عقيدة الحقيقتين ومساعي كشف الوجوه المتعددة لجاليليو
تحتفظ المشاريع الكبرى في الغالب بخفايا وأسرار، يجري كشفها تدريجيا، وكأنها سرديات تبوح تدريجيا بأجزاء مخبأة بعناية شديدة، تنتظر طَرقاً لبابها، يكون شبيها بفتوحات فكرية. وهي غاية يتأتى تحقيقها، من خلال طرح الإشكالات المركزية المعبرة عن عمق الموضوعات المتضمنة في هذه المشاريع. وفي حالة “جاليلي جاليليو”، ربما يكون الإشكال المركزي المفروض وضعه كأرضية للإنطلاق، هو عن الدور الذي لعبته الجاليلية في مسار التأسيس النظري لمشروع الحداثة الغربية، من خلال إبراز الجذور العلمية لهذا التأسيس؟. أو عن نوعية النقلة التي أحدثها “جاليلي العالم”، باعتبارها نقلة لها دلالة على هذا المتغير العلمي الذي أفضى إلى الحداثة الغربية؟.
لكن ماذا لو أبقينا على هذه المقدمات الإشكالية الكبرى المعبرة عن نصوص جاليليو، باستثناء أن نسلك طرقا أقل إلتواءاً، من خلال طرح سؤال واحد مباشر، لكنه يتضمن في دواخله، كل الإشكالات المركزية القادرة على إخراج الأسرار التي يُحتمل أنها ما زالت لم تكشف بعد، في حالته وبشكل غاية في الإختصار، من قبيل: من هو ما جاليلو؟ وما هي أوجهه؟.
هذه بالذات الإستراتيجية التي إتخذها الباحث والكاتب المغربي “محمد كزو”، في كتابه الذي صدر قبل أشهر فقط، تحت عنوان: “عقيدة الحقيقتين: أقنعة جاليليو جاليلي تنكشف في رسالة للدوقة كريستينا” والصادر عن دار “الآن ناشرون وموزعون”؛ والذي أراد الخوض في صلب المتن الجاليلي ورهاناته المركزية، لكن عن طريق إعادة الجواب عن سؤال: من يكون جاليلو؟، بغاية إعادة إكتشاف الوجوه الخفية الأخرى له، رغبة في تجاوز القراء الأحادية، التي تنطلق من مسلمة أن “جاليلو عالم وفقط”.
بل إنه حسب إثباتات الكاتب محمد كزو، المستعينة برسالة جاليلو للدوقة كريستينا، جامع لأربعة أوجه أساسية، فهو “جاليليو جاليلي الأديب” وأيضا “جاليليو جاليلي الجارح”[1] و “جاليليو جاليلي العالم” و “جاليليو جاليلي اللاهوتي”، وهو ذاته التقسيم الذي إختاره الباحث “محمد كزو” في ترتيبه لبنية الكتاب، إذ أن كل وجه من الاوجه المذكورة، هو محور من محاور الكتاب، وقد أضيفت له من باب التجميع “تمهيد ومقدمة وخاتمة”، أحسب أن بعضها كان القصد منه إضافة وجه خامس للرباعية السابقة، وإن لم يجري تسميته، وأقصد “جاليليو الفيلسوف”، إذا ما أخذنا بالإعتبار إشارات الكتاب، إلى الروابط المتينة بين هذه الجذور العلمية التي أسهم جاليليو في ترسيخها، وبين نشوء فكرة “العلمانية” فيما بعد؛ أو أيضا في إشاراته إلى روحه الثورية التي “زعزعت الجمود الفكري كله في تلك العقول الممتلئة بالعقيدة الأرسطية البطلمية”[2].
وهي عقيدة ثورية جارحة، رأى الكاتب أنها أعادت ترتيب الذهنيات، ومعها السياق التداولي للحداثة الغربية برمته، ونقلته نحو أفق نظري مغاير تماما، على ضوء قراءاته للمتن المركزي المُعَبِّر عن هذه الحقبة الفاصلة، من خلال إنكبابه على دراسة الكوبرنيكية[3] أولا. دعَمَها بسفر فعلي[4] ونظري نحو عوالم ديكارت الشخصية والفكرية[5] ثانيا، وأردفها بنبش في الجاليلية ثالثا -وهو ترتيب نسبي طبعا، لا يعبر بصدق عن مسارات إهتمام الكاتب، التي ربما كان منشأها ديكارت أولا-. ما يعني أن هذا الإجتهاد القائم على تتبع خطى تشكل الأوجه الكلية لجاليلي، مبني على إهتمام جدي بالإشكالات المركزية للقرن السادس عشر والسابع عشر، باعتبارها لحظة تأسيسية، لا يمكن عزلها عن المشروع الكلي للحداثة الغربية.
أولا: سردية عقيدة الحقيقتين وقصة الرسالة.
أما عن قصة الكتاب، فهي مستمدة من الإشارات التي صاحبت بزوغ القلق النظري لجاليلو، بعد أن إستنفره ما بلغ إلى مسمعه، عن ذاك الحوار الذي دار بين “كاستيلي” و”الدوقة كرستينا دو لورين”؛ فمخافة حدوث سوء الفهم، أُجْبِر جاليلي على لبس عباءاته الثلاث الأخرى، إلى جانب عباءته كعالم، في رسالة مفتوحة إلى “الدوقة كريستينا”، تضمنت محتوياتها تفسيرات وشروحات عن موقفه من العلاقة القائمة، بين المستجدات العلمية التي توصل لها، وبين الكتاب المُقَدَّس، وفق ما يراه هو مناسبا، لا وفق ما بلغها في المأدبة. واستحضارا لنوعية المقام وسياق الحوار، بما يتضمنه سوء الفهم من ضرر بليغ على حياته وحياة أبحاثه، سلك جاليلي سبلا أخرى غير تلك التي تقتضيها صرامته العلمية، فانتهى به المطاف، ولو دون رغبة منه، إلى تبني “عقيدة الحقيقتين”.
وهي العقيدة التي تريد الدفاع عن توافق الحقيقتين: “الحقيقة الدينية” و “الحقيقة العلمية”، وخلاصته أن “الحقيقة واحدة وليست متعارضة؛ فواجب الإيمان يقول إن الآيات تنزيل من عنده تعالى، وواجب العلم يقول إن الطبيعة يجب أن تساير الغيب لارتباطهما الشديد، فالكتاب المقدس حقيقة ومستجدات الطبيعة حقيقة، ولا يمكن للحقيقتين أن تتعارضا؛ فكانت منه هذه الرسالة الخالدة إلى الأميرة، هدفها الأول والأخير شرح توافق النص الديني مع الإكتشافات العلمية الحديثة”[6]، آخذا بذلك منحى قريب للذي تبنته “الرشدية”، لكن في سياق “التحايل” الذي إقتضته الظرفية الخاصة من جهة أولى، ومهابة الدخول في خلافات جادة، تُضيعه وتُضيع مجهوده من جهة ثانية. لكن الأهم في الأمر هو هذه “الطرفة” التي حصلت، إذ في سياق هذا “التحايل التأويلي” لجاليلي، إستطاع الباحث محمد كزو، إستكشاف تلك الأوجه. وكأنه أراد إفتتاح رؤى جديدة في درب إبن “بيزا”، من خلال طرح سؤال: من هو جاليلي؟ لكن على شاكلة مغايرة، وكأنه يتساءل: عن كيف إنتقل جاليلو من رهان “التحايل التأويلي” للخروج من مأزق سوء التقدير والفهم الذي يهدده[7]، إلى مستوى إرتداء هذه العباءات الأربعة مجتمعة؟.
ثانيا: من عقيدة الحقيقتين إلى كشف الأوجه الأربعة لجاليليو.
إذ في سياق هذا الدفاع عن “وحدة الحقيقة” الكامنة وراء الإختلافات الموجودة بين النص الديني والمعطى العلمي، وجد جاليلي نفسه مقتحما عوالم جديدة، تتجاوز أحادية أفقه العلمي، على ضوء ما كشفه الكتاب، كجدة ليست مطروقة كثيرة في التعاطي مع مشروع جاليليو. ففي خضم هذا الدفاع، أو بالأحرى هذا الإنصياع إلى سلطة النظرات الدينية السائدة، أخرج الرجل بعضا من جوانبه وإمكاناته التي كانت مخفية، تحت عباءة الصرامة العلمية.
أول هذه الوجوه، هو “جاليلو الأديب”؛ إذ إستعان بسلاح الفصاحة الأدبية، في تعقيباته على الأحداث التي إستنفرته. مستثمرا في هذا الصدد كل الإمكانات الحجاجية التي يتسع لها القول الأدبي، بما في ذلك آراءه للكثير من العلماء والأساتذة من خاصة القوم، وإلى العامة ممن يقرأون قشور العلم، لكن بأدب شديد، أظهره في حسن بلاغي محبوك.
حتى أنه أكثر من النعوت التي تجعل المعنية بالأمر –الدوقة كريستينا- محط إجلال وتقدير، من قبيل “تعلمين سموك…ولتلاحظي سموك بعد ذلك…وهكذا ترين سموك….”[8] ، وكان الرهان الأساسي هو جعل هذه الفخامة الأدبية كجزء من عملية ترتيب الأدوات الإقناعية، لمعرفته المسبقة بطبيعة اللغة التي تريد الدوقة سماعها، وإن أخل بصرامته العلمية التي يبتغيها من خلال أعماله.
ولم يكن حضوره الأدبي متوقفا على اللغة “التجميلية” التي يُراد منها مخاطبة أهواء الدوقة، ولمس إعجابها الشديد بذاتها، وإنما تعداه إلى مستوى إستثمار المقدمات الأدبية في تليين موقف الكنيسة، بسلك طرق الفخامة اللغوية، كما في قوله: “وإنني أعلن، وسيتضح إخلاصي نفسه أنني لا أقصد…أن أنكر أي أخطاء ربما أكون قد وقعت فيها في هذا الخطاب عن جهل فيما يتعلق بأمور الدين…وهدفي فقط أنه إذا كان هناك أي شيء يمكن أن يخدم الكنيسة المقدسة في التوصل إلى قرار يتعلق بمنظومة كوبرنيكوس، فإن الأمر متروك للسلطة العليا أن تأخذ وتستخدم ما يبدو الأفضل لها، أما إذا لم يكن الأمر كذلك، فليمزق ويحرق كتابي، لأنني لم أقصد ولم أدًّعي أني أجني من ورائه أي شيء ليس ثقيا، ولا كاثوليكيا”[9]؛ وهي لغة المُراد منها الإختباء وراء حسن الكلام وزينته، لإخفاء أي تعارض ممكن بين ما يدعو إليه جاليلو العالم، وبين موقف الكنيسة.
وإلى جانب هذا الوجه الأول، الذي يبدو فيه جاليلو “أديبا مفوها”، يبرز آخر مغاير تماما للأول، يحدده الكتاب في “جاليليو جاليلي الجارح”؛ وإن بدا أن هذا الوجه ربما يُستحسن فيه أن يكون إما تمهيدا؛ أي أن يحل كوجه أول في سلسلة الترتيب، أو أن يكون تعبيرا عن الخلاصة النهائية، على أساس أن المشروع برمته يُقرأ بالأساس، كمشروع للخلخلة والتجريح والتهكم…، ضد السلط التقليدية ، التي نصبت ذاتها كمتحكم شرعي في تفسيرات العالم، بعيدا عن التفسيرات العلمية، التي ستصير بدءاً من هذه اللحظة، مالكة للعرش.
والمراد من هذا، هو إستكشاف هذا الوجه، الذي يبرز كم “السخرية والتجريح” الذي أبداه جاليليو في مواقفه من الخصوم والمغرضين ورجال الدين، ومجموع المتحمسين للإطاحة بنظرته العلمية للعالم، لا لوجود ما يسند نقدهم لها، ولكن فقط حفاظا على عرش الأرسطية من علماء ومفكرين. فاختار للرد على هذا، أن يكون “متهكما سليط اللسان، وله ما يبرر ذلك، لأن الجميع إحتشدوا ضده لثنيه عن إكمال إكتشافاته بالسبل كلها، لا لشيء سوى أنها تخالف عقيدتهم القديمة المتجذرة في عقولهم”[10]. وقد إستعان في هذه الردود بسلطة ما يملكه من براهين علمية على تهافت ما يعتبرون هم “زندقة”.
ولكن الأساس؛ هو أن هذه النبرة “الساخطة” التي لا تبدي تعاطفا مع من لا يملكون سلطة نظرية في نقد مشروعه، سوى سلطة ما يتم تقديسه من جاهز القول، كان هو توجيه اللوم والعتاب والإهانات، كنوع من الرجات التي يراد منها إيقاظ الإدراكات البشرية، للنظر فيما هو “صلب”، عوض الخنوع للمرويات دون سند؛ وكان أكثرها قسوة متمثلا في التهكم، على البلاهة والحمق والضعف الذي أبداه من يسمون أنفسهم، حراس العقيدة والإنجيل من رجالات الدين، إذ لم يكن في تهجمه رحيما بأي منهم، لدرجة أن قال واصفا بغضهم وبهتانهم: “ومن الواضح أن مثل هؤلاء المؤلفين الذين لم يخبروا المعاني الحقيقية للنصوص المقدسة، قد يفرضون على الآخرين التسليم بالإستنتاجات البغيضة، والكريهة للعقل والمنطق، إذا إمتلكوا السلطة لفعل ذلك”[11].
وخلف هذا الوجه “الساخط” و “المتمرد” و “الكاره” و “المتهجم” و “الشرس” و “القاسي”، الذي ناذرا ما يجري الإنتباه إلى وجوده، بسبب غلبة تلك الصورة النمطية عن جاليليو المتودد للكنيسة، خوفا من العقاب، نعثر على صورة مغايرة عن هذا العالم والفلكي والفيزيائي الإيطالي. مع الإنتباه إلى أهمية أن لا يلغي أي من هذه الأوجه الوجه الآخر، إذ خلف كل قناع، نعثر عن آخر، يكون مغايرا لسابقه في الغالب؛ وهذا يعني أن “جاليليو الجارح” يحتمل أيضا وجها ثالثا، هو “جاليليو العالم”، والذي ربما يعبر عن الوجه الأساسي الذي يُعرف به.
إذ أن إرتداء لباس الأديب أو الجارح، لا يمكنهما إلغاء، صورة “جاليليو العالم” كوجه ثالث يميزه. فهو في المنشأ والنهاية، عالم “يتحدث عن إكتشافاته الفلكية وارتباطاتها بأفكار نيكولاس كوبرنيكوس كثيرا”[12]، أي رجل مولع بالإشكالات العلمية ومهووس بالبحث والتنقيب في السندات العلمية المعينة على تفسير العالم. ولم يتوقف عن تبنيه الكلي لأهم التفسيرات الخاصة بالفيزياء والفلك، وتشبته بعدم صوابية تقديس التفسير البطلمي-الأرسطي، على حساب الإستنتاجات العلمية لكوبيرنيكوس.
كما بَقِيَ أيضا مدافعا عن إستنتاجاته العلمية الصارمة، وأعلن بوضوح، ردا على الجميع “أن هؤلاء الرجال يُدركون وجهة نظري –جاليلي متحدثا باسمه- في الفلك والفلسفة. وهم يعلمون فيما يتعلق بترتيب أجزاء العالم، أنني أعتبر الشمس ساكنة بلا حراك في مركز دوران الأفلاك السماوية، بينما تدور الشمس حول محورها وحول الشمس. وهم يعلمون كذلك أنني أؤيِّدُ هذا الموقف، ليس لأنني أُفَنِّدُ حجج بطليميوس وأرسطو فقط، بل لأن عندي دفوعا مضادة، وبالتحديد، بعضها مرتبط بالتأثيرات الفيزيائية التي لا يوجد سبب آخر لها”[13]. وهو ما يعني الإنخراط الجاد لجاليلي في مشروع تأسيس البراديغم العلمي للحداثة الغربية، من خلال المساهمة فلكيا وفيزيائيا في إعادة ترتيب الإطارات النظرية المُفسِّرة للعالم.
ومعنى هذا أن جاليليو هو في الأصل عالم مهووس بتتبع مسار تشكل المعرفة البشرية، في صيغتها العلمية المهتمة بظواهر العالم، ورسالته إلى “الدوقة كريستينا”، كانت مليئة بهذه الإشارات الدالة على هذا الأفق العلمي؛ بل إنه كان واضحا في توثيق هذه “العلمية”، حينما خاطب الدوقة مذكرا إياها بدوره الكبير في هذا الباب، ضمن عدد من محطات الرسالة، كما في قوله: “إنني أعتبر الشمس ساكنة بلا حراك في مركز دوران الأفلاك السماوية…وهناك حجج فلكية مستنتجة من أشياء كثيرة من إكتشافاتي السماوية التي تدحض ببساطة منظومة بطلميوس….لكن بما أننا مثبتون على الأرض ونشاركها حركاتها كلها، فإننا غير قادرين على إكتشاف تلك الحركات على الأرض مباشرة…”[14]؛ وهي كلها إحاطات علمية نقل من خلالها أبرز تصوراته العلمية للعالم ضمن الرسالة، تأكيدا على أنه في المنشأ والنهاية “جاليليو جاليلي العالم”.
ولكن الدفاع عن الطرح العلمي بالنسبة لجاليليو، كان مرتبطا بارتداء عباءة “اللاهوتي” أيضا، وهو الوجه الرابع الذي تتضمنه الرسالة، وفق إشارات الكتاب. إذ كان مُلزما من أجل الدفاع عن تصوراته العلمية، بمجاراة نسق السلطة المهيمنة حينها، متمثلة في سطوة القول الديني؛ ولأن التهمة كانت تقضي بوجود تعارض كلي بين تفسيرات جاليليو العلمية، والنص الديني؛ فإنه كان ملزما بسلك دروب “التأويل الديني” للنص المقدس، لإعادة ترتيب أوجهه حتى يصير بالفعل متماشيا مع مبدأ “عقيدة الحقيقتين”.
وتسلَّح جاليليو بخلفيته الدينية في تزكية هذه الروح “اللاهوتية” التي إضطر إلى تبنيها كعقيدة تأويلية؛ ولم يجد صعوبة في الأمر بسبب تأكيده طول حياته، بحقيقة إيمانه وورعه بتعاليم الكاثوليكية، بل قام دفاعه على مسلمة أنه بتفسيراته العلمية تلك، ربما يكون متدينا أكثر من رجالات الدين ذاتهم، بحجة أن إيمانه ينطلق من خلفية أعمق وأوسع تجمع بين “التعقل” و “الإيمان”؛ أما غيره ممن يدعون ولاءهم للعقيدة الدينية الراسخة، فهم في ما يقولون ويكتبون، يعبرون عن جهلهم بحقيقة وكنه ومغزى الرسالة العميقة للدين، باعتبارها أيضا دعوة لإعمال العقل، ما يعني أنهم “إرتكبوا خطأً مميتا عندما زَيَّنوا هذه الكتابات بمقتطفات من بعض المواقع في الإنجيل، فقد إتضح أنهم لم يفهموها بصورة صحيحة، ولم تكن تناسب أغراضهم بشكل جيد”[15].
وقد كانت هذه الحجة كافية لتبرير دعوته إلى ضرورة إعادة تأويل النص الديني، من خلال تجاوز القراءة النصية-السطحية، وتضمينها بقراءات جديدة أكثر عمقا وتفهما لشساعة ما يبوح به النص المقدس؛ بل وصل به الحد إلى أن إستخدم نفس الأساليب التي يتم إستثمارها في خطاب رجالات الدين، حين إستأنس بثنائيات “الحلال والحرام” و “المستحب والمكروه” و”الحق والباطل”…؛ كما في دفاعه عن فكرة إلزامية الإستخدام الجيد للملكات في تفسير النص المقدس، حين قال: “ويحرم الرب هذا النوع من سوء الإستخدام، -فعليه- أن يكتسب الهدوء والرزانة والسلطة، لأنه عندئذ قد يكون من الضروري حرمان كل العلوم الروحية من الحماية بعد وقت قصير”[16]. ولكم هو مهم الوقوف على تلك الكلمة القوية التي إستخدمها جاليليو في إثبات قدرته على الحديث كرجالات اللاهوت تماما، حين إستخدم صيغة: “يحرم الرب”، حتى بدا وكأنه رجل دين، ومالك لسلطة التقدير والكلام باسم الرب، من خلال تصنيف الأقوال والأفعال “حلالها عن حرامها”.
بل إنه دفع بهذا “التأويل” إلى أبعد مداه، إلى أن وصل به الحال، إلى مستوى الدعوة إلى إعادة قراءة تلك الآيات التي هي سبب الخلاف وأصل الشقاق بين “حقيقة العلم” و “حقيقة النص الديني”، والتي تقول: “وقفت الشمس في كبد السماء”[17]– “يا شمس دومي على جبعون”[18]؛ حين شرح باستخدام بلاغة تأويلية غاية في الروعة كيف “أن الكبد ليس هو وسط السماء، بل وسط الكون، بمعنى أن الشمس متوقفة في مكانها الطبيعي أصلا”[19]؛ وكان القصد من هذه الإحاطة، التأكيد على وجود قصور ذهني كبير في التعاطي مع “الحقيقتين العلمية والدينية”، من باب الرغبة في إثبات عدم تعارضهما، “إذ سنجد –جاليليو متحدثا- أن هذه المعاني –معاني النص الديني- ستتفق مع الحقيقة، حتى لو كانت الكلمات تبدو في البداية غير ذلك؛ لأنه لا تتعارض حقيقتان إحداهما مع الأخرى. وإنني ألتزم بهذه العقيدة غير القابلة للجدل بكل صرامة”[20]. وسعيا منه لإثبات أن كلامه مؤسس على قراءة دقيقة للحقيقتين، ولأنه كان ضليعا في الجزئية المرتبطة ب”الحقيقة العلمية” كفلكي وفيزيائي، فقد سعى إلى لملمة “القولين” بإبراز عمق معرفته بالقول الديني أيضا، وهذا سبب إعتماده واستشهاده بأقوال القديسين والكرادلة من رجال الدين، ممن سابقوه أو عاصروه.
فكان بهذا المعنى جاليليو جاليلي على ضوء الحفر الذي أقامه “محد كزو”، جامعا لأربع مرجعيات، أو بالأحرى لابسا لأربع عباءات ومتحدثا بأربع لغات: فهو أولا؛ جاليليو الأديب – وثانيا؛ جاليليو العالم – وثالثا؛ جاليوليو اللاهوتي- ورابعا؛ جاليليو الجارح. رغم إمكانية التحفظ على التسلسل الذي إرتضاه الكاتب، إذ قد يبدو أن الثلاثية الأولى، هي مدخل لإبراز الوجه الرابع. إذ بمقتضى كونه أديبا وعالما ولاهوتيا، صار “جارحا” “مشاكسا” “متهكما”. ولكن ألم يكن جاليليو قبل كل هذا وذاك فيلسوفا ومحاججا ومؤسسا لصرح نظري يتعدى إحداث ثورة علمية إلى أخرى فلسفية أشمل؟، ثم ألم تكن عقيدة الحقيقتين دلالة مباشرة على إمتلاك روح المهادنة السياسية؟
ثالثا: جاليليو الفيلسوف والسياسي، وإمكانات تطعيم الأوجه الأربعة.
كان الكشف الذي أفرزته عمليات الحفر في الصور والوجوه التي يحتملها جاليليو، جهدا مميزا من قبل صاحب كتاب “عقيدة الحقيقتين”؛ لكن إتمامه في ظننا بقي مرتهنا بكشف أحد الأقنعة الأساسية الأخرى التي لبسها جاليليو، في سياق التأسيس الفعلي لمشروعه الكلي؛ ولو أن تضمينه كان واضحا في الخلاصات المركزية للكتاب. وفي ظننا سيكون من المهم من أجل إقفال المشهد العام، وتحديد الوجوه الكلية لجاليليو على ضوء ما باحت به رسالته إلى “كريستينا”، الإشارة إلى الوجه الخامس لجاليليو، مع عنونته بخط عريض: “جاليلي جاليليو الفيلسوف”.
وهو إعتبار مرده إلى تفسيرين؛ أولهما متعلق بالمشروع الكامل لإبن “بيزا الإيطالية”، حيث يتعذر إخفاء ولعه “بالعقل النظري”؛ والذي جعله في ظن البعض سليل “النزعة الأفلاطونية الرياضية”[21]. أو لأنه قد أحدث زلزالا كانت تتويجاته بالأساس فلسفية، إذ أعاد ترتيب الإطارات النظرية، من خلال خلخلة الأنساق التقليدية، وتعويضها بأخرى جديدة تماما، بما في الأمر من تغيير جذري، أقتضى إعادة موضعة الذات كليا، فكانت تفسيراته العلمية مجرد أرضية لتغييرات أخرى، مست فيما بعد باقي الأسئلة الوجودية والسياسية والأخلاقية؛ أي في النهاية “سؤال الذات باعتباره سؤالا فلسفيا”.
وإن كان هذا التفسير الأول عاما، ولا يتماشى مع موضوع الكتاب، الذي حدده صاحبه، في قراءة أوجه جاليليو من خلال رسالته إلى “كريستينا” بشكل حصري؛ فإن التفسير الثاني الذي إرتأينا من خلاله أهمية إضافة “الوجه الفلسفي” لباقي الأوجه الأخرى متضمن في هذه الرسالة ذاتها أيضا.
بل إن هذا الوجه ربما يختصر الصورة الشاملة لموضوع الكتاب، لكونه الأبرز حضورا حتى في عنوانه، ف”عقيدة الحقيقتين”، كما أُشير لها، عطفا على مخرجات الرسالة الجاليلية، تنطلق من إعتبار أن “واجب الإيمان يقول إن الآيات تنزيل من عنده تعالى، وواجب العلم يقول إن الطبيعة يجب أن تُساير الغيب لارتباطهما الشديد، فالكتاب المقدس حقيقة ومستجدات الطبيعة حقيقة، ولا يمكن أن تتعارضا”[22]؛ وهو إعتبار تم التوصل إليه من خلال القيام بجهد فلسفي عميق، إشترط الخوض في إعادة ترتيب التصورات التقليدية للعلاقة بين العلم والكتاب المقدس وفق “تأويلية جاليلية مستجدة” للنصين.
كما أن جاليليو ذاته، وفي معرض إبراز حقيقة المشروع الذي يسعى إلى إقامته، أعلن صراحة للدوقة كريستينا، أن ما يقوم به هو جهد علمي وفلسفي بشكل خالص، شريطة ألا يساء فهمه. ففي معرض رده على الإدعاءات التي طالته، كما في الإتهامات الموجهة إليه من قبل بعض المحسوبين على رجال القداسة وحراس الدين وخدمة الكنيسة، أجاب بأن “هؤلاء الرجال يدركون وجهة نظري في الفلك والفلسفة”[23]؛ ويبدو واضحا أن إستخدام مفهوم “الفلسفة” بالإسم، هو دلالة على عمق معرفته بسلك الدربين معا في مسار التعبير عن رؤيته العلمية، باعتبارهما يجسدان معا نظرة “الذات الإنسانية” للعالم، عن طريق إدراكه للإستتباعات الفلسفية التي تنشأ عن هذا التحول الجوهري في التفسير العلمي للعالم.
كما أن جدالاته التأويلية التي حاجج بها رجال الدين، حين لبس عباءة اللاهوتي، كانت في عمقها إطارات فلسفية، تشَكلت من روح “المحاججة” وبناء الفكرة، باعتبارها سندات يتم تشييدها وفق تناظر فلسفي ممنهج؛ حتى بدا وكأنه يعيد إحياء الآليات ذاتها التي إعتمدها “السوفسطائية” في بناء المقاربة التداولية، وفق منطق حجاجي، يملك قدرة إستثمار كل الممكنات اللغوية، التي تلتزم بربط عناصرها ووحداتها بمنطق أكثر شساعة وليونة. بل حتى ولو أن جاليليو كان مُتَيَّماً بخلاصاته العلمية، ومتشبتا بها إلى حد التقديس، إلا أنه في المقابل سعى إلى تنفيس القول الديني من خلال ضخ الروح التأويلية للخروج من مأزق الصرامة العلمية، نحو رحابة القول الفلسفي.
فكان بمقتضى هذه “المهادنات” التي أراد إقامتها ممارسا محترفا أيضا للدهاء السياسي، من خلال معرفته المسبقة بموازين “القوة” وآليات إشتغال “السلطة”. حتى أن الدافع المركزي الذي حدا به إلى تأليف الرسالة، كان قائما على تخوف من تلطيخ صورته “كمعلم سياسي”، بالنظر إلى مهامه التي كان يتقلد من خلالها أدوار تهيئة حامي العرش المستقبلي، وولي العهد، ومالك زمام الأمور السياسية فيما سيلي من أيام: “كوزيمو الثاني دي ميديتشي”، إبن الدوقة وفلذة كبدهها. ولا يمكن تجاوز هذا التداخل الموجود بين هذه الجزئية وبين رهانات جاليلو، في قراءة أوجهه على ضوء قصة الرسالة وسياقاتها الكبرى.
وهذا يعني أن جاليلو لبس أيضا عباءة جديدة، صار بموجبها “جاليليو السياسي” ليس لأنه كان مكلفا بتهيئة “صناع القرار المستقبليين”، بما يقتضيه الأمر من إلمام بالتفاصيل المرتبطة بالفكر السياسي وممارساته واستراتيجياته وسياقاته وأسئلته؛ بل لأن ثورته هي في الصميم ثورة من أجل إعادة ترتيب “أوراق السلطة”؛ أي في النهاية إعادة النظر في مفاهيم “الدولة” والسياسة” و “المشروعية السياسية”، وكيفيات تحولها من شروطها “الدينية” إلى رهاناتها “العلمية/المدنية”.
كما أن المخاوف التي أبداها الرافضون، لهذا المتغير العلمي الحداثي، الذي كانت ملامحه تتشكل في الحضارة الغربية، زمن تأليف الرسالة، لم تكن في أصلها مخاوفا لاهوتية، تريد صون “بيضة الدين” وحراسة “حصون الإيمان”…، بل كانت في جوهرها دفاعا عن المكاسب والمصالح السياسية، من خلال الدفاع عن “الأسس الدينية” التي تُستمد منها المشروعية؛ أي أن الخلاف والنقاش والجدل والتباعد، لم يكن أبدا دينيا وعلميا بشكل كلي، لكنه كان خلافا سياسيا في عمقه؛ وتحطيم السندات والأسس والأركان الثابتة، وإن بدا وكأنه رهان علمي خالص، إلا أنه بلغ حد التهديد البنيوي، لكل الأجزاء التي تستند لهذه الأسس. وجاليلو كان على علم بلا شك بأن هذا التدمير، إذا ما تم سيكون شاملا، وأن سلطة العلم بما هي سلطة “الذات”، تعني إحداث تغيير جذري في مفهوم “الحرية”، كمفهوم “سياسي” أيضا.
ختاما.
وبالمجمل؛ تبقى فكرة “عقيدة الحقيقتين”، التي ساقها محمد كزو في كتابه، جهدا فريدا لطرق أبواب جديدة في المشروع الجاليلي، أفرزت عن وجوه أربعة، واحد منها كان معلوما ومذاعا، وأقصد “جاليليو العالم” طبعا، لكن الثلاثية المتبقية، لم تكن مطروقة إلا كإشارات متفرقة، وها قد حان وقت جمعها، من خلال إستحضار نص واحد لجاليليو فقط، متمثلا في رسالته التي بعث بها سارعا متسرعا، لكن بحذر وجهد شديدين إلى الدوقة “كريستينا”؛ فجاء الكتاب كلفت نظر نحو أوجه أخرى يخفيها جاليليو تحت جُبَّة العالم، وبمقتضى هذا الكشف صار أيضا أديبا وجارحا ولاهوتيا، وفي المحصلة “فيلسوفا”؛ وإن سكت الكتاب عن الأخيرة، في الغالب لمعرفته بوجودها الضمني فيما سبقها.
وتجاوزا، لهذا الإتفاق أو الإختلاف الذي قد ينشأ عن إضافة صفتي “الفيلسوف والسياسي” أو السكوت عنها، يبقى الكتاب لفتة مميزة في مسار إدراك المشروع الجاليلي؛ على الأقل في تجربتنا العربية، لكونه، وعطفا على تقدير صاحبه، إستلهام لتجربة ثورية غربية، تغيب عنا بشكلها العلمي المُقنن، إذ غالبا ما يجري إستحضار جاليليو كمعطيات ومعلومات، لا “كضربة موجعة أيقظت الذهن البشري عامة”، وهذا ما يجعل الكتاب وكأنه بحث في راهنية جاليليو ضمن سياق التداول العربي، الذي يحتاج جديا إلى ثورة نظرية، شبيهة بهزة عميقة، تخلخل البناءات المتهالكة، وما أقبحه تهالكا.
[1] – هذا الوجه الذي لا يجري الإنتباه إليه في الغالب، في التعاطي مع المتن الجاليلي، والذي يكشف صورته “الجارحة والساخرة”، كان الباحث “محمد كزو” قد سبق وأن أشار إليه في دراسة خاصة بعنوان “جاليلي جاليلو: وجه السخرية الخفي”. أنظر: محمد كزو، جاليلي جاليلو: وجه السخرية الخفي، مجلة الفلق، تاريخ النشر 20/10/202. رابط الدراسة: https://www.alfalq.com/?p=23347.
[2] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين: أقنعة جاليلو جاليلي تتكشف في رسالة للدوقة كريستينا، دار الآن ناشرون وموزعون، الأردن، الطبعة الأولى 2021، ص 85.
[3] – خصص محمد كزو في سياق توثيق رؤيته االمهتمة بالتحول العميق الذي أحدثته الثورة العلمية، في إعادة تأسيس أركان الحداثة والعالم -باعتباره السؤال المركزي الذي يشغله-، جزءاً من إهتماماته المركزية بالرجة التي أحدثها كوبرنيك أيضا. وقد نشر في هذا الصدد مجمل رؤاه عن الكوبرنيكية في عدد من المقالات، إما بشكل ضمني أو حصري، لإبراز سلطة البراديغم الذي تشكل من مجموع الرؤى العلمية في الزمن الحديث، ونشير في هذا الباب إلى مقالته، في مجلة الفلق: محمد كزو، كوبرنيكوس نفسه لم يكن كوبرنيكيا، مجلة الفلق، تاريخ النشر 24/12/202. رابط المقال: https://www.alfalq.com/?p=23583
[4] – قام مؤلف كتاب “عقيدة الحقيقتين” الباحث “محمد كزو” برحلة شخصية زار من خلالها أهم المعالم المرتبطة بحياة الفيلسوف الفرنسي”رونيه ديكارت”، وقد نشر ملخص هذه الزيارة ضمن سلسلة مقالات، وعددها خمسة، عنونها ب: “رونيه ديكارت وأُسس فلسفته العقلانيّة” وقد نشرها مقسمة في مجلة الفلق، وقد أعقب كل جزء بصورة معبرة إلتقطها من كاميرته الخاصة، وضمت: 1- صورة للمدرسة الابتدائيّة “لافليش” المَلَكيّة اليسوعيّة، التي تعلّم فيها “رونيه ديكارت” ثماني سنوات كاملة، وهي التي انتقد تعليمها الأرسطيّ القديم بتأليف كتاب “مبادئ الفلسفة”. 2- صورة بعدسته لكنيسة “سان جرمان دي بري”، الشاهقة والضخمة، حيث يوجد قبر “رونيه ديكارت”، وسط العاصمة الفرنسية “باريس”. 3- صورة لتمثال “رونيه ديكارت” موجود وسط المنزل الذي وُلد فيه شرق فرنسا. 4- صورة لأعمال “رونيه ديكارت” جميعها، الفلسفيّة والعلميّة والرّياضية وكذلك مراسلاته مع أصدقائه خاصّة “الأب مرسن” صديق طفولته، في مكتبة داخل المنزل الذي وُلد فيه غرب فرنسا. 5- صورة بعدسة الكاتب لجانب من حديقة منزل “رونيه ديكارت” مباشرة بعد الدّخول من الباب الرّئيسي، للمنزل الذي وُلد فيه غرب فرنسا.
[5] – كما أرفق هذه الزيارة الموثقة بصور شخصية، بقراءاته الخاصة أيضا لمتن رونية ديكارت، والتي نشرها في عدد من المجلات إلى جانب “مجلة الفلق”، ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى بعضها من قبيل: محمد كزو، كيف قطف رونيه ديكارت الفيلسوف الأول في العصر الحديث، ثمار العلم والفلسفة؟: أنا أشك أنا أفكر إذا أنا موجود، منشورات موقع ساقية، بتاريخ 22 أغسطس 2021. وغيرها كثير.
[6] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين: أقنعة جاليلو جاليلي تتكشف في رسالة للدوقة كريستينا، مرجع سبق ذكره، ص 14.
[7] -هذا التهديد الذي إستشعره جاليلو كان واضحا للغاية، خاصة وأنه كان على علم بشخصية الدوقة كريستينا دو لورين “1565-1636″، والتي تتميز بالتسلط والورع الشديدين، وبما أن جاليلو كان هو ملقن الدروس ل”لوكوزيمو” الذي كان آنذاك وريثا للعرش، فقد قلقت كثيرا من فكرة وجود إشاعات عن جاليلو في ما يخص نظام كوبرنيك وعلاقته بتعاليم الكنيسة. أنظر: فرانسوا روتن، جاذبية مدهشة من التفاحة إلى القمر، ترجمة ميشيل نشأت شفيق حنا، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة، القاهرة الطبعة الأولى، 2016، ص 134؛ نقلا عن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سبق ذكره، ص 18.
[8] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 37.
[9] – أنظر: جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، ترجمة محمد السيد وفتح الله الشيخ، منشورات كلمات عربية للتشر، القاهرة الطبعة الأولى، 2010، ص 206-207. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 34. وبالمناسبة فالرسالة التي كانت موضوع الكتاب، متضمنة في هذا العمل؛ أي إكتشافات وآراء جاليلي جاليلو.
[10] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين: أقنعة جاليلو جاليلي تتكشف في رسالة للدوقة كريستينا، مرجع سبق ذكره، ص 39.
[11] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 215. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 42.
[12] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 49.
[13] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 203. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 51.
[14] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 61.
[15] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 201. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 65.
[16] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 205. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 67.
[17] – سفر يشوع 13: 10.
[18] – سفر يشوع 12: 10.
[19] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 82.
[20] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 224. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 69.
[21] – رغم الجهد الكبير الذي بذله جاليليو في تقويض أركان التصورات الكلاسيكية المفسرة للعالم؛ إلا أنه بقي وفيا للمشروع الأفلاطوني، خاصة في تلك الجزئية المتعلقة بمنح الأولوية للعقل الرياضي، في إقامة رؤية علمية حول العالم؛ وهو طرح نعثر عليه في عدد من القراءات، أنظر مثلا:
– Patrick Juignet, Le procès de Galilée et ses enjeux idéologiques,in: Philosophie, Science et Société, Publication : 9 juin 2015.
[22] – محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 14.
[23] – جاليلو جاليلي، إكتشافات وآراء جاليلو جاليلي، مرجع سبق ذكره، ص 203. ضمن محمد كزو، عقيدة الحقيقتين، مرجع سابق، ص 51.