقل من ذلك بكثير عن تعليقاته المتفرقة حول الإسلام. ربما كان الاستثناء الرئيس خلال تلك الفترة هو كتاب مكسيم رودنسون  الإسلام والرأسمالية[2] الذي ظهر لأول مرة في فرنسا[3] عام 1966. لم يُؤلِّف فيبر دراسةً شاملةً عن الإسلام لتتناسب مع بحثه عن أديان جنوب آسيا والصين[4]. لقد قدِمتُ لدراسة هذا الجانب من السوسيولوجيا عند فيبر بعد حضوري سلسلةً من المُحاضرات في جامعة ليدز ألقاها الأستاذ تريفور لينغول الدين المقارن، و ألهَمتْني مُقاربته في السوسيولوجيا التاريخيّة للمؤسّسات الدينيّة[5] للقيام بدراسة مماثلة عن الإسلام. ولذلك، فإنَّ مقالتي في المجلة البريطانيّة للسوسيولوجيا وضعتْ الأُسس لمُعالجةٍ أكثر عُمقًا، قدَّمتها في كتابي فيبر والإسلام[6] الذي ظهر في العام نفسه، وتمتْ مراجعته مراجعة وافية من قبل إرنست غيلنر في مجلة الدراسات السكانيّة[7]. يُمكن القول أنَّ هذه الخطوات المُبكِّرة أرستْ أساس مهنتي الأكاديميّة اللاحقة. لم يكن مُستغربًا أن تتوالى خلال الخمسٍ وثلاثين سنة الماضية تعليقات على كل من سوسيولوجيا الدين عند فيبر و ملاحظاته على الإسلام، وعلى الرغم من الانتقادات المستمرة، لم يتم تجاوز مقاربته السوسيولوجيّة بشكل جذريّ في الدراسات السوسيولوجيّة المقارنة للدين. وما يبرر قولنا هذا تنامي الإصدارات المعاصرة المتميزة التي تستخدم الإطار المفاهيميّ لفيبر، من قبيل كتاب السوسيولوجيا المقارنة لأديان العالم لستيفن شاروت[8].

إنَّ الأدبيات الموجودة عن سوسيولوجيا الدين عند فيبر أصبحتْ الآن أساسيَّة، لكنها تتضمن أيضا دراسات نقديّة لمقاربته. يكفي القول أنَّ رؤية فيبر لـ «الأديان الآسيوية» أُدينتْ باعتبارها مثالًا على الاستشراق الذي يرى في الشرق الراكد نقيضا للغرب الديناميّ. لقد أثار كتاب الاستشراق لإدوار سعيد[9] الجدل حول الاستشراق، وأعقب هذا النقد العام للمعرفة الغربيّة المزيد من التقييمات الأكثر تحديدًا لأعمال فيبر، كمثالٍ على الاستشراق السوسيولوجي[10]. بصرف النظر عن هذه الانتقادات، فإنَّ مقاربة فيبر مازالت صالحة كإطار عام، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن موقف سعيد من الاستشراق، رغم تضمُّنه بعض الانتقادات القيِّمة، إلّا أنَّه لم يُقدم بديلًا مقنعًا أو منهجيًّا، وربما لم يكن يهدف بالأساس إلى القيام بذلك. لا يبدو واضحًا ما هي التوجيهات المنهجيّة الملموسة التي تنبع من نقد الاستشرق، إذا ما استثنينا بعض التوصيات العامّة حول ضرورة التَفكُّر الذاتيّ بشأن الافتراضات الضِّمنيّة، وإدراك التّحيُّزات المستمرّة والمُتكرِّرة، ونقد الادعاءات العنصريّة الخفيّة. لكن هذه الوصفات بالكاد يُمكن اعتبارها أصليةً أو مثيرةً للجدل. فماذا بعد نقد الاستشراق غير مزيد من التفكيك النصي؟

للتمكن من الاطلاع على الترجمة كاملة، يمكن تحميلها عبر النقر هنا 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

*Bryan S. Turner, “Revisiting Weber and Islam”, The British Journal of Sociology, The BJS: Shaping Sociology Over 60 Years, vol. 61, issue. s1 (2010), p. 161-166.

نُشرتْ أجزاء من هذه المقالة في المرجع في سوسيولوجيا الدين، وصدرتْ ترجمته العربية عام 2020، يُنظر:

Bryan S. Turner, “Max Weber on Islam and Confucianism: The kantian theory of secularization”, in: Top of Form

Peter B. Clarke (ed.), The Oxford Handbook of the Sociology of Religion (Oxford: Oxford University Press, 2009), p.79-97;

برايان ترنر، «ماكس فيبر حول الإسلام و الكونفوشيوسية: النظرية الكانطية في العلمنة»، في: بيتر كلارك (محرر)، المرجع في سوسيولوجيا الدين (بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2020) ج 1، ص 129-154.

** البروفيسور برايان تورنر هو أحد أبرز علماء سوسيولوجيا الدين. حاضر في عدد من الجامعات في ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة وسنغافورة وأستراليا. كرس اهتمامه للنظرية السوسيولوجية  و سوسيولوجيا الدين وقضايا حقوق الإنسان والعولمة و سوسيولوجيا الجسد. كتب تورنر وشارك في تحرير أزيد من سبعين كتابًا ومائتي مقالة وفصل، أبرزها: الدين والسياسة: علم الاجتماع المقارن للدين (2013)؛الدين والمجتمع الحديث: المواطنة والعلمنة والدولة (2011)؛ ماكس فيبر والإسلام (1974). حصل على العديد من الدرجات الفخرية والجوائز الأكاديمية اعترافًا بجهوده في مجال سوسيولوجيا الدين، آخرها دكتوراه في الآداب من جامعة كامبريدج وجائزة ماكس بلانك للأبحاث في جامعة بوتسدام وأستاذ فخري في الجامعة نفسها.

***باحث في مركز الدراسات الإسلامية بجامعة مونستر، ألمانيا.

[1] Bryan S. Turner, “Islam, Capitalism and the Weber Thesis”, The British Journal of Sociology, The BJS: Shaping Sociology Over 60 Years, vol. 61, issue. s1 (2010), p. 147-160. [Originally published in: The British Journal of Sociology, vol. 25, issue. 2 (1974), p. 230-243.

[2] Maxime Rodinson, Islam and Capitalism (Austin: University of Texas Press, 1978).

[3] Maxime Rodinson, Islam et Capitalisme (Paris: ed. du seuil, 1966).

[4] Max Weber, The Religion of China: Confucianism and Taoism (New York: Macmillan, 1951); Max Weber,  The Religion of India: The Sociology of Hinduism and Buddhism (New York: Free Press, 1958).

[5]  Trevor O. Ling, A History of Religion East and West: An Introduction and Interpretation (London: Macmillan, 1968).

[6] Bryan S. Turner, Weber and Islam: A Critical Study (London: Routledge and Kegan Paul, 1974).

 المُترجم: صدرتْ الترجمة العربية للكتاب بعنوان علم الاجتماع والإسلام، يُنظر: براين تيرنر، علم الاجتماع والإسلام: دراسة نقدية لفكر ماكس فيبر، ترجمة أبو بكر أحمد باقادر (بيروت: دار القلم، 1987).

[7] Ernest  Gellner, “Review of Bryan S. Turner Weber and Islam”, Population Studies, vol. 29, issue. 1(1975), p. 168-169.

[8] Stephen Sharot, A Comparative Sociology of World Religions: Virtuosos, Priests and Popular Religion (New York: New York University Press, 2001).

[9] Edward Said, Orientalism  (London: Routledge and Kegan Paul, 1978).

[10] Shmuel N. Eisenstadt, “This Worldly Transcendentalism and the Structuring of the World: Weber’s ‘Religion of China’ and the Format of Chinese History and Civilization”, Journal of Developing Societies, vol. 1, issue. 2 (1985), p. 168-186; Hartmut Lehmann& Jean M. Ouédraogo, Max Webers Religions soziologie in Interkultureller Perspektive (Göttingen: Vandenhoeck und Ruprecht, 2003); John Love “Max Weber’s Orient” in: Stephen P.Turner, The Cambridge Companion to Weber (New York: Cambridge University Press, 2000); Armando Salvatore, “Beyond Orientalism? Max Weber and the Displacements of ‘essentialism’ in the Study of Islam”,Arabica, vol. 43 (1996), p. 412-433.

ياسين اليحياوي

باحث بمعهد الدراسات الإسلامية في جامعة فيلهيلم وستفاليا (مونتسر) بألمانيا. حائز عى الدكتوراه في تاريخ الأديان والفكر الإسلامي من جامعة سيدي محمد بن عبد الله، المغرب (2017). تشمل اهتماماته البحثية مجالات تاريخية تختص بتاريخ الأديان والبنى الذهنية والمتخيل، ومجالات معرفية في نظريات الدين والمقدس. من منشوراته: بيزنطة المُتخيَّلة: أنثروبولوجيا تاريخية للآخرية في الإسلام المُبكر (2019)؛ ابن حزم الأندلسي: نحو مقاربات جديدة(تحرير مشترك، 2019)؛ العقل الأخلاقي العربي والنزعة الإنسية خلال العصر الوسيط (2019)؛ الديني والسياسي في الذاكرة الجمعية (2019)؛ بنية الآخرية في الثقافة العربية-الإسلامية لحظة التأسيس(2018)؛ الذاكرة الجمعيَّة موضوعاً للبحث التاريخي (2018)؛ البنية الذهنية ونظرية الوظائف الثلاث عند جورج دوميزيل (2017).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى