المقالات

الإيمان بوصفه سكينة للروح عند عبد الجبار الرفاعي

حينما وطأتْ قدماي أرض القاهرة الحبيبة ، وكان قد اعتمل في روحي فوبيا الوحدة ، التي عانيتُ منها بعد رحلتي السابقة والملابسات التي حصلت معي بشأن الإقامة الفندقية وتوقيت جلسة القراءة الشعرية ، لكني أعتقد في كل يوم أن الله كفيل بإزاحة تراب الغربة عن قلبي الملغوم بالوحشة ونفض تراب الذل عن وجهي الذي يحدق في الأرض، خشية ان تقع عيناي على من هم أرفع منزلة ، هؤلاء لا يجب النظر اليهم، بل وضعهم بحنو بالغ في العقل الواعي والباطن والنهل من أرواحهم الهادئة المسالمة المفعمة بالإيمان .

    في فندق “تيوليب” في القاهرة كنتُ بمعية بروفيسور عراقي مدعو لمعرض القاهرة الدولي للكتاب أيضا ، كان معي في نفس الطائرة، التي أتت بنا من بغداد إلى القاهرة ، سأكتب عنه بعد إكمال المؤلفات المذهلة التي زودني بها، والتي جعلتني في حيرة أيهما أقرأ ، وأنا أبحث كدودة القز لكثرة الهوامش في مؤلفاته .

 كنتُ أتناول أفطاري بمعية البروفيسور في مطعم الفندق  ، في اليوم التالي تأخرتُ عن الوقت المعتاد للإفطار ووجدتُ البروفيسور يجلس مع مجموعة من المفكرين والنقاد العراقيين ، وللخلق الرفيع الذي يتميز به رفيقي في الرحلة دعاني للنهوض والإفطار معهم ، إلا أني لم أذهب قلت له  كيف تفعل هذا من تخجل من ظلها ، من كتب عليها الوحدة قياما وقعودا وسفرا وحديثا وترحالا لا عجب ان تكتب عليها الوحدة افطارا.. ابتسم في وجهي وذهب .

        كان هناك وجه مضيء ينبعث منه النور اينما وليت نظراتي ، يا الهي إنه الدكتور عبد الجبار الرفاعي .. ضمن الكبار الذين يفطرون معا ، بعدها  استجمعت كل شجاعتي في صالة فندق تيولب الذي نقيم فيه نحن ضيوف معرض القاهرة الدولي للكتاب ، بعد أن حياني بوداعة من فرط الإيمان في حديثه ومحياه  ازددتُ جرأة وأنا أطلب منه  ان التقط صورة معه  ، أنا التي لم تطلب من أي من المشاهير الكثر الذين التقيتهم في حياتي، بل حتى الرؤساء من التقاط صورة معهم ، كنتُ وما زلت في ذهول تام من تلك الطاقة الروحية العجيبة التي غمرتْ المكان، وهذا الهدوء وتلك السكينة اللذان يملآن محياه ، كان بودي ان أقول له إنك منشغل كثيرا وعملك بالدقائق وليس بالساعات، كيف لي أن أقول لكَ إن رأسي الصغير هذا يمتلك ورشة لأسئلة كونية ، وان هذه التقوى التي خص الله بها تقاطيعكَ قد فقدتْ في زمننا هذا، كما فقدتْ أبوابنا الخشبية العملاقة .

  لغة الدكتور الرفاعي مشبعة بالرحمة والرقة والمحبة ، وكنتُ كلما قلتُ له من أين تأتي بتلك الهالة النورانية يرد علي: “الله هو النور والرحمة والمحبة والجمال والسلام ، هذه صورة الله بقلبي ، وهذا هو الدين الذي يشرحه مشروعي في تجديد الفكر الديني في الإسلام ، وأدعو اليه وأعيشه وتتحقق فيه حياتي بطور وجودي ايماني أخلاقي جمالي ، وأحاول أعيشه في عائلتي ومع كل الناس حتى المختلف قي دينه ومعتقده وثقافته” .

مازلتُ أعيش أجواء تلكَ الغرفة الطينية في إحدى قرى الرفاعي في مدينة الناصرية  ، وانظرُ الى طفلٍ وديع حائر لا يعرف اين يشيح بوجهه، حين يخترق المطر شقوق السقف ، وحين يخدش هذا الأزار الصوفي “الذي حيك باليد مباشرة دون معالجته “. ما زالتْ عيناي معلقتين بهذا الطريق الطيني الطويل، الذي يتجاوز 6 كم، ذهابا إلى مدرسة المتنبي الابتدائية، و15 كم ذهابا الى مدرسته في المرحلة المتوسطة في قلعة سِكر ، وتتسمر نظراتي أمام تلكَ الأقدام الطرية وقد اخترقتها الأشواك والمحن والمصاعب .

 ووجدتني ما زلتُ أبكي وأنا في السادسة من عمري عائدة من مدرستي المسماة المتنبي أيضا، التي تبعد عن بيتنا 300 متر ، في كل مرة اعود لأمي وقد تلطختْ ثيابي بالطين جراء دفع الصغار والصغيرات لي أثناء انتهاء الدوام .

      ولأني مولعة بالأمهات حتى أني وجدتُ ذات عام عباءة معلقة على شجرة ، قلتُ لها اعذريني يا أمي لا يتوجب علي المرور من أمامكِ أنا انحني اليكِ وأمضي .. فكيف بتلك الأم العظيمة ام عبد الجبار الرفاعي التي تفتتح الصباح بالصلاة على محمد واله وصحبه صلوات الله عليهم أجمعين، ليهدأ الفجر بهذا الدعاء ويستيقظ ابنها الغض ، وهو يستنشق طعم الإيمان وحلاوة الفجر، ويبحث في الظلام عن فسحة ليؤدي الصلاة .   

        أحد الرعاة الذين نقل حكايتهم الدكتور الرفاعي عن جلال الدين الرومي في مجمل حديثه عن أيام الطفولة والصبا  ، كان  يتكلم مع ربه ويطلب منه بعض الطعام والشراب وبعض النعم ، مخاطبا إياه بلغة كأنه يخاطب صديق له ، وكان هناك النبي موسى  يستمع اليه ويستهجن مخاطبته للمولى بتلك الطريقة .. ذكرّني بما روته لي أمي في طفولتي حينما بدأتُ القراءة والكتابة وتعلمتُ الصلاة ، كنتُ أضحكُ في سرّي على صلاة والدتي المرتبكة واعلمها الآيات بشكل صحيح، إلا أنها تخطىء مرة أخرى .. نهرتني بقولها يمه انا احسن من “تخيته” التي تصلي، وتقول طيلة الفرائض “تخيته تعرف ربها وربها يعرف تخيته”، وقد قبل الله صلاتها، بل أن شيخ الجامع الذي اعترض على صلاتها يقال إن هناك ملكا اتاه في المنام يقول له: لقد ذهبتْ كل صلاتكَ لتلك السيدة .. وحدث ذات الأمر مع أبي الذي أمضى فترة كهولته وعجزه قربي بعد وفاة والدتي .. والذي كان مصرا على الصلاة وأداء الفرائض، وهو في أشد حالته مرضا ، وكنتُ قد اخذتُ العبرة مما نهرتني به أمي في طفولتي، ولم أعد أصحح له وهو يقول: “حي على الفلاة ، حي على خيرٍ انعمل” ، مع قراءته لبعض الآيات القرآنية بصورة غير صحيحة. تذكرتُ جارنا في الجنوب حجي طارش الذي كنتُ استمع اليه حينما يصلي فجرا عبر السياج الذي يفصلنا عنه حين كنا ننام على سطح بيتنا وهو يردد: “عصيتي وعبيتي والله وأكبر” .. حجي طارش حلم به نصف الناس في محلتنا أن الملائكة كانتْ تسير خلفه حين شيعوه الى مقبرة السلام . هكذا مع راعي الرومي الذي قُبل دعاؤه بمرسوم إلهي صدر عن الله الرحين المحب لخلقه الذي يعرف عجزهم.

     هذا هو الإيمان الفطري الحقيقي، الذي لم تخرجه المدارس او الأيديولوجيات او المؤسسات الدينية ، فمن نما في داخله الإيمان يتعذر على كل المناوئين أن يشككوا بقربه إلى الله .

     في الفصل الأول “نسيان الإنسان” من كتاب الدين والظمأ الأنطولوجي  يقول الرفاعي: “ان الطفل الكامن في داخلي هو من يوجه حياتي بجانبها الإيجابي ، الحياة البسيطة والتدين البريء والطفولة الشقية .. هو طفل يولد كل يوم ، حيث وفر له الإيمان .. الطمأنينة والحماية والسكينة”.

     كم أوجعتني تلك العبارات وكم استطالتْ روحي لتشتبك بكل ما أوتيت الحياة من غربة ، وهو يصور غربة الإنسان، فيقول:  “يولد الإنسان بمفرده ويحيا بمفرده ويموت بمفرده وما بينهما من معاناة فردية بحتة يتحملها الإنسان لوحده”. يتحدث عن رحلته الشاقة في الحياة ، وتلك الغربة الوجودية التي خاض غمارها والتي لم ينقذه منها سوى الإيمان الحقيقي والتوجه لله بعفوية المؤمن .  ويقول أيضا: “إن الحرية أشق من العبودية ، أن تكون عبدا يعني أنكَ لست مسؤولا عن أي شيء حتى عن نفسكَ” .              

     محطتان قاسيتان في حياة الرفاعي غربة الطفولة ، التي ألمتْ به جراء طبيعة الحياة الاجتماعية في القرية التي كان يعيش فيها ، حيث إن أهله من عشيرة تختلف عن عشيرة القرية  التي يسكنونها ،  والثانية هي اغترابه عن ذاته في الإسلام السياسي .. ظنا منه أنه سيكون له كهفا وملاذا .. هاتان المحطتان زرعتا في روحه غربة عميقة لتصبح غربة ذات فيما بعد .

           ورث الأخلاق عن معلمَي الأخلاق الصامتين أمه وأبيه ، يتحدث عن أسماء أخوانه وأخواته الذين فقدهم أثر الأوبئة ، وما للأسماء من علاقة مع الطبيعة عسى أن تقيهم من شرور الموت ، عن والدته التي غرستْ في روحه  الإيمان ، يتحدث عن بيوت القصب، وعن التنور الطيني ، والفجر الذي يبدأ بذهاب ابيه الى الحقل ونهوض امه للصلاة. شردتْ بي الذاكرة بعيدا إلى بيت أبو طالب المتاخم لبيتنا في حي عواشة في ميسان ، كان يسمى بـ (الجمالي) وهو عبارة عن بيت من قصب مطلي بالطين، وفيما بعد تحول إلى قصر رنان حينما غادره أهله وسكنه غيرهم .

     تشكلت النواة الأولى لنبوغ الدكتور الرفاعي  وعلمه ، حينما بدأ ولعه بالطوابع البريدية، ومن ثم رغبته في اقتصاص صور الفلاسفة والمفكرين واعلام الدول بألوانها الأحمر والأسود والأخضر من المجلات التي يشتريها بمصروفه اليومي  وإلصاقها في الغرفة الطينية لبيت الطفولة .   

  في  مرحلة الرابع ثانوي في الشطرة بدأ يقرأ لعلي الوردي ، أنا اتخيل هكذا أن عبد الجبار الشاب الهادىء الوديع سحب هذا الكتاب من رف المكتبة ، وهو بهذا العمر ليتعرف على العراق وتاريخه ثم ينبهر فيما بعد  بطريقة طرح الأفكار واللغة السلسة  اللماحة التي هي خاصة بالدكتور الوردي حصرا  “لمحات اجتماعية في تاريخ العراق الحديث”  ، ثم كتاب لسيد قطب  “معالم في الطريق” ، الذي قرأه أبناء جيله وتهافت أغلب مريدي سيد قطب  لمعرفة تلك المعالم. وهنا أبهرتهُ لغة الكتاب الشاعرية وحماسة سيد قطب وروح التمرد التي يمتلكها .. لكن الدكتور الرفاعي استطاع فيما بعد التوصل إلى أن لغة سيد قطب هي لغة ثورية مشبعة بمفاهيم ايدلوجية لا تجتمع مع هذا الظمأ الوجودي الذي يعيشه .

       سيد قطب وأبو الأعلى المودودي وحسن البنا وكل مؤسسي وكُتاب الإسلام السياسي السني والشيعي ، كان هو البداية الممهدة لخروج الدين من مجاله الروحي والأخلاقي واستحواذه وتسلطه على كل شيء في حياة الإنسان .. هؤلاء الثلاثة وظفوا الدين لصالح الثورة.      

  سؤال بدأ يؤرقني ويلتف حول ذاكرتي ، هو لِمَ لا يكتفي الإنسان بوجوده الخاص ويقع على الدوام في براثن  الوحشة والغربة وهذا ما أعانيه بافراط  وأنا أردد مقولة كامل مصطفى الشيبي: “وكنت أسأل نفسي ذاك السؤال الذي سأله الحلاج لنفسه ماذا أفعل ؟”

   ليجيب علي الدكتور الرفاعي في كتابه هذا: “الإيمان والحب كلاهما يتكلمان لغة واحدة ، الحب بلا إيمان فقير ، الإيمان بلا حب عنيف ، وحده الإيمان يثري وجودنا ويكرسه ، إن كان الإيمان يتكلم لغة المحبة والرحمة والسلام”.

  حينما قرأتُ كتاب “الدين والظمأ الإنطلوجي ” لأكثر من مرة بل لا أبالغ إن قلت بأني حفظته عن ظهر قلب وعقل ، اتضحتْ لي خارطة الدكتور الرفاعي في تجديد الفكر الديني وفقا لرؤيته الإيمانية الرحمانية المضيئة .. وكانتْ طروحاته تجيب عن كل ما يجول في نفسي .

  كل ما يكتبه – كما يقول – هو رسائل في الإيمان وسط هذا الإنهيار الروحي والأخلاقي في القيم  ، هدفه هو بناء حياة روحية وحياة أخلاقية وحياة جمالية مستقاة من الدين ، يسعى لتقديم صورة الله ونموذج للتدين يُمكّن الإنسان من المحبة والتراحم ويخلصه من العنف والتشدد .. طالما يردد ان: “الإيمان بلا حب ورحمة عنيف”، هذا ما لمسته من اضاءات روحية عميقة وانا اتتبع تلك الكنوز المعرفية في كتابه .

  تبهجه الوثبة الروحية التي عاشها القارىء ، علاقته بكتبه التي نذر لها حياة كاملة هي علاقة عاطفية واضحة.  محور” كتاب الدين والظمأ الانطلوجي” يدور كما يذكرالدكتورالرفاعي  حول الحاجة الأبدية للدين بوصفه حياة في أفق المعنى . يقول: “انا كائن ميتافيزيقي لا تتحقق ذاتي الا حين يتحقق إيماني” ، يا لها من مهمة جسيمة في زمن بدأتْ تتبارى فيه الأنياب من هي الأشد لمعانا وتدببا بينما هو منشغل في” بناء الحب إيماناً ، والإيمان حباً ، واكتشاف صورة الله الرحمن الرحيم ، وتطهيرها مما تراكم عليها من ظلام وتوحش فرحمة الله وطن حينما تفتقد الأوطان “.

 كنتُ وما زلت متوجسة في الكتابة عن قامة فكرية عملاقة لكن سرعان ما تفتحتْ أساريري حينما قرأت جملته “لا أكتب للأكاديميين إنما أكتب أشواق روحي وسيرة قلبي وأسئلة عقلي” .

قرأت هذه العبارة التي حدتْ من مخاوفي ، وأنا  اتناول هذا الكتاب الآسر: “كتاب الدين والظأ الأنطولوجي رسالة في الإيمان ووثبة لإحياء الروح ، وليس كتابا أكاديميا .”. وفي موضع آخر من الكتاب يقول: “أدركتُ الا باب الا إكتشاف الذات والعمل على بنائها وتربيتها ما دامت الحياة” .

  كنتُ كلما كتبتُ قصيدة أو رسمتُ لوحة أو دونتُ سيرتي أو عانقتُ أمواج البحر أو ملأتُ شغفي بالطبيعة ، أحسستُ أن ثمة ظمأ يرتوي في داخلي ، لكني لم أزل متعبة .  وحينما شغفتُ بكتاب “الدين والظمأ الإنطلوجي” كانتْ تلك العبارة هي مرشدي “الظمأ الأنطلوجي هو حاجة الكائن البشري للدين” . وبهذا فقد  دلني الدكتور عبد الجبار الرفاعي الى الطريقة التي يرتوي بها هذا الظمأ الا وهي الدين .. اذ لا سبيل للإرتواء غير الدين المشبع بالإيمان الحقيقي “الفن يخلد الذاكرة ، الا أنه لا يقدم تفسيرا يؤكد تخليد الحياة” يقول الرفاعي .. نعم أن القصيدة تُشبع روحي كذلك اللوحة والفكرة والصلاة والمناجاة والتدبر لكن ليس كمثل الدين الحق والإيمان الذي يوصل الإنسان الى مرحلة الطمأنينة والسلام الداخلي ، هذا هو ما يروي ظمأ الإنسان ويصل به الى مرحلة الهدوء والسكينة .              

  في الفصل الثاني من الكتاب ( تنميط الإنسان) يقول: “كل من يستفيق وعيه تخسره الجماعة، لأنه لم يعد نسخة من غيره من الأعضاء في تفكيره وتعبيره عن احتياجاته الشخصية” .. يؤكد على فردية الإنسان وضرورة خروجه عن الجمهور الذي يسوقه حيث يشاء.

  الرفاعي يقدس الإنسان ويرى أن كل إنسان هو ثروة مخبوءة حيث يقول في الفصل الرابع: “الإنسان كائن عميق ، وفي شخصية كل إنسان بؤرة مضيئة ، في الجسد أو العقل أو القلب ، حتى أسوء البشر يمكن أن ترى يوما فيه بؤرة مضيئة مختبئة” .

ويذكر في الحق والإختلاف: “متاعب حياتنا وحساسيتنا تأتي من نمط رؤيتنا للعالم والإنسان والحياة ، نحن عادة لا نرى الا لونين في العالم الأسود والأبيض، إذ لا معنى لسجن كل شيء في ثنائيات مانوية”. تذكرتُ حينما كنتُ ابنة العشرين وكنتُ مصرة على أن يكون غلاف مجموعتي الشعرية الأولى أبيض واللوحة بيضاء للفنان التشكيلي سلام عمر، حيث قمتُ بسحب مائة نسخة من الغلاف على آلة الكرافك ، لكن لم يكن من بد من كتابة اسمي وعنوان المجموعة باللون الأسود .. والى كتابة قصيدة داخل المجموعة أسميتها “أسود وأبيض” .. نعم أنا معك أستاذي العزيز ، ولكن  العالم  يخرج على الدوام عن تلك الخانتين المغلقتين ، لينتصفهما قوس قزح بالوانه البهية فيرتدي كل منا ضوئه المشع مؤتمنا على نفسه من شرور العالم ، من تلك التجمعات التي تأكل من صحن واحد وتعيش في بيوتات بقالب واحد ، تحزن لذات المصاب وتفرح لذات البشرى ، دون التأكد حتى من بياض الفرح أو سواد الحزن .

  يرى أن الأفكار هي كائنات حية حقا وكما يقول: “الحياة لاتطاق من دون إيمان وحياة روحية” .. نعم لطالما سددتْ فكرة ما رصاصة في وجه الحزن ، وطالما انتزعتْ فكرة أخرى فرحة من قلب متعب ، أنا أخشى الأفكار التي تتحول الى مشاعر ثم الى سلوك ثم الى طبيعة حياة وأحبها كثيرا حينما تذهب الى الروح وتدثر نفسها برداء أبيض مبتهلة الى الحق تعالى .

” التدين كما أعيشه يمثل لدي ظمأ انطلوجيا لا يروى إلا من خلال التواصل مع الحق تعالى” يقول الرفاعي.

ثوابت شخصيته الإيمانيةللرفاعي  هي: ( الأيمان ، الأخلاق ، الإنسانية ) .

“السلام الروحي الذي أعيشه إنما تحقق لحظة أصبحت حياتي صوت غفران”، وهذا مما نراه جليا في شخصية الدكتور الرفاعي المسالمة ، كلماته ، اسألته الكونية ، اجاباته ، هدوءه ، صمته الذي يحتشد بموضوعات ثرة يعكف على تفكيكها ومناقشتها وبنائها لتنتهي بكتاب جديد يضىء العالم بثروة معرفية ، ما أجمل “صوت الغفران” الذي يتكلم به وهو يرد عليكَ حين تسأله عن علة ما في هذا العالم الشائك بالتناقضات .

” الإيمان شعور يقظ فوار، إنه من جنس الحالات ، وكل ماهو من الحالات هو أمر وجودي تكويني ، لا يتحقق ويرتوي من دون روافد يستقي بها وجوده  “

وعن رؤيته للمتصوفة يصرح: “ما يهمني هو التقاطُ بعض الدرر واللآلىء في رؤياهم المضيئة الرحبة ، مما يتصل بقيم: الأيمان والمحبة والرحمة ، وعدم نسيان الذات ، والإحتفاء بالجمال والفنون ، واحترام كرامة الكائن البشري ، والإرتقاء بمكانته ، والتسامي بمقامه ، والتعددية الدينية ، وشمول الخلاص والنجاة والرجاء ، وغيرها من قيم تدين المحبة والتراحم والسلام ” .  يرفض ان يتحول المتصوفة الى شخصيات ميثيولوجية متعالية على الطبيعة البشرية في أذهان الناس ، كون هذا الأمر يدخل في توثين الأشخاص وتعظيم صورتهم حيث سيتحولون جيلاً بعد جيل الى دين له اتباع ومريدين .. دون معرفة دقيقة بشخصياتهم أو بالأهداف التي يرمون الوصول اليها أو معرفة بمواطن الجمال لديهم ، هؤلاء الناس كما يذكر الدكتور الرفاعي في أكثر من موطن هم في اشد الحاجة الى الكمال الذي يفتقرون اليه .

 “ما نحتاجه هو توظيف رؤية جلال الدين الرومي الجميلة لله ، وطريقته في تفسير القرآن الكريم ، وفهمه لسيرة النبي الكريم وسنته . هذا هو الرومي الذي كان يعيش في الأرض داخل التاريخ وليس الرومي  الميثولوجي  القابع في مخيلة أتباعه خارج التاريخ” .

  ونراه  يستشهد بمقولة ابن عربي في الحديث عن الإيمان الحقيقي والرحمة بين العباد وعمل المعروف هي الأولى والأحق والأصدق  ” الشفقة على عباد الله أحق بالرعاية من الغيرة على الله ” . ” ما يشوه صورة الدين هو اختلاط الدين بكل شيء ” ، بمعنى ان الرفاعي ضد أن يختلط الدين بالعلم والفلسفة والأدب والشعر والفن والقبيلة والأعراف والتقاليد ، لانه حينها لا يعد دينا  .

  لكني حين تزهر الأرض حباً وتتسامى روحي بمحبة الله ، واشعر في احيان كثيرة ان الله يكلمني  اتذكر مولاي جلال الدين الرومي وهو يقول حين يصل الى اعلى درجات الذوبان في العشق الإلهي  “وفي روحي حقول كثيرة ووحدك يا الله رب المطر”. “إدراك البعد الأنطولوجي للدين من شأنه ان يضع الدين في حقله الذي يكفل بناء الحياة الروحية والأخلاقية والجمالية في حياة الفرد والمجتمع ” .

  هو ضد ترحيل الدين من الأنطولوجيا الى الأيديولوجيا مما يجعل الإنسان ضحية فهم للدين لا يروي حاجة الروح والقلب والضمير ..مؤمنا ان الدين هو ظمأ وجودي وحاجة حقيقية للإنغماس في أنوار الله دون قيد أو شرط ، حاجة تتممها العبادات الدينية العفوية البريئة ، التي جُبل عليها المؤمن ، والتي لا تخضع الى أفكار شائعة معتادة توارثتها الأجيال .

  ” الحب هو من يوجه بوصلة الدين ، وليس الدين هو من يوجه بوصلة الحب ولا معلم للأخلاق كالإصغاء لصوت الضمير “.  صوت الضمير حين يحتضن القلب والروح يكون  خير معلم و خير مرشد لإرواء هذا الظمأ الوجودي .. كم نحن بحاجة لهذا الصوت للخروج من براثن اللعنة التي اصيب بها الكثير ، لعنة التخلي عن الأخلاق ، والإنغماس في عادات لا تمت للدين بصلة .

 التفاتة ذكية للرفاعي: “حين ينحط العقل يفشل في بلوغ عتبة التفكير الفلسفي العميق . كسل أذهاننا ، وهشاشة تفكيرنا ، وحنيننا للماضي ، وشغفنا بالثرثرة ، ساقنا الى أن: نحتفي بكولن ولسن وننسى إيمانويل كانط ، نحتفي بالغزالي وننسى ابن رشد ، نحتفي بابن تيميه وننسى ابن عربي ، نحتفي بالمودودي وننسى محمد إقبال . العقول الصغيرة لا تستوعب إلا الأفكار المبسطة الصغيرة . العقول الكبيرة تتسع للأفكار العميقة الكبيرة” .

   وعن المفكر الإيراني الدكتورعلي شريعتي ، حيث انه قرأ أغلب اعماله باللغة الفارسية الأم، يقول: ” لغة شريعتي شعرية في شيء من نصوصه ، وشعاراتية في نصوص أخرى . أصداء فكره الشديدة بالعربية تنشأ من ذائقة المثقف العربي الشعرية ، وذائقة الناس الشعاراتية. قراءة شريعتي العربية في الغالب سطحية ، لا تغور لأعماق كلماته ولا ترى ما تتوحد فيه كتاباته . يرى الباحث الذكي الصبور بوضوح ما تشترك فيه كتابات شريعتي مع الكتابات الأيديولوجية لليسار الأممي والقومي ، وما تنشده أدبيات الجماعات الدينية في أوطاننا ” .

   أحد خطباء الجمعة في أثيوبيا قال عندما قرأت كتاب: ( الدين والظمأ الأنطلوجي ) تغيرت عندي خطبة الجمعة ، لأن صورة الله المظلمة تبدلتْ الى صورة مضيئة .

إمام جمعية كوسوفو قال أنا ازهري وعندما قرأتُ هذا الكتاب قررت ترجمته للألبانية .

  درس الرفاعي الفلسفة والعرفان دراسة متقنة ، وقدم لنا تعاريف جديدة للدين والوحي والنبوة والشريعة: “كل كتاباتي حول الدين تنطلق من تعريفي للدين ، انا وضعت تعريفا للدين موجود في هذه الكتابات وعلى أساسه  بنيت رؤيتي للتجديد وفهمي للدين ، الدين حياة في أفق المعنى تفرضه الحاجة الوجودية لانتاج معنى روحي وأخلاقي وجمالي لحياة الإنسان الفردية والمجتمعية” .  “لا شيء سوى المطالعة يلازمني في سفري  وحضري ، صحتي ومرضي ، حزني وفرحي ، تعبي وراحتي ، بل لا أتذكر أني نمت دون أن يكون الكتاب آخر رفيق أودَّعه ، وأحيانا لا أودعه إلا حين يغلبني النوم . وحين أكون في مناسبات إجتماعية ، أو لقاء أقرباء أو أصدقاء ، أظل مشدودا للحظة الانصراف عنهم ، كي أعود لملاذي في المطالعة” .

  يصلي الفرائض العبادية متمسكا بعبادات أمه وتدينها ، وهذا ما أزعج “غير الإسلاميين” الذين يؤاخذون عليه انه كائن روحاني أخلاقي ميتافيزيقي مؤمن ، والأكثر أسفا كما يقول الرفاعي في “ان  معظم الإسلاميين أزعجهم إيماني وتفكيري الحر ، ونقدي لإحراقهم الدين في قاطرة الأيديولوجيا ، والصراعات على السلطة والمال والنفوذ” .

هو سعيد بمن يكتب عنه سلباً أو إيجاباً يناقش أفكاره المتوافقة والمختلفة في الفكرة والتوجه ، يكره التشابه ويعده تكرارا مملاً ، ويكرر في مواطن عدة من الكتاب أنه مسكون بالبحث عمن يختلفون معه .  “ممتن لمن يختلف معي ، ذلك أني أتعلم منه أكثر مما أتعلم  ممن يتفق معي ، أتعلم من ” “نفي النفي ” فيتجذر إيماني “.

  “الدين ظاهرة تتصل عضويا بالروح والقلب والجسد ، الدين ظاهرة مركبة متنوعة الأبعاد والتعبيرات ، أي فهم يختزل الدين ببعد واحد هو فهم تبسيطي ساذج” .  وفي موضع آخر يقول ” أزمات الإنسان تعود إلى أن العلم الحديث ينتج إنسانا ذا بعد واحد ، في حين أن الإنسان كائن مركب متعدد الأبعاد . اختصاره في الجسد يفضي الى قلق وجودي يمزق الروح ، ويحرق القلب ، كما أن اختصاره في الروح أوالقلب يفضي الى إنسان يعيش خارج الواقع ” .

  “الدين والظمأ الأنطلوجي ” كما أشار في المقدمة “رسالة في الإيمان ” ، و” ليس كتابا أكاديميا علميا ، مقطوع الصلة بالروح والقلب والشعور . ميزة رسالة الإيمان أنها خطاب للروح والقلب والشعور من خلال العقل . إنها ليست نصاً متخشبا باردا ، وإنما هي بمثابة الشعر الذي يتحول معه كل شيء يمسه شعرا” .

   بدأ شغفه بالكتاب منذ أن كان في مرحلة الخامس ابتدائي ، تعلم الكتابة بممارسة الكتابة لا في دورات الكتابة ، وهو لا يميل للدورات والورش ، مرددا أن  الكتابة ليست عملية صنع انها عملية إبداعية . كتب ديوانا شعريا خلال عشرة أيام في دفتر صغير ثم استفاق ومزقه فورا.

  فتحنا اعيننا نحن جيل الحروب على صوت الرصاص والمدافع والغارات الليلية والنهارية ، على الخوف من الموت والفقدان والأسر والعوق ،  داء القلق استفحل بداخلنا حتى عهد قريب نخاف السير في الشارع أو الذهاب الى العمل .

 “الشائع هو ثقافة الموت .. كل الخطباء في المنابر يشتغلون للموت دون أن يحفلوا بالحياة ” ،  “يتنوع الإيمان بتنوع صورة الله ، فمَن يؤمن بصورة إلهٍ محارِب يتورط بإعلان الحروب على خلق الله ، كما يفعل الصهاينةُ المتوحشون في غزة وفلسطين ، ومَن يؤمن بصورة إلهٍ مُحِبّ ورحيم يصبح من صنّاع السلامِ والتراحم والمحبّة والجمال في العالم” . يقول الرفاعي.

  “مَن يتطوعون للإنتحار في الجماعات التكفيرية لا يفتقرون للإيمان ، إلا أن إيمانَهم بالله واليوم الآخر والجزاء يتشكل على وفق صورةٍ مظلِمة لله ، صورةٍ تفتقر للحُبّ والرحمة ، صورةٍ لا ترتوي من الدم ، لذلك تزجّهم في ولائم القتل الجماعي العبثية للأبرياء ، في الأسواق وبيوت العبادة والأماكن العامة”.

   “‏الحُبّ والرحمة مثلما يطهّران القلبَ يطهّران الأرضَ من الدمِ المسفوح ، ويحرسان كرامةَ الإنسان وحرياتِه وحقوقه ، ولا يمكن أن يتورط من يتحلّى بهما بالعدوان على الإنسان بذريعة الدفاع عن الله” .

  يعزي الرفاعي كل هذا إلى : “ان الصياغة الأيديولوجية للدين تخفض طاقته الروحية ، بعد أن تهتك سحر العالم ، وتطفئ شعلة الروح التي يلتمسها الإنسان فيه ، وتجفف منابع ما يولد روح المعنى في مداراته ، فيصاب الكائن البشري بالسأم والإحباط والضجر والغثيان ، بعد أن يموت كل شيء من حوله ، ويفتقر الى ما يلهمه مزيدا من الطاقة”.

  “في داخل ‏الإنسان استعداد لولادة وحش مفترس ، لا يروّض هذا الوحش إلا الإيمانُ المشبع بالمحبة ، ولا يقي البشرَ منه إلا الأخلاق ، ونداء الرحمة في أعماقه ، ولا يردعه إلا القانونُ العادل بتطبيقه الصارم على الجميع بلا تمييز”.

  لكثرة ما رأيتُ في حياتي من الوحوش البشرية ، وحوش لم يروضهم الدين ولا الإيمان ، تراهم يلتزمون  بتعاليم الله من صوم وصلاة وحج الا أنهم لا يحملون رحمة في داخلهم ، لا يعرفون السكينة ولا يمتلكون روح العطاء ، مكتفين بتلك الطقوس ظنا منهم أنها من تقربهم الى الله زلفى ، وحين تكلمهم تجد قلوبهم كالحجارة أو أقسى ، هؤلاء  من لم يتذوقوا العشق الالهي ولم تتسامى حواسهم ولم تتشبع أرواحهم بنور الله ، ولم يعرفوا طريقا لإرواء هذا الظمأ لله  .. وأن هذا الوطن القلب ليس لديه مصنعا للأفكارالمتشظية بل أن هناك توجها عفويا للحق تعالى.

  كان الدكتور الرفاعي  قد دون يومياته وشعر بالأسف الا أنه لم يستمر بهذا التدوين عموديا وأفقيا ولم يكن ليمنعه سوى السأم والملل .. “يلد الأبناء الآباء كما يلد الآباء الأبناء” هذه الجملة ينطوي عليها الكثير ، اذ أن الرفاعي ابن الإيمان الأبيض الإيمان الحقيقي ولأنه غاية في الإنسانية والنقاء والرحمة يتعلم من أخطائه ، ومن تلامذته الفقراء من البؤساء ، من الشباب ، من المهمشين. هالة الإيجابية تحف به اينما يسير وحسبي أن تلك هي موروثات الإيمان الصادق والخلق العظيم .

  أتمنى وكما ذكر الدكتور علي المدن  تعقيبا على مقالة للدكتور عبدالله إبراهيم: ان نرى تمثالا يتوسط إحدى ساحات بغداد ، يخلد الدور التنويري الذي مثله ويمثله الرفاعي في حياتنا الروحية .

  يقول الرفاعي: أنا قارىء قبل كل شيء وبعد كل شيء وأظن أني لن أتوقف عن القراءة  مادمتُ حيا ، حين أضجر من القراءة أستعين بالكتابة ، ولو خيرت في العيش مع البشر أو مع الكتب لأخترت العيش مع الكتب .

  يذكر في حوارته التي استمعت لها:  الإنسان هو الكائن الوحيد الذي يبحث عن معنى ، اللغة تساهم بإيجاد المعنى ، الإنسان هو الذي يصنع أنظمة إنتاج المعنى. أجمل هدية تهبها لإنسان هي المعنى ، الحب الحقيقي ، العلاج بالمعنى أحد طرق العلاج النفسي المعروفة ، كينونة الإنسان لا تتحقق الا بالمعنى ، كينونة المجتمع لا تتحقق الا بالمعنى الكلي ، العلاج يكون بالمعنى كما يقول الطبيب النفسي فرانكل وهو أحد ضحايا النازية في كتابه ( الإنسان والبحث عن المعنى ) .

   الدكتور عبدالجبار الرفاعي ، مفكر عراقي متخصص بالفلسفة وعلوم الدين ، يشغل منصب مدير مركز دراسات فلسفة الدين في بغداد، ورئيس تحرير مجلة قضايا إسلامية معاصرة منذ إصدارها عام 1997 وحتى اليوم، وهو عضو بالمجمع العلمي العراقي .

  كُتبتْ عنه أكثر من 25 رسالة دكتوراه وماجستير في عدة دول عربية وأجنبية لدراسة مشروع الرفاعي في تجديد الفكر الديني ، وناقش وأشرف على أكثر من ثمانين رسالة ماجستير ودكتوراه . من مؤسسي علم الكلام الجديد وفلسفة الدين في المجال العربي.

 منذ أكثر من ثلاثين عاما  يكرّس منجزه لبناء أرضية معرفية لفلسفة الدين وعلم الكلام الجديد بالعربية.

يرى “الضوء في عيون الجيل الجديد” ، ويردد على الدوام: ” تعلمت من أبنائي أكثر من آبائي، ومن تلامذتي أكثر من أساتذتي” .

   آخر اصدارته : مقدمة في علم الكلام الجديد، الدين والكرامة الإنسانية ، الدين والنزعة الإنسانية ، الدين والظمأ الأنطولوجي ، الدين والإغتراب الميتافيزيقي، مفارقات وأضداد في توظيف الدين والتراث، وآخرها مسرات القراءة ومخاض الكتابة .

  هو مسلم وكفى لا يمين ولا يسار، ملتزم بالعبادات الدينية، بعيدا عن التصنيفات والخلطات الهجينة. يحتفي بالفنون الجميلة والشعر والأدب، ويراها حاجات إنسانية أبدية.

 يردد في اكثر من موضع في الكتاب أن الدين كفيل بأرواء الظمأ الوجودي عند الإنسان ، وأن له مفعول السحر في محبة الحياة ودرء الضغائن ونزوع الإنسان فيها الى مواطن المحبة والجمال ، يذكر في مواضع متنوعة: أن لا سبيل جاد وحقيقي لإرواء الظمأ الانطولوجي سوى الدين الذي يرى الله: “نور على نور”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى