الدراسات

عمل الزوجة في بيت الزوجية بين الثابت والمتغير: دراسة  في الفقه الإسلامي  ومدونة الأسرة المغربية

إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، واشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. وبعد:

قال الله في محكم تنزيله:﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾،[1] والقائل جل في علاه:﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللهِ هُمْ يَكْفُرُونَ﴾.[2]

إذا كانت الحياة الزوجية تتأس على مبادئ السكينة والمودة والرحمة، القائمة على الألفة والمحبة والأنس؛كان لزاماً على كل من الزوجين معرفة الحقوق والواجبات، لتمتين الروابط الزوجية، وتقوية أَواصرها.فأداءكل من الزوجين للآخر حقوقه، رهين بمعرفتها؛ فيؤدي على الوجه الأكمل والأتم؛ فتثمر السعادة، وتعم المودة وتعم السكينة.

ونظرا لما أصبحت عليه المرأة في هذا العصر، من خدمة داخل البيت وعمل  خارجه، استوجب الواقع الجديد دراسة خدمة الزوجة زوجها بالتحليل والتعليل، ومزيدا من البسط والتدليل؛ لاسيما مع تزايد الخلاف بين الزوجين، وتمدد رقعته في المحاكم، وارتفاع أصوات مطلبة بالتعديل والتغيير وتثمين عمل الزوجة.

فبحث عناصر عمل الزوجة (الخدمة) و(السعاية)، والتفريق بينهما فقها وقانونا، وحكم كل منهما في الفقه الإسلامي، بناء على الأدلة الشرعية، وإيراد أقوال العلماء وخلافهم في حكم عمل الزوجة لزوجها، بالنظر إلى مقاصد الزواج وما يرد عليه عقد الزواج من منفعة الاستمتاع وغيرها من المنافع، وذكر أدلة اختيار كل فريق ومناقشتها والترجيح بينها، مع بيان موقف مدونة الأسرة المغربية من خلال المادة: 49.

فالبحث يعالج إشكالية مؤطرة بسؤال مركزي:

*هل عقد النكاح يرد على منفعة الاستمتاع دون غيرها من المنافع؟

وتتفرع عنه عدة أسئلة:

*هل عمل المرأة (الخدمة) و(السعاية) يدخل في الطاعة وضمن مقتضيات القوامة؟

*ما مفهوم (الطاعة) وحدودها في الشريعة الإسلامية في علاقتها بالمرأة ومنافعها؟

*هل يمكن اعتبار عمل المرأة من المنافع التبرعية، أم واجبا، أم حقا يستحق التعويض؟

وتقصد هذه الدراسة: تفصيل عمل الزوجة وتوضيح مفهومي (الخدمة) و(السعاية) في علاقتهما بـ(الطاعة) و(القوامة)و(الرعاية)، والبحث في نصوص الشريعة الإسلامية، والفقه الإسلامي للوقوف على الثابت والمتغير في عمل الزوجة في بيت الزوجية بين عصر النبوة وفي ظل المجتمعات المعاصرة، وأهمية هذا البحث تتجلى في كون الموضوع من أهم القضايا المتعلقة بالأسرة، التي أصبحت الآن محل نقاش مع ورش تعديل مدونة الأسرة المغربية: تثمين عمل الزوجة في بيت زوجها؛ فهل هذا العمل واجب على الزوجة لزوجها أم لا؟ وهل تستحق عليه تعويضا من الزوج أم لا؟ مع بيان قدرة الشريعة الإسلامية واستيعاب أحكامها للثابت والمتغير في الحياة البشرية؛ ومن ذلك ما يتعلق بالمسائل العرفية الثابتة والمتغيرة ذات العلاقة بالأسرة.

فالحاجة تقتضي بيان العرف المعتبر المؤثر في الحكم والمال، وبيان الضوابط الشرعية والقانونية المتعلقة به، ومدى اعتبار الشرع والقانون لأعراف الناس وعاداتهم لرفع الحرج عنهم ودفع المشقة.

وهذا ما دفعني إلى بحث هذه المسألة الفقهية وتحقيقها في مصادر الفقه الأصلية تحت عنوان:

عمل الزوجة في بيت الزوجية بين الثابت والمتغير: في الفقه الإسلامي ومدونة الأسرة المغربية

واعتمدت المنهج الاستقرائي في مقاربة هذا الموضوع من خلال:

 _الأقوال الفقهية في المسألة، وأدلتها، مع إبراز وجه الدلالة، ومناقشة ما ورد عليها من إشكالات.

_محاولة استقصاء وبحث أهم النصوص التي لها علاقة بالموضوع، من خلال المصادر الأصلية المتنوعة.

أما المنهج التحليلي والاستنتاجي، فيظهر جليا من خلال تحليل النصوص واستنطاقها، والوقوف على دلالاتها، مع استخلاص ما يمكن استخلاصه مما له علاقة بالموضوع.

وحتى يستكمل البحث شروطه العلمية والتقنية الخادمة له، ولتسهيل القراءة للقراء والباحثين، عملت على ما يلي:

الاعتناء بتوثيق المصادر والمراجع التي وردت فيها الأقوال والنصوص المقتبسة، في هوامش الصفحة، وجعلت لكل صفحة ترقيما خاصا، مع وضع البيانات التفصيلية الخاصة بكل مصدر، في لائحة المصادر والمراجع آخر البحث، واكتفيت بذكر المرجع وصاحبه، مع الجزء والصفحة.

عزو الآيات القرآنية إلى مصدرها، بذكر السورة، ورقم الآية، حيثما ذكرت في هذا البحث. وتوثيق الأحاديث والآثار من المصادر الأصلية، بذكر مصدر الحديث وصاحبه، والكتاب والباب الذي ورد فيه الحديث، ورقم الحديث.

واستقرت خطة البحث التي قاربت من خلالها الموضوع، على مقدمة،وثلاث مباحث، وثلاث مطالب في كل مبحث، وخاتمة، أعقبتها بلائحة للمصادر والمراجع، وفهرس للموضوعات الواردة في البحث، لتسهيل الاطلاع.


[1]_سورة الروم، الآية : 21.

[2]_سورة النحل، الآية : 72.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى