الدّرس الجامعيّ الزّيتونيّ ورهان إنتاج المعنى
«إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الْإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ» [هود: 11/88]
مقدّمة
ارتأينا أن نَسِمَ كلامنا في الدّرس الجامعيّ الزّيتونيّ بمركّب عطفيّ مستوٍ على الرّابط “واو” الّذي يفيد مطلق الجمع، لكون دلالة هذا الرّابط شارعة إلى فرضيّتين تنجلي عنهما مواقف الفاعلين داخل جامعة الزّيتونة، واحدة موجبة، والأخرى سالبة، فأمّا الفرضيّة الموجبة فأنّ ذلك الدّرس مازال منتجا للمعنى، ولا إشكال في إنتاجيّته، وأمّا الفرضيّة السّالبة فأنّه لم يعد مثمرا معرفيّا، وهذه راجحة في منظورنا، وآية رجحانها ما أوقفنا عليه التحاقنا بتلك الجامعة، للتّدريس في المعهد العالي للحضارة الإسلاميّة، من افتقار البحوث المنجَزة هناك إلى الإضافة المطلوبة.
قلّما ألفينا في البحوث الزّيتونيّة من رسائل الماجستير والدّكتوراه قيمة مضافة على الصّعيد المعرفيّ، فما ينطوي على إنتاج للمعنى منها نادر تحجبه السّمة الغالبة الّتي فرضتها طاحونة الشّيء المعتاد، إذ يخلو أكثرها من ابتكار الأفكار الطّريفة ولا يفتح على آفاق فكريّة تتجاوز حدود المعلوم الّذي عفا عليه الزّمن، ومردّ ذلك إلى عوامل مختلفة جماعها، في تقديرنا، سببان لا يسع لمن تتعلّق همّته بالإصلاح أن يتغاضى عنهما، أحدهما المسلّمات الاعتقاديّة الموروثة، وثانيهما التّقاليد المنهجيّة المستحكمة. وعلى هذين السّببين يدور ما يأتي من كلامنا، لنقترح بناء عليه الشّروط الإنتاجيّة الّتي نراها ضروريّة بالنّسبة إلى حقل البحث في جامعة الزّيتونة.
- المسلّمات الاعتقاديّة
يستبطن الفاعلون في الحقل الجامعيّ الزّيتونيّ التّسليم باكتمال العلوم الشّرعيّة وصلاحيّة الموروث المعرفيّ الدّينيّ لكلّ زمان ومكان[1]، والباعث على هذا التّسليم التباس المفاهيم في لاوعيهم، ذلك أنّهم لا يتمثّلون، على نحو حاسم، الحدّ الفاصل بين مفهوم الدّين بصفته معطى إلهيّا ومفهوم التّديّن باعتباره فعلا بشريّا، وهو ما يفسّر تداخلَ مدلوليْ الشّريعة والفقه، مثلا، في بحوث طلبة الماجستير والدّكتوراه، والنّظرَ إلى منجَز القدامى التّأويليّ على أنّه بمثابة امتداد للنّصّ القرآنيّ بل جزء منه لا يتجزّأ ولا يمكن الاستغناء عنه.
وقد تفاقم الأمر بوجه آخر من الالتباس في مستوى العلوم الشّرعيّة، وهو عدم التّمييز بين بِنْيَاتِها ومرجعيّاتها النّصّيّة لكون هذه ثابتة في هيئاتها التّركيبيّة لا تتغيّر، ومن تبعاته أن وقر في الأذهان أنّ تلك العلوم غير قابلة لإعادة التّشكيل مهما تبدّلت السّياقات الحضاريّة، ولهذا أمسى كلّ منحى جذريّ من أشكال الاجتهاد في تحيينها على مقتضى التّحوّلات الاجتماعيّة والمستجدّات المعرفيّة مدعاة إلى الوصم بشائبة ذات عواقب وخيمة، وهي تهمة العمل على تقويض أركان الدّين، إذ استحالت المنظومة المعرفيّة الدّينيّة، في المتخيَّل الزّيتونيّ، شبكة من الثّوابت لا يجوز المساس بها.
فالمشتغلون بالعلوم الشّرعيّة من المنتسبين إلى جامعة الزّيتونة يعتبرون، على وعي أو بغير وعي، أنّ الأوّلين من الأصوليّين والفقهاء والمفسّرين والمحدّثين، فضلا عن علماء العقيدة، لم يتركوا للآخِرين شيئا في تأسيس المعارف الدّينيّة وهندسة قواعدها ورسم حدودها وضبط تطبيقاتها، ولذلك تنحصر أنظار الباحثين من طلبة الماجستير والدّكتوراه في فروع المسائل وجزئيّاتها، ولا تتّجه إلى بِنيَات تلك المعارف ذاتها بقصد طرحها على بساط الدّرس النّقديّ واستجلاء مدى استجابتها لمتطلّبات السّياق الحضاريّ الرّاهن.
ووفق ذلك الاعتقاد، الواعي أو اللاّواعي، في العلوم الشّرعيّة يقف المختصّون بها من الباحثين الزّيتونيّين موقفهم إزاء التّرديّ الحضاريّ الّذي يشهده العالَم الإسلاميّ منذ قرون، فإنّه من المسلّم به لدنهم أنّ هذا التّردّي راجع إلى ابتعاد المسلمين عن تعاليم الدّين، وليس من المُفترَض في منظورهم كون الواقع الدّينيّ الّذي لا يرونه بعين الرّضا ناجما عن فقدان تلك العلوم راهنيّتها مع تقادم بِنيَاتِها وتراكم المعارف وتطوّر المناهج وتعقُّد أحوال الاجتماع البشريّ، وهو ما لا يُعَالَج بآليّة رتق الفتوق، وإنّما يُداوَى بجراحة معرفيّة عميقة.
إذن، يتأسّس الدّرس الجامعيّ الزّيتونيّ على تنزيه المحصول النّظريّ للعلوم الشّرعيّة من إمكان التّكلّس مهما تقادمت بِنياتُها، واختزالِ عوامل الوهَن الحضاريّ الإسلاميّ في الامتناع عن تفعيل التّعاليم المحمّديّة، وهو ما يعكس وجها من الكسل الذّهنيّ الّذي قد يريح الأنفس ويطمئن القلوب، ولكنّه يؤدّي إلى تشكّل تقاليد منهجيّة عقيمة تضيّق من أفق النّظر في مشكلات التّديّن وقضاياه، إذ تُخضِع كلّ مشتغل بالحقل المعرفيّ الدّينيّ لمقدّمات تسدّ كلَّ منفذ إلى تحريك السّواكن، ومن شأن ذلك أن يحول حتما دون إنتاج المعنى.
- التّقاليد المنهجيّة
من أثر التّسليم باكتمال العلوم الشّرعيّة في بِنياتِها أن ظلّت البحوث الجامعيّة الزّيتونيّة، حتّى الآن، مرتهنة لتقاليد منهجيّة متقادمة غير مستوعبة لمستجدّات معرفيّة يفضي تجاهلها إلى اتّساع الهوّة بين تلك العلوم وواقع الاجتماع، إذ مازالت فاترةً علاقةُ الباحثين المنتسبين إلى جامعة الزّيتونة بمنتَجات العصر من المعارف اللّسانيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة، ولئن يكن ذلك راجعا في أحد وجوهه إلى موقف عقَديّ حيال كلّ معرفة لم يشتغل بها السّلف من علماء الدّين، فإنّه ناجم أيضا عن طبيعة التّكوين الّذي يتلقّاه الباحث خلال مساره الدّراسيّ.
يتلقّى الدّارس في جامعة الزّيتونة قدْرا من العلوم اللّسانيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة، لكنّ العناصر التّعليميّة المتعلّقة بهذه العلوم من برامج التّدريس تُدْرَج في معزل عن الوحدات التّعليميّة المخصَّصة للشّرعيّات، حتّى تبدو للطّالب كأنّما هي هوامش لا رابط بينها وبين علوم الدّين، إذ لا تتضمّن تلك البرامج عناوين تحيل على آفاق العلوم الإسلاميّة في ضوء مكتسبات اللّسانيّات[2]، مثلا، أو علم الاجتماع أو الإناسة …، وهو ما ينعكس أثره في البحوث الجامعيّة الزّيتونيّة، حيث قلّما تُثْرَى المباحث الشّرعيّة بمفاهيم أو نظريّات من المعارف الحديثة.
هكذا حَالُ البحث الجامعيّ الزّيتونيّ، مثَله كمثَل الجزيرة المعزولة، لا يتراءى فيه ما يضجّ به عالَم المعرفة من تساؤلات وأفكار، فقصارى ما يكون من اجتهاد الباحث المشتغل بهذا الحقل تفعيل بعض الآليّات الجزئيّة الّتي يُعتقَد كونها كافية لإضفاء الواقعيّة والحيويّة على العلوم الشّرعيّة، وفي هذا الإطار يُحتَفَى بفقه الواقع وفقه المقاصد، مثلا، دون إثارة السّؤال عن مدى راهنيّة المنظومة الأصوليّة ذاتها وصلاحيّة نسقها الكلّيّ لمعالجة ما يواجهه المسلم، الآن وهنا، من القضايا الثّقافيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة.
ومن الطّبيعيّ أن يجرّ الدّوران في فلك نظام المعرفة الموروث إلى التّقيّد بالأدوات المنهجيّة الـتّقليديّة الّتي قد تفقد جدواها مع تغيّر السّياق المعرفيّ، فلا غرو ألاّ تغادر البحوث الجامعيّة الزّيتونيّة مربّعَ إعادةِ إنتاجِ سُنَنٍ من قبيل التّطرّق إلى كلّ مبحث بالتّعريف اللّغويّ والاصطلاحيّ، وهو ما يجعلها محصورة في منظور ثابت من المعاني والأفكار، فلا يتعدّى محصولها اجترار المعلوم من الدّلالات والمألوف من الاستنتاجات، وليس ذلك في الواقع سوى شكل من أشكال التّعبير عن أحكام مستبطَنة سلَفا لا فرضيّات بحث يُرادُ اختبارها.
مازال البحث الجامعيّ الزّيتونيّ حبيس نظام في طلب المعرفة الدّينيّة قطبُ رحاه بعدان ثابتان من السّياق اللّغويّ للمعطى النّصّيّ المرجعيّ بالنّسبة إلى الاجتماع الإسلاميّ، أحدهما البعد التّركيبيّ الّذي استقرّ على هيئة المصحف العثمانيّ تبعا لحملة جمع القرآن على حرف واحد في زمن خلافة عثمان بن عفّان، وثانيهما البعد المعجميّ المستقى من مؤلّفات اكتسبت سلطة معرفيّة باعتبارها مستودع معاني الألفاظ العربيّة، إذ أضحت كالملجأ الآمن لكلّ باحث عن معنى كلمة أو مدلول مصطلح، فلا يُشَكُّ في بياناتها، ولا يُؤخَذ بالحسبان كون ما تنطوي عليه مظروفا غير مطلق.
- الشّروط الإنتاجيّة
إذن، ليس لدرس متشبّث بهذه التّقاليد المنهجيّة وصادر عن هاتيك المسلّمات الاعتقاديّة أن يكون في مستوى الرّهان على صعيد إنتاج المعنى، فلا يمكن للباحث الزّيتونيّ أن يظفر بهذا الرّهان إن لم يُدرِك أنّ انجلاء دلالات المفردات من الكلمات والمصطلحات، على نحو شارع إلى الإثمار المعرفيّ، عزيز مادام النّظر منحصرا في سياقاتها اللّغويّة التّركيبيّة والمعجميّة، وسيظلّ الوعي بذلك متعذّرا ما استمرّت المكابرة في مواجهة فرضيّة تفتح على آفاق فكريّة رحيبة، وهي أنّ علوم الدّين غير مكتملة وشأنها أبدا عدم الاكتمال مهما يبلغ المشتغلون بها من الشّأو في التّفكير.
يُحوِج تعقّد الأحوال الاجتماعيّة وتطوّر المعارف الإنسانيّة إلى إعادة تشكيل ما استقرّت عليه علوم الدّين، حتّى الآن، من بنيات لا يُنكِر عبقريّةَ مهندسيها دارسٌ منصفٌ لكن ليست بمنأى عن مفاعيل صفة النّسبيّة في الفكر البشريّ، فلِما أنّها من منتَجات هذا الفكر كان تشكّل تلك العلوم، في طورها التّأسيسيّ، محكوما بسياقات تكوينها، وما بالعاصم لها من آثار العوامل السّياقيّة الظّرفيّة والثّقافيّة الاستنادُ، في هيكلتها وضبطها وتقعيدها، إلى النّصّ المؤسّس للاجتماع الإسلاميّ، إذ لا تتعيّن فهوم ذلك النّصّ بمعزل عن موجّهات من سياقات تلقّيه تفعل فعلها في المتلقّي مهما يُحكِم منهج تفكيره.
يعكس منحى تفكير المشتغلين بعلوم الدّين، في زمن تأسيسها، ما كان وراء منجَزهم العلميّ الدّينيّ من طلب اجتماعيّ وأفق ذهنيّ، فمبانيها هي، بوجه ما، إجابات عن أسئلة معرفيّة ومنهجيّة أثارتها أحوال الاجتماع الإسلاميّ، حينئذ، في تفاعلاته الدّاخليّة وعلاقاته الخارجيّة، وحتّى تكون صالحة لمعالجة الأسئلة الطّارئة في سياقات تاريخيّة مختلفة لا مناص من إعادة تشكيل تلك المباني على مقتضى التّحوّلات السّياقيّة ببعديْها العمليّ والنّظريّ، وذلك رهين تبيّن الحدّ الفاصل بين الدّين بصفته معطى إلهيّا وعلومه باعتبارها اجتهادا بشريّا.
تأسّست علوم الدّين على عناصر بنيويّة بالنّسبة إلى الإسلام، لكن تختلف دلالات تلك العناصر من سياق اجتماعيّ معرفيّ إلى آخر، ولولا جدليّة الدّلاليّ والسّياقيّ من أبعادها لما تنوّعت تأويلات مفسّري القرآن وآراء المتكلّمين ومذاهب الفقهاء … وأصل هذا التّنوّع كامن في تباين مفاهيم المسلمين للمبادئ الإسلاميّة المشتركة، فالتّوحيد الّذي يجمعهم بوصفه المبدأ المحوريّ في الرّسالة المحمّديّة، مثلا، لم يستقرّ على دلالة واحدة رغم وضوح بنيته المفهوميّة، بل ما فتئت هذه البنية تتشكّل في كلّ ظرف زمكانيّ وفق ما يفرضه من شروط التّلقّي.
يتطلّب واقع المسلمين الرّاهن إعادة تشكيل مفهوم التّوحيد وفق ما يواجهونه من تحدّيات اجتماعيّة ورهانات معرفيّة، ولا يتمّ ذلك من غير تحيين التّعريفات الموروثة للعقيدة والشّريعة والقرآن ذاته[3]، وهو ما لا يستطيع أن ينهض به سوى النّخب الجامعيّة، ولاسيّما الباحثين الزّيتونيّين لكونهم متخصّصين في علوم الدّين، فعلى عاتقهم يقع رهان إنتاج منظومة تأويليّة عقديّة أصوليّة فقهيّة … تعالج مشكلات العصر الحياتيّة وإشكالاته النّظريّة، لأنّ المجتمعات الحيّة والحيويّة هي الّتي تعيد نُخَبُها تشكيل بُنَاهَا الاعتقاديّة والفكريّة برمّتها في ضوء ما تواجه من تحدّيات حضاريّة.
خاتمة
حاصل رأينا في البحوث الجامعيّة الزّيتونيّة أنّ تفعيل إنتاجيّتها المعرفيّة معلّق على مدى استعداد منجِزيها لتجاوز التّقاليد المنهجيّة المعيقة عن التّفكير الخلاّق، ولا يمكن لهذا الضّرب من الاستعداد أن يُوجَد دون تعديل الخلفيّات الاعتقاديّة السّائدة داخل أوساط المنتسبين إلى جامعة الزّيتونة، وهو ما ليس بالإمكان مادام باب الإفادة من مستجدّات المعارف اللّسانيّة والإنسانيّة والاجتماعيّة مُوصَدا، فإنّ إيصاده والاكتفاء بالمناهج الموروثة مانعان من توسيع أفق النّظر النّقديّ ليشمل العناصر الهيكليّة في علوم الدّين وقضايا التّديّن الكلّيّة.
تتيسّر للبحوث الجامعيّة الزّيتونيّة سبلُ إنتاج المعنى بمقدار الجرأة في التّطرّق إلى ما يتعلّق بالدّين والتّديّن من المسائل الشّائكة والأسئلة الحارقة، وهو ما ليس يتراءى إلاّ في حدود ضيّقة مشوبا بشيء من النّزق الفكريّ الّذي يثير الزّوابع الضّارّة ولا يساعد على رأب الصّدع في علاقة دعاة التّجديد بأنصار التّقليد، بل يغذّي أسباب القطيعة الوجدانيّة المعرفيّة بين الفريقين، فتذهب جهود الإصلاح أدراج الرّياح، ويبقى لسان حال الزّيتونة يردّد تساؤل عَلَمِها الأبرز في القرن العشرين، الشّيخ محمّد الطّاهر بن عاشور: أليس الصّبح بقريب؟
[1] هذا ما تنجلي عنه المنهجيّة السّائدة في بحوث الماجستير والدّكتوراه وأشكالٌ من العبارة على منوال الصّيغ التّعبيريّة الآتية: «تنزيل الأحكام الشّرعيّة على الوقائع والنّوازل الطّارئة»، «تطبيق مقاصد الشّريعة عمليّا»، «تنزيل مقاصد الشّريعة» …، إذ تعكس مفهوما للاجتهاد يختزل مفاعيل المجتهِد في عمليّات إجرائيّة محدودة.
[2] ضمن درس ألقيناه على طلبة الإجازة بالمعهد العالي للحضارة الإسلاميّة، تحت عنوان «مدخل إلى اللّسانيات»، حاولنا لفت الأنظار إلى ما يمكن أن يفتح استيعاب فتوحات هذا الحقل العلميّ من آفاق منهجيّة ومعرفيّة في علم التّفسير وعلم العقيدة وعلميْ الفقه وأصوله.
[3] لا بدّ في هذا الإطار من التّمييز بين التّعريف والماهية، فهذه معطى اعتقاديّ إمّا أن يسلَّم به أو لا يسلَّم، أمّا التّعريف فهو فعل منهجيّ وظيفيّ يُنجَز على مقتضى متطلّبات سياقيّة معرفيّة واجتماعيّة.