الفكر اليوناني والثقافة العربية لديمتري كوتاس: قراءة نقدية في الترجمة العربية
كيف يمكن خوض نقاش جدّي حول كتاب مُترجَم معَ أن ترجمته بالذات تقف دون استيعاب مواقف صاحبه؟ هذا ما حصل بالذات مع كتاب الدّارس الأمريكي-اليوناني ديمتري كوتاس، الفكر اليوناني والثقافة العربية: حركة الترجمة اليونانية العربية في بغداد وفي المجتمع العباسي المبكر (القرن الثاني-الرابع للهجرة/القرن الثامن-العاشر للميلاد)، في ترجمته التي أنجزها المؤرخ الراحل نِقولا زِيادة. فقد بادر الناس في العالم العربي إلى الكلام عن أهمية الكتاب؛ وصارت الترجمة مرجعا يتداوله الطلبة والباحثون؛ وخُصصت للكتاب مناقشات وقراءات عدة في منابر إعلامية مكتوبة ومسموعة ومرئية. فهذا خالد الحروب في قناة الجزيرة يدعو مهتمين إلى مناقشة الأثر المحتمل لترجمة هذا الكتاب في إغناء الفكر العربي المعاصر. وآخرون يشيدون بأهمية الأسئلة التي طرحها كوتاس ”المعرَّب“ عن الدور الذي لعبته ترجمة كتاب المقولات لأرسطو، وعن الحاجة إلى هذه الترجمة في عهد الخليفة المهدي العباسي (158هـ-169هـ/775م-785م).
وبالجملة، فقد أحدث ظهور الترجمة العربية لكتاب كوتاس ردود فعلٍ انتقينا منها ثلاثة أوضاع:
الوضع الأول:
يقول الدكتور ابراهيم العاتي متحدثا عن أمر الترجمة العربية للفكر اليوناني: ”هو اهتمام شرائح متعددة، شرائح اجتماعية، واهتمام الدولة أيضًا، اهتمام الدولة بالذات، يعني قبل كل شيء، بترجمة العلوم لحاجاتٍ عملية تطبيقية […]، ولحاجات أيضًا سياسية، ولحاجات أيضًا دينية، تخص يعني موضوع الجدل، يعني ترجمة مقولات أرسطو: كتاب المقولات [كذا] أو منطق أرسطو الذي الجدل يعتبر بجد فيه جزءًا هاما وأساسيا منه.“[1] والمتحدث هنا عميد للدراسات العليا في الجامعة الإسلامية في لندن.
الوضع الثاني:
وقد ورَد فيه: ”وتحت عنوان: ”المهدي والحوار الاجتماعي والديني وحركة الترجمة“، عالج المؤلف جملة من القضايا المهمة، وأولها الأسباب التي دفعت الخليفة العباسي المهدي بن أبي جعفر المنصور إلى طلب ترجمة كتاب المقولات [كذا] لأرسطو إلى اللغة العربية […]. ويقول الباحث إن الخليفة المهدي لم يكن معنيًا بالكتاب بسبب مكانة هذا الكتاب في الدراسات المنطقية اليونانية، وإنما لأنه يعلِّم فن الجدل والمناقشة على أسس منطقية ويزوِّد الفرد بقواعد المناقشة بين خصمين، السائل والمجيب له. ويتساءل الباحث إذا كانت هذه طبيعة كتاب المقولات [كذا] فما حاجة الخليفة المهدي إلى مثل هذا الكتاب؟ ويجيب عن ذلك بقوله إن المهدي تعرَّض لمحاورين أقوياء، فقد انتشرت ”الفرق المانوية“ المختلفة وغيرها من أشكال الزندقة في أرجاء البلاد، […] كما كان المسيحيون واليهود خصومًا من الناحية الفكرية لاسيما أنهم كانوا يملكون خبرة في الحوار بين الأديان. وبالتالي فقد كانت الحاجة ماسة، في مثل هذا الجو، إلى ”دليل“ بالعربية لتعليم فن الحوار والمجادلة، ولهذا نُصح المهدي من قبل مستشاريه بترجمة كتاب المقولات [كذا] لأرسطو. ويؤكد الباحث أن الخليفة المهدي قد قرأ الكتاب بعناية وأتيحت له فرص تطبيقه، وبالتالي كان أول مسلم يدافع عن الإسلام في حوار مع بطريرك النساطرة الذي يبدو أنه هو نفسه الذي عهد إليه المهدي بترجمة كتاب المقولات [كذا].“[2]
لاستكمال قراءة الدراسة يمكنكم تحميلها عبر النقر هنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] https://www.aljazeera.net/programs/a-book-is-the-best-companion/2005/1/10/الفكر-اليوناني-والثقافة-العربية. روجع بتاريخ 19 يونيو 2020. والتشديد مني. وبالنظر إلى الطابع الشفوي لهذه الشهادة فقد تصرفنا في بعض المواضع دون إخلال بالمعنى.
[2] http://www.elmeda.net/spip.php?article693# والتشديد مني. روجع بتاريخ 19 يونيو 2020.