المقالات

القيم في الشعر العربي :لامية العرب نموذجا

 

مدخل:

        شهد عالمنا خلال نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحالي مجموعة من التغيرات التي قلبت موازين العالم ومعها الأنظمة الاجتماعية، من خلال الاكتساح المهول للتكنولوجيا الحديثة وما رافقها من تغييرات في النظم الاجتماعية  ، فنحن نعيش زمنَ جيمس ويب (JAMES WEBB)، وعصر الذكاء الاصطناعي_ و من مظاهره برنامج شات جي بي تي ( ( CHAT GPT [1] )_ وأصبحنا بموقع السّائل الحائر حيال مواضيع المجتمع والتاريخ والإنسان، في عالم سريع التحوّل والارتقاء من صورة إلى أخرى؛ عالم لا يمكن كبح جماحه في سيرورة التغيير، خاصة في صورته المتشكّلة بالزحف التقنيّ والتكنولوجيّ، حتّى غدونا نتحدّث عن أطروحات “نهاية التاريخ (THE END OF HISTORY)” و “ما بعد الإنسانية (TRANSHUMANISM)” و” المجتمع الرقمي (DIGITAL COMMUNITY)”  [2] ؛ ولقد صدقت نبوءة ستيف كوتش (Steve cutts) [3]حول مستقبل العلاقات الاجتماعية تحت ظل التكنولوجيا ونظرته التشاؤمية التي اعتقد الكثير وقتها أنها مبالغ فيها وتنزع نحو الخيال، غير أننا اليوم نعيش على وقع تداعيات اجتماعية خطيرة كانت لعهد قريب مجرد خيال خطه مخيال كوتس في فيلمه الشهير MAN ) [4]   ).

                  وانضافت إلى معضلة التكنولوجيا ما يعيشه العالم اليوم من صراعات وحروب ونزاعات في شتى بقاع العالم، وأصبح معها العالم يئن جراء ويلات هذه الحروب، التي حولت العالم أو تكاد إلى يباب، فكان لزاما أن تعيش الإنسانية اليوم، صراعا قيميا واضحا زكاه التسويق لما اصطلح عليه اليوم ب «القيم العالمية”، التي أصّلت لها ثلاث قوى متداخلة ومتشابكة تصب مصالحها في معين واحد؛

أولها: الدول الكبرى التي تمتلك في يدها حصة الأسد من القوة والسلطة، ساعية إلى بسط سيطرتها على العالم تحت مسمى القيم العالمية التي تروج لها، بل وتتخذها مطية مشروعة لمزيد من الهيمنة والامبريالية الناعمة.

ثانيها: الشركات الاقتصادية المتغولة التي حاولت تسليع البشرية والدفع بها إلى نوع من السلوكيات المتجهة دوما نحو الإنتاج والاستهلاك بناء على مواثيق العولمة وما تفرضه من جشع.

ثالثها: مؤسسات الأمم المتحدة التي أصبحت هي الأخرى تفرض على العالم منظومات قيمية تخدم مصالح القوى السابقة وتستظل بظلالها، فتحولت بذلك موازين القوى في العالم بفضل ما تحقق لهذه المؤسسات الثلاث من انتعاش غير مسبوق على جميع الأصعدة العسكرية والسياسية والاقتصادية.

فتسللت يدها فطاولت الجانب الفكري والثقافي وكذا السلوك الاجتماعي القيمي، إذ لا يمكن فصل الجانب الاجتماعي عن المجالات الأخرى التي غزتها التكنولوجيا كالصناعة والتجارة والسياسة وكذا منظومة التعليم والقيم، فقد امتزجت هذه الأخيرة مع مختلف التغيرات لتنذر بوضع كارثي لا يمكن تصوره، فتعرضت القيم الإنسانية إلى الكثير من الإقصاء والتهميش والنبذ، فلم تعد الدول تتمتع بذاك القدر الضروري من الخصوصية الفكرية والدينية والحضارية، ففتحت الباب على مصراعيه أمام اكتساح القيم العالمية أو ما اصطلح عليه ب”الشرعية الدولية” التي طالت فيما سبق الجانبين السياسي والعسكري، لتتخذ الحرب هذه المرة بعدا فكريا لتتسلل هيمنتها إلى ما يتعلق بالحقوق والحريات بما فيها حقوق الإنسان والمرأة والطفل ومفهوم الأسرة ومنظومة التعليم،  وباتت تبرز على السطح الفوضى الأخلاقية المستفحلة خاصة في وقتنا الحالي الذي عرف هزة اجتماعية أخلاقية تهدد منظومة القيم، ليستفحل الأمر أكثر فأكثر أمام فشل اجتماعي لمؤسسات التنشئة الاجتماعية خاصة مؤسستا الأسرة والتعليم وسط شلل تام لباقي المؤسسات، فبتنا ننتظر مستقبلا مجهولا وضبابيا  يزداد الأمر معه سوءًا، إذ نسجل غيابا تاما للوعي بخطورة هذه المستجدات ،وكذا غياب الوعي بالقيم الملائمة لخصوصياتنا الحضارية،  لذا فنحن نقول مع المفكر المغربي  المهدي المنجرة:  “أن يكون الانسان واعيا بقيمة القيم فتلك قيمة في حد ذاتها “[5] لذلك فلا عجب إن أصبح موضوع القيم من المواضيع التي استأثرت باهتمام الباحثين على تعدد مذاهبهم ومشاربهم الثقافية والأيديولوجية والفكرية ،خاصة وأنه موضوع يرتبط أساسا بفطرة الإنسان في تعدّده النفسي و الاجتماعي والثقافي، ولعلنا نركز بشيء من التفصيل في مقالتنا هاته على البعد الثقافي ، بالذات ما يرتبط بالشعر القيمي في  لامية العرب .

الشعر والقيم: إلماعة.

        تعتبر القيم في الشعر بصفة عامة وفي الشعر الجاهلي بصفة خاصة من أهم المواضيع التي روج لها الشعراء في شعرهم، لما لها من أهمية عظيمة وسمت قصائدهم كما وسمت فِعالهم، حتى غدت أصواتا تتغنى بالأمجاد وبالقيم الإنسانية التي مجدها العرب؛ فهي مرآة تعكس اتجاهاتهم تجاه السلوكيات المقبولة أو المرفوضة في ظل القيم التي تواضعت عليها القبيلة   في زمن ومكان محددين. إنها قيم كونية راقية تترجم تلك العلاقة المتينة التي تربط أفراد القبيلة الواحدة بوشائج قوية دفعتها إلى التحلي بجملة من الأخلاق التي تغنى بها الشاعر العربي كالكرم والشجاعة والغيرة والسلم والحب والدعوة إلى التعاون والتسامح والصدق والوفاء وكتمان الأسرار وحفظ الأمانة والقناعة والزهد والفطنة والكياسة والتعقل، ومنها العدل والإنصاف والذوق الراقي والحِلم والصبر والتؤدة إلى غير ذلك من القيم، كما ترفعوا عن مجموعة من المثالب كاللؤم والبذاءة اللفظية والحسد والشح والبخل والجبن… إلخ.

       لذا فلا غرو أن يتسابق العرب إلى الخصال الحميدة ويتجنبوا كل ما من شأنه أن يجلب عليهم معرة داخل المجتمع القبلي عن طريق الشعر، إيمانا منهم بأثر الشعر في بعده التربوي والأخلاقي والجمالي، ولما تلعبه هذه القيم في بناء المجتمعات باعتبارها منظومة متكاملة توجه سلوك الفرد و الجماعة كما هو مذكور، ولعل ما للشعر من المكانة والمثابة قال نبي الأمة عليه الصلاة والسلام مخاطبا حسان بن ثابت: ” والله لشعرك أشد عليهم من وقع السهام في غلس الظلام [6] ” ،ولكون الشعر ذاك القالب الفطري الذي أفرغ فيه الشعراء تاريخهم وأيامهم ومفاخرهم ودرر حكمهم فقد نقلوا إلينا كل ما يخص حياتهم وعواطفهم وأحاسيسهم يوقعونها بنغم منتظم، تحمل تارة زفرات حرَّى يفصح عنها صدر تَلَوَّى بالألم،  وتارة حكمة عميقة كانت نتاج حنكتهم في الحياة، بل كثيرا ما نجدهم يخلدون عواطف أمة بأكملها حتى لتتلمس قصائدهم قد غدت مخلدة في عقول من تقدمهم من الأمم، لهذا يمكن اعتبار الشعر سجلا تاريخيا موثوقا لحياة العربي رصد بكل دقة الجانب السياسي والثقافي والاجتماعي فضلا عن الحضور القوي للقيم في هذا السجل الأدبي، لذا كان حضور الشعر لدى العرب حضورا لافتا  لعب دورا كبيرا في نقل مناقبهم ومثالبهم كما استعمل وسيلة لتمجيد قيمهم وحكمهم السائرة؛ يقول الجاحظ ” كل أمة تعتمد في استيفاء مآثرها، وتحصين مناقبها، على ضرب من الضروب وشكل من الأشكال، وكانت العرب في جاهليتها تحتال في تخليدها بأن تعتمد في ذلك على الشعر الموزون ، والكلام المقفى، وكان ذلك هو ديوانها ” [7] ،لذا فنحن نجد الكثير من أقوال السلف الصالح الذين يحضون على قراءة الشعر وحفظه، فها هو الخليفة أبو بكر رضي الله عنه يدعو إلى تعليمه لارتباطه  بمكارم الأخلاق، كما سار على نفس النهج الخليفة الراشدي الثاني عمر بن الخطاب الذي يقول:  “تحفظوا الأشعار وطالعوا الأخبار فإن الشعر يدعو إلى مكارم الأخلاق ويعلم محاسن الأعمال ويبعث على جليل الأفعال ويفتق الفطنة ويشحذ القريحة ويزجر عن مواقعة الريب ويحض على معالي الرتب[8] .ومما لا شك فيه أن هناك إجماعا على كون الشعر العربي يعج بقيم نبيلة جرت على ألسنة الشعراء وقد لجأت العرب إلى “الغناء بمكارم أخلاقها وطيب أعرافها وذكر أيامها الصالحة وأوطانها النازحة وفرسانها الأنجاد و سمائحها الأجواد لتهز أنفسها إلى الكرم وتدل أبناءها على حسن الشيم “[9] ،متفاخرين بما وصلوا إليه من عظيم الأخلاق وجميل الصفات وسماحة النفوس،  التي تعتبر عنوان العراقة والعروبة  لما لها من  دور كبير في تطهير النفوس البشرية من مختلف الأمراض التي تجره إلى اقتراف الشرور والآثام ولعلنا نعي جيدا الوظيفة الحضارية للشعر العربي القديم، الأمر الذي جعل القدماء والمحدثين يحيطونه بهالة من القداسة والتعظيم، ونحن أحوج ما نكون إلى الوقوف على هذه القيم ودراستها علها تكون نبراسا نستنير به في ظل القطيعة الأخلاقية التي بات يعيشها جيل اليوم مع القيم والمبادئ السمحة التي كرسها الإسلام ونادى إليها، ومن أهم القيم التي أولاها الشعراء مكانة عظيمة في مجتمعاتهم القبلية:

          الكرم، ويعتبر من أفضل الصفات التي على العربي الاتصاف بها، وقد فرضتها طبيعة الصحراء القاسية، فكان لزاما على المثرين من العرب تقديم يد العون للفقراء وعابري سبيل والذين يقعون كثيرا حتى رحمة بطش الصحراء وقسوتها، وقد استفاض الشعراء في ذكر أهمية هذه القيمة ومكانتها، بل اعتبرها البعض وسيلة لنيل مكانة اجتماعية مرموقة وكسب حب وشكر المحيطين به ونيل السيادة والقيادة فهذا حاتم الطائي يقول:

يقولون لي: أهلكتَ مالَكَ فاقتصدْ   //  وما كنتُ، لولا ما يقولون سيّدا[10]

       لهذا فقد اقترنت خصلة الكرم بأسماء الأجواد الأسخياء منهم وتقصّد الشعراء المبالغة في مدحهم والثناء عليهم، وفي المقابل لم يتوانوا عن ذم البخلاء منهم، معتبرين البخل نشازا في العرف الاجتماعي العربي يُعرِّض صاحبه لأقدح الصفات، كما يتعرض للنبذ والاحتقار والسخرية والهجاء والازدراء، فتلحقه سبة غليظة لا يسترها جميل فعل أو بليغ قول، بل يعتبر نقيصة عظيمة لا تلحق صاحبه بل تتعداه الى قبيلته وعشيرته؛ قال الحطيئة:

تَشَاغَلَ لَمَّا جِئتُ في وَجْه حاجَتي // وأطرق حتى قلت قد مات أو عسى

وأَجْمَعْتُ أنْ أَنْعاهُ حينَ رَأَيْتُه // َفُوقُ فَوْقَ المَوْتِ حَتَّى تنَفَّسا [11]

فأدركوا يقينا أن من يجد يحمد ومن يبخل يذم[12] ،وهذا ما أشار إليه علقمة الفحل قائلا: والجود نافيةٌ للمال مهلكةٌ  // والبخل مبقٍ لأهليه مذمومُ

والحمد لا يُشترى إلا له ثمنٌ // مما تضن به النفوس معلوم[13]

        هذا وتناول الشعر العربي القديم قيمة الشجاعة والإقدام، واعتبرها من الخصال التي تكمل هيبة الرجل وتجعله يصل الى مرتبة السيادة والقيادة ،وقد أولى العرب أهمية لهذه القيمة نظرا لما غنموه منها في حياتهم ومعاشهم، إذ من المفروض أن يتصف بها كل عربي نظرا لطبيعة الصحراء القاسية وعادة إغارة القبائل على بعضها، فهي مظهر من مظاهر الحياة نشأت نتيجة عوامل اجتماعية وأخلاقية وحربية، فهذه القيمة إذن تفرد بها الإنسان العربي و وأكسبته الإقدام والقوة والصبر والأناة والرزانة والتعقل وعزة النفس فكان من غاياتها الذود عن القبيلة وصيانة شرفها وحماية محارمها، لذا فقد تغنى الشعراء بالفروسية والنجدة وعدّوها من أوجب القيم الداعية إلى الافتخار والتباهي دون غض الطرف عن مظاهرها المتمثلة في الأنفة والحمية ونبذ الذل والهوان؛ يقول عنترة بن شداد:

فعيشكَ تحت ظلّ العزّ يوما  // ولا تحت المذلّة ألفَ عامِ[14]

فشجاعة العرب جعلتهم يفضلون القتل وإزهاق الروح على حياة الذل والهوان، فكثيرا ما كانوا يتغنون بعزتهم وأنفتهم، غير أن أعجب صفة يمتازون بها، وهو مظهر جلي للشجاعة لا تخطئه العين، هي اتصاف شبابهم وشيبهم بالجرأة والشكيمة فما إن يُدعوا إلى القتال إلا وهبوا جماعات وفرادى مستلين سيوفهم، مجهّزين خيولهم غير عابئين بالموت والهلاك، خاصة ما عرف عنهم من حمية وسرعة انفعال، وهي أشد عند البدو منهم؛ يقول طرَفَة بن العبْد:

قُدُمًا تَنضو إلى الدّاعي إذا  // خَلَّلَ الدّاعي بدعوى ثمَّ عَمْ

بشبابٍ وكهولٍ نُهُدٍ // كلُيُوثٍ بين عِرِّيسِ الأجَمْ[15]

ومن الصفات التي تغنى بها الشعراء ومجدوها الفروسية، فالفارس العربي يجد أكثر لحظاته سعادة حين يحمى الوطيس وتشتد الخطوب ويعلو الغبار وتختلط الأصوات وتدق الطبول، فلا تراه إلا صارخا ملبيا النداء مدافعا عن حياض قبيلته أو ملبيا نداء المستنجد مسارعا إلى غوثه جلدا صبورا ثابتا لا تلين له شكاة، وفي ذلك يقول الأفوه الأودي:

وإذا الأمور تعاظمت وتشابهت// فهناك يعترفون أين المفزع؟

وإذا عجاج الموت ثارَ وهلهلتْ // فيه الجياد إلى الجياد تَسَرَّعُ

كنا فوارسها الذين إذا دعا// داعي الصباح به إليه نفزع[16]

      فالفروسية مظهر آخر من مظاهر الحياة التي فرضتها الطبيعة العربية، فقد تغنى الشعراء الفوارس بهذه الصفة وأشادوا بما تميزوا به من أخلاق رفيعة قَلَّ أن تجتمع في رجل واحد، ففضلا عن الشجاعة والقوة فهو يتميز أيضا بالفتوة والكرم والمروءة والنجدة وصفاء السريرة بهذه الصفات وغيرها حفظت الذاكرة العربية مجموعة من القصص وبطولات مجيدة لأسماء بعض الفرسان الذين عرفوا بالفروسية، وكان من أشهرهم عنترة بن شداد العبسي وامرؤ القيس وكذا المهلهل بن ربيعة التغلبي…

      ومن القيم الأخرى التي ارتبطت بحياة العربي وصدح عاليا مفاخرا بها، عزة النفس والصبر على الجوع، فلا مهرب له من الطوى، لأن طبيعة الصحراء محدودة الموارد تكثر فيها النزاعات القبلية حول موارد الماء النادرة والكلإ، فينشب الجوع أظافره فيهم، فكانت قيمة الإيثار على الذات من أرقى القيم التي احتفى بها العربي وترنم بها في أشعاره وجعلها فضيلة أخلاقية تسمو على كل القيم، خاصة في مواسم الجدب والجفاف، فها هنا الشنفرى الأزديّ يقول ملء فيه:

وإِنْ مُدَّتِ الأيْدي إِلى الزَّادِ لَم أكُنْ // بأعْجَلِهِمْ، إذْ أشْجَع القوْمِ أَعْجَلُ

أُدِيمُ مِطَالَ الجوعِ حَتَّى أميتهُ// وأضْرِبُ عَنْه الذِّكرَ صفْحا فأَذْهلُ[17]

ولا بد للصبر على الجوع والتجلد عليه من قيم أخرى تسنده وتزكيه لتستقيم أمور الإنسان العربي الذي يعيش في إطار اجتماعي قبلي محكوم بمجموعة من المعايير القيمية، التي لابد من استيفائها وإلا تعرّض المرء للانتقاص والهجو والازدراء والتجريح، ومن هذه القيم قيمة الوفاء والبر بالعهود، إذ هي خصلة أولاها العربي كبير اهتمام ورعاية، بدءاً بالوفاء لمن يُجارون مرورا بالوفاء لمن يُعاهَدون؛ يقول عَدِيُّ بنُ زيْدٍ في هذا الصدد:

وما خُنْتُ ذَا عهْدٍ وَأُبْتُ بِعَهْدِهِ // ولَمْ أحْرِمِ المُضْطرَّ إذْ جاء قانِعَا[18]

ولنا في الوفاء لمن يحبون قصص خالدة وفريدة ما تزال تتناقلها الألسن، ويكفي هنا أن نذكر قصة عنترة بن شداد مع ابنة عمه عبلة وقصة المرقّش مع ابنة عمه أسماء وغيرهما كثير…

ولعل أشهر قصص الوفاء لمن يصفونهم لثقتهم ولعهدهم قصة السّموأل العجيبة، الذي ضرب به المثل حتى قيل: “أوفى من السموأل”، وإليه تنسب أبيات تشير الى هذا الوفاء العجيب؛ يقول:

وَفَيْتُ بأدْرُعِ الكِنْدِيِّ إنّي  // إذا ما خانَ أقوامٌ وَفَيْتُ[19]

فقصص الوفاء عند العرب فريدة عجيبة تجاوزت الوفاء للأحباب والعشيرة إلى الوفاء لأهل عصبيتهم، إذ لا يمكن لهم أن يخالفوهم مهما كانت درجة الخلاف، وهكذا قدّس العرب الأمين وتناقلوا سير الأوفياء ومدحوهم وأعلوا رتبهم وتناشدوا شيمهم، وفي المقابل مقتوا الغدر واعتبروه من خوارم المروءة والرجولة، وكثيرا ما كانوا يعمدون إلى التشهير بالغادر وفضحه [20] .

    ومن القيم التي شاعت في صفوف العرب، الموجِبة للافتخار والاعتزاز، قيمُ الرّزانة والحلم والحزم والوقار والسّمت الحسن، فإننا نلمسها عند أهل الصدق والشرف والسيادة؛ ينالها العربي عن طريق الترفع عن الأحقاد والضغائن والفظاظة والغلظة؛ يقول عنترة:[21]

لا يحملُ الحقدَ من تعلو به الرُّتَبُ  // ولا ينال العُلا مَنْ طَبْعُه الغضبُ

ومن مظاهر الحزم والوقار أيضا البعد عن الهوى والشهوات والغضب، لأنها تبعد المرء عن العدل والكياسة والحكمة والتبصر؛ يقول عمْرُو بنُ مَعْدِ يَكْرِب:[22]

وكيفَ تريدُ أن تُدعى حكيماً // وأنت لكلّ ما تهوى تَبوعُ؟

     القيم ولامية العرب :

  تلك بعض القيم التي تغنى بها الشاعر العربي، مشيداً بها، جاعلاً إياها موضوعاً من موضوعاته المطروقة في شعره، ولسوف نحاول فيما تبقى من هذه المقالة_ خشية الإطالة_ التركيز على القيم الأخلاقية في شعر الصعاليك، إيمانا منا بأن شعر هذه الطائفة لن يخلو مثل سابقاتها من القيم الرفيعة، بالرغم مما تحمله الصعلكة من صفات سلبية، فهي وسيلة للقتل والسطو والسلب ولكنها في المقابل ظاهرة أبان فيها من انتسبوا إليها، من الشعراء خاصة، عن قيم إيجابية لا تقل أهمية عن القيم المتعارف عليها. وإننا بهذا القول لا ندعو إلى تبني هذا النمط في الحياة، كما لا نشجع أبناءنا على التصعلك، إنما أردنا تحقيق بعض الإنصاف لهذه الثلة من المتمردين على قوانين القبائل غير المتوائمة مع مبادئهم منهم شاعرنا الشّنفرى الذي يعتبر واحدا من الصعاليك الذين عرفوا بسوء الأخلاق لكثرة قتلاه وأسلابه، والحال أن شعره صورة حية وناصعة عن الشجاعة والإقدام والأناة والصبر والتجلد والكرم، وهي فضائل مجّدها الإسلام فيما بعد.

نبذة عن حياة الشنفرى:

      هو من الشعراء الذين لمع اسمهم في سماء الشعر وشغل العالم بشخصيته الفريدة وشعره الذي حمل الكثير من قيم ومبادئ وأخلاق العرب، خاصة في لاميته الشهيرة التي سميت باسم العرب قاطبة، للتعبير عن هذه الشمولية، والتي تعتبر من عيون الشعر  العربي؛ وقد اختلف قديما وحديثا حول اسم الشنفرى ونشأته وأسباب صعلكته، لكن على الأرجح هو ثابت بن أوس الأزدي، يماني قحطاني، من فحول الطبقة الثانية، توفي سنة 70ق ه/525م. لقب بالشنفرى لغلظ في شفتيه، إذ ورث بعض صفات أمه الحبشية فنبذه والده فتصعلك، وقيل بسبب حدة طباعه، لهذا استبعدته قبيلته فأصبح من الخلعاء بسبب أعماله المنافية للعرف القبلي، وأيا كان السبب فقد عرف عنه أنه يسلب القوافل لا لنفسه بل ليقدمها معونة للفقراء المحتاجين، كما أنه عرف بالإقدام  والشجاعة وعفة النفس وكرم الخلق والصبر على الشدائد، وكان من أشهر عدائي العرب حتى ضرب به المثل فقيل: “أعدى من الشنفرى ” .

يمكن اعتبار شعر الصعاليك ظاهرة شعرية مستقلة بذاتها نظرا لاختلاف بنية ومواضيع قصائدهم عن غيرهم من الشعراء، ولاشك أن التأثيرات الاجتماعية ألقت بثقلها على شعر هؤلاء، إذ حمل شعرهم نداء مستميتا لرفض تقاليد القبيلة ومحاولة تغيير معتقداتها الفاسدة خاصة فيما يتعلق بالتوزيع الطبقي للموارد، الذي قام  بتكديس  الثروات في يد فئة دون أخرى، لهذا لم يكن  لهؤلاء سوى تبني منطق القوة  كخيار وحيد لتحقيق العدالة الاجتماعية، لهذا نجد شعرهم حافلا بالحروب وما يتعلق بها من مغامرات السلب والسطو، لذا يمكن اعتبار الصعاليك من أوائل من حمل إرهاصات التجديد في بنية القصيدة العربية  فقد جاء شعرهم مختلفا يدعو إلى الثورة على القبيلة ونُظُمها، فلا مكان لهم في مجتمع يُجل فيه الأغنياء ويُستعبد فيه الفقراء والمستضعفون، ولهذا فقد وَسَمَ بعض النقاد المحدثين  شعر الصعاليك ب”الثورة الفنية”؛ يقول عفيف عبد الرحمن: “لم يعرف الأدب العربي في عصوره المتقدمة التزاما كما عرف في الأدب الجاهلي ،وفي الوقت نفسه لم تبرز حركة متمردة على التقاليد كتلك التي برزت وأعني حركة الصعاليك”[23] .لقد “كان شعر الصعاليك أول ثورة واقعية متمردة في الشعر الجاهلي “[24] ،فرفضهم لنظام القبيلة جعلهم يرفضون كل ما يتعلق به  وبصوره الاجتماعية والأدبية، وقد كانت  مواضيع الفخر بالمال والأهل والنسب  غير مناسبة لأوضاعهم ولا لتوجهاتهم و لمبادئهم ـ

      وبالرغم من كون هؤلاء قد نهجوا سبيل التوحش والوحدة والعيش مع الضباع والضواري، إلا أنهم احتضنوا قيم العرب السمحة حتى عرفوا بها، بل تفوقوا في بعضها على عموم العرب، ولعل هذا ما جعل عبد الملك بن مروان يقول: “ما سرني أن أحدا من العرب ممن ولدني لم يلدني، إلا عروة بن الورد[25] لقوله:

إني امرؤٌ عافي إنائيَ شِرْكَةٌ  //وأنتَ امرؤٌ عَافي إنائكَ واحدُ[26]

   ويمكن لنا أن نلتمس لشاعرنا تمام الأعذار لإسرافه في العنف والقتل والإغارة والسلب والنهب  إلى ظروف نشأته التي نزعت من قلبه الرحمة وارتدى بدلها قناع الغلظة والقسوة “وقد يتغير حسن الخلق والوطاء الى الشراسة والبذاءة لأسباب عارضة، وأمور طارئة تجعل اللين خشونة والوطاء غلظة والطلاقة عبوسا”[27] ،ولقد ضاق الحال بهؤلاء وانسلخوا عن نظام قبيلتهم وتشتتوا في الصحراء فحملوا سخطهم على أقوامهم أينما حلوا وارتحلوا فتشكلت فئة الصعاليك التي يجمعها  هدف واحد ومصير واحد. يقول أحمد سويلم: ” وقد اتخذ الصعلوك الإغارة شعارا له غير أن هذا الشعار اتخذ وجهين في التطبيق : فمنهم من طبقه بقصد السلب والنهب ـ والصعاليك يشتركون في دوافع الفقر والإحساس بالظلم وفقدان المساواة، ويتحدون في نتائج تلك الدوافع وهي دفع الظلم والانتقام من الأثرياء ” [28]؛فكثيرا ما كان الصعاليك يفتخرون بضلوعهم في السلب والإغارة ويشيرون في المقابل إلى كثير من القيم الذميمة التي لا ترضيهم  في المجتمعات القبلية ويعددون خصالهم ، ولسوف ننفرد _ ارتباطا بموضوعنا_ بلامية العرب، محاولين تلمس مجمل القيم التي صورت نُبل هذه الفئة من الشعراءـ

لامية العرب / النسبة والصّيت والأهمية.

     هي أشهر ما نسب إلى الشنفرى، وتتكون من 68 بيتا (و69 بيتا بتحقيق إميل بديع يعقوب) من البحر الطويل ومطلعها:

أَقِيموا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكم  //فإنِّي إلى قَوْمٍ سِوَاكمْ لأَمْيَلُ[29]

أطلق عليها اسم اللامية دون سواها من قصائد لشعراء في الجاهلية  والإسلام من قبيل عنترة بن شداد وزهير بن أبي سلمى وامرؤ القيس، نظرا للمكانة التي بلغتها والتي لم تصل إليها سائر اللاميات، وقد اختلف قديما وحديثا حول صحة نسبتها الى شاعرنا الشنفرى مثل يوسف الخال ودليله أنّ ابن دريد نسبها إلى خلف الأحمر، إلا أن أغلب الباحثين قد نسبوها إلى الشنفرى ومن السذاجة أن تنسب قصيدة بهذه القوة وبهذه الروح والنفس الجاهلي إلى أحد الشعراء المتقدمين. يقول المستشرق جورج يعقوب:” إن موطن هذه القصيدة هي تلك المرابع في جنوب مكة بين الجبال التي تقع في شمال اليمن حيث مضارب الأزد قبيلة شاعرنا. إنني لا أفهم كيف يستطيع المرء أن ينكر هذه القصيدة التي تتنفس بعبير الصحراء، وترسم جاهلية العرب بكل نقاء، وتصور حياة رجل حمل أحقادا أورثته إياها مظالم الناس، وعقوق الإخوة، وجور العدالة، ويعزوها إلى رجل من بين أولئك اللغويين الذين يقتلون وقتهم جدلا في إعراب جملة صغيرة “[30] .

     لقد بلغت شهرة اللامية مكانة نافست فيها منزلة المعلقات، من حيث الشهرة والاهتمام بها دراسة وتحليلا وتفسيرا وتوضيحا، إعجابا بما تحمله من تصوير دقيق لحياة الإنسان العربي في جاهليته، وطرافة الحياة الصحراوية، وهي ترتفع إلى منزلة لامية كعب بن زهير “بانت سعاد” دون أن يكون لها سند ديني، ومن أهم شروحها:

                – شرح لامية العرب لأبي العباس محمد بن يزيد المبرد (ت289ه)

                – شرح أبي بكر بن ابن دريد (ت321ه)

               – شرح يحيى بن علي المعروف بالخطيب التبريزي (ت502 ه)

               – شرح محمود بن عمر الزمخشري (ت 538ه)

              – شرح أبي البقاء عبد الله بن الحسين العكبري (ت 616ه)

           – شرح محمد بن القاسم بن زاكور المغربي (ت 1121م)

            كما تمت ترجمة اللامية إلى عدة لغات عالمية كالإنجليزية والفرنسية والألمانية واليونانية، ويعتبر المستشرق الفرنسي سلفستر دي ساسي S . de Sacy أول من ترجمها إلى اللغة الفرنسية وعلق عليها شروحا في كتابه “Chrestomathie Arabe  ” الأنيس المفيد للطالب المفيد وجامع الشذور من منظور ومنثور “، ليكون بذلك  باكورة تسهل أعمال مستشرقين كبار سيتناولون القصيدة بالدراسة والتحليل كالألماني روس Reuss  والمستشرق الإنجليزي ردْهَوْس  Redhouse وغيرهم كثير.

ويُعزى هذا الاهتمام الكبير بهذه اللامية إلى الجودة الشعرية ووفرة المادة اللغوية التي أغرت العلماء بشرحها؛ يقول يوسف خليف:” إن سر إقبال الشرّاح العرب عليها هو أنهم وجدوا فيها مادة لغوية طيبة، ثم أخذت المسألة تصبح لونا من التقليد والتنافس بين الشرّاح، أما الغربيون فقد وجدوا صورة متقنة لحياة الأعراب في الجزيرة العربية، فكان اهتمامهم بها لغرض اجتماعي، كما كان اهتمام العرب لغرض لغوي”[31].

        لا شك أن هذا الرأي يفقد القصيدة قيمتها وثقلها باعتبارها من درر القصائد العربية وأصدق ما قيل في تصوير حياة الصعاليك لما تتميز به من دقة الوصف وايجاز العبارة وفخامة الأسلوب وإيجاز العبارة وسلاسة التخلص، ومهما يكن رأي يوسف خليف فلا يمكن مقارنته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال: ” علموا أولادكم لامية العرب فإنها تعلمكم مكارم الأخلاق “[32] ،ما يؤكد بجلاء أننا أمام قصيدة فخمة قل نظيرها لشاعر بلغ هذه المكانة، وإلا فكيف يدعونا نبي الأخلاق للتعلم ممن لا خلق له؟  وكيف نتكرم بمن لا كرامة له؟ وكيف لنا أن نعتز بمن هو ذليل؟

إن القصيدة لعنوان العزة والحكمة والخلق الرفيع الحميد والأصالة المتجذرة في عمق الصحراء، بل هي نشيد الصحراء تضرب في أعماق جذور التاريخ والأصالة في النظم والخلق كليهما.

  لامية العرب: البيئة والقيم.

        كان للحياة الاجتماعية القبلية تأثيرها الواضح في مسار شعر الصعاليك بتقاليدها وأعرافها وقيمها ومبادئها تجلى في مواضيع شعرهم وتوجههم القيمي، خاصة ذاك الأثر الصادح لسخطهم وذمهم لكل تلك التقاليد التي لا ترقى إلى تطلعات الشعراء الصعاليك، وكان للشنفرى الحظ الأكبر من هذا السخط والتذمر والازدراء، خاصة في لاميته الخالدة التي تبرّم فيها من كل القيم القبلية، الأمر الذي جعله ينسلخ من نظام القبيلة والأسرة على حد سواء ويستبدل أهله بالذئاب والوحوش، متمتعا بذلك بالكرامة وعزة النفس؛ يقول في مستهل لاميته:

أَقِيمُوا بَنِي أُمِّي صُدُورَ مَطِيِّكُم // فَإنِّي إلَى قَوْمٍ سِواكُم لَأَمْيَلُ

قَدْ حُمَّتِ الحَاجَاتُ واللَّيْلُ مُقْمِرُ// وشُدَّتْ لطِيَّاتٍ مَطَايَا وأَرْحُلُ

وفي الأرْضِ مَنْأَى للْكَرِيمِ عنِ الأَذَى // وفِيهَا لِمَنْ خافَ الْقِلَى مُتَعَزَّلُ[33]

فهو يؤكد هنا أن نظام القبيلة ومعها الأسرة نظام متهالك وحبالها واهنة لا يعول عليها ولا تستحق المعاشرة مادام في الأرض متسع للكريم، فهو دائم الشكوى من السياط المعنوية التي يُجلد بها أبد الدهر من أهله وقبيلته

طَرِيدُ جِنَايَةٍ تَيَاسَرْنَ لَحْمُه// عَقِيرَتُه لأَيِّها حُمَّ أَوَّلُ[34]

        لهذا وذاك فقد تبنى الشنفرى فلسفة جعلته يطمر كل قيم المجتمع القبلي ويتبنى لنفسه مسارا آخر تسامى عن المجتمع، فأضفى على نفسه صفات القداسة والملوك، ما جعله يتحفنا بجملة من القيم النادرة التي كان لظروف الطبيعة القاسية دور كبير في صقل شخصيته بها، فخلفت رجلا قويا شجاعا لأن البيئة القاسية “تربي في نفوس أبنائها صفات الشجاعة والجرأة والكبرياء”[35] .

         وقد طفحت لاميته بافتخاره بشجاعته وإقدامه و”حضور ذهنه عند الشدائد، فشجاع من إذا عراه خطب، لم يذهب برشده، بل يقابله برزانة وثبات ويتصرف فيه بذهن حاضر وعقل غير مشتت”[36]  ،وقد أكد الشنفرى جرأته وشجاعته وتحمله للمواقف الصعبة بقلب ثابت لا يهتز ولا يضطرب، فهو أبدا ثابت القدم عند الخطوب، ولا يعرف قلبه الخوف، إنما يواجه المصاعب بتجلد وحكمة وصبر فهو مقدام أبِيٌّ لا يطيش لبُّه أو يفزع، يقول:

ولا خَرِقٍ هَيْقٍ كأنَّ فؤادَهُ // يَظَلُّ به المُكَّاء يَعْلو ويسْفُلُ[37]

       ثم إن مواجهة ظروف الصحراء القاسية يتطلب قوة وجلدا، إذ لا منجى منها إلا بالاستعداد لها بالعزيمة والحكمة والتبصر بعواقب الأمور، فالشاعر يتجشم الفلاة في يوم قائظ شديد الحر، لا تتحمله الأفاعي، وهو أعزل بدون غطاء ولا ثياب تقيه حرّ الهجير، سوى أسمال مهلهلة على جسده، وما هذا إلا دليل على شجاعة قل نظيرها، فالشاعر أبيٌّ مقدام لا يقف أحد في طريقه، ماضيا بعزيمة وإصرار كبيرين نحو أهدافه وغاياته المنشودة؛ يقول:

ويومٍ من الشِّعْرى يذوبُ لُعابُه //أفاعيهِ في رَمْضائه تتململُ

نصَبْتُ له وجهي ولكِنَّ دونَه// ولا سِتْرَ إلاَّ الأَتْحَمِيُّ المُرَعْبَلُ

وخَرْقٍ كظَهْرِ التُّرْسِ قَفْرٍ قَطَعْتُهُ // بِعامِلَتَيْنِ ظَهْرُهُ لَيْسَ يُعْمَلُ[38]

          واصفا في كل هذا جلادة قلبه وصلابة أصابع قدميه في السرى والمسير مُشَبِّها نفسه بالأمعز، فالمفازة أبدا لا تفزعه فكأن له خف بعير؛ يقول:

إذا الأمْعَزُ الصَّوّانُ لاَقَى مَنَاسِمي // تَطَاير منْه قَاِدحٌ ومُفَلَّلُ[39]

       ومن صور الإقدام والشجاعة التي نقلها شاعرنا عبر لاميته تفوقه على أصحابه من الضباع والضواري التي لا تقاس بالشجاعة الآدمية، إذ حنَّكته الطبيعة القاسية فصار ندّا لندّ لهذه الوحوش فسبقها إلى الطرائد، دليلَ شجاعة وقوة واحترافية في الصيد والقنص، ما يعني أنه الأشرس والأخف والأسرع والأمهر؛ يقول:

وكُلٌّ أَبِيٌّ باسلٌ غير أنني// إذَا عرَضتْ أولى الطَّرائد أبْسَلُ[40]

          ومن مظاهر شجاعته تحمله الهموم والأحزان والمآسي تحملا يفوق ما يستطيعه إنسان، واصطباره عليها واستقامته على ما يعتريه من الشدائد، دليلَ جلد وقوة، فالهموم والمصائب كما يقول لا تزال تعوده عيادة حمى الربع، بل هي أثقل؛ يقول:

وَإلْفُ همومٍ لاَ تَزَالُ تعودُهُ // عياداً كحُمَّى الربْعِ أوْ هيَ أثْقَلُ

إذا وردَتْ أصْدَرْتُها ثُمَّ إِنَّها// تثوبُ فتأْتِي منْ تُحَيْتُ ومِن عَلُ[41]

فما تزال الخطوب والأهوال تأتيه فيصدها ثم لا يعير لها وزنا لأن الحي الذي يكابد الظلم والقهر وقلة النصير، تهون عليه الأهوال والهموم وعلى قدر أهل الهمم تأتي الهموم.

               وقد زخرت اللامية بالمعاني الدالة على الشجاعة والقوة والإصرار والتحدي، وهذه الخصال كلها اتصف بها شاعرنا وكأنه يحاول إرسال خطاب ملغم إلى كل القانعين الخانعين تحت راية الذل والهوان والضعف، ودعوتهم إلى كسر القيود وفك الأغلال، فبإمكانهم الثورة على أوضاعهم، ومن تم تغيير مسار حياتهم نحو الأفضل نحو الحرية والإباء والعزة والسؤدد.

      بالإضافة إلى الشجاعة، فالشنفرى قد أظهر خصالا قيمية جمة، فبالرغم مما يعيشه من حياة مضطربة غير مستقرة، يتخللها الفقر والإملاق والتشرد والبؤس، إلا أننا نلمس في لاميته تساميا وعزة وأنفة وإباء كبيرا، فهو يرفض أن يكون جوعه وفقره مدعاة لاستجلاب الإحسان أو الشفقة من الأثرياء، وعزة نفسه وأدبها الجم تدفعه إلى الصبر على الجوع والطوى حتى يملّه الجوع ويذهب عنه ليتركه موفور العزة، وإلا استف تراب الأرض، يقول:

أُدِيمُ مِطَال الجوع حتَّى أُمِيتَه// وأَضْرِبُ عنه الذِّكرَ صفحا فأُذْهَلُ

وأَسْتَفُّ تربَ الأرضِ كيْ لاَ يُرَى له// علَيَّ منَ الطَّوْلِ امرُؤٌ متَطَوِّلُ[42]

     لا شك أن تسامي روح الشاعر وعزتها وإبائها هو ما جعله يخرج من قبيلته مفضلا بذلك حياة التشرد والبؤس على التماس العون والمساعدة من أحد، مناشدا الشرف، ورافضا الذل والهوان، إذ الأرض واسعة تحمي الكريم عن الأذى وهذا أكرم عند الشاعر للنفس، والاعتزال في أحايين كثيرة أنجى وأسلم.

وفي الأرْضِ منأى للكَرِيمِ عَنِ الأذَى //وفيها لِمَنْ خَافَ القِلَى مُتَعَزَّلُ[43]

            إن المتأمل في لامية العرب يجد كذلك تعففا من الشاعر كبيرا وصبرا على الجوع والطوى، مؤثرا غيره بالطعام وهو في أمس الحاجة إليه، وهذا بلا شك رسالة إلى الأثرياء البخلاء، إذ لا يتوانى عن ذمهم وانتقاد سوء أدبهم، رغم أنهم أسياد على أقوامهم، فالسيادة عند شاعرنا تتحصل بمكارم الأخلاق والقناعة التي غدت شعاره، فهو لا يمد يده بنهم وجشع، وكأنه هنا يذكرنا بجشع أسياده يوم كان تحت العبودية، حيث يؤخرون طعامه لأنه مجرد عبد، وها هو يعلن تعففه من الأكل في ظل الحرية،  لا لشيء  سوى لأنه سيد نفسه ولأنه المتفضل بمكارم الخلق.

وإنْ مُدُّتْ الأيْدي إلَى الزّاد لَمْ أكُنْ// بأعْجلهم إذْ أَشجعُ القوْمِ أَعْجَلُ

ومَا ذَاكَ إلاَّ بسْطَةً عنْ تَفَضُّلٍ// عليهم وكانَ الأَفْضلَ المُتَفَضِّلُ[44]

        فالشاعر برغم ظروف الجوع والخصاصة والفقر والتشرد إلا أنه اتصف بصفة الكرم والجود، جوادٌ بذلك النزر القليل الذي منحته الطبيعة، وغير طامع، وأكبر برهان على كرمه وإيثاره هزال جسده وضمور بطنه والتفاف أمعائه، ولا يبتغي من ذلك إلا إثبات ذاته والانتصار على الشهوات ومجاهدة النفس على ما شبّ عليه وظل له وفيا حتى في أحلك الظروف.

        بل إن ايثاره هذا يتسامى على بني جنسه من البشر، فيؤكد شرفه وصبره على الجوع والظمأ في الهواجر، مقدما إبله على نفسه خشية أن يُهلكها عطشا، زاهدا في لبنها؛ يقول في هذا الصدد:

ولسْتُ بمِهْيافٍ يُعشِّي سَوامَهُ// مُجَدَّعَةً سُقْبَانُها وَهْيَ بُهَّلُ[45]

        فمكانته وشرفه وعزته لا تقل عن أشراف قومه طالما أنه يتمتع بهذه النفس الثائرة على الدونية  الرافضة للذل والانكسار والهوان، المتوثبة نحو معالي الأخلاق، فنحن نلمس التسامي النبيل والاعتزاز بالنفس والدفع بها إلى معالي الأخلاق، غير راغب في النزول عن مرتبة العزة والرفعة، لنجده يجاهد النفس ليدفع عنها الصفات السيئة، مؤكدا أنه ليس جبانا ولا منحط الخلق ولا بليد الطبع، فهو لا يلازم امرأته يستشيرها في كل صغيرة وكبيرة، و ليس كسولا منصرفا عن الكسب والتكسب والتماس الرزق، فهو معتد بنفسه لا يعتمد على توجيهات أحد في محاولة منه لكسب الفضائل عن طريق إيراد نقيضها؛ يقول:

ولاَ جُبَّإٍ أَكْهَى مُرَبٍّ بِعِرْسِهِ// يُطَالِعُها في شَأْنِهِ كَيْفَ يَفْعَلُ[46]

    وهو في سعي دائم، يعمل بجد صابرا على الجوع والفقر والتعب والبؤس تجنبا للعيب وإلا فبإمكانه الحصول على أصناف الأكل والمشرب من أي طريق ولا يعجزه ذلك، ولكنه يفضل أن يسلك في ذلك كل طريق كريم يعفُّ فيه نفسه، فالزاد آخر همه على خلاف بعض المتصعلكين، والمرء لا يحتاج إلا إلى القليل الذي يقيم به أَوَدَهُ؛ يقول:

لولا اجْتِنابُ الذَّأْمِ لَمْ يُلْفَ مشْرَبٌ// يُعَاشُ به إلاَّ لَدَيَّ ومأْكَلُ[47]

ويضيف:

وأَطْوي على الخَمْص الْحَوَايا كما انطَوَتْ// خُيُوطَةُ مارِيٍّ تُغَارُ وتُفْتَلُ

وأَغْدو على القُوتِ الزَّهيد كما غدا// أَزَلُّ تَهَاداهُ التَّنَائِفُ أَطْحَلُ[48]

        فهو في سعيه وترحاله تجده يلبس ثوب الصبر متجلدا تجلد قلب الذئب الذي لا يبالي بمأكل ومشرب، منتعلا نعل الحزم فهو أبدا صابر ثابت الخطو حازم  رغم جوعه وفقره؛ يقول :

فإنِّي لمَوْلَى الصَّبْرِ أَجْتَابُ بَزَّهُ// على مِثْلِ قَلْبِ السَّمْعِ والْحَزْمَ أفْعَلُ[49]

         فهذا الصبر وهذا التجلد كان عنوان بطولة شاعرنا، فصبره على المحن والأهوال والفقر والجوع والظمأ، فضلا عن القوة النفسية والجسدية وحزمه وحكمته وتبصّره بعواقب الأمور، كان أهم ما افتخرت به هذه اللامية؛ فلا تراه إلا راضيا قانعا بحياة التشرد لا شاكيا ولا متبرما، حاملا معه أينما حلّ وارتحل فلسفته هذه في الحياة، وأمور الفقر والغنى في آخر المطاف أمور نفسية أكثر من كونها أمورا مادّيّة، فلا خوف من فقر إذا حلّ، ولا فرحَ بغنىً إذا أُصيب؛ يقول:

فَلاَ جَزِعٌ من خلَّةٍ مُتَكَشِّفٌ// ولا مَرِحٌ تحتَ الغِنى أَتَخَيَّلُ

ولاَ تزْدَهي الأَجْهَالُ حِلْمي ولاَ أُرَى// سَؤُولاً بأَعْقَابِ الأقَاويلِ أُنْمِلُ[50]

    فلولا سلاح الصبر الذي كان ديدنه لما استطاع التأقلم والعيش في صحراء قاحلة لا أنيس فيها إلا الوحوش الكاسرة، ولما استطاع التنقل حافي القدمين، ليكون بذلك قد لقّن العالم درسا في التجلد والصبر.

       لقد كان شاعرنا مدركا تميّزَه وانفراده، فهو ذو قلب يحمل من السجايا مالا يمكن أن يجتمع في قلب رجل واحد؛ فمن ذا الذي يتحمل الجوع والبرد والليالي المظلمة؟ ومن ذا الذي يقوى على تحمل هذه الشدائد إن لم يكن متسلحا بالقوة والجلد والصبر؟ يقول:

دَعَسْتُ على غَطْشٍ وبَغْشٍ وصُحْبَتي// سُعارٌ وإرْزِيزٌ ووجْرٌ وأَفْكَلُ[51]

        إن قراءتنا للامية الشنفرى تبرز كيف أن شاعرنا قد ربط حياته بالصحراء ووحوشها وطيرها وصخرها وسهلها وجبلها، حتى لقد صارت جزءاً منه، ماضيا في ترحاله، لا يوقفه أحد عن نيل العلا، داعيا الفقراء أمثاله إلى السعي لمعانقة الحرية.

لعمْرُك ما في الـأرْضِ ضيقٌ علَى امْرِئٍ //سرى راغبا أوْ راهِبا وهو يَعْقِلُ[52]

            وفي المقابل نراه يتهكم من الرجل القابع في بيته المستكين إلى الكسل، متخلفا عن الأعمال العظيمة التي يرجى منها صلاح الآخر، بل يلازم داره يشارك النساء كحلهن وزينتهن؛ يقول:

ولاَ خالِفٍ دَاريَّةٍ مُتَغَزِّلٍ// يروحُ وَيَغْدو داهِنا يَتَكَحَّلُ[53]

          لا شك أن ظروف الصعلكة قد أورثت الشاعر صفات أخرى مشهود له بها كالعفة وعزة النفس، إذ حملت أبيات اللامية ما يدل على عفة هذا الشاعر وترفعه عن كل ما يسحبه نحو الذل والضيم، وقد كان أبيا تأنف نفسه الهوان والقهر مترفعا بذلك عن الدنايا؛ يقول:

وأَغْدو خَمِيصَ البَطنِ لاَ يَسْتَفِزُّنِي // إلى الزَّادِ حِرْصٌ أوْ فُؤَادٌ مُوَكَّلُ[54]

إن أهداف الشاعر سامية، فلا أحد يستطيع حَمْلَهُ على ما يكره، فلو لم يكن القوت من مقتضيات الحياة وعنصرا أساساً للعيش لما سارع إلى إطفاء سعير جوعه ببعض اللقيمات التي يجدها، فالجوع حسب الشاعر ينزل بالإنسان إلى الدرك الأسفل ويجعله يأتي فعالا تعافها النفس السّويّة الأبية، فكان كثير الصبر رغم جوعه وسوء حاله؛ يقول عبد الحليم حنفي “أما عفة الصعاليك في خلقهم الاجتماعي كما يبدو واضحا في شعرهم فقد سَمَت إلى درجة من النبل، لا نظن أن شعرا صور خلقا أو نبلا أسمى منها”[55].

             إن القصيدة التي بين أيدينا تصريح واضح بمعدن الشاعر الذي ينأى عن الرذائل فعفته وعزة نفسه وكرم أصله تجعله غير قابل للسقوط في رذائل الأخلاق؛ يقول:

ولَكِنَّ نَفْساً مُرَّةً لا تُقِيمُ بي // على الذَّامِّ إلاّ ريْثَما أَتَحَوَّلُ[56]

ثم يردف بقوله:

وَإِنْ مُدَّتِ الأيْدِي إلى الزَّادِ لَمْ أَكُنْ// بأَعْجَلِهمْ إِذْ أَشْجَعُ القَوْمِ أَعْجَلُ[57]

فهو ينفي عن نفسه الجشع، فهي صفة تبعده عن العزة والشهامة، وهذه الأبيات بمثابة سلوك تطبيقي عملي لوجوب الالتفات إلى المحتاجين والفقراء والمستضعفين في كلّ المجتمعات.

خاتمة

 تطرقنا في هذا المقال الموجز إلى القيم الأخلاقية والاجتماعية في لامية العرب لصاحبها الشاعر ثابت بن أوس الملقب بالشنفرى، وحاولنا في عجالة إماطة اللثام عن أخلاق العربي والقيم التي آمن بها خلال العصر الجاهلي، وتأكد لنا بما لا يدع مجالا للشك أن هذه الطائفة من الشعراء، بالرغم مما هو مشاع عنهم لكونهم من شواذ المجتمع، كانت راقية في بعض ما تبنّته من فلسفات حياتية.

    أوردنا الكثير من القيم الأخلاقية التي تبناها الشاعر وبصمها في قصيدته الخالدة هذه، مفتخرا بما أنجزه وينجزه من أجل المستضعفين، داعيا مجتمعه الى التحلي بها لإنقاذ المجتمع من براثن الفقر والجوع والعوز والطبقية الفارقة كنوع من التكافل الاجتماعي، فاللامية زاخرة بالقيم الأخلاقية والاجتماعية الفاضلة التي صارت دستوره وديدنه في الحياة ،ويحق لها أن تنسب إلى العرب قاطبة، لأنها حقا جمعت مفاخر العرب جملةً، وإننا نستغرب حقا عدم إدراجها في زمرة المعلّقات السّبعِ أو العَشْرِ، فمن المؤكد أنها لا تقل عنهن جمالية وقوة في اللفظ وفي المعنى وفي الأسلوب، ولكن هكذا الحياة تغمر بحظها من تشاء وتنكر من تشاء، ونختم بقولنا :

إذا أردتَ عُيون الشعرِ والأدبِ // فاقرأْ _ فَدَيْتُكَ _ مِن لاميّةِ العَرَبِ

هيَ المُعَلّقَةُ الأُولَى وإنْ نُسِيَتْ // وتلكَ مِن غَفلةِ التّاريخِ والكُتُبِ

 

[1]  _ نقصد مقراب جيمس ويب الفضائي، الذي أطلق في 25 ديسمبر 2021، وهو مرصد فضائي طُوِّر بشكل مباشر من قِبل ناسا ووكالة الفضاء الأوروبية الكندية سيمكن مجموعة واسعة من التحقيقات في مجاليّ علم الفلك وعلم الكون، بما في ذلك رصد بعض الأحداث والأجرام الفلكية الأكثر بُعدًا في الكون .

شات جي بي تي في أبسط تعاريفه نظام روبوتي اصطناعي للمحادثة يحاكي الذكاء البشري أُصدر لعامة الناس سنة 2022

[2] _ تمثل هذه الأطروحات الفكرية تتويجا لمرحلة إنسانية جديدة تغوّلت فيه التقنية مقتحمة هدوء البشرية، فارضةً نمط حياة جديد، خالقة ما يسمى بالإنسان “المعزَّز تقنيا” إزاء اقتراب نهاية الكائن البشري الكلاسيكي. ولعلّ الإنسانية، بهذا المعنى، انتقلت من السعي إلى الخلود في الأساطير الجلجامشية والثقافة الفرعونية، إلى البحث عن السوبرمان (الإنسان الخارق) في الفلسفة النتشوية، بالغةً شوط التماهي مع التقنية، أو ما عبّر عنه راي كير زويل (Ray Kurzweil) بالآلات الروحيّة في كتابه ” عصر الآلات الروحية ” (THE AGE OF SPIRITUAL MACHINES)، أو أر إيه بوكانان في كتابه ” الآلة قوة وسلطة “.

[3] _ستيف كوتس sterve cutts رسام بريطاني متخصص في الكاريكاتور والرسوم المتحركة وهو من أكثر رسامي الكاريكاتور وأفلام الصور المتحركة شهرة وأكثرهم شهرة في نقد الرأسمالية الجشعة، عمل عدة سنوات رساما في وكالة لندن للإبداع ضمن المشاريع الرقمية (ديجيتال) لمجموعة واسعة من العملاء بمن فيهم شركة غوغل وريبوك ونوكيا وسوني وتويوتا .

 

[4]_يرصد فيلم MAN خلال ثلاث دقائق فقط وصفا مؤثرا عن تغير العالم في كرتنا الأرضية منذ وجد الإنسان عليها وكيف عاث فيها خرابا إلى اليوم الذي يحل عليها غرباء من الفضاء الخارجي فلا يجدون في الأرض سوى الخراب والدمارـ

 

[5] _ المهدي المنجرة : قيمة القيم، المركز الثقافي العربي الطبعة 2 مارس 2007 ص 14

[6]   المظفر بن الفضل العلوي : نصرة الإغريق في نضرة القريض تحقيق ده : نهى عارف الحسن مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق ص354

[7]  أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ: كتاب الحيوان الجزء 1 تحقيق وشرح عبد السلام هارون الطبعة 2 ص 71/72  

 8 المظفر بن يحيى أبو علي العلوي الحسيني العراقي : نضرة القريض في نصرة القريض ص 356

 

[9] ابن رشيق القيرواني: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده ج1 مطبعة السعادة 1907 ص 2تحقيق محمد محي الدين عبد الحميد ط 5    ص 20

[10] _ ديوان حاتم الطائي شرح وتقديم أحمد رشاد منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية بيروت لبنان ص18

[11] – ديوان الحطيئة رواية وشرح ابن السكيت (186ه-246ه) ، دراسة وتبويب د- مفيد محمد قميحة دار الكتب العلمية بيروت لبنان ص123

[12] ديوان شعر المثقب العبدي تحقيق وشرح وتعليق حسن كامل الصيرفي (1391ه -1971م) جامعة الدول العربية معهد المخطوطات العربية ص221

[13] شرح ديوان علقمة بن عبدة الفحل، الاعلم الشنتمتري تقديم ووضع الفهارس والهوامش الدكتور حنا نصر الجِتْي دار الكتاب العربي ص43

[14]  ديوان عنترة بن شداد عناية وشرح حمدو طماش دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان الطبعة الثانية 2004 ص 1672

[15]  ديوان طرفة بن العبد شرح وتقديم مهدي محمد ناصر الدين منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية بيروت لبنان الطبعة الثانية 2002م ص 77

 

[16]  ديوان الأفوه الأودي شرح وتحقيق الدكتور محمد ألتونجي الطبعة الأولى دار صادر للطباعة والنشر 1998لبنان ص91

[17]  ديوان الشنفرى جمع وتحقيق وشرح الدكتور اميل بديع يعقوب دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الثانية 1417ه 1997م ص59  | 62

[18]  ديوان عدي بن زيد العباد تحقيق وجمع محمد جبار المعيبد دار الجمهورية للنشر والطبع بغداد ص145

[19] ديوان السموأل صنعة أبي عبد الله نفطويه تحقيق وشرح د: واضح الصمد مكتبة لسان العرب دار الجيل ص35

[20]  من وسائل تشهير العرب بأهل الغدر أنهم كانوا إذا غدر أحدهم بجاره، أوقدوا له نارا بمنى أيام الحج على جبل من جبالها ثم صاحوا: هذه غدرة فلان، وفي ذلك تقول امرأة من بني هاشم

فإن نَهْلِكْ فلم نعرف حقوقا           ولم توقد لنا بالغدر نار

[21]  ديوان عنترة بن شداد عناية وشرح حمدو طماش دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع بيروت لبنان الطبعة الثانية 2004 ص72

[22] شعر عمرو بن معد يكرب الزبيدي جمع وتنسيق مطاع الطرابيشي الطبعة الثانية 1974 منقحة ومزيدة (1405-1985) مطبوعات مجمع اللغة العربية ص 148

[23] الأدب الجاهلي في آثار الدارسين قديما وحديثا عفيف عبد الرحمن دار الفكر للنشر والتوزيع ص عمان 1977 ص12

[24] شعرنا القديم رؤية عصرية المجلس الأعلى للثقافة جمهورية مصر 1979 ص2

[25] ذكر عروة بن الورد هنا دون غيره من الصعاليك لأنه مقرر مبادئ الصعلكة وأبو الصعاليك

[26]  ديوان عروة بن الورد أمير الصعاليك: دراسة وشرح وتحقيق أسماء أبو بكر محمد، منشورات محمد علي بيضون دار الكتب العلمية بيروت لبنان ص9

[27] أبو الحسن الماوردي، أدب الدنيا والدين شرح وتعليق محمد كريم راجح ط 4 دار اقرأ، بيروت لبنان 1985 ص 284

[28]شعرنا القديم: رؤية عصرية المجلس الأعلى للثقافة جمهورية مصر 1979ص 21

[29] ديوان الشنفرى (عمرو بن مالك نحو 70 ق ه) جمع وتحقيق وشرح الدكتور اميل يعقوب دار الكتاب العربي بيروت الطبعة الثانية (1417ه_1992) ص 58

[30]  المرجع نفسه ص19

[31]  يوسف خليف: الشعراء الصعاليك في العصر الجاهلي مكتبة الدراسات الأدبية دار المعارف القاهرة الطبعة الثالثة ص 181

[32]  فؤاد افرام البستاني: الروائع: الشعر الجاهلي نشأته فنونه صفاته – الشنفرى- المطبعة الكاتوليكية ص112/ 113

[33]  ديوان الشنفرى جمع وتحقيق الدكتور اميل بديع يعقوب دار الكتاب العربي بيروت الطبعة 2 ص58

[34] المرجع السابق ص68

[35]  محمود حسن أبو ناجي: الشنفرى شاعر الصحراء الأبي عن وزارة الثقافة الجزائر 2007ص7

[36] أحمد أمين: كتاب الأخلاق مؤسسة هنداوي2011 ص96

[37] ديوان الشنفرى جمع وتحقيق اميل بديع يعقوب دار الكتاب العربي الطبعة 2 ص61

[38] ديوان الشنفرى ص71/72

[39]  المرجع نفسه ص62

[40]  المصدر السابق ص59

[41]  المصدر نفسه ص68

[42] ديوان الشنفرى ص62

[43] المرجع السابق ص 58

[44]  المصدر نفسه ص 59/ 60

[45]  المصدر نفسه ص61

[46]  المصدر نفسه 61

[47] المصدر نفسه ص63

[48]  المصدر نفسه ص 63

[49] المصدر نفسه ص 69

[50]  المصدر نفسه 69

[51] المصدر نفسه ص70

[52] المصدر نفسه 59

[53] المصدر نفسه 61

[54]  المصدر نفسه 61

[55] الدكتور عبد الحليم حنفي: شعر الصعاليك: منهجه وخصائصه الهيئة المصرية العامة للكتاب القاهرة 1979م ص337

[56] ديوان الشنفرى ص 63

[57]  المرجع السابق ص 5

لطيفة أثر رحمة الله

أستاذة للغة العربية بالتعليم الثانوي الإعدادي بمؤسسة ابن طفيل التابعة لمديرية أكادير اداوتنان، حاصلة على الإجازة في الأدب العربي سنة 2004 بكلية ابن زهر أكادير. عضو منتدى الأدب لمبدعي الجنوب/ فرع أيت ملول_ عضو مركز ابن زهر للدراسات والأبحاث في التواصل وتحليل الخطاب بأكادير_تنشر إبداعاتها الشعرية في المواقع والمجلات الالكترونية. صدر لها مؤخرا ديوان بعنوان: أوراق الشمس ضمن إصدارات منتدى الأدب لمبدعي_الجنوب/ فرع أيت ملول.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى