المقالات

في نقد الاستشراق (1)

موت الفلسفة في السياقات الإسلامية

” .The reports of my death have been greatly exaggerated ” 

Mark Twain   

ملخص

نتعرض في هذا المقال المطول لمسألة موت الفلسفة في السياق الفكري الإسلامي، خاصة بعد وفاة الفيلسوف الأندلسي أبي الوليد ابن رشد. والغرض منه هو أن نراجع الدعاوى المركزية التي تحكمت في كتابة تاريخ الفلسفة الإسلامية منذ المؤرخ والفيلولوجي إرنست رينان إلى اليوم؛ سواء تلك التي دافع عنها مستشرقون رواد أو محدثون. والظاهر أن المسألة، مسألة نهاية الفلسفة في الإسلام قد ارتبطت، بشكل من الأشكال، بالنقد الذي دونه أبو حامد الغزالي في تهافت الفلاسفة. لذلك فإننا نسعى في هذا المقال إلى أن نتتبع مقالات الدارسين، وطرق ربطهم أو فصلهم، بين موت الفلسفة في العالم الإسلامي عامةً وموتها في شرق هذا العالم أو في غربه خاصةً، وبين تأليف تهافت الفلاسفة وموت الفيلسوف ابن رشد. وطبعا، المقالات في هذا الباب عديدة، لكن الذي ينتظمها، في المجمل، هو إما مسايرة القول بنهاية الفلسفة، وذلك لغياب ما يثبت خلاف ذلك، أو القول باستمرارها في صيغتها الإشراقية أو في صيغتها السينوية، والشواهد كثيرة في الحالتين معا. وهكذا، فقد حصل، عند التأريخ للفلسفة في الإسلام بعد ابن رشد، اختزال كبير للفعاليات الفلسفية وتنوعها وتعددها، الأمر الذي يدعونا إلى مراجعة هذا الأمر من أصله.

مقدمة

يتأسس جزء هام من السرديات الكبرى بخصوص تاريخ العلوم العقلية في السياق الإسلامي على أن هذا التاريخ قد عرف أربع مراحل: فراغ علمي في الفترة ما قبل الإسلام؛ ثم عصر ترجمة، وقد كان في حدود القرنين الثامن والتاسع الميلاديين؛ ومرحلة ازدهار وإبداع في العصر العباسي إلى حدود نهاية القرن الحادي عشر؛ ثم شروعا في الانحطاط بُعيد وفاة ابن رشد (595هـ/ 1198م). ومن الأمور المثيرة للاستغراب، حقًا، حصول ربط شبه آلي في هذه السرديات بين هذا الانحطاط وكتاب تهافت الفلاسفة لأبي حامد الغزالي. يبدو أمرا متحديا للعقل، فعلا، أن نفهم كيف يمكن لكتاب واحد أن يصيب العلوم العقلية والفلسفية في مقتل. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن الغزالي قد توفي العام 505ه/ 1111م، فإن العالم الإسلامي، وفق تلك السرديات، قد بدأ يشهد أفولا في أنشطته العلمية والفلسفية؛ ومن ثم، فإن كتابات فيلسوف كبير مثل ابن رشد لم تكن في أحسن الأحوال سوى عنصر مُقاومة ”مشائية“ للانحطاط الزاحف لا محالة.

والظاهر أن هذه السرديات ليست تعكس سوى واقع مخصوص شيَّدته تشييدا؛ وأن أي تشابه مع معطيات الواقع التاريخي إنما هو محض استعمال لعنصر يَخدم، أو يجب أن يخدم مسار السردية؛ أمّا ما يُفسد ذلك المسار فلا شك في ضرورة إسقاطه من المشهد أو تحييده وتخسيسه. وهنا، قد يُلتمس بَعض العُذر لمهندسي هذه السرديات، إذ لم يكن ما أسقطوه من الحساب بالشيء الكثير، أو هكذا بدا لهم، خاصة وأن نصوصا فلسفية وعلمية كثيرة جدا لم تكن قد طُبعت، وأخرى لم تكن قد اكتشفت وعرفت. أَمّا وأَنّ هذه النصوص قد بدأت في الظهور، فإن المشهد قد شرع في التحول، بل قد تغير كثيرا عما كان عليه في النصف الأول من القرن العشرين. ومنذئذ والدارسون يَدْخُلون، خطوةً خطوةً، مسارَ مراجعة أطراف تلك السرديات، بل ومراجعتها من أصلها. وقد انتصب مؤرخو العلوم لتلك المهمة، ولحق بهم مؤرخو الفلسفة والمنطق، كل من زاوية نظره والحقبة التي يركز عليها.[1] وما تزال ثمرات هذه المراجعات في طور الظهور.

ولا يتسع المجال هنا لذكر مجموع الدراسات التي أسهمت في هذه المراجعات؛ لكننا نكتفي بالإشارة إلى أمرين: أولهما أن مؤرخ العلوم جورج صليبا كان قد اصطلح على استعمال عبارة السرديات الكلاسيكية Classical narrative للتعبير على أمر شبيه بما نحن بصدده، وإن كان اهتمامه ينصب على تاريخ العلوم بحصر المعنى، وعلم الفلك تحديدا، وقد وردت في دراستيه المشار إليهما في أحد الهوامش أعلاه؛ والأمر الثاني أن تلك الدراسات لم تكن كلها على خط واحد، بل قد اهتمت بقطاعات معرفية متعددة وانطلقت من مقدمات مختلفة، كما اشتغلت بأجندات متباينة، لا نتبناها بالضرورة في دراستنا هذه، خاصة وأننا قد لاحظنا وجود ”نزعة علموية“ تَفصل فصلا وضعيا بين مجالات العلوم العقلية في القرون الوسطى،[2] وسَعيًا إلى اختزال تاريخ الفلسفة الإسلامية في تاريخ تيار فلسفي بعينه في تجاهل تام لما هو خارج هذا التيار، على أهميته وقوته.[3]

وإذا كان مؤرخ العلوم المرموق الراحل، عبد الحميد صبره قد انتبه العام 1987 إلى تبسيطية simplistic  «الدعوى التي تقول إن الغزالي، أو لنقل تأثيره، كان ’السبب‘ في الانحطاط العلمي؛»[4] فأعرض، لذلك، عن مناقشتها، فإننا سنحاول، من جهتنا، أن نكشف منشأ هذه الدعوى، وكيف أنها، على سطحيتها الظاهرة، قد عمّرت طويلا وتغلغلت في الدراسات التي أرخت، جزئيا أو كليا، للفلسفة في العالم الإسلامي. لذلك نرى أن نسلط أضواء على السياقات النظرية الأولى حيث حصل الحديث عن موت الفلسفة في العالم المذكور شرقه وغربه، بعد موت ابن رشد، وعن علاقة  ذلك الموت بتهافت الفلاسفة للغزالي؛ ثم نستعرض، بموازاة ذلك، بعض النقاشات التي خاضها المستشرقون المحدثون من أجل مراجعة هذا الموت وسبل الخروج من مآزقه.

1.    استشراق القرن التاسع عشر ومآزقه

من الأمور التي أثارت انتباهنا عند مراجعاتنا عددا معتبرا من الدراسات التي أرخت للفلسفة الإسلامية تَوَقُّفها عند الدور المزعوم الذي لعبه تهافت الفلاسفة في الأفول المزعوم -أيضا- للفكر الفلسفي في العالم الإسلامي. ويجب الإقرار أن هذا الدور لم نجد له أصلا واضحا -في حدود اطلاعنا- في المصادر الوسيطية التي ترجمت للغزالي ولفكره؛[5] لكن صداه قد تردد، بشكل صريح أحيانا، وبشكل خافت أحيانا أخرى، في الدراسات الاستشراقية المبكرة والحديثة، كما حضر في الدراسات العربية.[6]

يفتتح المؤرخ والفيلولوجي الفرنسي إرنست رينان (Ernest Renan, 1823-1892) كتابه، ابن رشد والرشدية: مقالة تاريخية، بالقول: «لما توفي ابن رشد العام 1198، فقدت الفلسفة العربية فيه آخر ممثل لها، وضمن انتصار القرآن على الفكر الحر لستمئة عام على الأقل.»[7] ولن تعمل الفصول الأولى من الكتاب سوى على بلورة هذه الفكرة: إن الفلسفة في العالم الإسلامي قد انتهت بموت ابن رشد بعد أن لم يُوجِد هذا الفيلسوف لنفسه مدرسةً تحمل فكره، وبعد أن انفضّ من حوله تلاميذه الأقربون. وفي سياق المقارنة بين المصير الذي عرفه فكر أبي الوليد في غرب القرون الوسطى والنهضة ونظيره في العالم الإسلامي خلال العصر نفسه، يصوغ إرنست رينان تلك المعادلة الجذابة التي مارست فتنة على الدراسات اللاحقة إلى اليوم، قائلا: «لم يتمكن ابن رشد، الذي كانت له سلسلة طويلة من التلاميذ لدى اليهود والنصارى مدة أربعة قرون، والذي برز اسمه عدة مرات في معركة الفكر الإنساني، من أن يؤسس له مدرسة عند أهله، وأنه، وهو أشهر العرب في نظر اللاتين، قد تجوهل من قبل أبناء دينه تماما.»[8] واستعاد رينان هذه المعادلة، عقودا من بعد، في محاضرته الشهيرة عن الإسلام والعلم، العام 1883، عندما قال: «في الوقت الذي وصل فيه ابن رشد في المدارس اللاتينية إلى شهرة تضاهي شهرة أرسطو، كان قد تنوسي عند أهل ملته. وبحلول العام 1200 تقريبا، لم يعد ثمة من فيلسوف عربي واحد معروف.»[9] وفي الواقع، إن الفلسفة في نظر رينان كانت دائما مضطهدة داخل الإسلام، وإن لم ينجح في سحقها. لكن ابتداءً من العام 1200 «انتصرت الرجعية اللاهوتية انتصارا كاملا. وانتهت الفلسفة في البلدان الإسلامية، ولم يعد المؤرخون وأصحاب التراجم يتحدثون عنها إلا باعتبارها ذكرى، بل وذكرى سيئة. وأُتلفت المخطوطات الفلسفية، فصارت في حكم النادر.»[10] وقد كانت قلة الشهرة التي حظي بها ابن رشد لدى المسلمين، من جهة، وسرعة الأفول الذي أصاب الدراسات الفلسفية بعد وفاته، من جهة ثانية، «السببَ في أن النسخ الخطية العربية لمؤلفاته لم تنتشر إلا بشكل محدود جدا، ولم تكد تخرج من إسبانيا.»[11] نهاية الفلسفة في الإسلام واضحة عند رينان!

وبما أن ابن رشد لم يكن له أي صيت في الحضارة الإسلامية،[12] فإنه «يجب ألا يُبحث عن الرشدية (بحصر المعنى) لدى المسلمين. وذلك لأن ابن رشد، من جهة، لم يكن يتمتع في أعين المسلمين بالأصالة نفسها التي كانت عنده في أعين السكولائيين الذين كانوا يعتبرونه حالة منفصلة عن سابقيه؛ ومن جهة أخرى، إن الدراسات الفلسفية، قد فقدت بعده كامل مصداقيتها.»[13]

غير أن ما يمكن ملاحظته هو أن رينان لا يربط في كتابه ابن رشد والرشدية بوضوح بين تهافت الفلسفة للغزالي وبين أفول الدراسات الفلسفية بعد أبي الوليد.[14] فرينان يعتبر تهافت الفلاسفة كتابا موجها ضد ابن سينا أساسا.[15] صحيح أنه يُقر أن الغزالي قد مارس، بنزعته الشكية وهجوماته، تأثيرا حاسما في الفلسفة العربية،[16] وأن ضمورا قد عرفته هذه في المشرق بعد الغزالي، ولكن هذه الفلسفة قد اتخذت طابعا خاصا في المغرب بفضل أبي بكر ابن باجة (ت. 529ه/ 1136م) وأبي بكر ابن طفيل (ت. 581ه/ 1185م)، بفضل مزاوجتهما بين العقلانية ونظرية الاتصال المتشحة بوشاح الصوفية.[17]

كانت الطبعة الأولى من ابن رشد والرشدية، قد صدرت العام 1852. ولم يمض عقد من الزمن حتى كان رينان يستعد لإصدار طبعة ثالثة للكتاب منقحة ومزيدة؛ وقد صدرت فعلا العام 1966؛ فقد عدل أطرافًا كثيرة منه في ضوء ما استجد من معطيات ونشر من أعمال، خاصة على يد المستشرقين: الفرنسي الألماني سليمان مونك والألماني مرقص جوزيف مُلِّر والبوهيمي موريتز شتاينشنيدر[18] وآخرين.[19] وإذا كان مُلِّر صاحب الفضل في إصدار أول نشرة لثلاثة من أعمال ابن رشد المكتوبة بالعربية (وتضم: فصل المقال، ومسألة في علم الله بالجزئيات [=الضميمة] والكشف عن مناهج الأدلة[20] الأمر الذي جعل إمكانية الاطلاع عليها متاحة لرينان،[21] فإن إتمام سيرة ابن رشد وتاريخ الرشدية لدى اليهود إنما كان الفضل فيهما لأمشاج من الفلسفة اليهودية والعربية لمونك الذي صدر العام 1859، والذي هو في الأصل مجموع مقالات.[22] ولن نقف هنا سوى عند أطروحة هذا الأخير.

لا يختلف مونك عن رينان في ما يتعلق بالتأكيد على نهاية الفكر الفلسفي العقلاني في العالم الإسلامي بعد ابن رشد. ويعزو مونك أفول الدراسات الفلسفية المشائية خاصة إلى صعود نجم الأشعرية في القرن الثاني عشر؛ إذ احتلت هذه الفرقة الكلامية أكبر منطقة في العالم الإسلامي. وقد انتشرت في المشرق تحت حكم صلاح الدين (ت. 589ه/ 1193م) ومن جاء بعده في مصر؛ كما ازدهرت، في الوقت نفسه في الغرب الإسلامي، تحت حكم الموحدين ”المتعصبين“؛ ولم تكن الفلسفة موضع ترحيب في هذه الأوساط. وفي آسيا، لن نجد فيلسوفا مشائيا كبيرا بعد ابن سينا. وفي تقدير مونك، إن الملاحقات والهجومات التي مست الفلسفة والفلاسفة في العالم الإسلامي قد أدت إلى ندرة الأعمال الفلسفية المكتوبة بالعربية.[23] وفي المقابل، كانت العبرية ملجأ تلك الأعمال التي ترجمت إليها أو كتبت بحروفها. وبهذه الكيفية، تمت المحافظة على أهم أعمال الفلاسفة، وبخاصة أعمال ابن رشد،[24] التي لم تترك القسوةُ التي تعامل بها الموحدون مع الفلسفة والفلاسفة مجالا لها لتنمو وتنتشر.[25] لكن مونك يعود ليختم الفصل الذي عقده للغزالي بالقول: «وجه الغزالي ضربة للفلسفة لم تنهض بعدها في الشرق، وإن كانت عرفت في إسبانيا قرنا من الانتصار ووجدت مدافعا قويا في الفيلسوف ابن رشد.»[26] وكما يذكر مونك، إن «آخر أكبر الفلاسفة الكبار قد ظهروا في القرن الثاني عشر الميلادي. وإنه لم نعد، ابتداءً من بداية القرن الثالث عشر الميلادي، نجد فلاسفة مشائين خالصين، وإنما فقط كتابا مشهورين يشتغلون بالفلسفة الدينية، أو إن شئت قلتَ متكلمين يفكرون فلسفيا في الدين.»[27] وأحد أشهر هؤلاء عبد الرحمن بن أحمد الإيجي (ت. 756/ 1355) صاحب المواقف، الذي طبع العام 1824 في القسطنطينية مصحوبا بشرح الشريف الجرجاني (816-1413).[28] وهكذا، فإذا كان انتشار الأشعرية سببا في انحطاط الفلسفة، في نظر مونك، فإن الغزالي، وهو أشعري أيضا، قد وجه ضربة قاضية لتلك الفلسفة في الشرق. لكن مونك لم يقدم معطيات وأدلة كافية لإثبات هذه الدعوى التي نُقلت عنه وترددت، بكسل، في الأدبيات التاريخية اللاحقة.

غير أن المستشرق الفرنسي برنار كارا دي فو Bernard Carra de Vaux, 1867-1953)) الذي أصدر عملا مونوغرافيا عن الغزالي العام 1902، قد سلط الضوء على الفترة التي تلت الغزالي إلى حدود ابن رشد. وينقل بدوي عنه: «وكارا دي فو، في كتابه عن الغزالي (…) اكتفى بالقول بأن ”المدرسة الفلسفية ظلت عاجزة تقريبا عن الإنتاج في الشرق الإسلامي بعد الغزالي لكنه ازدهر بعده بنصف قرن، في المغرب: ابن باجة وابن طفيل وابن رشد.“[29] فهو إذن يلاحظ واقعة ولكنه لا يربط بينها وبين الغزالي وهجومِه على الفلسفة والفلاسفة؛ وهو يَقْصر هذه الشهادة على المشرق دون المغرب، ويقصد بالمغرب الأندلس خصوصا: فالجدب في الفلسفة الإسلامية في نظره يقتصر على ما حدث لها في المشرق بعد الغزالي، بينما هو يمجد قيام فلاسفة كبار في المغرب بعد وفاة الغزالي.»[30] والذي يفهم، بالجملة، من كلام دي فو أمران: أما الأول، فهو أن الفلسفة بعد الغزالي قد ظلت شبه عقيم؛ وأما الثاني، فهو أن فلاسفة المغرب لم يقوموا سوى بالتمديد في عمر الفلسفة في العالم الإسلامي إلى حين وفاة ابن رشد.

ونضيف مثالا رابعا، وهو المستشرق الألماني الشهير تيتزي دي بور (Tjitze de Boer, 1866-1942). نشر هذا العالم كتابه الشهير تاريخ الفلسفة في الإسلام، العام 1903، أي سنة واحدة بعد ظهور عمل كارا دي فو؛ وهو عمل هام في سياقنا.[31] بدايةً، يُقر دي بور بخطأ الدعوى القائلة بانتهاء الفلسفة في العالم الاسلامي بسبب من أبي حامد؛ ويقول في هذا المعنى: «كثيرا ما يقال إن الغزالي قضى على الفلسفة في الشرق قضاء مبرما، لم تقم لها بعده قائمة؛ ولكن هذا زعم خاطئ لا يدل على علم بالتاريخ، ولا على فهم لحقائق الأمور. فقد بلغ عدد أساتذة الفلسفة وطلابها في المشرق بعد الغزالي مئات، بل ألوفا.»[32] والظاهر أن دي بور لم يكن يعني بهؤلاء الأساتذة والطلاب -الذين وجدوا في شرق العالم الإسلامي- الفلاسفة الكبار، وإنما يعني بهم «أصحاب المختصرات الجامعة»، وهو عنوان الفصل[33] الذي يرد فيه كلامه، ولم يورد فيه من الأسماء والأعمال إلا قلة قليلة، أخذت بمذهب ابن سينا ولم ترجع إلى الفارابي.[34]

لكن الرجل يقر، في المقابل، أن هذه الوضعية التي كانت عليها الدراسات الفلسفية، أعني وضعية المختصرات والحواشي، «لم تكن سوى علامة من علامات الانحلال والتدهور العام في الحضارة. ورغم أن رَحّالة الغرب في القرن الثاني عشر الميلادي (السادس من الهجرة) أشادوا بمدح حضارة الشرق، فإن هذه الحضارة كانت في حالة هبوط، إذا قيست بما كانت عليه في العصور السابقة، ولم يستطع أحد أن يزيد شيئا في أية ناحية من نواحي الحياة على ما بلغه المتقدمون، لأن العقول كانت من الضعف بحيث عجزت عن ذلك وركدت حركة الإنتاج العلمي، ولم يكن للمؤلفين الكثيرين الذين جاءوا في القرون التالية من الفضل سوى حسن الاختيار من كتب المتقدمين، وانتهى أمر النظريات الفقهية والكلامية بظهور التصوف. وكذلك الفلسفة؛ فلم يشعر أحد بعد الرئيس ابن سينا، أن عليه أن يأتي بآراء مبتكرة. وجاء عصر المختصرات والشروح والحواشي والتعليقات. وفي مثل هذا كان العلماء يقضون وقتهم في المدارس.»[35] ولعل هذا مما حدا بِدي بور إلى أن يطلق على الفصل الذي قبل هذا، والذي أفرده للغزالي عنوانا دالا، وهو «نهاية الفلسفة في المشرق.»[36] فالغزالي، وإن لم يقتل الفلسفة فقد كان عنوان نهايتها في المشرق؛ وهو وإن جاء شراح وأصحاب حواشٍ بعده، فإن هذا النشاط في حد ذاته لدليل على الانحطاط الثقافي والعلمي الشامل.

والظاهر أن هذا الوضع العام هو الذي حال دون نجاح ابن رشد أيضا. يعود دي بور في خاتمة كتابه، التي خصصها لابن خلدون، إلى القول بأنه لم يكن لفلسفة ابن رشد و«شروحه على مذهب أرسطو سوى أثر قليل جدا في العالم الإسلامي.»[37] وبالجملة، «يشبه أن يكون قد قُدّر لفلسفة المسلمين أن تصل في شخص ابن رشد إلى فهم فلسفة أرسطو، ثم تفنى بعد ذلك.»[38] وأغلب أعماله ضائعة في أصولها، ولا توجد اليوم إلا في ترجماتها العبرية واللاتينية. ولم يكن لابن رشد تلاميذ ولا أتباع. وعموما، لم تستطع الفلسفة أن تؤثر على الثقافة العامة، أو في مجرى الحوادث.[39]

 

انطلاقا ما سبق، يمكن استخلاص النتائج الآتية: يظهر جليا أن مونك هو من أطلق تلك الجملة الشهيرة التي تفيد أن الغزالي قد وجه ضربة قاتلة للفلسفة في شرق العالم الإسلامي؛ لكنها عرفت ازدهارا في الغرب الإسلامي على يد فلاسفة مثل ابن باجة وابن طفيل وابن رشد. وبدوره، أكد رينان على أن ابن رشد هو آخر فيلسوف في العالم العربي الإسلامي، وأن الفلسفة لم تقم لها قائمة بعده لا في الشرق ولا في الغرب. لكنه لم يُول لكتاب تهافت الفلاسفة أي دور مباشر في هذا الموت. ومن جهته، فقد أقر كارا دي فو بوجود ما يشبه العقم الذي أصاب الفلسفة في المشرق والذي تلا موت الغزالي، ولكن الفلسفة في المغرب استمرت إلى حدود ابن رشد. وإذن، فلا شيء تغير في دعوى رينان بخصوص ما بعد ابن رشد. أما دي بور فقد انتهى إلى مراجعة أمرين اثنين: الأول أن يكون للغزالي دور في إنهاء قصة الفلسفة في شرق العالم الإسلامي، خلاف ما قال به مونك، والدليل وجود متعاطين لها في هذه المنطقة، خلاف ما قال به كارا دي فو ورينان معا؛ لكن هؤلاء لم ينتجوا شيئا بقيمة ما سبق، بل كانوا دليلا على الانحطاط العام الذي أصاب العالم الإسلامي. أما عن الغرب الإسلامي، فإن الدعوى التي دافع عنها رينان تظل صحيحة في نظره، لأن ابن رشد لم يكن له تلاميذ وجل مخطوطاته ضائعة في العالم العربي الإسلامي.

2.    من كوربان إلى غوتاس: فلسفة إشراقية أم سينوية

يُقَدّم الفيلسوفُ وعالم الإيرانيات الفرنسي هنري كوربان (Henry Corbin, 1903-1978) في المدخل الذي خَصّته به موسوعة الأديان كما يلي: «كوربان مسؤول عن إعادة تغيير اتجاه دراسة الفلسفة الإسلامية ككل. فقد أبطل، في كتابه تاريخ الفلسفة الإسلامية 1964، الرأيَ المشترك الذي مفاده أن الفلسفة قد عرفت نهايتها بعد ابن رشد.»[40] وقبل هذا بعقدين، كان الراحل عبد الرحمن بدوي نفسه قد قال بخصوص هذا الكتاب، مباشرة بعد صدوره، إن الجديد الذي يميزه «هو أنه عدل المنظور التقليدي في الفلسفة الإسلامية.»[41] وعن الفكرة ذاتها وبالعبارة نفسها، تقريبا، يؤكد عبد الحكيم أجهر على أن هنري كوربان قد «غير اتجاه الدراسات الاستشراقية بأطروحته التي تنص على أن الفلسفة في الإسلام لم تمت مع موت ابن رشد.»[42]

وللمرء أن يتساءل في ضوء هذه الشهادات: وكيف حصل هذا التغيير الذي أحدثه كوربان؟ هل عثر على مدرسة رشدية أم على تلامذة لابن رشد؟ كلا. بل، إن الرجل، كما سنرى، لا يهمه ما نحن بصدده طالما أن ذلك لا يغير شيئا من دعواه المركزية.

وفي الواقع لم ير كوربان مانعا من القول مع رينان ودي بور وغيرهما، أن فلسفة ابن رشد لم تشهد أي استمرارية في العالم العربي الإسلامي. ويعبر كوربان عن هذا قائلا: «إن القوم […] قد درجوا على النقل والترديد بأن ابن رشد كان أبرز اسم، وأبرع ممثل لما يسمى بـ”الفلسفة العربية“، وأن هذه الفلسفة بلغت معه ذروتها ثم انقضى أمرها عندما قضى الرجل. ولقد غرب عن بالهم، والأمر كذلك، ما كان يحدث في الشرق، حيث مرت مؤلفات ابن رشد دون أثر ملحوظ.»[43] بل إن فلسفة ابن رشد في حد ذاتها ليست بتلك القيمة التي عادةً ما أحاطها بها المؤرخون؛ إذ «ربما كانت العادةُ أن يُنظر إلى فلسفة ابن رشد على أنها الكلمة الأخيرة في الفلسفة عند الإسلام. لكن ذلك كله، ما هو إلا قسم ضئيل في حقل الفلسفة الإسلامية. ولكي نُلم بأطرافها ونفهم ما سوف يكون أمر مستقبلها، علينا أن نرجع إلى ما أشرنا إليه في بداية هذا الكتاب (الفصل الثاني)، نعني بداية التشيع والفلسفة النبوية.»[44] وهكذا، فإن مستقبل الفلسفة الإسلامية هو هذه الفلسفة النبوية، أو ”الحكمة الإشراقية“، وهي ”الفلسفة الحقة“؛ وهي، على خلاف الفلسفة العربية المشائية، فلسفة أصيلة وخاصة بالإسلام؛[45] وقد ازدهرت في أماكن عدة من العالم الإسلامي بتأثير من الشيعة والاسماعيلية ومن ابن سينا واستمرت إلى اليوم. ويضيف كوربان: «توفي ابن رشد العام 595ه/ 1198م. وقد درج الناس، لمدة طويلة، على الاعتقاد أن جنازته كانت جنازة للفلسفة الإسلامية أيضا. أما في ما يتعلق بهذه المرحلة من الفلسفة الإسلامية، المعروفة بـالمشائية العربية فصحيح أنها قد بلغت منتهاها مع ابن رشد. ولكن من جهة أخرى، هذه الطريقة في التفكير خاطئة تماما، حيث ذهلوا عن أن شيئا جديدا قد بدأ في تزامن مع وفاة ابن رشد، شيئا يرمز له باسم السهروردي (ت. 587ه/1191م) وبمحي الدين ابن عربي (ت. 638ه/ م1240.»[46] ومعنى هذا أن قول رينان عن نهاية فلسفة ابن رشد في العالم الإسلامي صائب تماما عند كوربان؛ لكنه خاطئ عندما يتعلق الأمر بالفلسفة الحقيقية، والتي هي أبعد من أن تكون ممثلةً من قبل فلسفة ابن رشد.

ومن هذه الزاوية، يغدو ادعاء مسؤولية الغزالي عن موت الفلسفة ادعاءً ساقطا ولا قيمة له. ويعبر عن هذا كوربان أكثر من مرة في عمله، فنجده يقول مثلا: «يبدو من المبتذل القول بأن هذا النقد، كما قيل في القرن الماضي، قد وجه للفلسفة ضربة لم تقم لها بعدها في الشرق قائمة.»[47] ويقول بلغة أكثر جزما: «من اللغو الباطل أن نقول إن الفلسفة بعد الغزالي قيض لها أن تنتقل إلى غرب العالم الإسلامي، كما أنه من الخطأ أيضا الزعم بأن الفلسفة لم تقم لها قائمة بعد تلك الضربة التي وجهها لها الغزالي. فقد بقيت الفلسفة مزدهرة بالشرق، وكانَ تَزعزعها على حد من الضعف بحيث أننا نجد حتى أيامنا هذه فلاسفة يدينون بمبادئ ابن سينا؛ والمؤلفات الكبيرة في مدرسة أصفهان تجلٍ على أن القضية لا تتعلق لا بفلسفة توفيقية ولا بأعمال الملخصين، إنها تتعلق على وجه التحديد بهذه الفلسفة النبوية […] التي لخصنا لها في أول الكتاب والتي بانطلاقها الجديد، في إيران في القرن السادس عشر، تعبر لنا، نظرا لإفلاس النقد الغزالي، عن الأسباب التي تجعلنا نجزم أن مصير الفلسفة الحقيقية الأصيلة في الإسلام، تلك الفلسفة التي لا يمكن أن تنشأ إلا في الإسلام، لا يمكن أن تأخذ مجراها إلا في محيط شيعي[48]

وعليه، فللخروج من مأزق موت الفلسفة في الإسلام، الذي قال به مستشرقو القرن التاسع عشر، كان لابد من تعديل المنظور التقليدي للفلسفة الإسلامية وتوسيعه، أو بالأحرى استبداله ليضم هذا ”الشيء الجديد“ الذي أعلن عنه، والذي، وحده، يضمن للفكر استمراريته وسط الإسلام. ومن هذه الزاوية، يصبح موت ابن رشد أو لنقل نهاية فلسفته ”مرحلة مفصلية وحاسمة“[49] في تاريخ الفكر الإسلامي، حسب المقاربة الجديدة لكوربان. وهكذا، فقد كان لابد لهذا الأخير أن يَقْتل، أو لنقل أن يوافق على تشييع جثمان فلسفة ابن رشد تحديدا لأجل الإعلان عن ميلاد شيء جديد هو ”الفلسفة الحقة“؛ وكأن صدر العالم الإسلامي لم يتسع لهما معا. ومن هذه الجهة أيضا، يجوز لنا أن نقول إن دعوى رينان قد خدمت، في العمق، دعوى كوربان، لأنها، بإقرارها بموت فلسفة ابن رشد، قد فسحت المجال له للدفاع عن ”فلسفته الحقة“. وبما أن كوربان كان له رهانه، فإن نهاية الفلسفة ”العقلانية“ في الغرب الإسلامي كان شأنا تافها، بل أمرا مطلوبا، بالنسبة إليه.

وأخير، يربط كوربان النجاح الكبير الذي حققته الفلسفة الإشراقية في الفضاء الروحاني الإسلامي (الشيعي أساسا) بعامل حاسم، وهو أن هذه الفلسفة خاصة بهذا الفضاء وأصيلة فيه؛ وبما أنها تأمل إسلامي خالص، فلا يمكن لها أن تينع وتنتشر إلا فيه.[50] وعندما نستحضر هذا يغدو سهلا علينا أن نفهم لماذا كان مصير الفلسفة المشائية الفشل في الإسلام، فإنها لم تكن من تربة إسلامية. ومن هذه الجهة، فإننا لا نتصور وجود مسافة كبيرة بين هذا الادعاء المضمر وبين أي دعوى تقليدية من دعاوى مستشرقي القرن التاسع عشر.

عقودا بعد عمل كوربان، أصدر المستعرب الإسباني ميغال كروث هيرنانديث Miguel Cruz Hernández عملا ضخما، في ثلاثة مجلدات، بعنوان تاريخ الفكر في العالم الإسلامي.[51] وهو في الحقيقة توسيع لعمل سابق، كان قد أصدره عن الفلسفة الاسبانية الإسلامية العام 1957. وعلى الرغم من أهمية هذا العمل، فإن الحقبة التي يغطيها، وهي من بداية الإسلام إلى يومنا هذا، تجعل منه عملا ذا صبغة مدخلية. وصاحبه نفسه يقول عن كتابه إنه غير موجه للمتخصصين.[52]

وبما أن العمل يهتم بالتاريخ، فقد كان لا بد أن تعرضه مسألة نهاية الفلسفة سواء في شرق العالم الإسلامي أو في غربه. ولأول وهلة يبدو هيرناديث متوجسا من الدور الكبير الذي أُوكل للغزالي في تلك النهاية. يقول في فقرة بعنوان: ”تبعات ونتائج الموقف النقدي للغزالي“: «إن الهجوم القاسي والمقصود للغزالي ضد الفلاسفة – وفي الحقيقة ضد ابن سينا- بدا كما لو كان غير كاف ومحدودا ونتيجة لأخطاء ابن سينا، ومن هنا ظهر نقاد أكثر تشددا بدءًا من ابن غيلان حتى ابن تيمية. وهكذا مُحي فكر ابن سينا من الوسط الثقافي السني في المشرق. ولكي نعود لنرى الفلسفة من جديد فيجب أن نوجه أنظارنا نحو الأندلس، حيث ظهر ابن باجة.»[53] وليس هذا الأخير سوى أولى الحلقات الكبرى في تاريخ الفلسفة في هذا الصقع، وقد أتى بعدها ابن طفيل، ثم جاء ابن رشد «قمة الفلسفة ومسك ختامها.»[54] وإذا كان الغزالي قد أسهم في نهاية الفلسفة في المشرق، فإن التعصب الأعمى المتشدد للعلماء والفقهاء هو ما سيُحَول «مسك الختام الرائع لفكر» ابن رشد «إلى نهاية للفلسفة في العالم الإسلامي»،[55]بعد أن انطبعت بالطابع الأرسطي.[56]

والنتيجة التي ينتهي إليها هيرنانديث هي أن ابن رشد، وبسبب مما عاناه من إدانة ونفي، لم يكن لتعليمه ولإسهامه من صدى عند أتباعه من المسلمين، لذلك وجب البحث عن هذا الأثر عند أتباعه اللاتين.[57] وهذه الخلاصة، كما هو ظاهر، ليست سوى استعادة ”كسولة“ لكلام رينان الذي أطلقه أكثر من قرن مضى. ونتصور خطورة إشاعة مثل هذه الأحكام بين الطلبة وعموم القراء والجهد الذي يقتضيه تصحيحها. وفي الواقع، فإن قارئ كتاب هيرنانديث بقدر ما يجد نفسه أمام عناوين كثيرة تعبر عن «انتهاء الفلسفة الأندلسية وتدهورها»[58] و«نهاية الفكر الأندلسي (القرنان 13 و14)»[59] فإنه لا يجد تفاصيل وافية تفسر هذه النهاية المبالغ فيها.

في مقابل الطابع العام لكلام هيرنانديث، أصدر ديمتري غوتاس، من جامعة يال، مقالة متخصصة هامة العام 2002 عن ”دراسة الفلسفة العربية في القرن العشرين: مقالة في كتابة تاريخ الفلسفة العربية.“[60] وتكمن أهمية هذه الدراسة، في تصورنا، في أنها، أولا، محاولة لتقويم عمل تواصل لأزيد من قرن؛ وفي أنها، ثانيا، توقفت بالنقد للرأي الشائع بين الدارسين «أن الفلسفة في الحضارة الإسلامية كانت في أحسن أحوالها فاعلية هامشية، توقفت عن الوجود بعد الضربة القاضية التي يزعم أن الغزالي وجهها لها في القرن الحادي عشر الميلادي.»[61] هذا هو الوجه النقدي لمقالة غوتاس؛ أما وجهها الموجب، أو لنقل دعواه، فهي أن «الفلسفة العربية لم تمت بعد الغزالي (ت.1111)، وأنها لم تكن مجرد فاعليةٍ هامشيةٍ، وموضعَ توجس من قبل ما سمي بأهل السنة. بل لقد كانت حركةً فكريةً قوية ومستقلةً إلى حد كبير، واستمرت لعشرة قرون كاملة – بل قد يقول البعض إن الفاعلية الفلسفية ظلت حية في إيران – ولعبت دورا مركزيا في تشكيل ثقافة رفيعة قبل ابن سينا -ممثلها الأكبر- وخاصة بعد وفاته.«[62]

وليس يخفى على القارئ أن بعضا من عناصر هذه الدعوى سبق أن التقينا بها في دراسات سابقة، خاصة في الفقرة المتعلقة بدي بور. لكن الشيء الذي أثار انتباهنا في مقالة غوتاس هو ذلك النقد اللاذع الذي وجهه لمجموعة من المقاربات التي أُعملت وشُغِّلت في مجال دراسة الفلسفة العربية الاسلامية، وهي المقاربات الاستشراقية والإشراقية أو الغنوصية ممثلة في هنري كوربان والسياسية ممثلة في ليو شتراوس.[63] ولن نقف هنا إلا عند المقاربتين الأولى والثانية وباختصار شديد.

المقاربة الأولى التي ينتقدها غوتاس هي المقاربة الاستشراقية، ويعتبرها تعاني أربعة أعطاب أساسية، فهي، أولا، تقول بصوفية الفلسفة العربية؛ وثانيا، تعتقد بأن الفلسفة العربية مجرد وسيط بين الفلسفتين اليونانية واللاتينية الوسطوية؛ وتزعم، ثالثا، بأن التوفيق بين الفلسفة والدين كان غاية الفلسفة العربية؛ وهي، رابعا، تقول بنهاية الفلسفة العربية مع بابن رشد.[64] وبالطبع، فلن نقف سوى عند هذا العائق الرابع والمؤثر في الدراسات الاستشراقية عند معالجتها للفلسفة العربية.

في تقدير غوتاس، ليس القول بنهاية الفلسفة العربية مع ابن رشد سوى نتيجةٍ طبيعية للقول الاستشراقي بأن تلك الفلسفة لم تكن سوى وسيط بين الفلسفتين اليونانية المتأخرة والسكولائية المبكرة، ونتيجةٍ ضرورية للقول بأن الرشدية هي آخر نظرية من العالم الإسلامي تُؤثِّر في الفكر الغربي الوسيط.[65] هاهنا يجد ديمتري غوتاس ضالته في كتاب خصمه هنري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، الذي زيف هذا الاعتقاد. وبالجملة، فإن غوتاس يتسلم ما انتهى إليه كوربان في تحليلاته (العام 1964) بخصوص مكانة ابن رشد، حيث يوافقه على خطأ الاعتقاد بأن ابن رشد كان «أكبر اسم وأبرز ممثل لما أطلق عليه ”الفلسفة العربية“»، و«أن هذه الفلسفة بلغت معه أوجها وغايتها»، وعلى أن من يعتقد بهذا إنما هو ذاهل تماما عما كان يحصل في الشرق حيث مر عمل ابن رشد دون أن يثير انتباه أحد.[66] هذا، باختصار، قَبسٌ مما صادق عليه ديمتري غوتاس في كتاب كوربان الذي تعرض لأشد النقد وأقذعه عندما وصل إلى الحديث عن مكانة ابن سينا وفلسفته.[67] وبعبارة أخرى، إن تخسيس مكانة ابن رشد في تاريخ الفلسفة الإسلامية من قبل كوربان خدمةً لتصوره الخاص للفلسفة الحقة، فلسفة السهروردي وابن عربي، قد فسح المجال لديمتري غوتاس الذي يدافع، في المقابل، عن مكانة ابن سينا والسينوية. وهنا كان لابد لغوتاس أن يصطدم بكوربان.

وعموما، يمكن أن نقول إن انتقادات غوتاس لمقاربة كوربان قد ذهبت في اتجاهين: أولهما فكُّ الارتباط بين ابن سينا وهذه الفلسفة الإشراقية، التي ليست بالأهمية النظرية حتى تمثل مستقبل الفلسفة العربية الإسلامية بعد ابن رشد. ثم إن اختزال الفلسفة بعد رشد إلى”أحاديث مراهقين“ adolescent talk عن التصوف وتحقيق الذات، من شأنه أن يجعل الاهتمام بها مضيعة للوقت والجهد.[68] أما الاتجاه الثاني، فهو البحث عما يُظهر نجاحات الفاعليات الفلسفية التي كان ابن سينا رائدها في فارس، والتي تبلورت وتطورت لتهيمن على كل العالم الإسلامي إلى حدود العصر الحديث. وهكذا، فقد كان القرن الثالث عشر الذي شهد نهاية فلسفة ابن رشد ”العصر الذهبي“ للفلسفة العربية الإسلامية. وقد كان ابن سينا رائد هذا العصر، كما كان رائدا ومجددا على مستوى النظر الفلسفي حتى قبل العصر الحديث. وبموازاة ذلك، لم يكن ابن رشد سوى ”رجعي“ بالقياس إلى ”تقدمية“ ابن سينا و”عقلانيته“.[69] ثم إن ابن رشد «قد فشل في التأثير على الفلسفة العربية بعد موته، وذلك خلاف ما حصل مع معاصريه [=أبي بكر ابن العربي الحاتمي وموسى ابن ميمون] اللذين أثرا بقوة في التقليدين الإسلامي واليهودي.» [70] وبالجملة، يكاد ألا يكون لابن رشد أي تأثير في الفكر العربي. [71]

وإذا نحن قبلنا بفرضية غوتاس، فإنه يلزمنا أن نقول إن الفلسفة العربية الإسلامية، بعد أفولها في الأندلس، قد غدت سينوية عقلانية. ومن ثم، فإن تاريخ هذه الفلسفة إنما هو، في الواقع، تاريخ الفلسفة السينوية الذي يظهر أكثر وينجلي خاصة بعد موت ابن رشد، الذي لم يكن سوى شارح مشائي غير ذي أثر في المشرق.[72] وعليه، فإن الشاهد الوحيد لعدم موت الفلسفة، بمعناها الصناعي والعقلاني، هو وجود مدرسة أو مدارس سينوية مهيمنة؛ وهي من القوة والنسقية بحيث لا يمكن ردها إلى ”إنشاءات“ السهروردي و”شطحاته“. هذه هي النتيجة التي يستخلصها المرء من متابعة استدلالات غوتاس في أعماله؛ وهي لا تختلف، في تقديرنا، في شيء عن بعض المقاربات الاستشراقية والإشراقية التي انتقدها، لأنها تفضي بنا إلى اختزال شديد للتنوع الذي يفترض أنه كان يؤثث المشهد الفلسفي في العالم الإسلامي؛ كما لو أن هذا العالم لا يمكن أن يكون إلا محكوما بالوحدة والتقليد، وأنه لم يكن بوسعه أن يشهد مقالات فلسفية صناعية متعددة ومتنوعة،[73] بدل المقالة الفلسفية الواحدة، ولو كانت بمكانة المقالة السينوية التي لا أحد يشكك في قيمتها.

خاتمة

حاولنا في هذه الدراسة أن نتتبع منشأ فكرة موت الفلسفة العربية الإسلامية وكيف تبلورت وتشعبت؛ وذلك من خلال النظر في دراسات صادرة عن مستشرقين قدامى ومحدثين. لقد كان الغرض من هذا التتبع، أيضا، أن نكشف عن الصيغ التي اقْتُرحت للخروج من المآزق التي يفضي إليها القول بذلك الموت المزعوم. وبناء على فحصنا لمجموعة من الأدبيات المركزية في الموضوع، تبين لنا أن كل شيء، بخصوص ذلك الموت، قد حصلت هندسته في القرن التاسع عشر؛ أي في وقت كان الاحتكاك بمصادر الفلسفة الإسلامية ما يزال يتحسس خطواته الأولى، وحيث كان أغلب النصوص الخاصة بالأعلام، موضوع حديثنا، ما يزال مخطوطا، بل كان يعتقد أنه ضائع، بينما هو لم يكتشف بعد. وأغلب المعارف والأحكام كان صادرا من التقاليد المعتمدة على الترجمات العبرية واللاتينية، التي صارت المصدر الأساس للفلسفة العربية. ولهذا، لما بدأت الدراسات في التأريخ للفلسفة في العالم العربي الإسلامي بدا للناس وكأن ابن رشد هو آخر فيلسوف فيه، وبموته تنتهي قصة الفلسفة التي لم تعمر طويلا بسبب ضيق الدوائر الدينية والفقهية بها. فشرعوا في افتراض الأسباب، ولم يظهر في المشهد في ذلك الحين سوى تهافت الفلاسفة خصوصا، والفكر الاشعري عموما. فكانت نتيجة النظر هي أن الفلسفة في الإسلام قد انتهت بسبب الغزالي الذي ضمن انتصارا لتلك الدوائر. وفي أحسن الأحوال، لم يكن الفلاسفة الذين ظهروا في الغرب الإسلامي سوى مراحل موت متأخر، لكنه محتوم. وكأن الغزالي لم يقتل الفلسفة التي كانت قبله فقط، وإنما تلك التي جاءت بعده أيضا؛ إذ بسبب تلك الفتوى التي توجد في آخر التهافت أدار العالم الإسلامي ظهره للفلسفة. هذه هي الصورة العامة التي تكرست منذ القرن التاسع عشر. ورغم المراجعات الجادة التي بدأت مبكرا، أيضا، فإنها لم تتمكن من الصمود بقوة أمام الدعوى الأولى؛ وذلك بسبب من الخصاص في النصوص أساسا، فضلا عن أسباب أخرى لا مجال لذكرها هنا. ويمكن القول إن الوضع قد استمر على ما هو عليه إلى أن جاء هنري كوربان ليرسم مجرى مختلفا للفلسفة الإسلامية، ويخطط لمرحلة جديدة من التأريخ للفلسفة في العالم الاسلامي، بل ويغير من مفهوم الفلسفة الإسلامية ذاته. إن الموت الذي دأب الناس على الحديث عنه لا يهم إلا فلسفة بعينها، وهي الفلسفة العربية المشائية، وهي قد انتهت فعلا مع ابن رشد. هنا يلتقي كوربان مع رينان. أما الفلسفة الإسلامية الحقة فقد بدأت مباشرة بعد موت أبي الوليد. وهذه الدعوى الجديدة بقدر ما بدت واعدة في البداية، إذ فتحت نافذة ما للتخلص من أحكام استشراق القرن التاسع عشر، خاصة بعد اكتشاف قارة جديدة من النصوص الإسماعيلية والشيعية التي لم تكن معروفة قبل، فإنها قد تلقت نقدا شديدا منذ البداية، بسبب من ذلك المفهوم الجديد للفلسفة، وبسبب من المبالغات التي شابتها. وهنا ظهرت دعوى مركزية أخرى، وهي أن الفلسفة في الإسلام لم تكن هامشية ولم تمت ولم تعوضها الفلسفة الإشراقية، بل ظلت حية والدليل وجود فلسفة سينوية عقلانية قوية جدا. أما ابن رشد فلم يكن له أي تأثير ذي بال. هذه هي النتيجة التي انتهى إليها مسار الدراسات الاستشراقية الذي استعرضناه بتلويناته وجوانبه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1]– للوقوف على عينة من هذه الدراسات الهامة والتي أسهم فيها كل من جورج صليبا وتوني ستريت ورُبرت فيسنوفسكي وديمتري غوتاس وآخرين انظر: جورج صليبا، الفكر العلمي العربي: نشأته وتطوره (طرابلس: منشورات جامعة البلمند، 1998) الفصل الرابع خاصة، والذي يحمل عنوان ”مرحالية [=تحقيب] الفكر العلمي العربي،“ ص 163-189. وقد أعاد بلورة الأطروحة الموجودة في هذا الفصل في عمل صدر لاحقا: George Saliba, Islamic Science and the Making of the European Renaissance (Cambridge-London: The MIT Press, 2007) 1-25; (ترجم هذا العمل إلى العربية محمود حداد بعنوان: العلوم الإسلامية وقيام النهضة الأوربية (أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث- كلمة، 2011) والترجمة لا يعول عليها)

 Dimitri Gutas, “The Heritage of Avicenna: The Golden Age of Arabic Philosophy, 1000-ca.1350,” in J. Janssens and D. De Smet (eds.), Avicenna and his Heritage. Acts of the International Colloquium, Leuven—Louvain-La-Neuve September 8-September 11, 1999 (Leuven: Leuven University Press, 2002): 81-97; Tony Street, “Arabic Logic,” in Handbook of the History of Logic, vol. 1: Greek, Indian and Arabic Logic, ed. by D. M. Gabbay and J. Woods (Amsterdam: Elsevier, 2004): 523-596; Robert Wisnovsky, ‘The Nature and Scope of Arabic Philosophical Commentary in Post-Classical (ca 1100-1900) Islamic Intellectual History: Some Preliminary Observations,’ in Philosophy, Science and Exegesis in Greek, Arabic and Latin Commentaries, ed. by P. Adamson, H. Baltussen and M. W. F. Stone, vol. 2 (London: Institute of Advanced Studies, 2004): 149-191.

وقد ركزت دراسات أخرى على القرن السابع عشر الذي يعتبر، وفق أدبيات النهضة، نموذج عصر الانحطاط. انظر على سبيل المثال الدراسات الآتية:

Justin Stearns, “‘All Beneficial Knowledge is Revealed’: The Rational Sciences in the Maghrib in the Age of al-Yūsī (d. 1102/ 1691),” Islamic Law and Society 21 (2014): 49-80; id, “Writing the History of the Natural Sciences in the Pre-modern World: Historiography, Religion, and the Importance of the Early Modern Period,” History Compass 9 (2011): 923-51; Khaled El-Rouayheb, Islamic Intellectual History in the Seventeenth-Century: Scholarly Currents in the Ottoman Empire and the Maghreb (Cambridge: Cambridge University Press, 2015).

[2] – ونشير هنا إلى جهود جورج صليبا نفسه، وإلى أعمال رشدي راشد.

[3] – ونشير هنا إلى جهود ديمتري غوتاس ومن نهج نهجه.

[4] Abdelhamid I. Sabra, “The Appropriation and Subsequent Naturalization of Science in Medieval Islam: A Preliminary Statement,” History of Science 25 (1987): 223–243, p. 243, n. 22.

[5] – لا نجد في كتابات القرون الوسطى التي اطلعنا عليها حديثا مباشرا عن الموت الذي يفترض أن يكون تهافت الفلاسفة قد سببه للفلسفة؛ لكننا، في مقابل ذلك، نجد كلاما إلى نهوض الغزالي إلى الرد على الفلاسفة دفاعا عن الدين. يقول تاج الدين السبكي – المعروف بمبالغاته- عن أبي حامد إنه: »جاء والناس إلى رد فرية الفلاسفة أحوج من الظلماء لمصابيح السماء، وأفقر من الجدباء إلى قطرات الماء؛ فلم يزل يناضل عن الدين الحنيفي بجلاد مقاله، ويحمي حوزة الدين، ولا يلطخ بدم المعتدين حد نصاله، حتى أصبح الدين وثيق العرى، وانكشفت غياهب الشبهات، وما كان إلا حديثا مفترى. « طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، الجزء السادس (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1964) ص 193.

[6] – وهو ما سنفرد له قولا مخصوصا.

[7] Renan  a dit : « Quand Averroès mourut, en 1198, la philosophie arabe perdit en lui son dernier représentant, et le triomphe du Coran sur la libre pensée fut assuré pour au moins six cents ans. » Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme. Essai historique, 4ème édition revue et augmentée (Paris : Calmann Lévy, 1882) p. 2. بعملية حسابية بسيطة يغدو العام 1798، وهو تاريخ غزو نابليون مصر، تاريخا لاستعادة الفكر الحر زمام المبادرة، حسب تقويم رينان!

[8] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 36-37 ; cf. Id, L’Islamisme et la Sciences (Paris : Calmann Lévy, 1883) p. 12.

وقد اتخذت تلك المعادلة عنوان ”مفارقة ابن رشد“؛ وهي التسمية التي اشتهر بها الراحل مراد وهبه في مصر منذ سبعينيات القرن الماضي، ومفادها أن ابن رشد حيٌّ في الغرب ميتٌ في الشرق، رائدٌ للتنوير في أوروبا بينما هو مضطهدٌ بين أهله. انظر:

Mourad Wahba, “The Paradox of Averroes,” ARSP: Archiv für Rechts- und Sozialphilosophie / Archives for Philosophy of Law and Social Philosophy 66 (2, 1980): 257-260, p. 257. ولا يتسع المقام هنا للوقوف على امتدادات هذه المفارقة التي هي إيديولوجية أكثر منها علمية أو تاريخية في الدراسات العربية والغربية، لكن يجدر بنا أن نشير أن الدارسة الألمانية أنكي فون كوغلغن في عملها ابن رشد والحداثة العربية: محاولات في تأسيس العقلانية في الإسلام (بالألمانية، 1994) قد اعتبرت مراد وهبه أول من صاغها، حيث عبر في مقالته تلك -والتي هي من أربع صفحات تقريبا- عن كيف أن مذهب ابن رشد قد نجح في تشكيل الرشدية اللاتينية التي أسهمت في نشأة العقلانية الأوربية والتنوير، بينما فشلت الثقافة العربية الإسلامية التي أنتجت ابن رشد في تطوير صيغتها المخصوصة من الرشدية التي يفترض أن تكون موازية للأوروبية. انظر:

Anke Von Kügelgen, Averroes und die arabische Moderne: Ansätze zu einer Neubegründung des Rationalismus im Islam (Leiden-New York-Köln: Brill, 1994) p. 1; and see Stefan Wild, “Islamic Enlightenment and the Paradox of Averroes,” Die Welt des Islam 36 (Nov., 1996): 379-390, p. 380;

[9] Renan, L’Islamisme et la Sciences, p. 13-14.

[10] Renan, L’Islamisme et la Sciences, p. 14. وفي نظر رينان، ابتداء من العام 1275 برزت حركتان للعيان: فقد دخلت البلدان الإسلامية في اسوء انحطاط فكري، بينما كانت أوروبا الغربية تسجل لحسابها خطوات إلى الأمام على هذا «الدرب الطويل من البحث العلمي عن الحقيقة.» ص 13.

[11] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 97-98.

[12] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 37.

[13] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 41. دعوة رينان إلى البحث عن الرشدية عند الأوربيين حصرا ظل صداها يتردد لأمد طويل. ويمكن أن نمثل لذلك بالمستعرب الإسباني كروث هيرنانديز، وسنقف عنده أدناه.

[14] – وإلى هذا كان بدوي قد انتهى في واحدة من مقالاته، حيث يقول بعبارة أكثر جزما: «فإرنست رينان لم يذكر شيئا من هذا في كتابه ابن رشد والرشدية مع أنه اتسع له مجال القول في اضطهاد الفلسفة في المغرب والأندلس (ط. 2 سنة 1962، ص 31-36). ولم يربط مطلقا بين تأثر الموحدين بالغزالي وبين ما وقع في عهدهم من اضطهاد للفلسفة والمشتغلين بها.» ”أوهام حول الغزالي،“ ضمن أبو حامد الغزالي، دراسات في فكره وعصره وتأثيره (الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1988):241-251، ص 241.

[15] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 96.

[16] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 98.

[17] Renan, Averroès et l’averroïsme, p. 99-100.

[18] Salomon Munk, 1803 –1867 ; Marcus Joseph Müller 1809-1874; Moritz Steinschneider, 1816-1907.

[19] Cf. Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme. Essai historique, 4ème édition revue et augmentée (Paris: Calmann Lévy, 1882) p. i.

[20] Philosophie und Theologie von Averroes, aus dem arabischen uebersetzt von Marcus Joseph Müller (In Commission bei G. Franz, 1859).

[21]– هناك نقاش جدي بين الدارسين حول مدى اطلاع إرنست رينان على نصوص ابن رشد في لغتها العربية؛ وما إن كان اطلاعه المقتصر على الترجمات اللاتينية قد أسهم في بلورة تصوره عن فلسفة ابن رشد. انظر: Pierre Thillet, «L’influence de versions latines sur l’interprétation d’Averroès par Renan,» in L’art des confins. Mélanges offerts à Maurice de Gandillac, dir. par Annie Cazenave et Jean-François Lyotard (Paris : PUF, 1985) : 627-642.

ينفي غرهارد أندرس أن يكون رينان على معرفة بنشرة مولر المذكورة. انظر:

Gerhard Endress, «Le projet d’Averroès: constitution, réception et édition du corpus des œuvres d’Ibn Rušd, » in Averroes and the Aristotelian tradition: sources, constitution and reception of the philosophy of Ibn Rushd (1126–1198), Proceedings of the Fourth Symposium Averroicum (Cologne, 1996), edited by Gerhard Endress and Jan A. Aertsen with the assistance of Klaus Braun (Leiden: E.J. Brill, 1999): 3-31, p. 27.

[22] Salomon Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe (Paris : Chez a. Franck, Libraire, 1859).

[23] – ليس هناك ما يثبت أن مونك قد اطلع على نشرة مُلِّر للفصل والكشف ومسألة في العلم الإلهي لابن رشد. انظر:

Endress, «Le projet d’Averroès,» p. 27.

[24] Cf. Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe, p. 334.

[25] Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe, p. 339.

[26] Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe, p. 382-383.

[27] Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe, p.333.

[28] Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe, p.333-334.

[29] Carra de Vaux, Gazali (Paris: Félix Alcan, 1902) p. 82.

[30] – بدوي، ”أوهام حول الغزالي،“ ص 241.

[31] – وقد ترجمه عبد الهادي أبو ريدة العام 1938، ولم تنجز الترجمة الإنجليزية لهذا الكتاب إلا في العام 1967.

[32] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة عبد الهادي أبو ريدة، ط. 3 (بيروت: دار النهضة العربية، 1945) ص 357.

[33] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 357- 360.

[34] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 359.

[35] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 358. استمر ربط تقليد الحواشي والمختصرات بانحطاط الحياة الفكرية في الإسلام في دراسات لاحقة، وبتأثير من دي بور. انظر مثلا: Montgomery Watt, Islamic philosophy and theology (Edinburgh: Edinburgh University Press, 1981) p. 134.

[36] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 316.

[37] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 399.

[38] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 385.

[39] – دي بور، تاريخ الفلسفة في الإسلام، ص 399.

[40] Charles J. Adams “Corbin, Henry,” in Encyclopedia of Religion, second edition, ed. by Lindsay Jones, vol. 3, (Detroit-New York: Thomson Gale, 2005) p. 1984.

[41]– عبد الرحمن بدوي، ”نظرة جديدة في الفلسفة الإسلامية،“ المجلة، ع 95 (1964): 15-19، ص 16.

[42]– عبد الحكيم أجهر، أبو البركات البغدادي: بناء العالم على مسائل الدين ودرس في الهوية (الدار البيضاء- بيروت: المركز الثقافي العربي، 2011) ص 18.

[43]– هنري كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، منذ الينابيع حتى وفاة ابن رشد (1198)، ترجمة نصير مروة وحسن قبيسي وراجع وقدم له الإمام موسى الصدر والأمير عارف تامر، ط. 2 (بيروت: عويدات للنشر والطباعة، 1998) ص 358. وانظر أيضا:

Henry Corbin, « En orient, après Averroès…,» in Jean Jolivet (éd.), Multiple Averroès (Paris : Les Belles Lettres, 1978): 323-329, p. 323-324.

[44]– كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، منذ الينابيع حتى وفاة ابن رشد (1198)، ص 357-358.

[45] Henry Corbin, « En orient, après Averroès…,» p. 324.

[46] Henry Corbin, Histoire de la philosophie islamique (Paris : Gallimard, 1986) p.351-352.

وتضم هذه الطبعة جزءا ثانيا لا يوجد في الطبعة الأولى من الكتاب، وغير مترجم إلى العربية، ويتعلق بـ ”منذ وفاة ابن رشد إلى أيامنا هده“. وكما هو واضح، فإننا نحيل على الترجمة العربية عندما يتعلق الأمر بالجزء الأول، وعلى الطبعة الفرنسية الجديدة والكاملة عندما يتعلق الأمر بالجزء الثاني.

Henry Corbin, « En orient, après Averroès…,» p. 324.

[47]– كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، منذ الينابيع حتى وفاة ابن رشد (1198)، ص 272.

[48]– كوربان، تاريخ الفلسفة الإسلامية، منذ الينابيع حتى وفاة ابن رشد (1198)، ص 279-280.

[49] Corbin, Histoire de la philosophie islamique, p. 352.

[50] Henry Corbin, « En orient, après Averroès…,» p. 324.

[51]– صدرت الطبعة الأولى العام 1981، أما الطبعة الثانية فقد صدرت معدلة ومنقحة العام 1995. انظر: كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، ثلاثة مجلدات، ترجمة عبد العال صالح (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2009-2013).

[52]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الأول: منذ البدايات حتى القرن الثاني عشر، ص 35.

[53]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الأول: منذ البدايات حتى القرن الثاني عشر، ص 531. (والتشديد منا). والظاهر أن هيرنانديز غير متابع لما حصل من مستجدات في ملف فلسفة ابن سينا ومدرستها في العالم الإسلامي السني، فضلا عن الشيعي، وإلا لما تحدث عن نهايتها. يمكن العودة إلى دراسات فيسنوفسكي للوقوف على ما نقول.

[54]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني: الفكر الأندلسي ما بين القرنين التاسع والرابع عشر، ترجمة عبد العال صالح طه (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2013) ص 281.

[55]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني، ص 371.

[56]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني، ص 443.

[57]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني، ص 371.

[58]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني، ص 371.

[59]– كروث إيرنانديث، تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، المجلد الثاني، ص 443.

[60] Dimitri Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century. An Essay on the Historiography of Arabic Philosophy,” British Journal of Middle Eastern Studies 29 (2002): 5-25.

وفي حدود ما نعلم، ترجمت المقالةُ ترجمتين إلى العربية: أولاهما تحتاج مراجعة شاملة لكثرة ما ورد فيها من الأخطاء في النقل؛ والثانية فيها غير قليل من الاجتهاد والزيادات على أقوال غوتاس والبتر منها أحيانا، بشكل يجعل الاعتماد عليها غير مأمون.

[61] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 5.

[62] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 6.

وللإشارة فقد كان المستشرق المجري إغناس غولدسيهر Ignàc Goldziher قد كتب العام 1916: «ظلت دائما طائفة من أهل السنة المتشددين تنظر في شيء من الشك وعدم الثقة والاطمئنان.» انظر: اجنتس جولدسيهر، ”موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل،“ ضمن التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: دراسات لكبار المستشرقين، ألف بينها وترجمها عبد الرحمن بدوي (بيروت: دار القلم، 1980) ص 124- 125 [صدرت الطبعة الأولى عام 1940]. ومواضع كثيرة من هذه المقالة. وغوتاس، وإن كان لا يذكر غولدسيهر، فإن مواضع من مقالة بمثابة رد عليه.

[63] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 8.

[64] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 8.

[65] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 15.

[66] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 15.

[67] Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p 16-19.

[68] Cf. Gutas, “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century,” p. 18.

ويمكن أن نذكر أن رُبرت فيسنوفسكي  Robert Wisnovskyينتقد هو أيضا مقاربة كوربان، وإن كان أكثر تلميحا؛ فهو وإن كان يعمد إلى إبطال بعض الدعاوى المركزية عند هذا الأخير فإنه لا يأتي على ذكره. فهو مثلا يشدد على الاختلاف الجذري بين ابن سينا والسهروردي (والشيرازي) بخصوص مفهومي الماهية والوجود؛ وأن من شأن الخلط بينهما أن يجعل السينوية «مصطلحا تافها». انظر:

Robert Wisnovsky, ‘‘Avicenna and the Avicennian tradition,’’ in The Cambridge Companion to Arabic Philosophy, ed. by P. Adamson and R. Taylor (Cambridge, Cambridge University Press: 2004): 92-136, p.111.

[69] – ليست فلسفة ابن رشد في تقدير غوتاس سوى موقف رجعي محافظ في وجه الإنجازات العظيمة للعلوم والفلسفة، ممثلة في ابن سينا وفي علماء آخرين.

Dimitri Gutas, Greek Thought, Arabic Culture. The Graeco-Arabic Translation Movement in Baghdad and Early ‘Abbasaid Society (2nd-4th/5th-10th c.) (London & New York: Routledge, 1998) pp. 153-154.

وباختصار شديد، إن تقسيم تاريخ الفكر في العصر الوسيط إلى ما هو رجعي في مقابل ما هو تقدمي، وهو ما يمثله ابن سينا في تقديره، أمر يصعب الدفاع عنه؛ إذ يبدو أنه حصيلة هواجس إيديولوجية متعلقة بصاحبها.

[70] Gutas, “The Heritage of Avicenna: The Golden Age of Arabic Philosophy, 1000 – 1350,” p. 91.

[71] Gutas, Gutas, Greek Thought, Arabic Culture, p. 154.

[72] – وخطورة هذه الخلاصة التي تفضي إليها أقوال غوتاس تكمن في الأثر الذي خلفته، حيث تابع غوتاس في مذهبه الكثير من الدارسين. انظر مثلا موقف سيامس الدين عارف الذي يقرر بكل اطمئنان أن «الفلسفة السينوية قد غدت، بفضل تأثيرها القوي في العالم الإسلامي، هي الفلسفة نفسها».

Syamsuddin Arif “Al-Āmidī’s Reception of Ibn Sinā: Reading al-Nur al-bāhir fī al-hikam al-zawāhir,” in Avicenna and his Legacy: A Golden Age of Science and Philosophy, ed. Y. T. Langermann (Turnhout: Brepols, 2009): 205-218, p. 218.

[73] – وهو ما سنفرد له قولا مستقلا.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بيبليوغرافيا

إيرنانديث، كروث ميغال. تاريخ الفكر في العالم الإسلامي، ثلاثة مجلدات، ترجمة عبد العال صالح (القاهرة: المركز القومي للترجمة، 2009-2013). [صدرت الطبعة الأولى العام 1981].

بدوي، عبد الرحمن. ”أوهام حول الغزالي،“ ضمن أبو حامد الغزالي، دراسات في فكره وعصره وتأثيره (الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1988):241-251.

بدوي، عبد الرحمن. ”نظرة جديدة في الفلسفة الإسلامية،“ المجلة، ع 95 (1964): 15-19.

بدوي، عبد الرحمن. موسوعة الحضارة العربية الإسلامية: الفلسفة والفلاسفة في الحضارة العربية (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1997).

جولدسيهر، إجنتس. ”موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل،“ ضمن التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: دراسات لكبار المستشرقين، ألف بينها وترجمها عبد الرحمن بدوي (بيروت: دار القلم، 1980)  ص 124- 125 [صدرت الطبعة الأولى عام 1940].

دي بور، تيتزي. تاريخ الفلسفة في الإسلام، ترجمة عبد الهادي أبو ريدة، ط. 3 (بيروت: دار النهضة العربية، 1945).

السبكي، تاج الدين. طبقات الشافعية الكبرى، تحقيق عبد الفتاح محمد الحلو ومحمود محمد الطناحي، الجزء السادس (القاهرة: دار إحياء الكتب العربية، 1964).

الصغيّر، عبد المجيد.”المنهج الرشدي وأثره في الحكم على ابن رشد لدى مغاربة القرنين السادس والثالث عشر للهجرة (12و19م)،“ ضمن أعمال ندوة ابن رشد ومدرسته بالغرب الإسلامي، ‏بمناسبة مرور ثمانية قرون على وفاة ابن رشد خلال أيام 21، 22، 23 أبريل 1978 (بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسية والنشر والتوزيع، 1981): 314-349.

صليبا، جورج. العلوم الإسلامية وقيام النهضة الأوربية (أبو ظبي: هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث- كلمة، 2011).

صليبا، جورج. الفكر العلمي العربي: نشأته وتطوره (طرابلس: منشورات جامعة البلمند، 1998).

أجهر، عبد الحكيم. أبو البركات البغدادي: بناء العالم على مسائل الدين ودرس في الهوية (الدار البيضاء- بيروت: المركز الثقافي العربي، 2011).

كوربان، هنري. تاريخ الفلسفة الإسلامية، منذ الينابيع حتى وفاة ابن رشد (1198)، ترجمة نصير مروة وحسن قبيسي وراجع وقدم له الإمام موسى الصدر والأمير عارف تامر، ط. 2 (بيروت: عويدات للنشر والطباعة، 1998).

Charles, Adams, J. “Corbin, Henry,” in Encyclopedia of Religion, second edition, ed. by Lindsay Jones, vol. 3, (Detroit-New York: Thomson Gale, 2005): 1984.

Corbin, Henry. « En orient, après Averroès…,» in Jean Jolivet (éd.), Multiple Averroès (Paris : Les Belles Lettres, 1978): 323-329.

Corbin, Henry. Histoire de la philosophie islamique (Paris : Gallimard, 1986).

El-Rouayheb, Khaled. Islamic Intellectual History in the Seventeenth-Century: Scholarly Currents in the Ottoman Empire and the Maghreb (Cambridge University Press, 2015).

Endress, Gerhard. «Le Projet d’Averroès: constitution, réception et édition du corpus des œuvres d’Ibn Rušd, » in Averroes and the Aristotelian tradition: sources, constitution and reception of the philosophy of Ibn Rushd (1126–1198), Proceedings of the Fourth Symposium Averroicum (Cologne, 1996), edited by Gerhard Endress and Jan A. Aertsen with the assistance of Klaus Braun (Leiden: E.J. Brill, 1999): 3-31.

Gutas, Dimitri. “The Heritage of Avicenna: The Golden Age of Arabic Philosophy, 1000-ca.1350,” in Avicenna and his Heritage. Acts of the International Colloquium, Leuven—Louvain-La-Neuve September 8-September 11, 1999, ed. J. Janssens and D. De Smet (Leuven: Leuven University Press, 2002): 81-97.

Gutas, Dimitri. “The Study of Arabic Philosophy in the Twentieth Century. An Essay on the Historiography of Arabic Philosophy,” British Journal of Middle Eastern Studies 29 (2002): 5-25.

Gutas, Dimitri. Greek Thought, Arabic Culture. The Graeco-Arabic Translation Movement in Baghdad and Early ‘Abbasaid Society (2nd-4th/5th-10th c.) (London & New York: Routledge, 1998).

Müller, Marcus Joseph. Philosophie und Theologie von Averroes, aus dem arabischen uebersetzt von Marcus Joseph Müller (In Commission bei G. Franz, 1859).

Munk, Salomon. Mélanges de philosophie juive et arabe (Paris : Chez a. Franck, Libraire, 1859).

Renan, Ernest. Averroès et l’averroïsme. Essai historique, 4ème édition revue et augmentée (Paris : Calmann Lévy, 1882).

Renan, Ernest. L’Islamisme et la Sciences (Paris : Calmann Lévy, 1883).

Sabra, Abdelhamid I. “The Appropriation and Subsequent Naturalization of Science in Medieval Islam: A Preliminary Statement,” History of Science 25 (1987): 223-243.

Saliba, George. Islamic Science and the Making of the European Renaissance (Cambridge-London: The MIT Press, 2007).

Stearns, Justin. “‘All Beneficial Knowledge is Revealed’: The Rational Sciences in the Maghrib in the Age of al-Yūsī (d. 1102/ 1691),” Islamic Law and Society 21 (2014): 49-80.

Stearns, Justin. “Writing the History of the Natural Sciences in the Pre-modern World: Historiography, Religion, and the Importance of the Early Modern Period,” History Compass 9 (2011): 923-951.

Street, Tony. “Arabic Logic,” in Handbook of the History of Logic, vol. 1: Greek, Indian and Arabic Logic, ed. by D. M. Gabbay and J. Woods (Amsterdam: Elsevier, 2004): 523-596.

Thillet, Pierre. « L’influence de versions latines sur l’interprétation d’Averroès par Renan,» in L’art des confins. Mélanges offerts à Maurice de Gandillac, dir. par Annie Cazenave et Jean-François Lyotard (Paris : PUF, 1985) : 627-642.

Von Kügelgen, Anke. Averroes und die arabische Moderne: Ansätze zu einer Neubegründung des Rationalismus im Islam (Leiden-New York-Köln: Brill, 1994).

Wahba, Mourad. “The Paradox of Averroes,” ARSP: Archiv für Rechts- und Sozialphilosophie / Archives for Philosophy of Law and Social Philosophy 66 (2, 1980): 257-260.

Watt, Montgomery. Islamic philosophy and theology (Edinburgh: Edinburgh University Press, 1981).

Wild, Stefan. “Islamic Enlightenment and the Paradox of Averroes,” Die Welt des Islam 36 (Nov., 1996): 379-390.

Wisnovsky, Robert. ‘‘Avicenna and the Avicennian tradition,’’ in The Cambridge Companion to Arabic Philosophy, ed. by P. Adamson and R. Taylor (Cambridge, Cambridge University Press: 2004): 92-136.

Wisnovsky, Robert. ‘The Nature and Scope of Arabic Philosophical Commentary in Post-Classical (ca 1100-1900) Islamic Intellectual History: Some Preliminary Observations,’ in Philosophy, Science and Exegesis in Greek, Arabic and Latin Commentaries, ed. by P. Adamson, H. Baltussen and M. W. F. Stone, vol. 2 (London, Institute of Advanced Studies, 2004): 149-191.

Arif, Syamsuddin. “Al-Āmidī’s Reception of Ibn Sinā: Reading al-Nur al-bāhir fī al-hikam al-zawāhir,” in Avicenna and his Legacy: A Golden Age of Science and Philosophy, ed. Y. T. Langermann (Turnhout: Brepols, 2009): 205-218.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

للإحالة على هذه المقالة: 

بن أحمد، فؤاد.”في نقد الاستشراق: موت الفلسفة في السياقات الإسلامية،“ مركز أفكار للدراسات والأبحاث(أكتوبر 2018).

– محدد موقع المعلومات URL= https://jfy.pai.mybluehost.me/2018/10/03/في-نقد-الاستشراق/

– نموذج المستندات المحمولة Pdf=

https://jfy.pai.mybluehost.me/wp-content/uploads/2018/10/في-نقد-الاستشراق-3-converted.pdf

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لتحميل المقالة (نسخة PDF) أنقر هنا 

 

فؤاد بن أحمد

يشتغل فؤاد بن أحمد منذ 2009 أستاذا للفلسفة ولمناهج البحث بدار الحديث الحسنية، التابعة لجامعة القرويين، الرباط. وهو عضو في مجموعة من الجمعيات الدولية المتخصصة في الفلسفة والعلوم في العالم الإسلامي، ينصب اهتمام بن أحمد على تاريخ الفلسفة والعلوم العقلية في الإسلام، وخاصة على الفترة التاريخية التي تمتد من زمن أبي حامد الغزالي إلى ما بعد ابن رشد. من منشوراته: - ‘Three Masters and One Disciple: Ibn Ṭumlūs Critical Incorporation of Al-Farābī, al-Ġazālī, Ibn Rušd,’ In Andreas Speer and Thomas Jescke (eds.) Schüler und Meister, 39th KölnerMediaevistentagung (Berlin- Boston: De Gruyter, 2016). - موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، الأعمال الفلسفية الكاملية، الجزء الأول، تحقيق وتقديم وفهرسة فؤاد بن أحمد (بالتعاون مع فدواش نظيرة ويونس أجعون) (بيروت- الجزائر- الرباط: منشورات ضفاف – منشورات الاختلاف- دار الأمان: 2018). - ابن طملوس الطبيب والفيلسوف. سيرة وثائقية (بيروت- الجزائر- الرباط -تونس: منشورات ضفاف – منشورات الاختلاف- دار الأمان- كلمة للنشر: 2017). - ابن طملوس، كتاب الأمكنة المغلطة وكتاب الجدل، تحقيق وتقديم وتعليق فؤاد بن أحمد (بيروت- الجزائر- الرباط - تونس: منشورات ضفاف – منشورات الاختلاف- دار الأمان- كلمة للنشر: 2016). - منزلة التمثيل في فلسفة ابن رشد (بيروت- الجزائر- الرباط: منشورات ضفاف – منشورات الاختلاف- دار الأمان: 2014). - ’طريقة الجدل الفلسفي عند ابن رشد: المنافع والقيم والحدود،‘Mélanges de l’Université Saint Josef، 63، 2010-2011 (صدر في 2012)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى