المقالات

التمييز بين القطعي والظني في أحكام الأسرة وأهميته في رهانات التعديل

يعتبر فهم النصوص من أهم القضايا التي تستحث همة الباحثين لدراسة إشكالاتها المعرفية والمنهجية، خصوصا إذا استحضرنا أن هذه النصوص هي منطلق التشريع و الفهم و عمدة التأصيل والتنزيل، سواء تعلق الأمر بالتشريع الإسلامي أو الوضعي، مع استحضار الفرق بين مصدر النصوص في المجالين ومكانتهما، والنص بطبعه تتفاوت دلالاته على الحكم باعتبارات مختلفة، ترجع  إما إلى مصدره أوألفاظه، أو مقاصده، وهي كلها مُنبِئة عن درجة ما تحمله من أحكام قطعا وظنا.

   وهي على أية حال، تحتاج في التعامل معها فهما وتفسيرا وتطبيقا إلى ضوابط ومحددات علمية، خصوصا إذا اجتمعت في قالب واحد كما هو الشأن في مدونة الأسرة المغربية التي تحمل في صياغة نصوصها مزيجا من مرجعيات متعددة، تتفاوت مساحتها التي أخذتها في صياغة الأحكام بين فترة زمنية و أخرى، يشهد بها تاريخ تشريع وصياغة القانون الأسري بالمغرب.

      وبما أن مدونة الأسرة كانت دوما – عبر تاريخ تعديلاتها-  تصحبها نقاشات متواصلة وقوية، ترمي في غاياتها  كل فئة إلى اختيار  ما تراه مناسبا لحماية حقوق الأسرة بجميع أفرادها، فإن الإشكال العميق الذي يصحب دوما هذا الأمر من بداية إثار النقاش إلى مرحلة مقترحات التعديل، هو عدم التمييز بين القطعي والظني في أحكام الأسرة، وهو ما يلقي بظلال تأثيره على التعامل مع هذه النصوص صياغة وتفسيرا وتنزيلا، و على تصنيف تلك النصوص إلى ما يحتمل الاجتهاد وما لا يحتمل، خصوصا عند استحضار تغيرات الواقع، وطبيعة المجتمعات، وتعدد المرجعيات الفكرية والدينية للمخاطبين المعنيين بأحكام هذه النصوص.

     ومن ثم جاءت هذه الدراسة المقتضبة لتبحث عن مدى أهمية استحضار ضوابط القطع والظن وآثارها في مجال أحكام الأسرة ورهانات تعديل موادها القانونية، وتحاول اقتراح بعض الضوابط العلمية الشكلية والموضوعية التي تعين على كشف القطعي والظني في نصوصها، لتكون نبراسا في تحديد مواقع الاجتهاد والتعديل وحدودهما في مدونة الأسرة، ومراعاة ذلك في صياغة موادها.

    فما هي حدود القطعي والظني عند الأصوليين ؟ وما مدى أهمية التمييز بين القطعي والظني ، وما هي آثار إغفاله؟ وما هي أهم الضوابط العلمية التي يمكن أن نكشف بها القطعي والظني في نصوص أحكام الأسرة لتكون نبراسا في رهانات التعديل الذي طالما صحب نقاشات نصوص المدونة ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى