المقالات

قراءة نقدية في أدلة جواز استثناء بيت الزوجية من التركة

يعد النظام الإرثي المنصوص بالآيات القرآنية أعلى درجات الأحكام المقررة بالنصوص القطعية التي لا مجال لأي تأويل فيها لاتسامها بالدقة في توزيعها والعدل في تقريرها، والعبث في المقتضيات الإرثية والتطاول عليها توجه لم يتردد العلماء في منعه، بالدفاع عن المحكمات من القواطع والانتصار لأحكام الشريعة إحقاقا للحق وإزهاقا للباطل، وعليه فكل قسمة مناقضة لما قرره الله تعالى في أموال الهالك هو ضلال مبين، لأن المال ملك لله تعالى والإنسانية إنما هي مستخلفة فيه، لكن الأحوال ولأزمان قد تتغير وتتطور بما يفرز لنا مسائل يعتقد البعض بضرورة الاجتهاد فيها بما يحقق المصلحة ويرفع الضرر كما هو في تقسيم التركات.

     والمعهود منذ القدم أن ما تركه الهالك يقسمه الورثة عن طريق ما شرعه الله تعالى ويعطى لكل ذي حق حقه، واستثناء بيت الزوجية منه لم يعرف له نظير قبل مما جعل البعض يخرجها على مسألة العمرى التي تندرج ضمن الهبات وهي من عقود التبرع، وجعلها واجبة لم يسمع به قبل خاصة أنه لا يحل شرعا أن يوجب على المكلف ما لم يوجبه عليه الشرع.

    لكن هناك من استدل على صحة ذلك ببقاء زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في بيوتهن وحجراتهن ولم يخرجن بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، ثم كذلك توريث دور المهاجرين النساء فهل هي خاصة بهم أم مطلقة على الجميع؟ وما مدى صحة هذا الاستدلال؟

   وعليه قبل بيان هذه المسائل والشروع في تحليلها كان حريا بالجهات الفاعلة والمكلفة بتعديلات مدونة الأسرة أن ترفع الغموض واللبس الحاصل في بعض المقتضيات والتي هي محل تعديل، بإصدار بيان يوضح للشعب المغربي بمختلف مكوناته المرجعية المعتمدة في الاجتهاد وما يستند إليه من براهين وحجج، حتى نتبصر مدى سلامة هذه التوجهات وملائمتها مع المرجعية التي هي منطلق إقرارها.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى