ولد الفيلسوف والطبيب والمؤرخ والرحالة موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن أبي العز يوسف البغدادي، المشهور بابن اللّباد، في بغداد العام 557هـ/ 1162م، وتوفي فيها العام 629هـ/1231م.[2] ويبدو، مما لدينا اليوم من أخبار، أنه كان عليه أن ينتظر القرن السابع عشر ليشهد جانبٌ هام من تراثه عناية خاصة من قبل بعض الدوائر العلمية في انجلترا،[3] ونعني تحديدا عمله الشهير، كتاب الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة بأرض مصر. فقد اكتشف المستشرق الإنجليزي إدوارد بوكوك Edward Pococke مخطوطة الكتاب عام 1665، وعملَ على نشرها في الثمانينيات من القرن نفسه. ولكن العمل لم يُترجم كاملا إلى اللاتينية إلا العام 1800، بعدَ محاولات، من قبل، تواصلت لِمَا يقرب من قرن ونصف.[4]
غير أن جانبا آخر من متن عبد اللطيف البغدادي عرف طريقه إلى دائرة الضوء في القرن العشرين. وأول ما يجدر بنا ذكره، في هذا الصدد، هو اكتشاف البحّاثة بول كراوس (Paul E. Kraus, d. 1940) في ثلاثينيات القرن العشرين مخطوطة تحمل كتاب البغدادي في علم ما بعد الطبيعة (مخ. دار الكتب المصرية، حكمة 117). وقد قدم وصفا لها في مقالة هامة له بعنوان ”أفلوطين عند العرب“.[5] وفي العام 1959 حصل اكتشاف آخر هام، على إثر رحلة علمية قام بها صمويل مكلوش سترن (Samuel, M. Stern, d. 1969) إلى تركيا، حيث وقف على مجموع يتضمن أعمالا فلسفية وطبية وعلمية للبغدادي (مخ. بورصة، مجموعة حسين جلبي، 823). وقد قدم سترن وصفا أوليا للمجموع ولمحتوياته في مقالة رائدة نشرها العام 1962.[6]
ويتكون المجموع المقصود من 11 رسالة، مرتبة كما يلي:
- كلام على شيء مما قاله ابن خطيب الريّ على بعض كتاب القانون في الطب لابن سينا: 1ظ-19ظ؛ 28و-34و [وقع اضطراب بسبب خلط في أوراق المجموع أثناء التجليد]؛
- قول على حال ابن خطيب الري في تفسيره سورة الإخلاص: 34و-38ظ؛ 20و-23و [وقع اضطراب بسبب خلط في أوراق المجموع أثناء التجليد]؛
- في الرد على ابن الهيثم في المكان: 23ظ-27ظ؛ 39و-52و [بسبب خلط وقع في جمع أوراق المجموع أثناء التجليد]؛
- مقالة في المزاج لعبد اللطيف بن يوسف بن محمد: 52ظ-62ظ؛
- كتاب النصيحتين إلى الناس كافة: 62و-100ظ؛
- رسالة في مجادلة الحكيمين الكيميائي والنظري: 100ظ- 123ظ؛
- رسالة في المعادن وكشف شُبه أهل الكيمياء:[7] 124و-132و؛
- فصول حكمية منتزعة: 133ظ-135ظ؛
- رسالة للإسكندر في الفصل خاصة وما هو: 136و-137ظ؛[8]
- كلمات طبية: 138و-140و؛
- مقالة في المرض المسمى ديابيطس: 140ظ- 149و.
وكما يظهر من قائمة محتويات المجموع، وباستثناء رسالة واحدة للإسكندر الأفروديسي، وهي التاسعة، فإن جميع الرسائل من تأليف عبد اللطيف البغدادي. وقد أصدرنا خمس رسائل (وهي التي تحمل الأرقام: 1، 3، 5، 6، 7) من هذا المجموع ضمن نشرتنا للجزء الأول من الأعمال الفلسفية الكاملة للبغدادي؛[9] ونعمل على إصدار بقية الأجزاء قريبا. أما كتاب النصيحتين (7)، موضوع حديثنا هنا، فيقع في حوالي 48 ورقة: من 62و إلى 100ظ. وكان سترن قد قدم تحليلا أوليا مفيدا له[10] ووعد بنشره، لكنه لم يتمكن من ذلك؛[11] وقد صدر، كما قلنا، ضمن نشرتنا المذكورة للتو. غير أن نشرتنا هذه لم تكن الأولى، فقد تقدمتها نشرتان على الأقل، واحدة جزئية والأخرى كاملة، وهما ما سنقف عنده في هذه القراءة.
وأول ما يمكن للمرء أن يسجل بهذا الصدد أن هذه النسخة التي اكتشفها سترن هي النسخة الخطية الوحيدة التي اعتمدت في جميع النشرات التي عُملت حديثا للكتاب؛ وأما الأمر الثاني، والغريب حقا، وهو أن هذه النشرات السابقة قد حصلت بمعزل بعضها عن بعض، وهو ما سنظهر أدناه.
كان القسم الأول من كتاب النصيحتين الخاص بالنصيحة الطبية قد نشر مرتين من قبل: إحداهما نشرة جزئية، والأخرى كاملة. وأما النشرة الجزئية، وقد صدرت العام 2010 ملحقةً بدراسة لبيتر جوسي Peter Joosse وبيتر بورمان Peter Pormann عن ”الانحطاط والتدهور في العراق وسوريا بعد عصر ابن سينا: البغدادي (1162-1231) بين الأسطورة والتاريخ“.[12] وبضع سنوات بعد ذلك، أقدم بيتر جوسي على إصدار نشرة كاملة للنصيحة الطبية مصحوبة بترجمة إلى الإنجليزية ودراسة مستوفية وبيبليوغرافيا غنية جدا.[13] وعند هذه النشرة سنقف أدناه.
هذا، وقد كان الباحث التركي إنس تاس Enes TAŞ قد قدّم العام 2011 رسالة ماجستير في جامعة أولودا Uludağ Üniversitesi في بورصة، حقق فيها وحلل كتاب النصيحتين للبغدادي.[14] والظاهر أن هذا العمل لم يُنشر، لذلك لم يكن بوسع أغلب دارسي الكتاب وناشريه اللاحقين الاطلاع عليه.[15]
أما العام 2017 فقد عرف ظهور نشرة كاملة لكتاب النصيحتين، بعنوان: كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء،[16] أنجزها محمد كامل جاد[17] وصدر لها فيصل الحفيان.[18]
ويجب أن نقول، أيضا، إن أطرافا من كتاب النصيحتين قد تُرجمت إلى لغات أوربية، وإلى الإنجليزية تحديدا. فقد نشر بيتر جوسي مقاطع من النصيحة الطبية، مترجمةً إلى الإنجليزية العام 2007،[19] قبل أن ينشر الترجمة الكاملة للنصيحة الطبية، مرفقة بالنشرة المذكورة أعلاه. أما النصيحة الفلسفية فقد ترجم ديمتري غوتاس ومارتيني بوناديو فِقَرا منها ودرساها في عملين لهما.[20]
وفي ما يلي لن نقف سوى عند العملين اللذين ذكرناهما أولا، وهما لبيتر جوسي ومحمد كامل جاد؛ أما عمل إنس تاس، فلأنه غير منشور، فإننا نسثنيه من قراءتنا هنا، مع أننا قد قارنا نشرته بنشرتنا لكتاب النصيحتين.[21]
1. بيتر جوسي والنصيحة الطبية
بدأ اهتمام بيتر جوسي بالتراث الطبي لعبد اللطيف البغدادي منذ ما قبل 2003، عندما التحق بجامعة ليدن مشتغلا على مشروع بحثي موضوعه الأعمال الطبية للبغدادي. وقد أثمر هذا الاشتغال صدور عمله الهام الطبيب مثقفا متمردا: كتاب النصيحتين لعبد اللطيف بن يوسف البغدادي (1162-1231) العام 2013، بعد أن كان قد أصدر مجموعة من الدراسات والمقالات الفردية والجماعية.[22] ويهمنا أن نشير هنا إلى أن جوسي قد تمكن العام 2008 بالتعاون مع الدارس المعروف بيتر بورمان من نشر مقاطع من النص العربي للنصيحة الطبية ملحقةً بدراسته المذكورة أعلاه.[23] وعموما فقد كان نشر هذه المقاطع بمثابة تمهيد لإصدار النشرة الكاملة للنصيحة الطبية المشار إليها في البداية.
ويجدر بنا أن نشير، أيضا، إلى أن جزءا من أعمال بيتر جوسي- بما فيها هذه الدراسة التي نشرها رفقة بورمان- يدخل في سياق النقاش الدائر بين النظار، منذ زمن، بخصوص وضعية العلوم في الإسلام في القرن الثالث عشر الميلادي، حيث ساد الاعتقاد أن هذا القرن قد شهد بداية النهاية، حيث أعاق ظهور الأرثودوكسية والتعصب الدينيين تطور العلم وخنق الفلسفة وهمش الطب.[24] لذلك جاءت دراسة النصيحة الطبية للبغدادي من أجل مراجعة هذا الحكم العام بانحطاط الصناعة الطبية في هذه الفترة، حيث أظهر جوسي أن عمل البغدادي الطبي، سواء في شقه النظري الإبستيمولوجي أو في شقه التطبيقي العملي، لا ينسجم وتلك الرؤية لبداية النهاية. وهذه المراجعة تصطف إلى جانب سلسلة من الدراسات التي أنجزها مؤرخو العلوم والفلسفة في السياقات الإسلامية العربية بقصد مراجعة دعوى الانحطاط الذي شهدته القطاعات المعرفية بعد أبي علي ابن سينا (ت. 427ه/ 1037م)، بفعل ضربات أبي حامد الغزالي (ت. 505ه/ 1111).[25]
ومع أن بيتر جوسي ليس وافدا طارئا على ملف البغدادي، كما يظهر من قائمة أعماله، فإن عمله الجديد، الذي نحن بصدده هنا، قد اجتمعت فيه الجودة والرداءة معا. فالعمل جيد من حيث التقديم النظري والجهاز النقدي المصاحب للترجمة والبيبليوغرافية الغنية جدا التي ذيّل بها بحثه. لكن النص العربي الذي غامر جوسي بنشره ضمن عمله المذكور لا يرقى إلى مستوى النشرة العلمية، لأنه فاسد تماما. وفي ما يلي سنقف عند هذين الوجهين معا.
يتكون عمل بيتر جوسي من تقديمٍ (الصفحات 7-62) تعرض فيه بشكل موجز لتاريخ البحث في تراث البغدادي، ولتاريخ النشرة الخطية لكتاب النصيحتين التي اعتمدها في نشره النصيحة الطبية وللقواعد التي اتبعها في نشرته؛ كما قدم لمحة عن محتويات النصيحة المذكورة، وتعرض لحياة عبد اللطيف وعمله الطبي، وللمصادر العلمية التي تؤثث خلفية النصيحة الطبية. بعد ذلك، انتقل لمعالجة مسألتين شائكتين من المسائل التي يثيرهما النص: ناقش في الأولى التي حملت عنوان ”الطبيب والحاكم“ التقويم الذي ضمَّنَه البغدادي النصيحةَ الطبيةَ بخصوص ممارسات بعض أطباء عصره، وبخصوص أخلاقيات الممارسة الطبية؛ وتوقف جوسي مطولا عند علاقة البغدادي بالطبيب اليهودي أبي الحجاج يوسف بن يحيى بن إسحاق السبتي المغربي المشهور بابن سمعون (ت. 623ه/ 1226م) وعند علاقتيهما بسلطان حلب الملك الظاهر غازي بن يوسف الأيوبي (ت. 613هـ/1216م) وبعض أعيان الدولة الأيوبية. أما في القسم الأخير من التقديم فقد تعرض بتفصيل (الصفحات 29-62) للمسألة الثانية التي حملت عنوان ”علاقة عبد اللطيف البغدادي بالخيمياء“. والمعروف بين المهتمين اليوم أن البغدادي قد تعرض لصنعة الخيمياء وعلم الإكسير في مواضع أخرى غير النصيحتين؛ والمجموعة الخطية التي بين أيدينا اليوم تحمل رسالتين تعالجان هذا الموضوع: رسالة في مُجَادَلَةِ الحكيمين: الكيميائي والنظري (100ظ-123ظ)، ورسالة في المعادن وإبطال الكيمياء (124و-130ظ).[26] وقد سبق لجوسي أن درس أطرافا من هاتين الرسالتين العام 2008 في مقال أفرده لذلك بعنوان: ”كشف الصَّنعة: عبد اللطيف البغدادي ورأيه في الكيمياء والكيميائيين.“[27] وإلى ذلك، يجد القارئ في ثنايا هذا العمل مراجعة لدعوى انحطاط الطب العربي بعد القرن الثاني عشر من الميلاد، وهي المسألة التي كان قد توقف عندها هو وبورمان في مقالة مستقلة، وقد افتتحنا بها حديثنا عن جوسي.[28] أما ترجمة النصيحة الطبية إلى الإنجليزية (وهو القسم الثاني من الكتاب، ص63-93) فقد جاءت مصحوبة بملاحظات مفيدة جدا بخصوص مصادر البغدادي. وقد ختم جوسي عمله بقائمة ببليوغرافية شاملة عن صاحبنا، وبفهرس عام خاص بالترجمة الإنجليزية للنصيحة الطبية، وبفهرس للأعلام والكتب المذكورة في فيها. وألحق عمله بنسخة مصورة للنسخة الخطية التي عول عليها في نشرته للنصيحة المذكورة وترجمته لها.
وعليه، يمكن القول إن معالجة بيتر جوسي قد جاءت، من الناحية الشكلية والمنهجية، متوازنة ومنضبطة للأعراف الأكاديمية القائمة على مبدأي التفاعل والتراكم. كما يعكس عمل جوسي تمكنا واضحا من ملف البغدادي ومعرفة دقيقة بالسياق الفكري العام الذي كان يشتغل فيه صاحبنا. فمن جهة أولى، اختار جوسي بشكل حاسم أن يضع عمله ضمن تاريخ الأعمال التي أنجزت عن تراث البغدادي، وهو أمر تميزت به هذه الدراسة حقيقةً؛ إذ يعود الرجل إلى 1962 حيث نشر سترن مقالته عن المجموع الذي يحمل كتاب النصيحتين بين دفتيه، من أجل كتابة تاريخ موجز للاهتمام بهذا الكتاب يرتقي منه إلى عمله. ومن جهة ثانية، إن البيبليوغرافية الغنية التي يجدها القارئ في آخر العمل تظهر سعة معرفة جوسي بملف البغدادي: فقد غطت هذه البيبليوغرافية 50 صفحة من العمل، وشملت مئات الوثائق (مخطوطات ومصادر ومراجع). الأمر الذي يجعل من عمل جوسي مقدمة لإعداد سيرة بيبليوغرافية عن موفق الدين البغدادي.
هذه باختصار أقوى الجوانب التي حملها عمل بيتر جوسي، أما أوهاها فهو النشرة التي أعدها للنص العربي للنصيحة الطبية، كما سنظهر أدناه.
تغطي النصيحة الطبية حوالي 16 ورقة (62و-78و) من مجموع الكتاب، و18 صفحة من نشرة جوسي (95-112). ويجد القارئ في تقديم جوسي وصفا جديدا للوضعية التي توجد عليها النسخة الخطية للنصيحة الطبية ولخصائص الكتابة التي استعملها الناسخ في نسخ عمله؛ وإن كان يعول كثيرا على ما كان سترن قد انتهى إليه. إذ يظهر من قيد الختام أن المجموع قد فرغ من نسخه يوم الاثنين 25 من جمادى الثانية، العام 622هـ/1225م (انظر ورقة 149و)، وأن أرزنجان هي المدينة التي حصل فيها انتساخ المجموع.[29] وفي تقدير جوسي، إن النسخة مقروءة بشكل جيد، ونصها مكتوب من قبل ناسخ حذر للغاية؛ ولم يحصل تصحيح النسخة في نظره إلا في حالة واحدة (77و). ومن أجل تمكين القارئ من آلية لمراقبة نشرته وفحصها، أَلحق بها جوسي نسخةً مصورةً من النسخة الخطية المعتمدة في إعداد تلك النشرة.[30]
ومن جهتنا، نعتبر الوصف الذي قدمه جوسي للنسخة الخطية للنصيحة الطبية بعيدًا عن أن يعكس الوضعية الحقيقية لتلك النسخة. ودون الدخول في تفاصيل الوصف الخارجي لهذه المجموعة التي تضم كتاب النصيحتين، إذ تقدم غيرنا إلى ذلك، فالظاهر أنها قد نُسخت كلها بيد واحدة؛ ولا شيء في قيد ختام الكتاب المذكور (149و) مما يمكن أن يُفْهَم منه أن نسخه قد تم في أرزنجان. ويبدو من كثرة الأخطاء أن كتابة المجموعة تعود لناسخ لا يعرف العربية. صحيح أن النص يتميز بوضوح الخط وجماله، مع الشكل في بعض الأحيان، لكن الناسخ أظهر استسهالا كبيرا تجاه عمليات الإعجام والتصحيف والتأنيث والتذكير؛ فتنقيط الحروف عشوائي ومُضلل في حالات كثيرة جدا. وفي كل الأحوال، إن الوقوف عن قرب على النص المخطوط، من حيث نسخه وكتابته، يفضي بنا إلى القول إن لا شيء في نشرة جوسي للنصيحة الطبية في أصلها العربي مما يفيد أن يكون «المخطوط مقروءا بشكل جيد جدا»،[31] والدليل هو كثرة الأخطاء التي سقط فيها جوسي نفسه.
عند مقابلتنا النشرة التي قام بها بيتر جوسي للنص العربي للنصيحة الطبية مع النسخة الخطية، تأكد لنا أنها لا ترقى إلى مستوى النشرة النقدية، بل هي بعيدة كل البعد عن الإخراج العلمي للنصوص كما هو متعارف عليه في الأوساط العلمية اليوم. فقد عمد الرجل إلى نقل النص العربي كما هو في المخطوط دون تجشم عناء قراءته قراءة سليمة مستوعبة، ولا نقله نقلا صائبا واضحا، ولا فهرسته وإرفاقه بالجهاز النقدي اللازم؛ هذا فضلا عن سقوط مفردات وعبارات كاملة من النشرة.
ونستبعد أن يكون الرجل ملما بأوليات نسخ النصوص العربية ورموزه وعلاماته؛ والأخطاءُ الكثيرة جدا التي ارتكبها تكشف هذا. فقد استعمل الناسخ مجموعة من العلامات والتقنيات في كتابته من قبيل علامات اللحق، وهي عبارة عن رسم شبيه بالظفر الصغير، عند الاستدراك أو الإشارة إلى إغفال كلمة ما، ومن قبيل الكتابة فوق الكلمة ذاتها مع استعمال علامة ”صح“، ووضع ثلاث نقط مثلثة للإشارة إلى الانتهاء؛ لكن الظاهر من المقارنة أن بيتر جوسي كان عاجزا تماما عن فهم بعض من تلك العلامات التي استعملها الناسخ، كعلامات اللحق مثلا؛ وهذا ما يفسر لماذا يجد القارئ في نشرته تجاهلا تاما لتلك الاستدراكات والتصحيحات. وتقريبا كل التصويبات والاستدراكات التي قام بها الناسخ والموجودة في هوامش النص أو أعلى السطر، إما حصل تجاهلها تماما، وإما لم يحصل وضعها في موضعها المناسب.
وبالنظر إلى عدد الأخطاء الواردة في النشرة التي أعدها جوسي (وقد أحصينا حوالي 270 خطأ) فإنه لا يمكن للمرء سوى أن يشكك في قابليتها للاستثمار في دراسة النصيحة الطبية للبغدادي. ولن ندخل هنا في تفاصيل الترجمة الإنجليزية لهذا النص، فلن تستقيم الترجمة ما لم يحصل فهم أولي سليم للنص المترجم. لكن يجدر بنا أن نشير، باختصار، إلى أن المقارنة قد أوقفتنا على وجود نواقص كثيرة في نص الترجمة: وفضلا عن إساءة الترجمة الناجمة عن سوء القراءة، فإن أخطر النواقص، في تقديري، هو الحذف من الترجمة ومن النص معا، كما حصل في الصفحة 88، حيث قرر جوسي حذف جملة كاملة، من النشرة ومن الترجمة معا، مستغنيا بذلك عن خطي العرض الخاصين بمدينتي بغداد والإسكندرية.
وهاهنا عينة فقط لقائمة أخطاء التي ارتكبت في قراءة النص.
الإحالة | نشرة جوسي | الصواب |
62ظ | ينزل الهوى والعصبية. | بترك الهوى والعصبيَّة. |
63و | ويتشبهون به ويتآمرون له ويستقيلونه. | ويتشبهون به ويأتمرون له ويَتَقيَّلُونه. |
64و | حلالتها وعِظَم الحاجة إليها. | جلالتها وعِظَم الحاجة إليها. |
64و | ورُؤَى صادقة وهي منسوبةٌ. | ورُؤَى صادقة في المنام، وهي منسوبةٌ. |
65و | الطَّبِيبَ يُصَادِفُ بِهَا الْوَقْتَ وَالْمُتَطَبِّبُ يُخيطه. | الطَّبِيبَ يُصَادِفُ بِهَا الْوَقْتَ وَالْمُتَطَبِّبُ يُخْطِئُهُ. |
65ظ | وحب أَنْ تكُونَ عِنْدَهُمْ. | وَجب أَنْ يكُونَ عِنْدَهُمْ. |
65ظ | وكِتمانه للسرِّ ويفقد ذلك كله. | وكِتمانه للسرِّ وتَتَفَقَّدَ ذلك. |
66و | الحذق في الصناعة والبراعة. | الحِذْقَ والبَرَاعَة في الصِّنَاعة. |
66و | كان يصرفُ ليلة وساعات فراغة | كان يصرفُ لَيْلَهُ وساعات فراغه |
66ظ | يَصقُل مِرآه وعقله | يَصقُل مِرآة عقله |
67و | ويَسعَى لغازية ودِرهمٌ يَقْتَنِيهُ | يَسعَى لِغَارَيْه ودِرهمٌ يَقْتَنِيهُ |
ولا يتسع المقام هنا لإيراد كل الأخطاء التي حصلت في نشرة جوسي للنصيحة الطبية؛ ولكن بما أننا قد أصدرنا نشرة نقدية لكتاب النصيحتين الطبية والحكمية، فإننا قد زوّدنا هوامش القسم الخاص بالنصيحة الطبية بمقارنة شاملة مع نشرة جوسي؛ ونعيد التأكيد، مرة أخرى، أنه إن كان ثمة من قيمة حقيقية لعمل جوسي فهي في ذلك التأطير النظري الجيد لعمل البغدادي وفي تلك البيبليوغرافية الوافية، أما النشرة فهي فاسدة تماما.
2. نشرة محمد كامل جاد لكتاب النصيحتين
أنجز محمد كامل جاد نشرة كاملة لكتاب النصيحتين، بالعنوان الآتي: كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، وقد أصدره معهد المخطوطات العربية بالقاهرة عام 2017. ويقع العمل في 208 صفحة من القطع المتوسط، ويتألف من تصدير ومقدمة ودراسة ونشرة، فضلا عن فهارس (13 فهرسا) النشرة ومصادر ومراجع الدارسة والنشرة معا.
ويشرح محمد كامل جاد في مقدمة نشرته الحيثيات التي أدت به إلى الاهتمام بالبغدادي، ويعود بها إلى سنوات كتابته لرسالة جامعية (1997-2001) عن دور التشريح والجراحة في تقنين منهج الطب العربي، وقد كانت هذه الرسالة أصل العمل الذي صدر العام 2013 عن مركز جمعة الماجد للثقافة والتراث، بعنوان التشريح والجراحة ودورهما في الحضارة الإسلامية.[32]
ولا بأس هنا من تقديم لمحة عامة عن مكونات الكتاب.
تولى التصديرَ للعمل مديرُ معهد المخطوطات العربية، فيصل الحفيان. والذي يهمنا الإشارة إليه، في هذا التصدير، أمران: الأول منهما تبني المعهد لمشروع نشر الأعمال الكاملة للبغدادي؛[33] إذ صدر كتاب النصيحتين بوصفه العمل الأول ضمن مكتبة الموفق البغدادي. وأما الأمر الثاني فهو تنصيص الحفيان على أن عمل محمد كامل جاد قد روجع؛ إذ يقول: «لقد قرأنا الكتاب (نصا ودراسة) غير مرة وكانت لنا مراجعات ومطارحات مع محققه الفاضل إلى أن استقام على هذه الصورة التي ارتضيناها ورضي عنها.»[34]
أما مقدمة المؤلف فقد تعرض فيها جاد إلى حيثيات تعرفه إلى تراث البغدادي، وإلى اشتغاله على كتاب النصيحتين. ويهمنا أن نضيف أمرين اثنين: الأول قوله: «وفي أثناء تتبعي لمؤلفاته [مؤلفات البغدادي] عثرتُ على مجموع ضم عددا من كتبه المفقودة محفوظا في مكتبة حسين جلبي ببورصة في تركيا، فأردت تحقيقها لأهمية موضوعاتها.»[35] ومع أن جاد لا يذكر رقم المجموع، فالظاهر أن المقصود من كلامه هو المجموع الذي يحمل رقم 823، والذي يحتوي على كتاب النصيحتين فضلا عن رسائل أخرى. وسنعود أدناه إلى هذا الأمر الأول، المتعلق بعثور جاد على المجموع الذي يضم أعمال البغدادي. وأما الأمر الثاني الذي نود أن نضيفه هنا هو أن عمل جاد قد كان مدعوما، جماعيا ومؤسساتيا، وهو أمر إيجابي تفتقر إليه الكثير من الأعمال اليوم. ويظهر هذا الدعم من خلال شكر جاد لجماعة من الزملاء الذين أعانوه على تجويد عمله،[36] ولمدير معهد المخطوطات العربية «الذي رعى الكتاب وقرأه كلمة كلمة وكانت له ملاحظات صائبة أفدت منها أيما إفادة سواء في الدراسة أو في النص نفسه.»[37]
أما الدراسة التي حملها عمل جاد فقد غطت حوالي خمسين صفحة. ركز في الجزء الأول منها على تقديم عبد اللطيف البغدادي للقُراء؛ لذلك فقد تعرض فيه لسيرته ومواقفه من النظار السابقين والمعاصرين له، ومواقف بعضٍ من هؤلاء، أو من الذين أتوا مباشرة بعده، منه ومن أعماله، كما تعرض فيه أيضا لتراثه (المخطوط والمطبوع). أما الجزء الثاني فقد ركز على تقديم كتاب النصيحتين، حيث حصلت، في البداية، موضعة الكتاب في سياق تراث النصائح،[38] وإبراز دواعي تأليف العمل،[39] ونسبة الكتاب للمؤلف،[40] وتوثيق العنوان،[41] ووصف النسخة الخطية المعتمدة في التحقيق،[42] والقواعد المتبعة فيه.[43]
والمأثور عن البغدادي حدةُ لسانه في نقده للفلاسفة وللأطباء؛ حيث تجاوز في أحيان كثيرة حدود النقد إلى تخسيس صورة الخصم والتنقيص من شأنه. ويكفي أن يراجع المرء ما كتبه عن جابر ابن حيان (ت. حوالي 200هـ/ 815) وأبي بكر الرازي (ت. 313هـ/ 925) وأبي العلاء بن زهر (ت. 525هـ/ 1131) والشهاب السهروردي (ت. 587هـ/ 1191) وفخر الدين الرازي (ت. 606هـ/ 1210) وآخرين، حتى يتبين إلى أي حد كان البغدادي يخرج عن طور النقد الهادئ والبَنّاء إلى أمور أخرى. ويجدر بنا أن نقول إن تخصيص محمد كامل جاد جزءا من دراسته لمعالجته هذه المسألة أمر مفيد، إذ من شأن ذلك أن يسلط أضواء على السياق العام الذي كان يشتغل فيه ويتفاعل معه البغدادي. ومن النظار الذين انتقدهم البغدادي من كانوا معاصرين له، كما هو شأن الفخر الرازي…غير أن من الخصومات المثيرة للجدل، تلك التي أعلنها البغدادي على ابن سينا، الذي يظهر، من كثير من المواضع من أعماله، أنه قد قرأ له، كما يؤكد هو نفسه ذلك، في غير ما موضع من النصيحة الفلسفية. ومع أن البغدادي لا يكف عن توجيه النقد لأبي علي والتعبير عن ندمه على قراءة كتبه في شبابه، خاصة بعد اكتشافه نصوص أبي نصر الفارابي (ت. 339ه/950م) وغيره من الفلاسفة القدماء، فإن محمد جاد يذهب إلى القول إن البغدادي: «مع شدة اختلافه مع ابن سينا ونقده له، وندمه على التعلق بكتبه في مقتبل العمر- لم ينس له دور الأستاذ، الدال على مواطن الحكمة، وإن اختلف معه على مضمونها، فيقول في النصيحتين: ”ولذلك صار الأستاذ الفاضل يستحق الشكر التام والمدح الباذخ…“»[44] فالواضح من هذا الموضع أن محمد كامل جاد قد خلط بشكل غير مفهوم ولا مبرر بين أبي القاسم الشارعي (ت. حوالي 600ه/1203م) وأبي علي ابن سينا، عندما اعتبر هذا الأخير هو المعني بالمدح، بينما المعني هو الأول؛ وكأني بجاد يريد أن يخفف من غلواء النقد والسباب اللذين كالهما موفق الدين لأبي علي، فاضطر إلى الاستشهاد بكلام للبغدادي لا يقصد به ابن سينا، وإنما الشارعي، وهو الأستاذ الذي يستحق المدح هنا، لأنه هو من عرفه بكتب القدماء وأعانه على التخلص من سلطة أبي علي.
أما بخصوص تراث عبد اللطيف البغدادي فقد قام محمد جاد بجرد لأعماله، التي هي صحيحة النسبة، المخطوط منها والمطبوع، وقد قدم 27 عملا؛ كما قدم لمحة عن بعض الأعمال المنسوبة إليه خطأ، وتلك التي نسبتها غير مؤكدة. ومن الأعمال التي نسبتها صحيحة، وقدّمها جاد على أنها ما تزال تنتظر التحقيق: المغني الجلي في الحساب الهندي، ومختصر كتاب في ما بعد الطبيعة، ومقالة في الرد على ابن الهيثم في المكان. ويقول جاد عن هذا الكتاب الأخير: «منه نسخة ضمن مجموع محفوظ بمكتبة حسين جلبي ببورصة في تركيا تحت رقم 823، وهو قيد الإخراج محققا ضمن هذه السلسة إن شاء الله.» [45] وسنعود أدناه إلى قيمة هذه الأخبار التي يفيدنا بها جاد.
من المشاكل التي تطرحها المخطوطات مسألة العنوان، خاصة إذا لم ينص المؤلف عنه في المتن. يذهب محمد كامل جاد إلى أن عنوان كتاب البغدادي ليس هو ذاك الموجود في النسخة الخطية، أي كتاب النصيحتين من عبد اللطيف بن يوسف إلى الناس كافة، وأن هذا العنوان إنما يحمل بصمة الناسخ. وينتهي إلى القول إن العنوان الأجدر بالكتاب هو كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، إذ هؤلاء، أي الأطباء والحكماء هم المقصودون بالنصيحتين وليس الناس كافة. واحتياطا من جاد وتحريا منه جعل عبارة: ”للأطباء والحكماء“ على سطر مستقل بخط أقل سماكة.[46]
أما بخصوص النشرة، أعني نص النصيحتين للبغدادي، والذي عليه مدار الأمر كله، فإنه بعد مقارنتنا إياه بالنسخة الخطية من جهة وبالنشرة الجزئية للكتاب، أعني للنصيحة الطبية التي أخرجها جوسي، يجوز لنا أن نقول إنها أفضل بكثير من نشرة هذا الأخير، فقد بُذل مجهود كبير في إخراج نص تسهل قراءته وفهمه واستثماره. وهو أمر مفهوم بالنظر إلى الإرادات الفردية والمؤسساتية التي تقف وراءه. غير أن النشرة، مع ذلك، ظلت تعاني مواطن فساد، حيث حصل سُوء قراءة أو سقط. وسنقف أدناه على بعض من نواقص هذه النشرة، وعلى ما شابها من هنات، غير مبررة أحيانا.
ولكن، قبل ذلك، يجدر بنا الإشارة إلى أنه وعلى الرغم من طول المدة التي قضاها محمد كامل، حسب قوله، في تتبع مؤلفات البغدادي المطبوع منها والمخطوط، فإن الرجل، في حدود ما نعلم، لم يصدر، قبل هذه النشرة، أي دراسة أو مقالة في الموضوع؛ بل أكثر من ذلك إن تتبعنا لأقواله في أجزاء عمله (المقدمة، الدراسة، النشرة، الببليوغرافية) يكشف عن غياب أي دراية كافية بمكونات ملف البغدادي في شقيه الفلسفي أو الطبي؛ الأمر الذي انعكس بشكل واضح على عمله؛ والظاهر من النشرة أن صاحبها لا يأخذ بعين الاعتبار ما حصل في ملف البغدادي من تراكم، نشرًا ودراسةً؛ ويتضح ذلك من المعطيات الآتية:
أما المعطى الأول، والمثير للاستغراب حقا، هو أن يدعي جاد لنفسه الفضلَ في العثور على المجموعة الخطية للبغدادي التي تتضمن كتاب النصيحتين، والمحفوظة ببورصة، تركيا (مكتبة حسين شلبي، رقم 823). ويفهم هذا، أولا، من كونه لا يحيل، لا من قريب ولا من بعيد، على الدراسة الرائدة لسترن، والتي أعلن فيها عن اكتشافه العام 1959 للمجموعة الخطية للبغدادي، ولا عن الدراسة الثانية لألبرت ديتريش، والتي نشر فيها مقالة الإسكندر في الفصل خاصة وما هو؛ كما يفهم هذا، ثانيا، من قوله التالي: «وفي أثناء تتبعي لمؤلفاته عثرت على مجموع ضم عددا من كتبه المفقودة محفوظا في مكتبة حسين جلبي ببورصة في تركيا، فأردت تحقيقها لأهمية موضوعاتها.»[47]وقد ذكرنا هذا القول أعلاه.
يحمل كلام جاد إلغاءً لكل ما تراكم من دراسات جادة من جهة، وعودةً بدرس البغدادي إلى بداياته من جهة ثانية. فالمجموع الذي يتضمن كتاب النصيحتين قد اكتشف ووصف من قبل سترن أولا العام 1959، وكل هذا منشور العام 1962؛ ثم أعيد وصفه، باستقلال عن الوصف الأول، من قبل ألبرت ديتريش العام 1964، وقد ذكرنا هذا في البداية. وادعاء جاد لنفسه هذا الكشف زائف، بل ومتناقض، بدليل أن استعماله للنشرة التي قام بها كل من بول غليونجي وسعيد عبده لعملهما يثبت اطلاعه على المجهودات السابقة؛ خاصة وأن غليونجي وعبده يذكران صمويل سترن وألبرت ديتريش؛ وهما بحسب صريح عبارتهما، يعولان، في تقديمهما لكتاب النصيحتين، على ما خطه سترن أساسا.[48] فضلا عن أنهما قد نشرا بعضا من مكونات المجموع الذي اكتشفه سترن. فكيف جاز لجاد أن يدعي اكتشافه نصا -يعرف أنه- قد اكْتُشف واستُثْمر عقودا من قبل؟
وإلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن هذا المجموع يتألف من إحدى عشرة مقالة أو كتابا، عشرة منها للبغدادي، وواحدة للإسكندر الأفروديسي، وتحمل عنوان ”رسالة الإسكندر في الفصل خاصة وما هو“، وتقع بين 136و-137ظ من المجموع. وقد أخطأ محمد كامل جاد التقدير عندما قال متحدثا عن كتاب النصيحتين: «النسخة الوحيدة من هذا الكتاب تقع ضمن مجموع رسائل للمؤلف نفسه عددها 11 رسالة (149 ق).»[49] إذ يبدو من هذا القول أنه لم يفحص محتويات المجموع عن قرب. وإلى ذلك، فإن محمد كامل جاد لم يقدم أي وصف لمكونات المجموع الذي يوجد كتاب النصيحتين ضمنه. وكان الأولى به أن يفعل، سيما وأنه يدعي أنه صاحب الفضل في اكتشافه. لكن الذي حصل هو أنه لم يذكر من أجزاء هذا المجموع سوى ثمان رسائل، مُتجاهلا بَقيتها؛ وهو أمر غريب أيضا.
صحيح أن إشارات جاد إلى السياق الخصومي الذي كان يتحرك فيه البغدادي يبقى أمرا مفيدا كما ألمعنا أعلاه، لكننا لا نتصور اليوم دراسةً نافعةً لكتاب النصيحتين تُغيّب تغييبا تاما النقاش الدائر بين النظار اليوم بخصوص المسائل التي يثيرها الكتاب، سواء في جزئه الطبي أو في جزئه الفلسفي؛ فقد أنجز كل من فرانز ألمان وسيسيليا مارتيني بوناديو، وديمتري غوتاس، وبيتر جوسي، وآخرين…دراسات هامة في هذا الكتاب، يصعب تصور معالجة له من دون مراجعتها؛ والحال أن جاد يجهل وجودها أصلا.
وفي الواقع، لم يبذل جاد أي جهد يذكر في التنقيب والتفتيش عن الأعمال السابقة التي أنجزت عن البغدادي؛ والحال أن هذا جزءٌ لا يتجزأ من مهام التحقيق. وإلى جانب ذهوله عن الدراسات المعاصرة الجادة التي أنجزت عن نص النصيحتين، فإنه لم يحصل مجهود كاف في تتبع النشرات السابقة التي صدرت لأعمال البغدادي. لذلك، فإن من هذه الأعمال التي قدمها جاد على أنها ما تزال مخطوطة ما قد نُشر منذ زمن. فقد سبق أن حُقق المغني الجلي في الحساب الهندي مرتين على الأقل، وذلك من قبل نارين بلال رسالةً للماجستير بمعهد التراث العلمي العربي العام 2013،[50] ومن قبل محمد سعيد الطريحي العام 2016.[51] أما مختصر كتاب في ما بعد الطبيعة، والصواب ما بعد الطبيعة، فقد كان الباحث المغربي، يونس أجعون، قد حقق العمل ضمن رسالته للماجستير، بكلية دار العلوم (جامعة القاهرة) العام 2015، وكانت بعنوان الآراء الفلسفية عند عبد اللطيف البغدادي (557ه- 629) مع تحقيق كتابه: ما بعد الطبيعة؛ وقد نُشر التحقيق عام 2017.[52] أما مقالة البغدادي في الرد على ابن الهيثم في المكان، فإنها لم تعد مخطوطة، بل هي منشورة رفقة ترجمة فرنسية منذ 2002.[53]
أكثر من ذلك، فلعل أول ما ينبغي أن يقوم به الدارس قبل إقدامه على تحقيق عمل هو فحص ما إن كان هذا العمل قد صدر من قبل أم أنه ما يزال مخطوطا. إن هذا الأمر غائب تماما عن عمل جاد، فالرجل يتصرف وكأنه أول من اكتشف المجموع وألا شيء فيه قد حُقق من قبل؛ وهذا ما يُؤكده المعطى التالي: ليس في عمل جاد ما يدل على علمه بوجود نشرة كاملة للنصيحة الطبية من قبل بيتر جوسي، فضلا عن إنس تاس. وإذا كان العمل الأخير لم ينشر بعد، لذلك يصعب الوصول إليه، فإن جاد قد فوت فرصة مقارنة نشرته بنشرة جوسي، على سوئها، على غرار ما تقتضي أعرافُ التحقيق، فضلا عن تفويته فرصة الاطلاع على التقديم الجيد الذي أطر به جوسي نشرته، وعلى التوثيق المفيد الذي صاحب به ترجمته.
الأمر الآخر الذي نود أن نشير إليه، وهو هام أيضا، يتعلق بذهول محمد كامل عن مصادر البغدادي في كتاب النصيحتين. باستثناء إشارة يتيمة إلى كتاب الفصول لأبقراط،[54] لم يحصل توثيق نقول البغدادي من الفلاسفة والأطباء السابقين. فقد نقل البغدادي من مقالة امتحان أفضل الأطباء لجالينوس، وهي مقالة معتبرة عنده، خاصة في النصيحة الطبية؛ أما في النصيحة الفلسفية فقد نقل البغدادي كثيرا عن جوامع فلسفتي فلاطن وأرسطوطاليس للفارابي، وقد صار هذا معروفا منذ سترن، كما نقل من كتب ابن سينا…لكن هذه المصادر على أهميتها وخطورتها في توثيق عمل البغدادي وضبط قيمته ظلت خارج أفق النشرة التي أصدرها جاد.
وعندما أشرنا، في البداية، إلى أن جاد لا دراية له بملف البغدادي، وقد أظهرنا كيف أن هذا قد انعكس على عمله، فإننا نود أن نضيف، هنا، عنصرا يؤكد هذا الأمر، وهو لائحة البيبليوغرافية التي ختم بها عمله. وتضم هذه القائمة 72 عنوانا بين مصدر ومرجع، اثنان منها فقط بغير العربية، وهما عبارة عن فهرسين عامين، وعمل وحيد عن البغدادي، وهو ذاك الذي أصدره غليونجي وعبده. وعلى سبيل المقارنة الكمية، فإن قائمة الببليوغرافية التي ختم بها جوسي عمله تفوق خمس مرات لائحة جاد؛ بل إن قائمة جاد لا تضم سوى دراسة يتيمة لبول غليونجي عن عبد اللطيف البغدادي طبيب القرن السادس الهجري: شخصيته إنجازاته.[55]
وأما عن الأخطاء التي تخللت نشرة محمد كامل جاد، ففي ما يلي عينة لها، على أننا قد زودنا هوامش نشرتنا لكتاب النصيحتين بمقارنات شاملة بين قراءتنا وقراء جاد.
الإحالة | قراءة جاد | الصواب |
63و | أن أنخلهم النَّصيحة. | أن أُنَحِّلَهم النَّصيحة. |
67ظ | فاترك رجلاً حُمَّ فأتاه من كل فِرقة طبيبٌ. | فأَنْزِل رجلاً حُمَّ فأتاه من كل فِرقة طبيبٌ. |
66و | الحِذْقَ في الصِّنَاعة. | الحِذْقَ والبَرَاعَة في الصِّنَاعة. |
75ظ | وعَرْضُهَا لبٌّ وعَرْضُ بغداد لُجٌّ. | وعَرْضُهَا لب[=32º] وعَرْضُ بغداد لج [=30º]. |
74ظ | وإن النابية لا يُستعمل في أولها ما يسخن. | وإن النَّائِبَةَ لا يُستعمل في أولها ما يسخن. |
78ظ | واكتفوا بما في أيديهم من الحرق عن الجوهر. | واكتفوا بما في أيديهم من الخرق عن الجوهر. |
89ظ | فكتبتُ النَّجَاةَ وحفظتها فترنقت عندي كتب الغزَّالي. | فكتبتُ النَّجَاةَ وحفظتها فتزيفت عندي كتب الغزَّالي. |
90و | كان تارِكاً مشغولاً بالدُّنيا. | كان بَارِكاً مشغولاً بالدُّنيا. |
96ظ | نيل اللذات والأمزاج في الفواحش. | نيل اللذات والإِمْرَاخِ في الفواحش. |
100ظ | لنا في القول بالكيمياء ختر. | لنا في القول بالكيمياء خُبُرٌ. |
100و | فمَنْ شاء أن يَختَلِطَ فَلْيَختَلِطْ. | فمَنْ شاء أن يَحْتَلِطَ فَلْيَحْتَلِطْ. |
كان غرضنا في هذه الدراسة أن ننجز أمرين على الأقل: أولهما أن نقدم، للمهتمين، لمحة عن وضعية كتاب النصيحتين لموفق الدين عبد اللطيف البغدادي في الدرس الأكاديمي الحديث؛ وثانيهما أن نقوم النشرتين المعروفتين لهذا الكتاب، وهما نشرتا بيتر جوسي (2013) ومحمد كامل جاد (2017). وهكذا، فقد حاولنا الوقوف على الوضعية التي توجد عليها النشرتان المذكورتان، سعيا منا إلى توحيد الكلمة، دون توحيد المواقف، بخصوص هذا العمل الهام لموفق الدين عبد اللطيف البغدادي. وإذا كنا قد بينّا القيمة العلمية لتينك النشرتين وكذا حدودهما وأعطابهما، فإنما فعلنا ذلك تمهيدا لإنجاز نشرة علمية، تضمن إخراج نص سليم ومؤطر بخلفياته ومصادره، وقد أصدرناها العام 2018.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[2] انظر بخصوص حياة عبد اللطيف البغدادي، التقديم الذي صدرنا به نشرتنا للجزء الأول من: موفق الدين البغدادي، الأعمال الفلسفية الكاملة، تحقيق وتقديم وتعليق وفهرسة نظيرة فدواش ويونس أجعون وفؤاد بن أحمد (الرباط- بيروت- الجزائر: دار الأمان- ضفاف- منشورات الاختلاف، 2018)، xi-xxv .
[3] لا نقصد بهذه الملاحظة سوى الاهتمام الحديث، وإلا فإن البغدادي قد عرف امتدادا في العالم الإسلامي بوصفه مؤرخا ولغويا ومحدثا.
[4] Gerald. J. Toomer, Eastern Wisdom and Learning: The Study of Arabic in Seventeenth-Century England (Oxford University Press, 1996), 272-73, 275.
[5] Paul Kraus, « Plotin chez les arabes : remarques sur un nouveau fragment de la paraphrase arabe des Ennéades,» Bulletin de L’Institut d’Egypte, XXIII (1941), 268-279.
[6] Samuel Stern, “A Collection of Treatises by ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī,” Islamic Studies 1 (1, 1962), 53-73.
وقد أعاد ألبرت ديتريش العام 1964 وصف هذا المجموع في عمل لا يحيل على مقالة سترن؛ انظر:
Albert Dietrich, “Die arabische Version einer unbekannten Schrift des Alexander von Aphrodisias ueber die Differentia specifica” in Nachrichten der Akademie der Wissenschaften zu Göttingen, Philologisch-Historische Klasse (Göttingen : Vandenhoeck & Ruprecht, 1964), 101-8.
وبسبب جهل رشدي راشد بوجود مقالة سترن، اعتقدَ أن عمل ديتريش هو أول ما نُشر في وصف مخطوطة حسين جلبي. انظر:
Roshdi Rashed, Les Mathématiques infinitésimales du IXe au IXe siècle, volume IV (London: Al-Furqân Islamic Heritage Foundation, 2002 ), 906.
[7] يقع عنوان هذه الرسالة على غلاف المجموع؛ وقد ورد عند بداية الرسالة بالصيغة التالية: رسالة في المعادن وإبطال الكيمياء؛ وكذلك يرد في الترجمة التي خصه بها ابن أبي أصيبعة، انظر عيون الأنباء في طبقات الأطباء، شرح وتحقيق نزار رضا (بيروت: منشورات دار مكتبة الحياة، د. ت.)، 696. ويجب التنبيه إلى أن العنوان الذي ورد عند بداية الرسالة إنما أضيف لاحقا بخط مختلف عن الخط الذي نُسخ به المجموع بما في ذلك عناوين محتوياته.
[8] هذه الرسالة للإسكندر؛ وليس للبغدادي فيها سوى فضل النقل. وهي منسوخة بخط الناسخ الذي كتب المجموع الذي توجد فيه أعمال البغدادي التي نتحدث عنها هنا. ولعل هذا ما يفسر لماذا قال ابن أصيبعة إن البغدادي قد نقل أعمال الآخرين؛ حيث نقرأ: «والذي وجدته من خطه أشياء كثيرة جدا؛ بحيث أنه كتب من مصنفاته نسخا متعددة، وكذلك أيضا كتب كتبا كثيرة من تصانيف القدماء.» عيون الأنباء، 683. والبغدادي نفسه يؤكد ذلك، حيث يذكر أن أبا القاسم الشارعي لما كان يأتيه بكتب القدماء كان هو يكتب منها ما يكتب ويشتري ما يشتري: «وصار يؤنسني بكتبهم، يأتيني بها شيئا فشيئا بعدما يشوقني إليها، فأكتب منها ما أكتب وأشتري ما أشتري.» كتاب النصيحتين، 67.
[9] وقد ذكرنا معطيات ببليوغرافية بخصوصها في عملنا الذي ذكرناه في هامش سابق؛ ومنه نقلنا الفقرة السابقة.
[10] Stern, “A Collection of Treatises by ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī,” 59-66.
[11] Stern, “A Collection of Treatises by ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī,” 61.
[12] Peter Joosse and Peter Pormann, “Decline and Decadence in Iraq and Syria after the Age of Avicenna? ‘Abd al-Latif al-Baghdadi (1162-1231) between Myth and History,” Bulletin of the History of Medicine 84 (1, 2010): 1-29, 28-29.
[13]Peter Joosse, The Physician as a Rebellious Intellectual. The Book of the Two Pieces of Advice or “Kitāb al-Naṣīḥatayn” by Abd al-Laţīf ibn Yūsuf al-Baghdādī (1162-1231), Introduction, Edition and Translation of the Medical Section (Frankfurt am Main- New York: Peter Lang Edition, 2013).
[14] Enes Taş, Abdüllatif el-Bağdâdî’nin Kitâbü’n-nasihateyn Adlı Eseri: Tahkikli Neşir ve Muhteva Analizi (Yüksek Lisans Tezi, Uludağ Üniversitesi Sosyal Bilimler Enstitüsü) Bursa 2011.
[15] أشكر للأستاذ فيصل كايا Veysel Kaya، من جامعة إستانبول، مدي بنسخة إلكترونية لهذا العمل.
[16] كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، تأليف موفق الدين أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (ت 629هـ/ 1231)، تحقيق ودراسة محمد كامل جاد، تصدير فيصل الحفيان (القاهرة: معهد المخطوطات العربية، 2017).
[17] يشتغل محمد كامل جاد مديرا لمركز جمعة الماجد للتراث والثقافة، دبي، الإمارات العربية المتحدة.
[18] يشتغل فيصل الحفيان مديرا لمعهد المخطوطات العربية، القاهرة، مصر.
[19] Peter Joosse, “Pride and Prejudice, Praise and Blame. ‘Abd al-Laṭīf al-Baghdādī’s Views on Good and Bad Medical Practitioners,” in: Arnoud Vrolijk and Jan P. Hogendijk (editors): O ye Gentlemen: Arabic Studies on Science and Literary Culture in Honour of Remke Kruk (Leiden-Boston: Brill, 2007): 129-141.
[20] Dimitri Gutas, “Philosophy in the Twelfth Century: One View from Baghdad, or the Repudiation of al-Ghazālī,” in In the Age of Averroes: Arabic Philosophy in the Sixth/Twelfth Century, ed. by P. Adamson (London Turin: The Warburg Institute – Nino Aragno Editore, 2011),12, 15, 17, 18, 20-21, 23, 24; Cecilia Martini Bonadeo, ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī’s Philosophical Journey. From Aristotle’s Metaphysics to the ‘Metaphysical Science’ (Leiden-Boston: Brill, 2013), 160, 162-163, 164, 165, 166, 167,168, 170, 177, 173, 174-180, 181, 182, 183, 184-185, 189-190, 191, 193.
[21]– يقف القارئ في هوامش نشرتنا لكتاب النصيحتين على مقارنة شاملة بينها وبين نشرن إنس تاس.
[22] Peter Joosse and Peter Pormann, “Archery, mathematics, and conceptualizing inaccuracies in medicine in 13th century Iraq and Syria”, Journal of the Royal Society of Medicine 101 (2008), 425-427.
[23] Peter Joosse and Peter E. Pormann, “Decline and Decadence in Iraq and Syria after the Age of Avicenna? ‘Abd al-Laṭīf al-Baghdādī (1162-1231) between Myth and History.”
[24] Joosse and Pormann, “Decline and Decadence,” 23.
[25] Joosse and Pormann, “Decline and Decadence,” 3, 24. لمزيد من التفاصيل بخصوص هذه المسألة يرجى العودة إلى المقالتين التاليتين:
فؤاد بن أحمد، ”موت الفلسفة في السياقات الإسلامية: في نقد الاستشراق (1)،“ منشورات مركز أفكار، روجع بتاريخ 4-12-2018، https://jfy.pai.mybluehost.me/wp-content/uploads/2018/10/في-نقد-الاستشراق-3-converted.pdf
وانظر أيضا، ”موت الفلسفة في السياقات الإسلامية: سؤال التراكم وصدى الاستشراق في الدراسات العربية (2)،“ منشورات مركز أفكار، روجع بتاريخ 4-12-2018، https://jfy.pai.mybluehost.me/wp-content/uploads/2018/10/في-نقد-الإستشراق-3-معدل-converted.pdf
[26] والعملان معا نشرا ضمن موفق الدين البغدادي، الأعمال الفلسفية الكاملة، الجزء الأول، 89-140، 141-157.
[27] Peter Joosse, “‘Unmasking the Craft’: ‘Abd al-Laṭīf al-Baghdādī’s Views on Alchemy and Alchemists,” in Islamic Thought in the Middle Ages: Studies in Text, Transmission and Translation, in Honour of Hans Daiber, ed. by Anna A. Akasoy and Wim Raven (Leiden: Brill, 2008), 301-317.
[28] Joosse and Pormann, “Decline and Decadence.”
[29] Joosse, The Physician as a Rebellious Intellectual, 9.
[30] Joosse, The Physician as a Rebellious Intellectual, 9.
[31] Joosse, The Physician as a Rebellious Intellectual, 9.
[32] لم نطلع على العمل.
[33] فيصل الحفيان، ”تصدير“، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 11.
[34] الحفيان، ”تصدير“، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 9. وقد أثار الباحث إسماعيل أصبّان انتباهنا إلى خطأ في كلام الحفيان بخصوص القرنين اللذين عاش فيهما البغدادي، حيث قال عنه: ”وهو عالم كبير من علماء القرنين الخامس والسادس الهجريين.“، 9. وللتذكير فإن البغدادي قد ولد العام 557هـ/ 1162، وتوفي العام 629هـ/ 1231.
[35] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 13-14.
[36] جاد، عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 15، حيث يقول: يقول: «أشكر الأخوين مصطفى صلاح محمد، سامي حسين كراجه على مشورتهما ومراجعاتهما اللغوية، فقد كانا يقفان معي أياما حول كلمة استغلق عليّ معناها أو استصعب قراءتها، حتى يفتح الله علينا بالمعنى.»
[37] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 15.
[38] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 71-74.
[39] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 75-77.
[40] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 77.
[41] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 78-80.
[42] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 80-82.
[43] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 85-86.
[44] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 38.
[45] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 59.
[46] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 80.
[47] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 13-14.
[48] انظر تقديمهما لنشرة: مقالتان في الحواس ومسائل طبيعية، رسالة للإسكندر في الفصل، رسالة في المرض المسمى ديابيطس، دراسة وتحقيق بول غليونجي وسعيد عبده (الكويت: منشورات وزارة الإعلام، 1972)، 27.
[49] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، 80. وكان رشدي راشد قد ذهب في تقديمه لنشرة مقالة البغدادي في المكان إلى أن المجموع يتكون من 11 رسالة. انظر:
Roshdi Rashed, Les Mathématiques infinitésimales du IXe au IXe siècle, vol. IV, 906.
[50] http://www.alepuniv.edu.sy/content/thesis/تحقيق-ودراسة-مخطوط-المغني-الجلي-في-الحساب-الهنديلغببد-اللطيف-البغدادي-المتوفي-في-629
[51] عبد اللطيف البغدادي، المغني الجلي في الحساب الهندي، ضمن مجموع يضم أيضا أصول حساب الهند لكوشيار بن لبان الجيلي ولب اللباب في شرح خلاصة الحساب لسليمان الحنفي القادري الكشميري، تحقيق محمد سعيد الطريحي (بيروت: دار الرافدين-أكاديمية الكوفة- أبوس، 2016).
[52] موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، ما بعد الطبيعة، حققه وقدم له يونس أجعون (بيروت: دار الكتب العلمية، 2017).
[53] Rashed, Les Mathématiques infinitésimales du IXe au IXe siècle, vol. IV, 901-953.
[54] جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، ص 111، هـ 4.
[55]جاد، ضمن عبد اللطيف البغدادي، كتاب النصيحتين للأطباء والحكماء، ص 205، المرجع رقم 41.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لتحميل نسخة PDF من الدراسةيُرجى النقر هنا