المقالات

المجتمع المدني: محاولة في التأصيل النظري

المقدمة:

يَشغل، موضوع “المجتمع المدني” La Société Civile، بال كل باحث أو دارس “متعطش” لمعرفة زواياه وأبعاده، وإدراك مضامينه وحمولاته، نظرا لتغير سياقات تطوره تبعا لتغير ظروف تكونه ونشأته. كما أن مدلول العبارة، “المجتمع المدني”، يتغير حسب كل باحث أو مفكر مهتم بالتنقيب في شروطه وأطره المعرفية النظرية والتطبيقية.[1]

ولا يخفى على أحد بأن عبارة المجتمع المدني بكل صورها وتمظهراتها وأشكالها، غالبا ما يطلق بعضها على الجمعيات المدنية والمنظمات غير الحكومية عموما، والتي تلعب دورا طلائعيا في مواكبة متغيرات المجتمع والدولة ومستجداتهما. لذلك، قد نجعل من السؤالين الآتيين بعده، سؤالي انطلاق رئيسي، وهما:

  • هل نجد لمفهوم المجتمع المدني تعريفا موحدا أم أن هناك اختلافات كثيرة ومتنوعة حوله؟
  • هل نفس التطور عرفه مفهوم المجتمع المدني عربيا بالمقارنة مع منشئه الغربي؟

إن الانطلاق من السؤالين أعلاه، سيفرض علينا، بداية، تقديم بعض التعاريف الممكنة بخصوص الجذر اللغوي والاصطلاحي للمفهوم ، قبل الدخول إلى سيرورة تشكله وتطوره في الفكرين السياسيين: الغربي والعربي.

تبعا لذلك، سنعتمد على النقطتين أسفله، في محاولة لتحليل ومناقشة التأصيل الدلالي والمفاهيمي “للمجتمع المدني”.

أولا: تعريف المجتمع المدني: من الدلالة اللغوية والاصطلاحية إلى المفهوم الحديث والمعاصر؛

ثانيا: مفهوم المجتمع المدني: الخصوصية الثقافية والتاريخية لنشأته في الفكر الغربي والعربي.

أولا: تعريف المجتمع المدني: من الدلالة اللغوية والاصطلاحية إلى المفهوم الحديث والمعاصر

لقد أصبحت، منذ القرن العشرين الميلادي، عبارة المجتمع المدني ذات صدى واسع الاستعمال، إذ عرفت انتشارا وذيوعا واسعا بالنظر للمكانة التي تحتلها لدى مختلف المواطنين، إذ أصبح الناس، عامة، يتداولونها كثيرا في خطاباتهم اليومية. وفي هذا الإطار، لم يعد توظيف المجتمع المدني يخلو من طروحات وتساؤلات عميقة، تشكل فضاء للنقاش والحوار؛ الأمر الذي يجعلنا نتساءل أولا عن الدلالات اللغوية والاصطلاحية للعبارة، قبل أن نتساءل ثانيا عن المفهوم الحديث والمعاصر عن عبارة المجتمع المدني.

1-           المجتمع المدني: الدلالة اللغوية والاصطلاحية

تُعد الدلالة اللغوية والاصطلاحية لعبارة المجتمع المدني، من الدلالات التي يصعب لجماعتين علميتين أو أكثر الاختلاف حولها. فإذا تم الإقرار على أن الأصل اللغوي غالبا ما يرد إلى الفعل الذي تستمد منه إحدى الألفاظ أصلها الرئيسي؛ فإن الأصل الاصطلاحي لا يستقر في الغالب إلا عند جماعة علمية واحدة أو اثنتين على الأكثر؛ مع العلم بأن الاختلاف في تلك الدلالات يبقى رهين المحددات أو التجليات التي تتخذ كأبعاد مفاهيمية لتعريف معنى المجتمع المدني. ولذلك، سنعتمد فيما تبقى من نقط هذا البحث “مفهوم” المجتمع المدني، في إطار الانتقال به من الدلالة اللغوية والاصطلاحية، كما سنرى بعده، إلى الدلالة المفاهيمية والثقافية.

·        فيما يتعلق بالدلالة اللغوية

إن العودة إلى المعاجم العربية القديمة كلسان العرب والجمهرة والعين وغيرها من المعاجم، نجدها لم تعرف عبارة المجتمع المدني([2]). فهذا الأخير، كمفهوم، ازداد وتربى ونشأ في المجتمع الغربي، فهو مفهوم يعكس تاريخ وخصوصيات وثقافة هذا المجتمع. فهو دو حمولة ثقافية غربية نتيجة تراكمات تاريخية وفكرية وسياسية تطلبت سنوات طويلة من التكوين([3]).

ولقد عرفته المعاجم العربية الحديثة، كما هو حال “معجم اللغة العربية المعاصر”، على النحو الآتي: “مؤسسات المجتمع المستقلَّة عن سلطة الدولة التي تقوم العلاقات بينها على أساس رابطة اختيارية طوعية، مثل النقابات والأحزاب والجمعيات الأهلية ومنظمات حقوق الإنسان”([4]).  

والملاحظ أن هذا التعريف قريب نوعا ما من التعريفات المتداولة الآن، لكن تم تحيينهما حسب خصوصيات المجتمع([5]).

أما عن معنى المجتمع المدني في المعاجم الغربية فلم يتطرق لها إلا البعض منها، بحيث نجد (Dictionnaire La Rousse) تطرق فقط لمصطلح مدني واشتقاقاته([6])، أما (Cobuild Dictionary) فقد أشار إلى أن الكلمة تستخدم إلى الأنشطة التي يقوم بها الأفراد، وكما تستعمل أيضا للدلالة على التواصل بين الشعب والدولة([7]).

إن لفظة “مجتمع مدني” يراها البعض أنها اشــــتقاق “مواطن” أو بالالتينية ” civil ” وهذه الدلالة أيضــــا توجد في اللغة الألمانية من خلال كلمة” Burger ” المشــــــتق من “Bourg ” لذلك في اللغة الألمانية، اســــــتعمل مصطلح “Buergerlich Geselles cheft”  لترجمة “society Civil” أو “civili Societas” أي المجتمع المدني([8]).

·        فيما يتعلق بالدلالة الاصطلاحية

يستخدم مصطلح المجتمع المدني على نطاق واسع، ونادرا ما يتم الإتفاق عليه، ولا يفهم دائما-وغالبا ما يعني أشياء مختلفة لأناس مختلفين([9])، اذ يعد مفهوما صعب التحديد وذلك نظرا لتعدد مضامينه وتوسع مجالات استخدامه([10]). بما يعني أن هذا المصطلح يغلب عليه الغموض، لأنه قابل لعدة تفسيرات وتفسيرات مقابلة، وذلك نتيجة اختلاف الرؤى الفكرية التي تكون في الغالب ناتجة عن ثقافة الكاتب وبيئته الثقافية ([11]).

وهذا ما أكده جون إهرنبرغ John Ehrenberg  حينما قال: “المجتمع المدني مفهوم ضبابي ومطاط على نحو لا مناص منه، بحيث إنه لا يوفر بسهولة قدرا كبيرا من الدقة ([12])”. “وبالطبع يتغير مفهوم المجتمع المدني من تغير الموقف الأيديولوجي للمتكلم؛ فالمفهوم الليبرالي لهذا المصطلح يختلف عن الفهم الاشتراكي الديمقراطي، وعن الديمقراطي الراديكالي، وكذلك عن الفهم الإسلامي له ([13])”. بحيث أنه: “ليس هناك إجماع بين الباحثين والمفكرين على تعريف محدّد لمفهوم المجتمع المدني، فمنهم من يوسع من مفهوم المجتمع المدني؛ ليشمل كل صور المؤسسات التي تحتل مركزًا وسيطا بين العائلة، بوصفها الوحدة الأساسية التي ينهض عليها البنيان الاجتماعي، والنظام القيمي في المجتمع من ناحية، والدولة ومؤسساتها وأجهزتها ذات الصبغة الرسمية من ناحية أخرى. ومنهم من يضيق المفهوم بحيث يشير إلى التنظيمات الحديثة غير الحكومية التي تنشأ لخدمة المصالح أو المبادئ المشتركة لأعضائها ([14])”.

غير أن البعض يرى المجتمع المدني على أنه: “نتاج محدد للدولة القومية والرأسمالية”؛ بينما، البعض الآخر، يراه “كتعبير عالمي عن الحياة الجماعية للأفراد ([15])”. في حين يرى الباحث عبد الرحيم خالص بأن: “المجتمع المدني مفهوم لا يمكن مقاربته إلا من عدة زوايا. وبالتالي، فهو يضم بالتحديد الهيئات النقابية، المنظمات غير الحكومية، الجمعيات المهنية،  الجمعيات الخيرية…”[16] وغيرها من المؤسسات والأجهزة التي تشتغل في المجالات المدنية والاجتماعية. بينما، أحمد واعضي، يرى – بدوره – بأن “المجتمع المدني هو ساحة لتكون ورشد التشكلات، الكيانات، المؤسسات والأحزاب المدافعة عن الحقوق والحريات الفردية، وفي النهاية فإن سلطة واقتدار الدولة السياسية والاقتصادية سوف تصير محدودة، فيما شرائط المنافسة الاقتصادية أكثر تهيئا وتوفرا، وسيكون للأفراد مشاركة أكثر جدية في مصيرهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي ([17])”.

وخلاصة عما سبق، يمكن القول بأن الدلالة اللغوية والاصطلاحية لعبارة المجتمع المدني، تجعلنا أمام وضوح كبير بخصوص تعريف المجتمع المدني كمفهوم فكري واجتماعي واقتصادي، لا يزال يستوجب العديد من المحاولات لتعريفه بشكل دقيق. ولذلك نتساءل عن: ما هي أهم الدلالات المفاهيمية للمجتمع المدني في الفكر السياسي الحديث والمعاصر؟

2- مفهوم المجتمع المدني في الفكر السياسي الحديث والمعاصر

 يعرف توماس هوبز Thomas Hobbes (5أبريل 1588 / 4 دجنبر 1679) المجتمع المدني على أنه مجتمع سياسي تعاقدي منظم، وهو في نفس الوقت مجتمع تعاقدي يطرح كبديل للمجتمع الطبيعي الذي تنعدم فيه شروط التحضر والازدهار والرفاهية والاحترام الكامل للقانون ([18]). ومن خلال هذا التعريف يتبين أنّه لم يضع حدودا فاصلة بين المجتمع المدني وبين الدولة، وذلك نتيجة الاتجاه العام السياسي عند هوبز الذي يجعل الدولة تتحكم في كل شيء بما فيها المجتمع المدني([19]).

أما جان جاك روسو Jean-Jacques Rousseau  (28 يونيو 1712/ 2 يوليو 1778)

 يرى أن المجتمع المدني هو مجتمع قائم على فكرة العقد الإجتماعي، والمتملك للسيادة، ومن خلالها يستطيع خلق إرادة عامة تفصل بين الحاكم والمحكوم، “عن طريق إيجاد شكل لشركة تجير، وتحمي– بجميع القوة المشتركة – شخص كل مشترك وأمواله، وإطاعة كل واحد نفسه فقط، وبقاؤه حرا كما في الماضي مع اتحاده بالجموع ([20])”.  

في حين، بحث جون لوك John Locke (29 غشت 1632/ 28 أكتوبر 1704) عن أساس عقلي طبيعي للسلطة على الأرض، ويعترف لوك هنا مع ذلك أن الطور الطبيعي لا يخلو من آفات، وآفاته الكبرى أن كل امرئ فيه هو الخصم والحكم في جميع القضايا التي تعنيه، وبذلك لجأ البشر إلى الخروج عن الطور الطبيعي والالتحاق بالمجتمع ([21]). فالمجتمع حسب لوك دوره يتمثل في تنظيم عملية سن القانون الطبيعي، وأكد على أن العقد هو أساس السلطة السياسية، وأن المحكومين “شعبا-أفرادا” هم مصدرها ([22]).

بينما تحدث دي توكفيل Alexis De Tocqueville (29 يوليو 1805/ 16 أبريل 1859) مطولا في كتابه حول “الديمقراطية في أمريكا” عن الجمعيات أو المنظمات المدنية التي تنشأ في الحياة المدنية النشطة وعملها في إطار الدولة، ما يميزها أنها ليس لها أي غرض سياسي ([23]). فالمجتمع المدني حسب هذا الأخير هو فن الارتباط بين البشر، فالتقدم رهين التعاون البشري في مجتمع حر محكوم بحوكمة القوانين لا حوكمة البشر ([24]).

وفي نفس السياق ذهب أنطونيو غرامشي Antonio Gramsci (22 يناير 1891/ 27 أبريل 1937) – بدوره – في تعريفه للمجتمع المدني إلى القول: هو تلك المؤسسات الرسمية وغير الرسمية والوسيطة بين الفرد والدولة والمجتمع، كانت في الماضي أداة هيمنة الدولة على المجتمع ([25])، لكن يمكن بروز مجتمع مدني مقاوم يستغل أزمة الدولة المحايدة للهيمنة على تنظيمات المجتمع المدني، مع بروز دور المثقف العضوي ([26]). لقد حاول غرامشي أن يطرح موضوع المجتمع المدني في إطار السيطرة والهيمنة الطبقية ([27])، إذ قاربه من منظور جديد فاعتبره ليس ساحة للتنافس الاقتصادي وإنما ساحة للتنافس الإيديولوجي ([28]).

أما عن  يورغن هابرماس Habermas Jürgen (ميلاده: 18 يونيو 1992)، فقد عرف هذا المفهوم على أنه: يمثل تلك الروابط والمؤسسات التي ينظمها المواطنون في فضاء عمومي حر، وهي ليست اقتصادية بالضرورة، كما أنها ليست تابعة للدولة. إنه فضاء يجتمع فيه الأفراد والمشاركون للنقاش والتحاور العقلاني حول المسائل والقضايا التي تخصهم وكذا احتياجاتهم من الدولة ([29]). كما عرفه أيضا بأنه: “مجال الإنتاج، التبادل، الذي يشكل جزءا من المجال الخاص، وهو بالتأكيد يختلف عن الدولة ([30])”، ومنه فإن هابرماس ربط مفهوم المجتمع المدني بالفضاء العام الذي وجد كمجال للحوار والنقاش والعمل المشترك ([31]). فالمجتمع المدني حسبه – دائما – هو مجموع المؤسسات: الأسرة، المقاولة، الجمعيات… إلخ ([32]).

لقد تحدث هابرماس، إلى جانب الفضاء العام، عن مقومات أخرى للمجتمع المدني والتي تتحدد عنده في عناصر جوهرية وهي: التعدد الثقافي، الفعل التواصلي والديمقراطية التشاركية. ففكرة التعدد الثقافي والفعل التواصلي، هي التي تمنح للفضاء العمومي قوته كي يفرضها على المؤسسات المشرعة وعلى الحكومات. كما يرى هابرماس أن فكرة الاجتماع هذه هي التي تفرض فكرة الحرية ضد أي حوار يؤدي إلى التأثير بل الإقناع العقلاني عن طريق المحاججة العقلانية في كل القضايا، من خلال إخضاع الحوار لمنطق التعدد الثقافي.

 وبالنسبة للمقوم الأخير للمجتمع المدني عند هابرماس هو ما يسمى بالديمقراطية التشاركية التي تقوم على التحاور، فهو يرفض رفضا تاما ديكتاتورية الحزب الأغلبي. فعند هابرماس حينما يتوافق الناس، الأقلية تلتزم. ولا يمكن أن يتحقق هذا إلا عند تحقيق فعل تواصلي سليم. كما انتقد هابرماس الديمقراطية التمثيلية، فالسلطة عنده تنبع من السياسة التشاورية التشاركية. الحق المشروع عنده وهو المشترك، ليس ناتج عن صناديق الاقتراع، بل الذي ينتج عن تشاور وشراكة وتوافق.

ومن جهة أخرى يرى كارل ماركسKarl Marx  (5 ماي 1818/ 14 مارس 1883)، أن المجتمع المدني باعتباره الأساس الواقعي للدولة، حيث شخصه في مجموع العلاقات المادية للأفراد في مرحلة عودة من مراحل ونظم حضارة أو معتقدات، وبتعبير آخر فإن المجتمع المدني عند ماركس هو مجال للصراع الطبقي، فهو يشمل الحياة الاجتماعية قبل نشوء الدولة ويحدد المستوى السياسي أو الدولة، وبوصفه مستوى تطور العلاقات الاقتصادية يتطابق المجتمع المدني إذن في المعالم العريضة مع البنية التحتية، وبشرط مستويي البنية الفوقية الإيديولوجية والمؤسسات السياسية([33]). واعتبر أيضا أن المجتمع المدني هو “ساحة الصراع الطبقي ([34])”.

   أما هيغل Georg Wilhelm Friedrich Hegel (27 غشت 1770 / 14 نونبر 1831) ربط ظهور المجتمع المدني بتفكك الأسرة ووجود شخصيات متعددة مرتبطة ببعضها البعض بوصفهم ذواتا اجتماعية مستقلة، كل ذات تدخل في علاقات مع الآخرين وتنظر إليهم كوسائل لتحقيق مصالحها الخاصة، فكل واحد في المجتمع المدني يصبح معتمدا كليا على الآخرين وهو اعتماد متبادل يدخل الأفراد في شركات اجتماعية واقتصادية وسياسية وهي شراكات ضرورية لاستمرارية المجتمع ([35]).

“إن هيكل في مؤلفه فلسفة أصول الحق أكد على موقعية المجتمع المدني ومكانته بين الأسرة من جانب والدولة من جانب آخر، ويتكون من الجمعيات والنقابات والمؤسسات وغيرها، وكلّها يشملها القانون المدني، وكلّ ما ينضوي تحت راية المجتمع المدني عند هيجل يقوم بدور اجتماعي وسياسي؛ لأن المجتمع المدني نشأ ليلبي حاجات اجتماعية وسياسية([36])”.

لقد ربط هيغل المجتمع المدني بالأخلاق الاجتماعية وفي ذلك يقول هيجل:” الأخلاق الاجتماعية تنقسم داخليا إلى ثلاثة أقسام هي: الأسرة، والمجتمع المدني والدولة. وهي تمثل عناصر الفكرة الشاملة الثلاثة: الكلي، والجزئي، والفردي. فجوهر الأسرة هو الكلية، فيما يعبر المجتمع المدني عن لحظة الجزئية حيث يبحث أفراده وراء غاياتهم الخاصة، في حين أن الدولة تمثل اللحظة الفردية التي هي مركب الكلية والجزئية ([37])”. كما يربطه أيضا بالأسرة، هذه الأخيرة حسبه هي: “الوجه الأول المباشر للحياة الأخلاقية، وهي المؤسسة الاجتماعية التي تعتمد عليها بقية المؤسسات؛ فعلى هذه المؤسسة يعتمد المجتمع المدني، والدولة، طالما أنه لا يمكن أن يكون هناك مجتمع ولا دولة بدون الأسرة ([38])”. ومن هنا إذن “تمثل الدولة، بالنسبة للأسرة وللمجتمع المدني، ضرورة خارجية وقوة متعالية، تتكيف قوانينهما ومصالحهما مع طبيعتها، لكن، في نفس الوقت، تمثل غاية الاثنين معا ([39])”.

يمكن الخروج في نهاية هذه النقطة بالخلاصة الآتية: إن الدلالة المفاهيمية للمجتمع المدني، تفتح لنا أفق تعريفه بشكل أكثر تدقيقا وشموليا، ولاسيما حين نستند في تعريفه ذاك إلى الفقه الفلسفي والفكر السياسي للعصرين الوسيط والحديث. أما المعاصر، فقد يجعلنا نتساءل بشكل كبير عن مميزاته الثقافية التي تستمد مشروعيتها من النشأة التاريخية للمجتمع المدني غربيا وعربيا.

فما هي الخصوصيات الثقافية والتاريخية التي يمكن التطرق إليها فيما يتعلق بنشأة مفهوم المجتمع المدني غربيا وعربيا.

ثانيا: مفهوم المجتمع المدني: الخصوصية الثقافية والتاريخية لنشأته في الفكر الغربي والعربي

سنكتفي في هذه النقطة بالتطرق إلى النشأة الغربية ثقافيا وتاريخيا (1)، قبل الحديث عن الخصوصية الثقافية والتاريخية لنشأة مفهوم المجتمع المدني في الفكر العربي (2).

1-           خصوصيات مفهوم المجتمع المدني غربيا

لا يستقيم الحديث عن المجتمع المدني من دون التسليم بمكانة الفرد أو الأفراد في هذا المجتمع ([40]). ولقد أسهمت  التجربة التاريخية التي مرت منها المجتمعات الأوروبية في القرنين 17و18، خاصة بفرنسا وإنجلترا، إضافة إلى الأفق الثقافي والفكري الذي ساهم فلاسفة عصر الأنوار في رسم معالمه الأساسية، واعتبرت بمثابة الإطار العام والمجال الواسع الذي احتضن ظهور فرضية المجتمع المدني لأول مرة وبصورة واضحة ومتميزة، وتعتبر هذه التجربة الفكرية حدثا تاريخيا على مستوى فلسفات الحكم السياسية أو ما يعرف بنظرية التعاقد، فبرز مفهوم المجتمع المدني إلى الوجود في إطار الفكر السياسي الليبرالي الحديث عبر تلازم ما هو نظري وتاريخي، وظهور النظرية الحديثة حول الدولة والسلطة ([41]).

كما عاد المجتمع المدني، بعد غياب طويل، إلى الظهور في النظرية السياسية الغربية، إلى تأطير معطيات تمرد المجتمع (المدني) ضد الدولة الاشتراكية في مفاهيم نظرية، خاصة بعد تحدي نقابة تضامن العمالية (التي ضمت ملايين العمال المثقفين) النظام الاشتراكي في بولندا في نهاية السبعينيات. وقد غاب مفهوم المجتمع المدني، من النظرية السياسية عقودا طويلة خلال القرن العشرين ([42]).

أما في الفكر الليبرالي الكلاسيكي، فلم يترك متسعا لحيز عام، خارج المقابلة بين المواطن والدولة والسوق. فكل ما هو حيز عام وليس بدولة فهو سوق، وكل ما ليس حيزا عاما فهو حيز خاص. وكان المجتمع المدني، في يوم من الأيام، تصور لمجتمع خارج الدولة، قائم على اقتصاد السوق، ثم أصبح يرتبط بتوسيع حقوق المواطنة مقابل الدولة. لكنه زال أو زالت خصوصيته، مع تحققه في مفاهيم السوق والمواطنة والديمقراطية التمثيلية وغيرها ([43]).

وفي رصد لتطور المفهوم فقد استخدم عدة استخدامات رافقته منذ نشوئه حتى اليوم، فاستخدامه الأول هو الذي كان يجعل منه مناقضًا لمفهوم الطبيعة والمجتمع الطبيعي، الذي هو لدى بعضهم المجتمع الحيواني أو المجتمع الأبوي أو المجتمع التقليدي أو مجتمع الحرية الأولى ([44]). في حين، “جاء الاستخدام الثاني للمفهوم في القرن التاسع عشر خاصة بعد أن أصبحت السياسة تعاقدية وألغت الصيغة التراتبية، كما نقلت الثورة الصناعية المجتمع الأوروبي من نمط العلاقات الحرفية الصغيرة الحجم والكبيرة العدد التي تربط الأفراد في علاقات عائلية، أو في الإقطاعيات بين السيد وأقنانه، إلى طرح مسائل جديدة على المجتمع، تمثلت في ظهور الاعتماد المتبادل بين الأفراد، إلى جانب ظهور نمط الاقتصاد السلعي بفعل قوانين التراكم والتركز الرأسمالي، الأمر الذي طرح بقوة إعادة بناء هذه العلاقات في موازاة الدولة الحديثة، وعلى هذه  الإشكاليات النظرية، اهتم كبار فلاسفة القرن التاسع عشر وفي مقدمتهم هيغل وماركس بالرد عليها” ([45]).

بعد تلك المرحلة التاريخية، “نشأ الاستخدام الثالث للمفهوم في النصف الأول من القرن العشرين على يد المفكر الإيطالي الشيوعي أنطونيو غرامشي، الذي ترك أكبر الأثر في المفهوم واستخداماته المعاصرة، إذ طرح موضوع المجتمع المدني في إطار نظرية السيطرة والهيمنة الطبقية، واستخدمه في إعادة بناء استراتيجية الثورة الشيوعية في بلاده” ([46]).

ويمكن تلخيص الاستخدام المعاصر للمجتمع المدني في ثلاث مراحل رئيسية: تمثلت الأولى في الانفتاح على المجتمع المدني من قبل الأحزاب والقوى السياسية بهدف ضخ دم جديد في السياسة وإضفاء طابع شعبي عليها. أما المرحلة الثانية فهي مرحلة التعامل مع المجتمع المدني بوصفه منظمات مستقلة موازية للدولة ومشاركة في تحقيق الكثير من المهام التي تهم هذه الأخيرة بالتراجع عنها. وأخيرا المرحلة الثالثة هي مرحلة طفرة المجتمع المدني إلى قطب قائم بذاته ومركز لقيادة وسلطة اجتماعية على مستوى التنظيم العالمي بشكل خاص، في مواجهة القطب الذي تمثله الدولة أو الدول المتآلفة في إطار سياسات العولمة والنازعة إلى الخضوع بشكل أكبر فأكبر في منطق عملها للحسابات التجارية والاقتصادية ([47]).

من خلال كل ما سبق، على مستوى التجربة الغربية المرتبطة بالخصوصيات الثقافية والتاريخية لنشأة مفهوم المجتمع المدني، نتساءل: هل نفس الخصوصيات على مستوى الفكر العربي بثقافته وتاريخه؟

2-           خصوصيات مفهوم المجتمع المدني عربيا

لقد أخذ مفهوم المجتمع المدني في الظهور حديثا، مواكبا تطور حركة الفكر الغربي وتنامي البيئة الغربية التي نشأ فيها ([48])؛ لذلك فإن “الحديث عن جذور المجتمع المدني ومظاهره في التاريخ العربي أو الإسلامي على وجه أعم، يثير عددا من التساؤلات والتحفظات. فالمصطلح حديث، وهو في نشأته واستخدامه المعاصر شديد الالتصاق بالتجربة الغربية، بمعنى أنه قرين العلمانية ([49])”. “ولعل من المفارقات القول لم يتعرف على مفهوم المجتمع المدني بحد ذاته، بل جاء هذا التعرف عبر الاهتمام المتزايد الذي لاقته مؤلفات انطنيو غرامشي في العالم بعد السبعينيات” ([50]). مما يعني أن الفكر العربي لم يتعامل مع المفهوم قبل تلك الفترة باعتباره ظاهرة مستقلة بحد ذاتها، لا على مستوى التأصيل النظري ولا على مستوى الاستخدام الأداتي الإيديولوجي([51]).

ومن المعروف بأنه “مع انهيار نظم الحكم الدكتاتورية في أواخر الثمانينات في شرق أوربا وبعض دول العالم الثالث وتزايد الاتجاه نحو الديمقراطية برزت الدعوة إلى المجتمع المدني كممارسة جديدة في عالمنا العربي، فهو مصطلح لم يكن متداول في الخطاب العام ولم يحظ باهتمام الباحثين، إلا بعد تلك الفترة. فتناوله المفكرون العرب بالدراسة والتحليل، فاختلف موقفهم منه بين مؤيد ومعارض.

فالمؤيدون لفكرة المجتمع المدني ينطلقون من أن التطور الديمقراطي للمجتمعات العربية وتحديثها يتطلب قيام تنظيمات غير حكومية تمارس نشاطا ليكمل دور الدولة ويساعد على إشاعة قيم المبادرة الجماعية والاعتماد على النفس مما يهيئ فرصا أفضل لتجاوز هذه المجتمعات مرحلة الاعتماد على الدولة في كل شيء، وكذلك تصفية أوضاع اجتماعية بالية موروثة من قديم الزمان” ([52]).

بينما المعارضون قادهم الأمر إلى القول بصعوبة تلمس وجود المجتمع المدني في الخبرة العربية الإسلامية، وينطلق هؤلاء من استنتاج وتساؤل مفادهما أن الأبحاث التطبيقية عن المجتمع المدني في الأقطار العربية انتهت إلى أنه ليس هناك مجتمع مدني بالمعنى القائم في الدول القومية الغربية حتى في الأقطار العربية التي انتهجت منهجا تغريبيا ([53]).

وانطلاقا مما سبق ذكره تتأكد لنا مقولة اللغويون حينما قالوا إن أي مفهوم لا يمكن أن ينفصل عن سياقه ([54]). وبالفعل؛ فمنذ مرحلة تأسيسه شهد المجتمع المدني تحولات عميقة. وهذا الشكل الذي هو عليه الآن لم يكن بمحض الصدفة، ولم يتشكل دفعة واحدة، وإنما نتيجة مراحل مر بها وتطورات عدة همت مؤسساته، ناهيك عن إسهامات مؤسسيه ورواده.

الخاتمة:

إن التطرق إذا للخصوصيات المتعلقة بالثقافة والتاريخ الذي تبلور خلالها مفهوم المجتمع المدني غربيا وعربيا، تؤكد بأن هذا المفهوم، لا يزال يحتاج إلى المزيد من التدقيق والبحث ولاسيما في التجارب العربية ومنها التجربة المغربية. فالجدير بالذكر، في نفس الوقت، أن عبارة المجتمع المدني، تظل في ذات الوقت، مفهوما جدليا، يثير أكثر من سؤال حول فحواه ومعناه والهدف الذي من أجله خلق.

وعليه، فإن المجتمع المدني بالرغم من هذا التأصيل النظري المحدد جدا، لا يزال يتطلب مجهودا أكبر لاستخراج محدداته وتجلياته البنيوية والتركيبية التي تجعل منه فاعلا اجتماعيا وسياسيا مضادا أو مكملا للدولة ومؤسساتها السياسية. فهل تعد أدوار المجتمع المدني أدوارا تكاملية أم أدوارا بديلة (ولاسيما في المجتمعات العربية ومنها المجتمع المغربي)؟

——————————————————————————–

 

[1] يمكن الإشارة على سبيل المثال إلى ما جاء به الراحل محمد عابد الجابري (27 ديسمبر، 1936 – 3 مايو، 2010) في دراسته عن “إضاءات وشهادات عن المجتمع المدني”. فالراحل يعتبر من أهم المفكرين المغاربة الذين تركوا بصمة واضحة في االفكر العربي المعاصر. كما هو متخصص أيضا في تشريح العقل العربي طيلة عقود من البحث والإنتاج، سلط خلالها الضوء بعمق تحليلي على مكونات هذا العقل وأدوات اشتغاله والعوائق التي تجعله حبيس التقليد والاجترار والتخلف والتبعية للغرب. ولقد أغنى الجابري المكتبة العربية بتأليفه 30 كتاباً تدور حول قضايا الفكر المعاصر، حصل على جائزة بغداد للثقافة العربية من اليونسكو عام 1988 والجائزة المغربية للثقافة في تونس.

للتوسع أكثر يمكن الإطلاع  على: محمد الشيخ، محمد عابد الجابري مسارات مفكر عربي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الأولى 2011، الصفحات من 7 إلى 10. يطالع أيضا بهذا الخصوص:  محمد همام، تجديد الفكر الإسلامي عند المرحوم محمد عابد الجابري، للمزيد من الإيضاحات يمكن الضغط على  الرابط الآتي :  https://youtu.be/jaLBItNeO5Q شوهد بتاريخ: 14 غشت 2023 على الساعة  4:30 مساء بتوقيت غرينتش.

([2]) وإنما كلّ ما هو موجود من الجذر اللغوي مدن إنما هو ألفاظ المدينة والمدن، ذلك أن المصطلح لم يكن معروفًا في تلك الفترة. محمود كيشانه، المجتمع المدني اسسه المفهومية والاصطلاحية واختباراته التاريخية، المركز الإسلامي للدراسات الاستراتيجية العتبة العباسية المقدسية، الطبعة الأولى، 2017م، ص17.

([3]) حسن مروان، المجتمع المدني من المفهوم إلى الممارسة، مجلة الدراسات الإفريقية وحوض النيل، العدد السادس أكتوبر/تشرين الأول 2019، مجلد 2، المركز الديمقراطي العربي-ألمانيا، برلين، ص134.

([4]) أحمد مختار عمر، معجم اللغة العربية المعاصر، عالم الكتب-القاهرة، الطبعة الأولى 2008، ص2079.

([5]) في موسوعة مصطلحات العلوم الاجتماعية والسياسية في الفكر العربي الإسلامي يغيب مفهوم المجتمع المدني لكن ذكر الاجتماع؛ وفي ذلك قال أرسطو طاليس: “الانبعاث إلى الشركة المدنية ضروري وبالطبع، قال ولذلك نقول أن الإنسان حي مدني بالطبع. سميع رغيم، موسوعة مصطلحات العلوم الاجتماعية والسياسية في الفكر العربي الإسلامي، مكتبة لبنان ناشرون-بيروت لبنان، الطبعة الأولى 2000، ص11.

([6]) Dictionnaire Larousse, Éditions Larousse 2009-Paris,France, P149.

([7]) Cobuild Dictionary, Haper Collins Publishers-Glasgow, second edition 2014,p70.

([8]) حسن مروان، مرجع سابق، ص135.

([9]) What is civil society? The article was published on The Law Family Commission o Civil Society, on the following website : https://civilsocietycommission.org/publication/what-is-civil-society/ Visited On 15/08/2023, At 10:47 p.m

([10]) يطالع: جواد الرباع، الجماعات الترابية والمجتمع المدني بالمغرب بين المقاربة التنموية التشاركية والهاجس الامني التحكمي، مجلة البحوث القانونية والسياسية ، العدد التاسع، دجنبر 2017، ص 8.

([11]) محمود كيشانه، مرجع سابق، ص 19 و20.

([12]) جون إهرنبرغ، المجتمع المدني التاريخ النقدي للفكرة، ترجمة علي حاكم صالح وحسن ناظم، المنظمة العربية للترجمة-بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2008،ص440.

([13]) عزمي بشارة، مرجع سابق، ص44-41.

([14]) إيمان حسن، المجتمع المدني والدولة والتحول الديمقراطي إطار نظري ومفاهيمي، معهد البحرين للتنمية السياسية، سلسلة كتيبات برلمانية الطبعة الثانية2017،ص8-9.

([15]) A lire François Rangeons, Société Civile :Histoire D’an Mot, , Pour plus d’informations voir le lien suivant :https://cutt.us/VH3Fi Vu le: 15-08-2023,À 12:54 p.m.

[16]  Abderrahim Khalisse, La question de la « société civile » au Maroc, Dans :”­Société civile exigences de la démocratie  et du développement” (ouvrage collectif), Hanan Benkassem et Abderrahim Khalisse(Coordinaton), Dar al irfan Agadir- Maroc , Édition 2020, p 26.

([17]) أحمد واعضي، المجتمع الديني والمدني، ترجمة أحمد واعضي، دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع -بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2001، ص51.

([18])  يطالع: توماس هوبز، اللفياثان الأصول الطبيعية والسياسية لسلطة الدولة، ترجمة ديانا حرب-برشى صعب، مطبعة هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث (كلمة)-أبو ظبي الإمارات العربية المتحدة ودار الفارابي-بيوت لبنان، الطبعة الأولى 2011، من ص183إلى ص150. انظر أيضا حسان حمون، مرجع سابق، ص 93-94.

([19]) محمود كيشانه، مرجع سابق، ص21.

([20]) جان جاك روسو، العقد الإجتماعي، ترجمة عادل زعيتر، مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة-القاهرة، طبعة 2013، ص37.

([21]) يطالع: جون لوك، في الحكم المدني، ترجمة ماجد فخري، اللجنة الدولية لترجمة الروائع – بريوت، طبعة 1909، ص17.

([22]) دراسة مشتركة، العقد الإجتماعي عند جون لوك وأثره في بناء صورة المجتمع، مجلة العلوم الإنسانية، المجلد 28، العدد الأول-31 مارس/آذار 2021، ص1.

([23]) توكفيل، الدميقراطية في أمريكا، ترجمة وتعليق أمين مريسي قنديل، عالم الكتب-القاهرة، ج: الأول والثاني، دون ذكر الطبعة، ص485.

([24]) محمد المساوي، نشأة وتطور مفهوم المجتمع المدني مقتطف من إحدى المحاضرات التي ألقيت لطلبة الماستر 16أبريل2022 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول أكادير-المغرب (غير منشورة).

([25]) Antonio Gramsci, Selection from the Prison Notebooks, edited and translated by quintin Hoare and Geoffrey Nowell Smith, ElectBook-London 1999,p.p 266.430.

([26]) محمد المساوي، الجانب السياسي في مفهوم المجتمع المدني مقتطف من إحدى المحاضرات التي ألقيت لطلبة الماستر 16أبريل2022 بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية أيت ملول أكادير-المغرب (غير منشورة).

([27])يطالع: برهان غليون، نشأة مفهوم المجتمع المدني وتطوره، للمزيد من الإيضاحات انظر الرابط الآتي: http://www.mafhoum.com/press/49Sghal.htm#_ftn1 شوهد بتاريخ: 16 غشت 2023، على الساعة 5:36  صباحا بتوقيت غرينتش.

([28]) يطالع في ذلك:  عبد القادر العلمي، المجتمع المدني، مقال متوفر على الرابط الآتي: https://hazbane.asso-web.com  شوهد بتاريخ: 16 غشت 2023، على الساعة 5:43 صباحا بتوقيت غرينتش.

([29]) يطالع: نوار ثابث، الفضاء العام عند يورغن هابرماس: بحث في المفهوم والتحولات التاريخية، ص3 وما بعدها، للمزيد من الإيضاحات انظر رابط المقال: is.gd/WNQJnD شوهد بتاريخ16  غشت 2023، على الساعة 3:06 مساء بتوقيت غرينتش.

([30]) أميرة عادل أحمد، مداخل مفهوم المجتمع المدني وخصائصه وتطور وظائفه، المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، المجلد الثاني عشر، العدد الثاني2021، ص166.

([31]) يطالع: نوار ثابث، مرجع سابق، ص3 وما بعدها، شوهد بتاريخ 4 دجنبر 2022، الساعة 3:31 مساء بتوقيت غرينتش.

([32]) François RANGEON,o.p,p:9.

([33]) إبراهيم السهول، واقع المجتمع المدني وتنزيل الديمقراطية التشاركية بالمغرب، المركز الديمقراطي العربي-ألمانيا برلين، دون ذكر الطبعة، ص18-19. كما أصبح الواقع السياسي آنذاك تابعا للواقع الإجتماعي. يطالع : بوتمور، الصفوة والمجتمع دراسة في علم الإجتماع السياسي، ترجمة وتقديم محمد الجوهرى وآخرون، دار المعرفة الجامعية-الإسكندرية، طبعة 1988، ص6 وما بعدها.

([34]) خالد جاسم ابراهيم حسن الحوسني، الدور الرقابي لمؤسسات المجتمع المدني وأثره في تنمية المجتمع في دولة الإمارات العربية المتحدة-جمعيات النفع العام -دراسة حالة، مذكرة مقدمة ضمن تكملة متطلبات نيل شهادة الماجستير في العلوم السياسية جامعة الشرق الأوسط-كلية الآداب والعلوم، السنة الجامعية 2013/2012، ص19.

([35]) حسان حمون، الدولة والمجتمع المدني في الفكر السياسي الحديث (توماس هوبز،جون لوك،امانويل كانط،فريدريك هيغل)، منشورات مجلة القبس للدراسات النفسية والإجتماعية، العدد الرابع،2022_04-13، ص101.

([36]) يطالع: محمود كيشانه، مرجع سابق، ص28.

([37]) هيجل، أصول فلسفة الحق، ترجمة وتقديم وتعليق إمام عبد الفتاح إمام، دار التنوير للطباعة والنشر والتوزيع -بيروت، الطبعة الثالثة2007، ص46.

([38])  هيجل، نفس المرجع السابق، نفس ص.

([39]) عبد الله العروي، مفهوم الدولة، المركز الثقافي العربي-الدار البيضاء-المغرب، الطبعة التاسعة، 2011، ص31 .

([40]) فالمجتمع ولد مرتين في تاريخ النوع الإنساني: مرة كمجتمع طبيعي التحم فيه الأفراد بروابط النسب والجوار فقامت جماعات طبيعية كانت في سلم التطور دون المجتمع مرتبة لغياب مبدأ التنظيم الذاتي فيها . وولد مرة ثانية حين قامت فيه الدولة، وتلك كانت ولادته الحقيقية كمجتمع.

يطالع: عبد الإله بلقزيز، الدولة والمجتمع جدليات التوحيد والانقسام في الاجتماع العربي المعاصر، الشبكة العربية للأبحاث والنشر-بيروت-لبنان، الطبعة الأولى 2008، ص14-21.

([41]) إبراهيم السهول، مرجع سابق، ص 16-17.

([42]) يطالع: عزمي بشارة، المجتمع المدني دراسة نقدية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات-الدوحة-قطر، الطبعة السادسة 2013، ص22.

([43]) نفس المرجع أعلاه، ص23.

([44]) يطالع: حسام شحاذة، المجتمع المدني، بيت المواطن للنشر والتوزيع-دمشق-الجمهورية العربية السورية، الطبعة الأولى 2015، ص9.

([45]) حسام شحاذة، مرجع سابق، ص10.

([46]) حسام شحاذة، نفس المرجع السابق، نفس ص.

([47])حسام شحاذة، مرجع سابق،  من ص 10 إلى ص 13.

([48]) “دفاعا عن كلّ من الجانب الإجتماعي والجانب السياسي، وهما الجانبان اللذان اهتم بهما قبلا توما الأكويني في تأكيده كون المدينة مجالاً للتفاعل البناء والتواصل بين البشر باعتبار الإنسان حيواناً سياسياً واجتماعياً، وذلك في تعليقه على كتاب السياسية لأرسطو”. محمد كيشانه، مرجع سابق، ص 26-27.

([49]) أحمد شكر الصبيحي، مستقبل المجتمع المدني في الوطن العربي، مركز دراسات الوحدة العربية-بيروت -لبنان، دون ذكر الطبعة، ص41.

([50]) حيث دخلت مفاهيم: المثقف العضوي، المثقف التقليدي، الكتلة التاريخية، المجتمع المدني، الهيمنة…الخ ضمن ما يسمى المنظومة المفاهيمية الغرامشية، وبدرجة أقل مفردات الفلسفة والفكر الليبرالي.  يطالع بهذا الخصوص : كريم أبو حلاوة، إشكالية نشأة “مفهوم المجتمع المدني” وتطوره؛ وتجلياته في الفكر العربي المعاصر، أطروحة معدة لنيل درجة الدكتوراه في علم الاجتماع الثقافي، قسم الدراسات الفلسفية والاجتماعية، جامعة دمشق-كلية الآداب والعلوم الإنسانية، دون ذكر السنة، ص98.

([51]) كريم أبو حلاوة، نفس المرجع السابق،  نفس ص.

([52]) مدان حياة، حول مفهوم المجتمع المدني، للتحميل مباشرة يمكن الضغط على الرابط الآتي: https://www.asjp.cerist.dz/en/downArticle/206/4/2/101051 شوهد بتاريخ 17 غشت 2023، على الساعة 3.55 صباحا بتوقيت غرينتش.

([53]) كما يؤكدون على أن المجتمع المدني يجد أساسه الأيديولوجي في تفاعل ثلاثة نظم من القيم والمعتقدات هناك: الليبرالية، الرأسمالية ثم العلمانية. وهذه القيم والمعتقدات الثلاثة بجوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، لا تتفق مع القيم الإسلامية السائدة في الأقطار العربية. يطالع: أحمد شكر الصبيحي، مرجع سابق، ص 41 وما بعدها.

([54]) كذلك أي ظاهرة كيفما كانت جذورها، لا تدرس، ولا تفهم إلا في سياقها المعرفي والمنهجي، ولا يتأتى فهمها إلا عبر معرفة خصوصياتها. وفي نفس السياق يقول الأستاذ محمد أبو موسى في كتابه: دلالات التراكيب دراسة بلاغية: ” إن السياق قوة تحرك التركيب فينبعث من إشعاعاته ما يلائم”.

إيمان بوغمي

طالبة باحثة بسلك الماستر "الصياغة القانونية وتقنيات التشريع بالمغرب"، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأيت ملول، جامعة ابن زهر أكادير – المملكة المغربية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى