يتناول هذا المقال الرهانات المعقدة التي تطرحها عملية تعديل مدونة الأسرة في المغرب، بوصفها ساحة لتقاطع الأبعاد الدينية والاجتماعية والسياسية والقانونية. ويركز على ضرورة إعمال اجتهاد فقهي معاصر قادر على التوفيق بين مستلزمات العصر وثوابت الشريعة الإسلامية. ويبرز المقال أربعة رهانات مركزية تواجه الاجتهاد الفقهي في هذا السياق: الرهان العلمي والمعرفي، الرهان الاجتماعي والقانوني، رهان الهوية، ثم الرهان الإعلامي، حيث يتداخل الفقه مع الخطابات المجتمعية وضغوط الرأي العام.
ينطلق المقال من رؤية تؤكد أن الإصلاح القانوني، خاصة في مجال الأحوال الشخصية، لا يمكن أن يتم بمعزل عن المرجعية الإسلامية، بل ينبغي أن يُفهم بوصفه تفعيلا لمقاصد الشريعة في تحقيق العدل والمصلحة. كما يُبرز أهمية تجاوز الانقسامات الثنائية بين الأصالة والتحديث، لصالح اجتهاد متوازن، يجدد أدواته المنهجية دون التفريط في أصوله.
يخلص المقال إلى أن مستقبل الاجتهاد الفقهي مرتبط بقدرته على التفاعل النقدي مع التحولات المعاصرة، ضمن إطار مؤسسي ومعرفي يضمن استقلالية الفتوى وشرعية التشريع، ويجعل من الفقه الإسلامي أداة حية لبناء مجتمع عادل ومستقر، قادر على التجدّد دون فقدان هويته.
